الهيئة المستقلة تطالب بدعوة الأمم المتحدة لوضع حد للاحتلال وانتهاكاته
نشر بتاريخ: 08/05/2014 ( آخر تحديث: 08/05/2014 الساعة: 20:05 )
رام الله – معا - أكدت الهيئة المستقلة لحقوق الإنسان، اليوم الخميس، ضرورة دعوة الدول الأعضاء في الأمم المتحدة للضغط على الحكومة الإسرائيلية لوضع حد للاحتلال، وكافة انتهاكات حقوق الإنسان المرتبطة به، والالتزام بتطبيق القانون الدولي الإنساني.
جاء ذلك في التقرير السنوي التاسع عشر، الذي أعلنته الهيئة حول وضع حقوق الإنسان في فلسطين، وذلك خلال مؤتمر صحفي نظمته في فندق "موفنبيك" برام الله.
وطالبت الهيئة المجتمع الدولي بالضغط على دولة الاحتلال، لوقف سياسة الاعتقال الإداري التعسفي، والتدخل لإنقاذ حياة الأسرى، مؤكدة بالمقابل ضرورة متابعة تقرير لجنة حقوق الطفل التابعة للأمم المتحدة، ودعوة المجتمع الدولي للتعامل الجدي معه، والوقوف عند مسؤولياته في حماية الأسرى خاصة الأطفال منهم.
وحثت الهيئة على الاستمرار في الضغط على دولة الاحتلال، لتمكين المواطنين من الوصول إلى المناطق (ج)، وتخفيف القيود المفروضة على وصولهم إلى أراضيهم ومواردهم الطبيعية.
وأوضحت الهيئة أن استمرار الاحتلال الإسرائيلي للأراضي الفلسطينية، وسياساته العدوانية في الضفة الغربية وقطاع غزة والقدس، ظلت تشكل العوامل الرئيسة في تدهور وضع حقوق الإنسان في الأراضي الفلسطينية خلال العام 2013.
ولفتت إلى أهمية انضمام دولة فلسطين إلى معاهدات حقوق الإنسان، والتوجه إلى المحكمة الجنائية الدولية لمقاضاة دولة الاحتلال على الانتهاكات التي ترتكبها بحق المواطنين، داعية بالمقابل إلى تنسيق الجهود الرسمية والأهلية لضمان نجاح قرار الأمم المتحدة، باعتبار العام الحالي عاما للتضامن مع الشعب الفلسطيني وحماية حقوقه الأساسية.
على صعيد آخر، وتحديدا فيما يتعلق بالانتهاكات الداخلية (الفلسطينية)، أوضحت الهيئة أن "استمرار الانقسام وتعطل سبل انهائه، قد أتى بنتائج مريرة على مكونات المجتمع، ونظامه العام سياسيا، واجتماعيا، وثقافيا وأمنيا، لدرجة بات معها التسلط على منظومة الحقوق، والحريات العامة، وإخراجها عن اطارها الحقوقي والقانوني السمة الغالبة، الأمر الذي ولد أزمات متلاحقة على مختلف مستويات السياسة والقضاء، والتشريع، والثقافة والأمن، بما يمس مجمل منظومة حقوق المواطن في الصميم".
وأوردت أنه "بعد انخفاض عدد الوفيات في ظروف غير طبيعية العام 2012 إلى 140 حالة، مقارنة مع 147 حالة العام 2011، عاد هذا العدد للارتفاع من جديد، حيث وصل عدد الوفيات في ظروف غير طبيعية الذي سجلته الهيئة إلى 168 حالة وفاة العام 2013".
وبينت أن 98 حالة وفاة سجلت في الضفة، مقابل 70 حالة في القطاع، مضيفة "كان بين هذا العدد الإجمالي باستثناء الوفيات في الأنفاق وعددها 13 حالة، 52 طفلا، إذ وصلت نسبة الأطفال الذين توفوا العام 2013، إلى 31% من العدد الإجمالي لحالات الوفاة في ظروف غير طبيعية، مقارنة مع النسبة المسجلة في العامين السابقين 2011 و2012، ولم تتجاوز الـ 28% من العدد الإجمالي للوفيات".
