الأربعاء: 09/10/2024 بتوقيت القدس الشريف

من يزف شهيد الغربة بعد دفنه

نشر بتاريخ: 29/04/2014 ( آخر تحديث: 29/04/2014 الساعة: 21:29 )
رام الله - تقرير معا - أمضى غازي البرغوثي حياته وهو يحلم بالعودة الى أهله فجسده المتعب لم يمنحه قوة العمل ولم يسمح له الاحتلال بالعودة من منفاه في الاردن حتى بعد مضي 35 عاما على اشتراكه في عملية نفذها مجموعة من الشباب الفلسطينيين من قرية كوبر على متن حافلة اسرائيلية أدت الى مقتل السائق الاسرائيلي. في ذلك الحين لم تتجاوز أعمارهم العشرين عاما (نائل البرغوثي، فخري البرغوثي، فهد الحج، أحمد القندس، غازي البرغوثي) أسماء اجتمعت لدى الاحتلال تحت خانة "المخربين" ليكون مصير كل من أحمد وغازي النفي الى الأردن وأما الباقين فكان مصيرهم السجن وعلى اختلاف السبل الا أن النتيجة كانت واحدة غربة وعزلة عن الاهل.

ومرت السنين لتطوي الغربة جسد غازي في ترابها، مخلفة وراءه عائلة مكونة من زوجة وخمسة اطفال, ويضيف شقيقه مشعل البرغوثي بكل ألم (أخي غازي ظلم في حياته وأصبح ذكرى مطوية على رفوف النسيان في مماته، انا الشاهد الناطق الحي حينما أنظر الى عائلة اخي وما كانت عليه حياته من فقر وغربة وإهمال وبالمقابل كيف اضحت حياة رفاقه أشعر بالقهر وأسف على اخي الذي مر مرور الكرام ,كل ذلك لانه كان ضحية خطأ موظف تسجيل في الشؤون الإجتماعية الذي استكثر على هذا الجسد أن يكون مناضلا فأخي غازي من ذوي الإحتياجات الخاصة وربما لم يصدق هذا الموظف أن يكون هذا الجسد جسد مقاتل).

|277458|على إثر هذا الخطأ حكم عليه براتب 90 دينارا كانت دخله رفعت الى مئة بعد زواجه منحه الله 5 أطفال ليخففوا من وطأة الغربة ولكن وطاة تكاليف الحياة كانت أصعب وكأن 10 دنانير إضافية ستشكل فرقا يذكر في قوت 5 أطفال ,رحل غازي ودفن هناك لتوضب عائلته أغراضها وتعود الى ارض الوطن. يعودون ليسكنوا في حلم والدهم الذي لطالما أسهب في الحديث عنه ويضيف إبنه الكبير فيصل (لطالما حدثنا والدي عن رغبته الشديدة بالعودة وزرع في قلوبنا حب المكان ونحن بعيدون عنه وبقيت العودة حسرة في قلبه).

عادت الأسرة الى هذا الحلم لكن الحلم كان كابوسا ,عادوا ليحجزوا لهم دورا في صفوف الشؤون الإجتماعية فهذا هو الواقع الفلسطيني وتقرر الامر 700 شيكل كافية لهذه الأسرة التي لا معيل لها وبعد محاولات وعناء رفع المبلغ ليصل الى 900 شيكل ليكون مصدر دخل لأسرة فيها طالبان جامعيان و3 في المدارس وطوي الملف الى جانب ملفات اخرى .

استمر الحال هكذا لسنتين حتى تم قطع الراتب بإعتبار ان الابن الاكبر بلغ السن القانوني الذي يؤهله للعمل هذا ما أكدته زوجته فردوس عبد الحميد (منذ سنة وأكثر لم نتلق أي مبالغ مالية وتم إبلاغنا بإيقاف الراتب وحاليا تدرس ابنتي في جامعة بيرزيت والكل يعلم كم تحتاج لإقساط عادة عن المصروف اليومي وابني الاكبر يدرس وثلاثة أطفال في المدارس بالاضافة الى مصاريف الطعام والمصاريف اليومية , والان ننتظر بعد أن قدمنا طلبا للشؤون الاجتماعية للنظر في حالتنا .بعد الحاح وتردد متواصل قامت موظفة من الشؤون الاجتماعية بزيارة بيتنا لتقييم الوضع منذ اكثر من شهر وما زلنا في انتظار الرد أهكذا يكون تكريم أسر المناضلين في هذه البلد؟؟؟؟؟.
|277459|
6أشهر على تقديمنا كافة الأوراق لكن وزارة الشؤون الاجتماعية بحاجة لوقت أكثر للكشف وتقييم الوقائع هذا كان ردهم الاخير حسب ما ذكره شقيق الشهيد غازي والمتابع لقضيته في محافل وزارة الشؤون الاجتماعية .

ومن الجدير بالذكر بأن رفاق غازي المشتركين بالعملية خرجوا من سجنهم الذي طال ونالوا التكريم الذي يستحقونه سواء المادي أو المعنوي وعلى الرغم من أن لا ثمن للحرية ولا شيء يعوض عنها إلا ان عائلة الشهيد يراودها في كل يوم تساؤل ماذا لو عاد والدنا الى فلسطين قبل وفاته أي غربة ستكون الأقسى عليه غربة المنفى أم غربة الوطن ,وتتساءل زوجته من ينصفنا من يكرم روحه ويرد الجميل لأسرته ,من يريح الجسد المتململ تحت التراب المثقل بوجع وحاجة زوجته واطفاله والسؤال من يزف شهيد الغربة بعد دفنه.

اعدت هذا التقرير : علا البرغوثي ضمن مشروع الاعلام الريفي .