السبت: 30/11/2024 بتوقيت القدس الشريف

توصيات بتعزيز دور "مسارات" كمركز تفكير إستراتيجي يتناول القضايا الشعب

نشر بتاريخ: 07/05/2014 ( آخر تحديث: 07/05/2014 الساعة: 21:24 )
البيرة - معا - أكد سياسيون وأكاديميون اهمية تحفيز التفكير الإستراتيجي الفلسطيني على طرح السياسات والبرامج ذات العلاقة بأوضاع الشعب الفلسطيني بأبعادها السياسية والاقتصادية والاجتماعية، وتعزيز دور المراكز المتخصصة في مجال التفكير الإستراتيجي واستشراف المستقبل، بحيث تعمل كحلقة وصل بين البحث الأكاديمي والسياسات العامة وكمنبر للنقاش العام حول القضايا السياسية.

جاء ذلك خلال جلسة في مقر المركز الفلسطيني لأبحاث السياسات والدراسات الإستراتيجية- مسارات بالبيرة ومقر مركز الميزان في غزة عبر تقنية "فيديو كونفرنس"، كرست لتقييم أعمال ونتائج المؤتمر السنوي الثالث للمركز، الذي نظم تحت عنوان "إستراتيجيات المقاومة"، يومي 4 و5 نيسان الماضي، واقتراح محاور يمكن للمركز أن يركز عليها في برامجه وتحضيراته للمؤتمر السنوي الرابع. وحضرت جلسة التقييم مجموعة من السياسيين والأكاديميين والباحثين ممن شاركوا في المؤتمر، سواء بتقديم أوراق العمل أو التعقيب عليها أو رئاسة الجلسات أو التحضيرات للمؤتمر، من الضفة الغربية وقطاع غزة وأراضي 48.

ودعا المشاركون في جلسة التقييم إلى إيلاء اهتمام لإشراك أكبر عدد من الكفاءات الفلسطينية المتخصصة في مجالات مختلفة في الوطن والشتات في دراسة أبرز القضايا والتحديات التي يواجهها الشعب الفلسطيني وقضيته الوطنية، والمطروحة على أجندة المعنيين بعملية صنع القرار في مستوياتها المختلفة، لاسيما فيما يتعلق بإعادة بناء المشروع الوطني الجمعي، والتمثيل السياسي، واستنهاض الحركة الوطنية ودور مختلف القطاعات والفئات في التجمعات الفلسطينية كافة، وبخاصة الشباب، إضافة إلى دراسة جوهر ومستوى وأسباب تقدم المشروع الصهيوني الاستعماري الاستيطاني العنصري على الأرض الفلسطينية والاهتمام بإنتاج الأوراق الإستراتيجية وأبحاث السياسات التي توفر ردودا فلسطينية على ما تنتجه مراكز البحث والتفكير الإستراتيجي الصهيونية.

كما نوهوا إلى أهمية تطوير خيارات وبدائل موضوعية للسياسات التي أسهمت في تعميق أزمة المشروع الوطني والانقسام وتراجع دور الحركة الوطنية ومنظمة التحرير، مع إيلاء الاهتمام لطرح سياسات موجهة لمعالجة المشكلات اليومية التي يواجهها الفلسطينيون في ضوء شروط وخصوصيات الواقع المعاش في مختلف تجمعاتهم في الوطن والشتات، على المستويات السياسية والاقتصادية والمعيشية والتعليمية والاجتماعية عموما، بما يسهم في تحرير طاقات الشعب الفلسطيني أينما وجد وتعزيز انخراطه في تحقيق أهداف المشروع الوطني.

وأشادوا بجهود مركز مسارات من حيث دوره الريادي كمركز للتفكير الإستراتيجي بات يلعب متعاظما في إنتاج السياسات وطرح الخيارات والبدائل، ويشكل أحد المصادر التي ترفد المنظمات السياسية والبحثية ومراكز التفكير الإستراتيجي المحلية والعربية والأجنبية بنتاج متواصل من أوراق تحليل السياسات واستشراف المستقبل فيما يخص الوضع الفلسطيني، فضلا عن دوره المتنامي في التأثير على اتجاهات الرأي العام الفلسطيني، معتبرين أن المؤتمر السنوي للمركز تحول إلى ورشة فكرية وسياساتية تستقطب أكبر عدد من السياسيين والأكاديميين والباحثين من الضفة الغربية وقطاع غزة وأراضي 48، ما جعل المؤتمر الأخير أقرب إلى المؤتمر الوطني من حيث حجم وطبيعة المشاركين في تقديم الأوراق والتعقيب وعمق الحوار التعددي عبر حضور مختلف الآراء المعبرة عن الاتجاهات الفكرية والسياسية الفلسطينية.

ولفتوا إلى أهمية النموذج الجديد والفريد فلسطينيا الذي يقدمه مركز مسارات في تنظيم فعالياته عموما، والمؤتمر السنوي خصوصا، عبر إشراك المئات في مستويات الحوار المختلفة والفئات المنخرطة فيها، سواء عبر تنظيم ورشات العمل وحلقات النقاش وجلسات العصف الذهني في مقر المركز بالبيرة وعبر دائرة الربط التلفزيوني مع غزة، وكذلك في عدد من مدن الضفة الغربية وأراضي 48، وفي أوساط التجمعات والجاليات الفلسطينية بالخارج، مثل الأردن ولبنان والإمارات ولندن وبرلين، أو من خلال تحويل المؤتمر السنوي إلى نشاط فكري وسياساتي متواصل طيلة العام ويتوج بطرح حصيلة هذا الجهد على شكل سياسات وتوصيات محددة على أجندة النقاش العام خلال فترة انعقاد المؤتمر السنوي.

