السبت: 16/11/2024 بتوقيت القدس الشريف

المستوطنات افشلت المفاوضات وكيري يعمد الى حل طاقمه خلال ايام

نشر بتاريخ: 03/05/2014 ( آخر تحديث: 04/05/2014 الساعة: 16:57 )
بيت لحم - معا - كشف مسؤولون أمريكيون مطلعون على تفاصيل الجولة الأخيرة من محادثات السلام الفلسطينية الإسرائيلية برعاية أمريكية أن قضية الاستيطان كانت من أهم العقبات التي حالت دون إمكانية التوصل إلى حلول خلال الأشهر التسعة التي اتفق عليها خلافا لما يدعيه الإسرائيليون.

جاءت أقوال المسؤولين الأمريكيين في لقاء مع صحيفة يديعوت أحرونوت الإسرائيلية أكدوا فيها أن ما يقولونه هو أقرب ما يكون للموقف الأمريكي الرسمي أو الرواية الرسمية غير المعلنة - إن صح التعبير - حول ما حدث خلال الأشهر التسعة الماضية. ولم يطلب المسئولون سوى شرط واحد وهو عدم الكشف عن اسمائهم وذلك انصياعا للتعليمات التي تلقوها من قيادتهم.

سيعمد وزير الخارجية الأمريكي جون كيري خلال الأيام القليلة القادمة إلى حل معظم الطاقم الأمريكي الذي كان يعمل معه في موضوع المحادثات الفلسطينية الإسرائيلية، ولم يعلن كيري بعد ما إذا كان سينتظر عدة أشهر ومن ثم يبدأ مساعي جديدة في محاولة للتوصل إلى تسوية، أم أنه سيطلق مبادئ أساسية يقوم عليها الاتفاق حسب ما تراه الإدارة الأمريكية.

وفي حال إطلاق النسخة الأمريكية من الاتفاق أو المبادئ كما يحب الأمريكيون تسميتها، فسيكون ذلك بمثابة دعوة للطرفين للمبادرة بالهجوم كل في نصف ملعبه، على حد تعبير الصحيفة الإسرائيلية، التي لفتت إلى أن كيري في الوقت ذاته قد يعرض نفسه لانتقادات حول الأخطاء التي ارتكبها خلال المحادثات.

ويضيف التقرير نقلا عن المسئولين الأمريكيين المطلعين على سير المحادثات، أن الطاقم الأمريكي استخدم برامج حاسوب متطورة لترسيم الحدود في الضفة الغربية بصورة أولية، وحسب المخطط الأمريكي كانت إسرائيل ستحتفظ بالسيادة على أكثر من 80% من المستوطنين الذين يعيشون في الضفة الغربية، مقابل إخلاء 20% فقط.

أما فيما يخص الحدود في القدس فقد اعتمد المخطط ما اقترحه الرئيس الأمريكي السابق بيل كلينتون عام 2000 وهو أن تكون الأحياء اليهودية تحت سيطرة إسرائيل والأحياء العربية تحت سيطرة السلطة الفلسطينية.

الحكومة الإسرائيلية بدورها لم ترد على المقترح الأمريكي بالقبول أو بالفرض ولم تقدم حتى وجهة نظرها بالنسبة لموضوع الحدود، حسب المسئولين الأمريكيين.

وكما جرت العادة جاء الانتقاد الأمريكي للحكومة الإسرائيلية على شكل عتاب من صديق لصديقه الذي يبقى محل ثقة لكنه تسبب "بجرح عميق"، هكذا تقول صحيفة يديعوت أحرونوت.

ثم يطرح التقرير تساؤلا حول ما إذا كانت المفاوضات محكومة بالفشل منذ انطلاقها. يقول المسئولون الأمريكيون في هذا الصدد: "كان ينبغي أن تبدأ المفاوضات بقرار بتجميد البناء في المستوطنات، إلاّ أننا رأينا أن ذلك لم يكن ممكنا وذلك نظرا لتركيبة الحكومة الإسرائيلية، وعليه ألغينا موضوع التجميد. لم نكن ندرك أن نتانياهو كان يستغل الإعلانات عن عطاءات لمشاريع جديدة في المستوطنات للمحافظة على حكومته، كما لم نكن ندرك أن استمرار البناء في المستوطنات كان يسمح للوزراء في حكومة نتانياهو بتخريب أي نجاح تحققه المفاوضات."

وبالتالي يضيف المسئولون المقربون من محادثات السلام، كانت هناك أسباب عديدة وراء فشل جهود السلام، "ولكن على الشعب الإسرائيلي ألاّ يغفل الحقيقة المرة وهي أن المستوطنات هي المسبب الأول للفشل" لأنه كيف يمكن للفلسطينيين أن يصدقوا بأن إسرائيل ستسمح لهم بإقامة دولة في الوقت الذي تواصل بناء المستوطنات فوق المناطق التي يفترض أن تقوم عليها تلك الدولة. "إننا نتحدث عن 14,000 وحدة استيطانية وليس أقل، ولم ندرك سوى بعد انهيار محادثات السلام بأن البناء يصاحبه مصادرة أراض على نطاق واسع، وهو ما لا يتلاءم مع الاتفاق."

