الأربعاء: 27/11/2024 بتوقيت القدس الشريف

"القدس الى أين؟ ..ندوة في رام الله حول اوضاع القدس والمقدسات

نشر بتاريخ: 07/07/2007 ( آخر تحديث: 07/07/2007 الساعة: 20:12 )
رام الله - معا- عقدت صباح اليوم السبت ندوة موسعة في رام الله تحت عنوان "القدس إلى أين ؟" بالتعاون بين الجبهة الإسلامية المسيحية للدفاع عن القدس والمقدسات ومكتب الشؤون الفكرية لحركة فتح ، وسط حضور واسع من الشخصيات السياسية والدينية والوطنية .

واكد الدكتور حسن خاطر المنسق العام للجبهة الاسلامية المسيحية ان انعقاد هذه الندوة وسط هذا الحضور الواسع من الشخصيات يأتي في وقت حرج من عمر القضية الفلسطينية والقدس الشريف ، كما يأتي استمرارا للجهود المبذولة من قبل الجبهة والمؤسسات الوطنية المختلفة بهدف التذكير بأولى القبلتين واباقائها حاضرة على الدوام في وجدان الامة العربية والاسلامية ، وكذلك دقا لناقوس الخطر الذي يتزايد يوما بعد يوم حول المدينة المقدسة ومقدساتها الاسلامية والمسيحية .

وقد قدم خلال الجلسة الاولى التي ادارها الأخ يحي يخلف عدد من الكلمات والمداخلات الهامة ، حيث قدم الدكتور رفيق الحسيني كلمة السيد الرئيس ، ثم عرض الدكتور حسن خاطر خلاصة تقرير حزيران 2007م حول اوضاع القدس والمقدسات، تلاه كلمة هامة لسماحة الشيخ الدكتور تيسير التميمي ، ومداخلة للمطران الدكتور عطالله حنا ، ثم كلمة للمحامي أحمد الرويضي .

وفي الجلسة الثانية التي ترأسها عثمان ابو غربية قدم محمد زهدي النشاشيبي كلمة حول واقع القدس واحتياجاتها وواجب الامة تجاهها ، تلاه النائب محمد بركة بمداخلة قيمة حول وجوب الانتقال من القول الى الفعل وعدم الانتظار أكثر ، اما الدكتور عبدالعزيز الحاج احمد فقد قدم مقترحا عمليا لتوحيد المرجعيات وبناء مؤسسة قيادية واحدة تتولى ادارة ملف القدس تحت قيادة السيد الرئيس ،تلاه مداخلة هامة لقيس عبدالكريم ، ثم كلمة لصالح رأفت ،وأخيرا مداخلة للدكتور رفيق الحسيني .

وقد خرجت الندوة بمجموعة من التوصيات الهامة ، أبرزها توحيد مرجعيات القدس في مرجعية واحدة وقوية ، وتفعيل دور القيادة الفلسطينية تجاه القدس، والعمل على بلورة خطوات ومقترحات عملية لمواجهة الواقع البائس للقدس تحت الاحتلال .

وفيما يلي خلاصة تقرير شهر حزيران حول اوضاع القدس والمقدسات كما قدمها الدكتور حسن خاطر منسق عام الجبهة :

فقد توزعت الهجمة الإسرائيلية على القدس خلال هذا الشهر على المحاور الأساسية التالية :-