وبينت أنه من ضمن حالات الوفاة، سجلت 19 حالة على خلفية الشجارات والنزاعات العائلية، مقابل 4 حالات وفاة نتيجة سوء استخدام السلاح من المكلفين بإنفاذ القانون، و9 حالات نتيجة سوء استخدام السلاح من قبل المواطنين، فيما سجلت 32 حالة وفاة في ظروف غامضة، مقابل 3 حالات على خلفية ما يسمى "شرف العائلة"، و65 حالة نتيجة عدم اتباع اجراءات السلامة العامة.
وأشارت إلى استمرار صدور أحكام بالإعدام، خاصة في القطاع، مضيفة "خلال 2013 صدر حكم واحد عن المحكمة العسكرية في مدينة جنين، و(16) حكماً عن المحاكم في القطاع، 9 أحكام منها صدرت عن المحاكم العسكرية، و7 أحكام عن المحاكم المدنية، وتم تنفيذ (3) أحكام صادرة في سنوات سابقة، ومصادقة محكمة النقض في غزة، على حكم إعدام آخر كان قد صدر في أعوام سابقة، مقارنة ستة أحكام صدرت العام 2012، وكانت جميعها في القطاع".
وبينت أنه رغم مطالباتها المتكررة بعدم اصدار أحكام بالإعدام وعدم تنفيذها، إلا أن الحكومة "المقالة"، نفذت ثلاثة أحكام بالإعدام، كان قد صدر منها اثنان في العام ذاته، مقابل حالة واحدة صدرت في أعوام سابقة، مبينة أن تنفيذ الأحكام تم دون مصادقة الرئيس عليها.
وفيما يتعلق بالحق في السلامة الجسدية، لفتت إلى استمرار تلقي شكاوى تتعلق بالتعذيب وسوء المعاملة، منوهة إلى تلقيها (497) ادعاءً بالتعذيب والتهديد أثناء التوقيف، من ضمنها 150 ادعاء في الضفة، والباقي في القطاع، مقارنة مع (294) ادعاء العام 2012.
كما أشارت إلى تلقيها (67) ادعاء بالمعاملة القاسية واللا إنسانية، أو الحاطة بالكرامة الإنسانية، مقارنة مع (52) ادعاء من هذا القبيل العام 2012، و(158) ادعاء بالاعتداء الجسدي أو المعنوي العام 2013 مقارنة مع (156) ادعاء من هذا القبيل العام 2012.
ونوهت إلى استمرار انتهاكات تتعلق بالحق في الحرية الشخصية، وسلامة الاجراءات القانونية عند القبض والتفتيش، إلى جانب عدم احترام قرارات المحاكم، أو المماطلة في تنفيذها.
ولفتت إلى تلقيها 123 شكوى تتعلق بالمماطلة، أو التأخير أو الامتناع عن تنفيذ الجهات التنفيذية الأمنية والمدنية لقرارات المحاكم، وأشارت إلى استمرار رصد انتهاكات إزاء حق التجمع السلمي، وحرية التعبير والحريات الصحافية، والحق في التنقل والسفر.
وفي اطار التوصيات التي خرج بها التقرير، جددت الهيئة تأكيد موقفها المعارض لعقوبة الإعدام، مبينة أنه إلى يتم إلغاء عقوبة الإعدام من النظام القانوني، فإنه من الضروري استمرار الرئيس بالامتناع عن المصادقة على أحكام الإعدام الصادرة عن المحاكم، وإحالة كافة قضايا المواطنين المدنيين الذين صدر بحقهم أحكام بالإعدام من المحاكم العسكرية إلى المحاكم المدنية صاحبة الاختصاص الأصيل، من أجل إعادة النظر في تلك الأحكام، واستخدام الرئيس لصلاحياته الدستورية في العفو الخاص من أجل النزول بعقوبة الإعدام إلى عقوبة السجن.
