حق أهالي بلدة الزاوية المائي مسلوب منذ العام 1967
نشر بتاريخ: 08/04/2014 ( آخر تحديث: 08/04/2014 الساعة: 13:42 )
سلفيت - تقرير معا - يحسب الناظر إليها أنها مدينة لامتدادها العمراني....لباسها ثوب مطرز بالكرم والتحدي والعطاء والتعاون....النهب المتواصل والاستيلاء على الأرض، الآثار، ينقص جمالها....وحتى مياهها فإنها تسرق وتنهب نصب أعين ساكنيها لا بل يشترون حقهم من الماء أيضا....إنها بلدة الزاوية في محافظة سلفيت التي ينهب ويسيطر الاحتلال الإسرائيلي على مياهها لصالح المستوطنات ويضع الأحواض المائية في الضفة الغربية تحت السيطرة والتصرف منذ العام 1967.
بلدة الزاوية متاخمة للخط الأخضر وتمتد بأراضيها لتصل مدينة كفر قاسم المحتلة وتقع إلى الغرب من مدينة سلفيت وعلى مسافة 15 كم منها، وتبلغ المساحة الكلية لأراضيها حوالي (24000) دونما، ويجاورها عدة قرى وبلدات، كما يبلغ عدد سكانها أكثر من 6000 نسمة وذات بطالة مرتفعة بين ساكنيها الذين يحبون الأرض حبا جمّاً.
ينابيع الماء قديما
كانت البلدة سابقا تعتمد على مياه الأمطار التي كان أهلها يجمعونها في آبار فصل الشتاء داخل المنازل والمعدة لتكفي مستلزمات العائلة وفي الصيف كانوا يعتمدون على عدة عيون تقع على بعد 2كم جنوب البلدة أنشأت منذ العهد العثماني فهي بناء حجارة ملتفه دائريا ولا تزال حتى الآن صالحة لإمكانية استخراج المياه منها من اجل الزراعة والشرب ويوجد عين منها يستغلها رعاة الأغنام حتى الآن وخمسة أخرى مغلقة، منها العين الشرقية، الدّحو، عين عقربا، العين العميقة، عين الدرج، العين الغربية، العين الوسطى.
بصوت جهوري وبفم متعطش لرشفة ماء من عيون البلدة يروي الحاج رشدي أبو العسل أصل الحكاية "منذ نعومة أظافري وأنا اشرب من عيون الماء الموجودة في البلدة حتى أواخر السبعينات، فكنا نزرع الخضار وكافة المزروعات بالقرب من عيون الماء حيث نلهو ونلعب، فكانت العيون تكفي كافة أهالي البلدة وحتى أهالي قرية رافات القريبة كانوا يشربون أيضا، وفي السبعينات حفرنا بئر للمياه في ساحة الدار، أما خلال الثمانينات تم شبك البلد عبر خط ماء قطري دائم".
ومع آه من آهات الحنين للماضي وحرقة الذكريات أضاف أبو العسل قائلا " كانت النساء يأتين بالماء على رؤوسهن في جرار الفخار أما الرجال فكانوا يأتون بالماء على الجمال والبهائم بمسير حوالي ساعة وكنت اخرج للعين قبل طلوع الفجر حتى الحق الدور".
أما التعاون الذي كان بين أهل البلدة سابقا فيرويه الحاج احمد محمد شقير "عند شح مياه الأمطار في بعض السنين كانت تنضب هذه العيون الستة والقرية صغيرة لا تزيد عن 1000 نسمة وتحت مظلة الصالح العام كنا نستغل أوقاتنا بحراسة عيون الماء وتقسيم مياهها بالتساوي على كافة العائلات كما كنا نفعل بحراسة أشجار الزيتون قبل قطفه"، التعاون والصالح العام سمة أهل كنعان منذ القدم فيضيف شقير قائلاً "فالحراسة اليومية تكون بالتناوب والتعاون الكامل حيث كنا نحفرها ونستخرج منها بعض الأوحال (التراب) لتعود مياهها من اجل تقسيمها على أهالي القرية بالمساواة إلا أن آبار جمع الماء قليلة آنذاك مما يرجح الاعتقاد بإمكانية استصلاحها والاستفادة منها زراعيا بشكل موضوعي وتحت إشراف علمي حاليا".
المياه الجوفية حق مسلوب
خلال الستينات بدأت الحفارات الأردنية وبإشراف وتحكم مما يسمى "النقطة الرابعة التي كان يشرف عليها الجهات الأمريكية في المنطقة آنذاك" بالبحث عن الماء في منطقة وادي "اعمر" جنوبي بلدة الزاوية وعلى أطراف الشارع العام بين بلدتي الزاوية ورافات وبالقرب من عيون الماء على مسافة 500 متر.
ويؤكد ذلك الحاج عبد الرحمن حمودة بقوله "تم حفر بئر الزاوية الارتوازي وبدء العمل به في أواخر الحكم الأردني من العام 1965 أخرجت منه الماء بعد حرب 1967على حساب النقطة الرابعة"، وعند سؤالنا عن النقطة الرابعة فأجاب "على حد علمي هي جهة أمريكية تعمل في الدول النامية كما يقولون حيث تم جلب حفار كبير خاص لذلك، فسمعنا آنذاك بأنه ذات احتياطي بـعمق 300 متر يمتد حتى اليركون، ونشرب منه منذ العام 1982".