1-سحب الهويات وتهجير المقدسيين سياسة عنصرية ليست جديدة على الاحتلال بل تعد جزءا أساسيا من إستراتيجية وجوده، إلا أن شهر حزيران شهد تصعيدا خاصا في هذه السياسة ، وتم خلاله الكشف عن أرقام مفزعة تجاوزت نسبتها 500% عام 2006م مقارنة مع أعداد الهويات التي سحبت عام 2005م ، وكل المؤشرات تؤكد ان هذه الأرقام والنسب مرشحة لزيادة كبيرة خلال الشهور والسنوات القادمة ، لأسباب مفتعلة أوجدها الاحتلال خصيصا لتهجير المقدسيين وتهويد القدس ، وعلى رأسها الجدار الذي غير جغرافيا القدس وفصل المقدسيين عن مصالحهم الاقتصادية والتعليمية والصحية والاجتماعية ، إضافة إلى الحواجز والإجراءات الخانقة التي بات على أهل القدس اجتيازها في الصباح والمساء وما يصحب ذلك من قهر وإذلال لا ينتهي ولا يحتمل ، حتى وصل الأمر خلال هذا الشهر حد تعرية النساء وطالبات المدارس على المدخل الجنوبي للقدس تحت ذرائع أمنية ...!،إضافة إلى سلسلة الضرائب الباهظة والعديدة التي باتت تحاصر لقمة خبز المواطن المقدسي، واستمرار سياسة هدم المنازل وحرمان المواطنين من البناء والتوسع العمراني تحت ذرائع وحجج لا حصر لها .. !!

وبما ان المقدسيين يواجهون هذه السياسة المنظمة بامكانيات شخصية وفقيرة في معظم الاحيان، فان آلافا منهم باتوا يعيشون ظروفا سكنية ومعيشية لا تطاق للمحافظة على مواطنتهم المهددة ، وقد نشرت وسائل الاعلام خلال هذا الشهر تقارير موثقة عن عدد من العائلات المقدسية التي تضطرها الظروف القاهرة الى العيش في المخازن والدكاكين المهجورة وعلى اسطح المنازل في ظروف لاتحتمل !
وفي المقابل فان نفس الدولة- دولة الاحتلال- التي الغت مواطنة الاف المقدسيين الذين اضطروا للسكن على بعد امتار من حدود بلدية القدس لمدة تزيد على 12شهرا ، صادقت خلال هذا الشهر على قانون يمنح رجال اعمال يهود من الخارج حق المواطنة في القدس دون ان يعيشوا فيها شهرا واحدا !

2-تركيز عمليات التهويد داخل البلدة القديمة وفي محيطها او ما يطلق عليه " الحوض المقدس" :حيث يواصل الاحتلال إحكام قبضته على البلدة القديمة ،مترجما ذلك في خطوات واجراءات خطيرة ، فشدد خلال هذا الشهر من اجراءاته التي حالت دون وصول عشرات الآف الفلسطينيين من حملة البطاقة الزرقاء الى المسجد الأقصى ،واحتجزت البطاقات الشخصية لمئات الشبان،وزودتهم ببطاقات بوليسية يستردون بموجبها بطاقاتهم الشخصية بعد انتهاء الصلاة،وهي اجراءات لا تطبق حتى عند دخول الكنيست !! كما ضاعفت من اجراءاتها القمعية ضد اعمال الترميم التي يقوم بها المواطنون العرب، وأطلقت العنان للجمعيات الاستيطانية بالسطو على المساكن والمحال والمؤسسات ، ونقل النشاط الرئيسي لسلطة الآثار الى البلدة القديمة،والتمهيد لانطلاق أكبر عمليات حفر وتنقيب يمكن ان تشهدها القدس القديمة ،والتي ستؤدي - حسب خبراء إسرائيليين- الى تغيير معالمها وتهديد طابعها الحضاري،وتكثيف عمليات حفر الانفاق التي ستربط بين مراكز محددة في الحي اليهودي وأجزاء الحوض المقدس خارج الأسوار، إضافة إلى تواصل الحفريات تحت الأقصى وحوله.