وطالبت النيابة العامة بالتحقيق في كافة حالات القتل التي تقع في ظروف غير طبيعية، للكشف عن مرتكبيها وتقديمهم للعدالة، خاصة الحالات الغامضة منها وحالات القتل على خلفية ما يسمى "شرف العائلة" التي سجلتها الهيئة، وحالات النساء اللواتي قتلن نتيجة سوء استخدام السلاح بين المواطنين.
وأكدت ضرورة قيام النيابة العسكرية بإجراء تحقيقات جدية في الادعاءات الماسة بالحق في الحياة، التي تقع من الأفراد المكلفين بإنفاذ القانون، لا سيما في أماكن الاحتجاز، من أجل إنجاح القضايا التي تصل القضاء العسكري في هذا الشأن، وحتى لا يفلت المسؤولون عن هذه الأفعال من العقاب.
وحثت المجالس البلدية المختلفة على ممارسة دور رقابي فاعل على الأماكن العامة والخاصة، والتأكد من توفر احتياطات السلامة العامة في الحدود الجغرافية التي تتبعها، وتفعيل دورها في ملاحظة الأماكن الخطرة في كل منطقة مجلس بلدي، واتخاذ احتياطات السلامة العامة الكفيلة بالحد من حالات الوفيات، الناجمة عن عدم اتباع إجراءات السلامة العامة فيها.
وطالبت وزارة العمل على القيام بدور تفتيشي فاعل وحقيقي على أماكن العمل، للتأكد من توفر وسائل السلامة العامة فيها.
ودعت إلى العمل على تعديل قانوني الأحوال الشخصية (16) لعام (1976) النافذ في الضفة، وقانون حقوق العائلة الصادر بالأمر رقم (303) لعام (1954) النافذ في القطاع، عبر إصداره بقرار بقانون من قبل الرئيس، بغية توفير بيئة أسرية سليمة لا يتم استغلال أفراد العائلة وتحديدا الإناث من قبل القائمين على رعاية الأسرة ومتولي أمورها، وتخويل النساء الحق في المساواة بالرجال في إدارة أمورهن واتخاذ قرارات تتعلق بمصيرهن.
ودعت إلى استكمال تعديل قانوني العقوبات رقم (16) لعام 1960 الساري النفاذ في الضفة، وقانون العقوبات رقم (74) لعام 1936 فيما يتعلق بالجرائم التي تمس الإناث، وتحديدا جرائم القتل أو التي تمس حقهن في السلامة الجسدية على خلفية ما يسمى "الشرف"، عبر إصداره بقرار بقانون من قبل الرئيس.
وطالبت باستمرار الرئيس ووزارة الداخلية، بإصدار تعليمات واضحة للأجهزة الأمنية بالامتناع عن ممارسة التعذيب وسوء المعاملة في مراكز الاحتجاز والتوقيف، والعمل على محاسبة كل من يثبت تورطه في تعذيب أي شخص، وتوفير التأهيل النفسي والجسدي اللازم للأشخاص الذين يتعرضون للتعذيب، وتعويض المتضررين من هذه الأفعال.
وحثت الأجهزة الأمنية على التحقيق الجاد في كافة ادعاءات المواطنين حول تعرضهم لسوء المعاملة والتعذيب، واتخاذ الإجراءات والتدابير المناسبة بحق من يثبت قيامه بهذه الجرائم من قبل الأشخاص المكلفين بإنفاذ القانون، والتوقف عن الردود النمطية على ما يقدم لها من شكاوى.
وأشارت إلى ضرورة أن تتأكد المحاكم من دقة المعلومات المقدمة لها، من النيابة العامة حول الأشخاص المطلوب توقيفهم، وانسجام هذه المعلومات مع حقيقة الوضع العام للشخص المطلوب توقيفه، قبل أن تقرر التوقيف أو تمديد التوقيف.
ودعت النيابة العامة إلى تفعيل دورها الرقابي على كافة أفراد الأمن، الذين يتمتعون بصفة الضابطة القضائية، ويحتجزون الأفراد بموجب هذه الصفة، وأن تعمل على إجراء تحقيقات جدية في ادعاءات المواطنين بالمس بسلامتهم الجسدية من قبل الأفراد المكلفين بإنفاذ القانون.