يضيف المهندس سعيد شقور رئيس بلدية الزاوية "وقعت الزاوية كباقي القرى والمدن الفلسطينية عام 1967 فريسة الاحتلال الصهيوني الذي سيطر على موارد القرية الأساسية وعمل على تحجيم مساحتها والاستيلاء على خيراتها حيث سيطر الاحتلال على اكبر مخزون للمياه في المنطقة ألا وهو بئر الزاوية الواقع على بعد نصف كيلومتر جنوب القرية في منطقة (وادي اعمر) وفي عام 1967 استولت على هذا البئر شركة المياه القطرية الإسرائيلية المسماه "ميكروت" فهو محاط بسلك على قطعة ارض لا تقل عن دونم، ويعمل فيه أربع موظفين بالتناوب من خلال دائرة مياه الضفة الغربية ثم أعادوا استغلاله والاستفادة منه منذ العام 1982 لتوزع مياهه إلى القرى الفلسطينية والعديد من المستوطنات الإسرائيلية في المنطقة".
وفي استفسار حول آبار المياه في محافظة سلفيت ككل أكد محافظ محافظة سلفيت عصام أبو بكر على خصوصية محافظة سلفيت وتميزها لما تتعرض له وتعانيه من استهداف إسرائيلي متمثل بالكثافة الاستيطانية ونهب خيراتها وخاصة أنها تقع على بحر من المياه وهو الحوض الغربي الذي تبلغ إمكانيته المائية نحو 362 مليون م 3 سنويا وهو من اغنى الاحوض المائية في فلسطين وتكثر في المحافظة الينابيع ، ويعتبربئر الزاوية من الابار المهمه بالاضافة الى الآبار الأخرى التي يسيطر عليها الاحتلال الإسرائيلي، مضيفا بان محافظة سلفيت بحاجة للكثير من المشاريع التنموية التي تعزز من الصمود والثبات على الأرض في مواجهة المخططات الاحتلالية لتهويد المنطقة، فالمشاريع المائية حاجة ملحة لكافة بلدات وقرى المحافظة كما ثمن الجهود التي تبذلها سلطة المياه لتوفير احتياجات التجمعات السكانية من المياه.
المورد الرئيس لمياه البلدة
لقد حلم أهالي بلدة الزاوية مرارا لاستغلال مياه بئر الزاوية الارتوازي لكن حلمهم لم يتحقق بعد، فيؤكد ذلك المهندس سعيد شقور رئيس بلدية الزاوية وبتعطش لاسترداد الحق "يشرب أهالي البلدة منذ العام 2000 من خط مياه مستوطنة اريئيل وهذه المياه تأتي من بحيرة طبريا، فنعتمد على مياه "الشركة القطرية الإسرائيلية ميكروت" كمصدر أساسي لتامين حاجاتنا من المياه، وبالتنسيق مع سلطة المياه الفلسطينية ودائرة مياه الضفة الغربية، مع العلم بأن الاستهلاك الشهري للمياه في البلدة يتراوح ما بين 13-15 ألف كوب، وخلال العام المنصرم 2013 كان استهلاك المياه 180000 كوب تم شرائها من شركة "ميكروت" أما فاتورة الديون المترتبة على البلدية للشركة فهي مليون وثمانمائة ألف شيقل، لكن إجمالي عدد اشتراكات الماء الموجودة في سجلات البلدية فيبلغ 1100 اشتراك منها 200 منزل خارج حدود البلدية".
يواصل شقور حديثه بابتسامة العطاء والمصلحة العامة حول تأهيل شبكة مياه البلدة قائلاً "تم تنفيذ عدة محاولات لتأهيل شبكة المياه الموجدة منذ العام 1982وكان آخرها بتمويل من الوكالة الأمريكية للتنمية USAID والذي ينفذ داخل حدود البلدية وبطول 22كم وذلك من اجل حل مشكلة الفاقد من المياه والذي تبلغ قيمته 35% كما حل مشكلة وصول المياه من نقطة الربط إلى كافة منازل البلدة، حيث سيساعد هذا المشروع إلى تقليل نسبة الفاقد في المياه إلى 6%، كما نعمل على ترخيص خزان مياه عام للبلدة ونتطلع لتأهيل عيون الماء وترميمها في المنقطة الجنوبية من البلدة لاستغلالها في المجال الزراعي ".
أمل في الحياة
بحسرة وألم يعقد أهالي بلدة الزاوية لأمل مشرق من اجل إنعاش الزراعة فيها والقضاء على شبح البطالة بين سكانها من خلال استغلال الموارد المائية المتوفرة لديهم والتي سلبها الاحتلال خلال السنين الطوال، فهل من مواثيق ومعاهدات دولية تحفظ حق الفلسطينيين في استغلال مواردهم المائية؟ وهل يعقل شراء الحق؟ أم سيبقي الحال دون تغيير؟....وتبقى المعاناة مستمرة.
اعد هذا التقرير : عزمي شقير ضمن مشروع الاعلام الريفي الذي تنفذه شبكة معا