3-استغلال الصراع الفلسطيني الداخلي في تسريع عملية التهويد، واحكام القبضة على القدس والامعان في عزلها،والعمل على الغاء الدور الفلسطيني فيها بصورة تامة، وقد جسد ذلك من خلال خطوات عديدة كان أهمها قمع والغاء معظم النشاطات والفعاليات الفلسطينية التي كان يفترض تنظيمها في القدس بمناسبة مرور 40عاما على احتلالها ، ومنع الشخصيات الفلسطينية الرسمية من دخول القدس رغم كل الوساطات الدولية ،والشروع في تجسيد قرار الحكومة الاسرائيلية بنقل جميع الوزارات والمؤسسات الى القدس .

4-الشروع في اطلاق حملة اسرائيلية عالمية تستمر الى حزيران من العام القادم ، وتتضمن نشاطات وفعاليات كثيرة ومنوعة تتلاقى كلها على ترويج المزاعم والأكاذيب حول القدس اليهودية الموحدة والعاصمة الابدية لدولة اسرائيل ،وذلك بالتوازي مع استمرار الاحتفالات اليهودية في القدس ونفخ الابواق على اسوار البلدة القديمة!

5-توجهات إسرائيلية جديدة ومتكررة نحو تحطيم الهالة المقدسة للمدينة ، والمساس بمكانتها الدينية ،فإسرائيل من جهة تمنع المؤمنين من اتباع الديانات السماوية - مسلمين ومسيحيين - من الوصول الى القدس او الصلاة في مساجدها وكنائسها، وفي المقابل تضع الخطط وتقدم التسهيلات للشاذين من مختلف الارجاء والاصناف للقدوم اليها والطواف في شوارعها وأزقتها ... !فبعد ان اطلقت وزارة السياحة الاسرائيلية الشهر الماضي حملة عالمية لتشجيع السياحة اللوطية في القدس ،يتم السماح خلال هذا الشهر بمسيرة للشاذين "مثيلي الجنس " في شوارع المدينة وبمشاركة ابنة رئيس الوزراء دانا المرت !

القيادة الفلسطينية والقدس.

1-نشاط فلسطيني غير رسمي : شهد شهر حزيران العديد من النشاطات والفعاليات المتعلقة بالقدس ، وكانت في معظمها غير حكومية ، وقد منعت أو أفشلت سلطات الاحتلال معظم النشاطات التي كانت مقررة داخل القدس ، وعلى وجه الخصوص تلك المتعلقة بتأكيد رمزية السيادة الفلسطينية في المدينة ، ورغم أهمية هذه النشاطات الا أنها عكست ردود فعل ضعيفة وغير متكاملة ودون الحد الأدنى من التحديات الخطيرة والكبيرة التي تواجه القدس بصورة دائمة ومستمرة.