ودعت فيما يتعلق بحرية الرأي والتعبير والتجمع السلمي، إلى توقف الأجهزة الأمنية عن استجواب واعتقال المواطنين على خلفية الرأي والتعبير، وإزالة هذه الأجهزة لكافة التدابير التي تقف عائقاً أمام ممارسة المواطنين لحقهم في هذا المجال والتجمع السلمي.
وأشار مفوض عام الهيئة د. أحمد حرب، في مستهل المؤتمر الصحافي، إلى أنه "رغم سياسات الاحتلال، والظروف الحالية التي تمر بها القضية الفلسطينية، بسبب تنكر إسرائيل المستمر للحقوق الوطنية، وتبعات الانقسام ونتائجه على منظومة حقوق الإنسان في فلسطين، فإن الهيئة تؤكد دوما أن الطريق السليم للوصول إلى حقوقنا الفردية والوطنية هو الالتزام بمبادئ القانون، واحترام حقوق المواطن، وتوفير سبل العيش الكريم له وعمل كل ما يلزم لتحقيق الوحدة الوطنية".
وتابع د. حرب: لقد اجتمع مجلس المفوضين مع الرئيس قبل أسبوعين، وسلمه تقرير الهيئة، وقمنا بإطلاعه على أهم ما يثير قلقها بالنسبة لوضع حقوق الإنسان خلال العام الماضي، مع ادراكنا أن إسرائيل واستمرار احتلالها العسكري لدولة فلسطينأ وتنكرها للحقوق الوطنية والسياسية للشعب الفلسطيني، هي المنتهك الأول لحقوقنا في مختلف المجالات.
واستدرك د. حرب: إن الهيئة بالقدر الذي تثمن فيه خطوات الانضمام إلى الاتفاقيات الدولية، كإنجاز سياسي وقانوني وحقوقي لدولة فلسطين، إلا أنه من الناحية الأخرى تحدٍ كبير لمدى قدرة السلطة واستعدادها لمؤاءمة الخصوصية الفلسطينية لمتطلبات هذه الاتفاقيات، وتهيئة الظروف المناسبة لتطبيق بنودها تحت الاحتلال.
وأشار د. حرب إلى أن أهم ما يقلق الهيئة من قضايا تتصل بوضع حقوق الإنسان، يتمثل في ضرورة اتخاذ خطوات لتعزيز استقلال ونزاهة وكفاءة القضاء، واستمرار رصد حالات تعذيب رغم الإعلان الرئاسي العام الماضي بتجريم وتحريم التعذيب في فلسطين، مضيفا "يزداد هذا الموضوع أهمية بعد تصديق دولة فلسطين على المعاهدة الدولية لمناهضة التعذيب، ما يستدعي تعزيز آليات المساءلة والمحاسبة في الأجهزة الأمنية، وإيجاد آلية للرقابة المدنية المستقلة على أجهزة الأمن، خاصة في ظل غياب رقابة برلمانية، نتيجة تعطل المجلس التشريعي".
ولفت د. حرب إلى ضرورة قيام الأجهزة الأمنية بالالتزام بالسماح للهيئة بتنفيذ الزيارات الفجائية لمراكز الاحتجاز والاعتقال كحق أساسي من عمل وصلاحيات الهيئة، داعيا بالمقابل إلى احترام قرارات المحاكم، وعدم تعطيل تنفيذ جانب منها بذريعة الاعتبارات الأمنية.
ونوه د. حرب إلى أهمية إعادة النظر وتقنين الصلاحيات الممنوحة للمحافظين بالاحتجاز، بما لا يخالف ضمانات المحاكمة العادلة، والحقوق التي يؤكد عليها القانون الأساسي.
بدورها، استعرضت المديرة التنفيذية للهيئة رندا سنيورة، بعض جوانب التقرير ويقع في ثلاثة أبواب، لافتة إلى أن الاحتلال ظل المنتهك الأكبر لحقوق الإنسان في فلسطين، بيد أنها أشارت إلى أن استمرار حالة الانقسام، ظل سببا أساسيا في تواصل أنماط الانتهاكات نفسها مع اختلاف وتيرتها.