الشباب خلف الجدار العنصري يتعرضون لظروف معتقل إبادة جماعية
نشر بتاريخ: 16/04/2014 ( آخر تحديث: 17/04/2014 الساعة: 00:36 )
رام الله - معا - كشف منتدى شارك الشبابي أن كثيرا من البرامج والمشاريع للأراضي الفلسطينية الواقعة على طرفي جدار الضم والتوسع العنصري، أدت إلى تشويش البوصلة ولم تحقق النتائج المرجوة، والمضي بقضايا الشباب بعيدا عن جوهرها الواقعي، وبات العمل التنموي الذي يركز على السلام تارة، وبناء مؤسسات الدولة تارة أخرى، أداة لم تستطع الأخذ بيد الشباب نحو مستقبل أفضل.
وأكد "شارك الشبابي" في بيان صدر عنه اليوم ضمن سلسلة الأوراق الموقفية - الشباب خلف الجدار، لاستعراض وتحليل أهم القضايا التي تمس حياة الشباب ومستقبلهم، أن واقع الفلسطينيين (وخاصة الشباب)، يتعرضون لظروف أشبه ما تكون بمعتقل إبادة جماعية بسبب تداعيات جدار الضم والتوسع العنصري على المواطنين الفلسطينيين بكافة فئاتهم الاجتماعية وبالذات الشباب.
وطالب "شارك" بإعادة النظر في نوعية المشاريع المطلوبة للأراضي على طرفي جدار الضم والتوسع العنصري، وخاصة تلك التي تركز على إعادة بناء اقتصاديات الاعتماد على الذات، وشبكات التضامن الاجتماعي. وذلك بالاستثمار في القطاع الزراعي واستصلاح الأراضي بشكل رئيسي، والبنية التحتية، والمرافق الخدمية (التعليمية والصحية).
ودعا "شارك" الى ضرورة، توجيه العمل الشبابي مرة أخرى نحو الصمود والمقاومة، بمعنى ربط قضايا الشباب الشرائحية، والقطاعية، بتلك الأسس، مؤكدا إن إزالة الجدار بالمقاومة وباستخدام القانون الدولي، يشكل نقطة انطلاق للعمل المجتمعي.
وأوضح المنتدى أن لجدار الضم والتوسع العنصري تداعيات اقتصادية، حرم فيها آلاف الأسر من الوصول لأراضيها الزراعية خلف الجدار، مما حرمها من مصدر دخلها الرئيسي، وحرمانهم من العمل ومن نقل وتسويق منتجاتهم الزراعية، ومن استغلال المياه الجوفية الموجودة في أراضيهم. فضلا عن تزايد تكاليف المواصلات والنقل نتيجة وجود عشرات البوابات الإلكترونية والحواجز العسكرية التي قلما تسمح بالتنقل على طرفي الجدار، وصعوبة تخزين المنتجات لحين تسويقها، نتيجة حرمان كثير من التجمعات الفلسطينية خلف الجدار من أبسط أشكال البنى التحتية.
وأشار "شارك" إلى أن الآثار الاجتماعية للجدار أشد عمقا وخطورة، إذ أدى إلى تشتيت الأسر جغرافيا، وتصعيب عملية تواصلها، وخلخل هذا الفصل القسري للأسر علاقاتها العائلية بمحيطها الممتد، ما أدى لإضعاف شبكات التضامن الاجتماعي، مبينا أن 50% ممن يقطنون على جانبي الجدار يرون أنه من الصعوبة بمكان الزواج من أسر تقيم على الجانب الآخر، الأمر الذي يظهر عمق الخلخلة الاجتماعية (والإنسانية) التي سببها الجدار لنسيج المجتمع وتقاليده.
وأكد "شارك" أنه زيادة على عدم إمكانية إيصال الخدمات التعليمية والصحية، وخدمات البنى التحتية لمناطق خلف الجدار، فقد تم فصل غالبية المواطنين عن الخدمات التي يحتاجون إليها، وبات الوصول إلى الخدمات الصحية والتعليمية وغيرها على الجانب الآخر من الجدار محفوف بالمخاطر، مما أدى لارتفاع نسبة التسرب من المدارس خاصة للفتيات، اللواتي ترى أسرهن تجنيبهن تهديد الاحتلال اليومي لهن. يضاف إلى ذلك لارتفاع المخاطر الصحية التي يتعرض لها المواطنون خلف الجدار، لصعوبة حصولهم على الخدمات الصحية اللازمة.
وبين "شارك" أن المخاطر التي سببها الجدار التي تتعمق تدريجيا، تدفع بكثير من الشباب إلى الناحية الأخرى من الجدار بحثا عن العمل، أو كون وظائفهم في المدن الرئيسة، وهو ما يعمق من الهجرة الداخلية القسرية، وإعادة توجيه المواطنين في المدن على حساب المناطق الريفية الأكثر عرضة للتهديد والمصادرة. وإن آثار الجدار البيئية باتت تهدد التوازن البيئي والطبيعي في الأراضي الفلسطينية، كتنقل الحيوانات البرية على جانبي الجدار، والتلويث المتعمد لأراضي الفلسطينيين التي في معظمها آتية من مخلفات المستوطنات.
وقال المدير التنفيذي للمنتدى بدر زماعرة ان هذه الواقعية الحية، تشكل جزءا بسيطا جدا من واقع تشهده المناطق خلف الجدار، في ظل غياب شبه كامل لدور المؤسسات الفلسطينية، التي انكفأت للعمل السهل (داخل مراكز المدن)، وتركت كثيرا من المناطق خارج أولوياتها واهتمامها، علما بأن تلك المناطق، وسكانها هم الأكثر حاجة لتدعيم الصمود، كونهم الاكثر عرضة لكل أنواع التهديدات الاحتلالية.
وطالب زماعرة بإعادة النظر في نوع التدخلات والبرامج التي تقدمها المؤسسات الفلسطينية الاهلية والرسمية، والمانحة للمجتمعات المحلية الفلسطينية الأكثر تهميشا وانكشافا للاحتلال وإجراءاته، والتي اعتمدت بمعظمها على البرامج الإغاثية، أو تلك التي ارتدت ثوبا تنمويا غير مستدام، ولكونها لا تحمل مضامين الصمود والمقاومة.
وقال:"هذه البرامج والمشاريع تتحرك حول جوهر المشكلة والصراع ولا تكاد تقترب منه أو من مسبباته وآثاره العميقة. وانها عززت من اعتمادية المجتمع الفلسطيني، على حساب ممارسات الاعتماد على الذات، والتطوعية، وشبكات التضامن الاجتماعي، وإن أي تدخلات لا تصب في جوهر المشكلة تشوه الاستجابات الشعبية (المقاومة)، أكثر مما تسهم في مساعدتهم على تحسين أوضاعهم والتخفيف من الآثار السلبية الناجمة عن الاحتلال وإجراءاته".
ويرى زماعرة، إن وضع الأراضي الفلسطينية الواقعة خلف الجدار، ومواطنيها ضمن سلم الأولويات، يقتضي العمل ضمن رؤية، تعترف أولا بأن الأراضي الفلسطينية تحت الاحتلال، أي أن تتعامل أي برامج وتدخلات مع هذا الواقع، لا أن تعمل على تجاهله.