وقدم المشاركون في جلسة التقييم عددا من الملاحظات والاقتراحات، منها ضرورة تلافي المشكلات الفنية أثناء أعمال المؤتمر كتقطع الاتصال بين الضفة والقطاع عبر "فيديو كونفرس"، مشيدين بالبث المباشر لأعمال المؤتمر عبر الانترنت (لايف ستريم)، مع أهمية الترويج واسع النطاق مسبقا لمتابعة أعمال المؤتمر عبر مثل هذه التقنيات في أوساط المهتمين في التجمعات والجاليات الفلسطينية خارج الوطن. كما انتقدوا كثرة عدد المتحدثين والمعقبين خلال عدد من الجلسات مما أثر على قدرة رؤساء الجلسات على ضبط الوقت المحدد لكل منهم، وإتاحة ما يكفي من وقت لإشراك الحضور بتقديم مداخلات وأسئلة.

واعتبروا أن المؤتمر السنوي الثالث تصدى بجرأة لمهمة تحفيز التفكير الإستراتيجي الفلسطيني بشأن محورين مترابطين؛ الأول إعادة تعريف المشروع الوطني وأهدافه الإستراتيجية، والثاني إستراتيجيات المقاومة الأكثر جدوى لتحقيق هذه الأهداف، وهما موضوعان يحتاجان إلى مزيد من الحوار كما أظهرت النقاشات خلال المؤتمر، وكان يفضل تنظيم مؤتمرين لكل منهما هدف محدد وعنوان ناظم، بحيث يناقش في كل منهما أحد هذين المحورين على أن تفصل بينهما فترة قصيرة، بما يتيح مجالا أكبر للحوار والخروج بتصورات وبلورة سياسات محددة تتعلق بالمشروع الوطني وأهدافه من جهة، وإستراتيجيات المقاومة من جهة أخرى. كما رأوا أن اكتظاظ برنامج المؤتمر وكثرة المتحدثين والمعقبين والراغبين بالمشاركة بالنقاش من الحضور أثر على الوقت الذي أتيح لجلسات تناولت مواضيع مهمة مثل قضية الأسرى والمقاطعة وأشكال النضال في عدد من أبرز التجمعات الفلسطينية.

وأوصى المشاركون بتفادي تحويل جلسات لشخصيات سياسية رئيسية إلى ما يشبه المؤتمر الصحفي بعيدا عن طبيعة المؤتمر وأهدافه ودون تقديم ما يسهم في إغناء الحوار حول السياسات المطلوبة لمعالجة قضايا رئيسية مثل المفاوضات والمصالحة. كما دعوا إلى التفكير في أسباب عزوف الشباب من الجنسين عن المشاركة الفاعلة في مثل هذه المؤتمرات، والعمل على تناول قضايا تهم الشباب وأساليب جديدة لتحفيزهم على المشاركة في النقاش العام.

وأشاروا إلى أن العديد من الأوراق المقدمة للمؤتمر نجحت في الجمع ما بين ما هو فكري وإستراتيجي من جهة والسياسات الأجدى لنقل الفلسطينيين من الواقع الراهن عبر مهمات وأساليب عمل تعزز قدرتهم على تغيير المسار الحالي وتبني خيارات بديلة لتحقيق أهداف المشروع الوطني، في حين افتقر بعض الأوراق إلى البعد السياساتي أو ركز أكثر على التشخيص. واقترحوا تشكيل فريق من مركز مسارات يعمل على إعداد تقرير يتضمن أبرز السياسات والتوصيات التي خلصت إليها الأوراق والنقاشات التي شهدتها جلسات المؤتمر، لكي تناقش في ورشة عمل خاصة لإغنائها وتطويرها قبل تقديمها إلى الجهات المعنية بعملية صنع القرار على مستويات منظمة التحرير والسلطة والفصائل، إضافة إلى منظمات المجتمع المدني والمؤسسات الأكاديمية والبحثية، إلى جانب جمع أوراق العمل وطباعتها في كتاب خاص، وبث أعمال المؤتمر المصورة على الموقع الإلكتروني لمركز مسارات لتكون في متناول أوسع القطاعات في أوساط مختلف التجمعات والجاليات الفلسطينية.

كما قدم المشاركون عددا من الاقتراحات للتركيز عليها في برامج مركز مسارات أو في مؤتمره السنوي القادم، مثل التوسع في مناقشة إعادة تعريف المشروع الوطني وأهدافه الإستراتيجية، والمشروع الصهيوني وكيفية الرد على ما تنتجه مراكز البحث والتفكير الإستراتيجي الصهيونية، والخيارات البديلة عن مسار التفاوض الثنائي، والرواية التاريخية وخطاب الحقوق، وكيفية الخروج من مسار أوسلو، واستنهاض الحركة الوطنية، ودراسة اتجاهات التيارات الإسلامية الفلسطينية، والاهتمام بقضايا الناس في مختلف التجمعات الفلسطينية على المستويات الاقتصادية والمعيشية والاجتماعية والتعليمية ومختلف الظروف التي تشكل قيودا على تحرير طاقات الفلسطينيين أينما وجدوا في الوطن والشتات.