ثم يمضي التقرير للقول بأن مصير المفاوضات لم يعد واضحا مشيرا إلى أن الرئيس الفلسطيني اشترط لاستئنافها تجميد البناء الاستيطاني مدة ثلاثة أشهر لأنه يعلم أنها إذا ما تم التوصل إلى اتفاق فسيكون باستطاعة إسرائيل أن تبني كما تشاء ضمن حدودها التي تتمخض عن الاتفاق، لكن إسرائيل رفضت شرط الرئيس الفلسطيني.

وماذا عن الرئيس الأمريكي براك أوباما الذي نأى بنفسه عن التدخل في المفاوضات؟ هل كان قراره عاملا آخر ساعد على إفشال المحادثات؟
يجيب المسئولون الأمريكيون بأن أوباما كان يدعم وزير خارجيته طوال فترة المحادثات، وخير دليل على ذلك استعداده لإطلاق سراح الجاسوس الإسرائيلي جوناثان بولارد، وهي خطوة من شأنها أن تضر بشعبية أوباما على صعيد الأمن. ويورد التقرير مثالا آخر للدلالة على دعم أوباما لجون كيري فحين اتهم أحد مساعدي أوباما جون كيري بالفشل عبر صحيفة نيويورك تايمز خرج أوباما على الملأ وأكد دعمه لجون كيري.

"من ناحيتنا بذلنا جهودا جبارة لتحرير العربة بعد أن علقت عجلاتها في الرمل، لكن الواقع كان قاسيا علينا إذ تبين أن كلا الطرفين لم يكن يشعر بحاجة ملحة إلى التوصل لاتفاق والوحيد الذي شعر بذلك هو جون كيري" على حد تعبير المسئولين الأمريكيين والذين ذهب أحدهم إلى أبعد من ذلك حين قال "أعتقد أننا بحاجة إلى انتفاضة جديدة كي تخلق الظروف التي تسمح بالمضي قدما، فبعد مرور 20 عاما على اتفاق أوسلو تغيرت قواعد اللعبة وتغيرت الحقائق على الأرض وترسخت وفرضت واقعا في غاية الصعوبة بالنسبة للفلسطينيين لكنه مريح لإسرائيل."

وردا على سؤال حول عدم اكتراث إسرائيل بما ستؤول إليه المفاوضات وهل كان ذلك مفاجئا للطاقم الأمريكي الراعي للمفاوضات، أجاب المسئولون المطلعون أنه تفاجأوا بالفعل من موقف إسرائيل. "حين قال وزير دفاعكم يعالون إن كيري لا يسعى سوى للحصول على جائزة نوبل، كانت الإهانة كبيرة، فنحن (الأمريكيين) كنا نفعل ذلك من أجل مصلحتكم أنتم والفلسطينيين."

وينقل أحد المسئولين على لسان أحد أفراد طاقم المفاوضات الفلسطيني أنه قال في حينه للمفاوضين الإسرائيليين "أنت لا تروننا، فنحن أجسام شفافة أو أوهام. يقول المسئول الأمريكي "لقد كانت وجهة نظره في محلها فبعد أن توقفت الانتفاضة الثانية، وبعد أن أقامت إسرائيل جدار الفصل، أصبح الإسرائيليون ينظرون إلى الفلسطينيين وكأنهم أشباح - بمعنى أنهم لم يعودوا يرونهم."

هل يعني هذا أنكم تأملون بقيام انتفاضة ثالثة، يسأل الصحفي الإسرائيلي. "على العكس تماما، لأن ذلك سيكون مأساويا. ينبغي للشعب اليهودي أن يكونوا أذكياء، رغم أنه يعرف عنهم التعنت. يفترض أن تعلموا كيف تقرؤون الخريطة ففي القرن الحادي والعشرين لن يستمر العالم في احتمال الاحتلال الإسرائيلي، وهذا الاحتلال يشكل خطرا على مكانة إسرائيل في العالم كدولة يهودية."

وردا على ملاحظة من الصحفي الإسرائيلي حول إغفال المجتمع الدولي لما تقوم به الصين وروسيا من تجاوزات أجاب المسئولون الأمريكيون بكل بساطة "إن إسرائيل ليست الصين فإسرائيل تأسست بقرار من الأمم المتحدة وبالتالي فإن نجاحها يتوقف على نظرة المجتمع الدولي إليها."

ثم يعود التقرير للتأكيد بأن التوسع الاستيطاني والاعلانات التي كان يخرج بها نتانياهو كبلت أيدي الرئيس الفلسطيني وجعلته غير قادر على أن يظهر مزيدا من المرونة، كما أفقدته الثقة في المفاوضات برمتها. "ساءت الأمور أكثر ما يكون عندما قال نتانياهو إن الرئيس عباس وافق على إطلاق سراح أسرى مقابل الاستمرار في البناء الاستيطاني، وهذا ليس له أساس من الصحة."