2-استمرار غياب القدس عن دائرة اهتمام القيادة السياسية الفلسطينية:على مستوى المنظمة وعلى مستوى السلطة،وعلى مستوى الرئاسة وعلى مستوى الحكومة،ففي الذكرى الأربعين لاحتلال القدس يبقى ملف القدس دون حراك، ولم تقدم القيادة الفلسطينية أية خطة لمواجهة تهويد المدينة، وبقي تفاعلها ضعيفا جدا مع المواقف والتطورات المتعلقة بهذا الملف الخطير،والمواقف التالية - خلال هذا الشهر - تدلل على ذلك : (1) لم يتم استثمار قرار منظمة المؤتمر الإسلامي في مطلع هذا الشهر والقاضي باعتبار السنة التي تبدأ بيوم 5/حزيران/2007م إلى 5/حزيران/2008م سنة إنقاذ القدس .(2) لم يتم التجاوب مع الخطة الإعلامية التي أقرها وزراء الإعلام العرب في اجتماعهم الأخير في القاهرة خلال هذا الشهر ، والتي أكدت على أولوية حماية عروبة القدس وكشف مخاطر الحفريات تحت الأقصى، والتصدي للمزاعم والأكاذيب الإسرائيلية حول القدس والمقدسات .(3)عدم إبداء أية ردود أفعال او اتخاذ أية خطوات او إجراءات سياسية او قانونية ردا على قرار الكونغرس الأمريكي باعتبار القدس الموحدة عاصمة أبدية للدولة اليهودية،وتهنئة دولة الاحتلال باحتفالاتها بمرور أربعين سنة على احتلال المدينة ، والأدهى من ذلك عدم الاستفادة حتى من ردود الفعل الايجابية التي أعلنتها جامعة الدول العربية وجمهورية مصر العربية والبرلمان العربي ضد الموقف الأمريكي ، ولم نلحظ أيضا اية ردة فعل رسمية على خطوة وزارة الخارجية الأمريكية بتسجيل الأمريكيين الذين يولدون في منطقة القدس الكبرى في الوثائق الرسمية كمواليد إسرائيل ، وعدم الاستفادة من العديد من المواقف العربية والدولية الأخرى الداعمة للحق العربي في القدس خلال هذا الشهر وعلى رأسها موقف العاهل المغربي الذي حذر من خطورة نقل الوزارات والمؤسسات الرسمية الإسرائيلية إلى القدس.(4) الذهاب مع حسم أزمة الكنيسة الارثوذكسية حسما سياسيا ،وتماشيا مع رغبة اليونان ووزارة الخارجية اليونانية ،رغم ان موضوع الازمة هو في الاساس موضوع فلسطيني ووطني يتعلق بحماية الاوقاف والعقارات داخل القدس وخارجها قبل كل شيء !(5)عدم اتخاذ أية خطوات فعلية يمكن من خلالها ترجمة الهدف الوطني الفلسطيني في إقامة الدولة الفلسطينية وعاصمتها القدس،فعن أي قدس يتحدث السياسيون اليوم ؟ وماذا أعدت القيادة لتجسيد هذا الهدف وتوثيق العلاقة بهذه العاصمة المقدسة وتهيئة الأرضية لذلك فعلا لا قولا.

القدس والمجتمع الدولي

بمناسبة مرور أربعين سنة على احتلال القدس شهدت العديد من الدول العربية والإسلامية نشاطات مختلفة ومتواضعة عبّر المشاركون فيها عن رفض الاحتلال والتحذير من المساس بالمقدسات،كما شهد هذا الشهر العديد من المواقف الدولية المتناقضة بخصوص القدس ، كان من أبرزها موقف الكونغرس الأمريكي الذي أبدى استخفافا كبيرا بالمواقف والقرارات الدولية، وأعلن عن مساندته وتأييده لدولة الاحتلال في توحيد وتهويد القدس تحت السيادة الإسرائيلية ، واعتبرها العاصمة الأبدية للدولة اليهودية ،وفي نفس الاتجاه أيضا أقدمت وزارة الخارجية الأمريكية على خطوة مشابهة تقوم على أساس الاعتراف بأن القدس الكبرى هي جزء من إسرائيل ، وباشرت فعليا في اعتماد هذا الأساس عند تسجيل المواليد الأمريكان الذين يولدون في أي مكان من القدس الكبرى !

وفي المقابل صدرت عدة مواقف عربية تشجب وتستنكر الخطوة الأمريكية وتعتبرها خارجة على الشرعية الدولية.!

ولعل ما يلفت النظر خلال هذا الشهر هو تحرك لجنة القدس التي طال غيابها عن كثير من الأحداث الماضية ،حيث اتخذت موقفا محذرا ورافضا لقرار الحكومة الإسرائيلية القاضي بنقل جميع الوزارات والمؤسسات الرسمية من تل أبيب إلى القدس،جاء ذلك على لسان رئيس اللجنة الملك محمد السادس الذي بعث برسائل إلى قادة وحكومات الأعضاء الدائمين في مجلس الأمن،والى قداسة البابا ورئيسة مجلس الاتحاد الأوروبي ، حاثا جميع الأطراف على التدخل لإيقاف القرار الإسرائيلي والعمل على تطبيق قرارات الشرعية الدولية !