الأربعاء: 25/09/2024 بتوقيت القدس الشريف

ليلة القبض على ليفني

نشر بتاريخ: 22/05/2014 ( آخر تحديث: 25/05/2014 الساعة: 07:57 )
بيت لحم - معا - شهدت كواليس الأسبوع الأخير دراما حقيقية هزت أركان الساحة السياسية الإسرائيلية كادت أن تؤدي إلى انهيار حكومة نتنياهو وتفكك الائتلاف الحاكم.

خطط نتنياهو نهاية يوم السبت الماضي إلى إقالة وزيرة القضاء "تسيفي ليفني" ردا على اجتماعها بالرئيس الفلسطيني محمود عباس وفقا لما نشره اليوم الخميس المحلل السياسي "بن كاسبيت" في صحيفة "معاريف" العبرية.

واتضح خلافا للتقديرات السابقة بأن نتنياهو لم يكن على علم مسبق بأمر الاجتماع وحين نمى إلى مسامعه بعض الأخبار المتعلقة بالتحضيرات لهذا الاجتماع أمر ليفني بعدم عقده وحظر عليها القيام بذلك لكنها أصرت عليه لهذا قرر نتنياهو السبت الماضي اقالتها لكنه تراجع عن قراره في اللحظة الأخيرة في أعقاب مشاورات اجراها مع رئيس حزب "يش عتيد" يائير لبيد الذي أكد له بان إقالتها ستعني تفكيك الائتلاف الحكومي وسقوط الحكومة.

وعلمت "معاريف" بأن "ليفني" لم تُبلغ نتنياهو مسبقا بأمر نيتها عقد اجتماع بالرئيس الفلسطيني لكن الأخير اكتشف بنفسه الاتصالات التي أجراها مساعدو "ليفني" مع رجال أبو مازن لترتيب اللقاء فيما يرجع رجال "ليفني" افتضاح أمر اتصالاتهم إلى "خيانة" داخلية متهمين احد المسؤولين عن الاتصالات برجال ابو مازن بإبلاغ احد المقربين من نتنياهو الذي كان في الجو عائدا من زيارة رسمية لليابان وحين هبط في المطار وعلم بنبأ الاتصالات الجارية ثارت ثائرته وفجّر غضبه حيث قال بعض مساعديه الذين شاهدوا ثورة الغضب فور انفجارها "لم نرى مطلقا نتنياهو غاضبا بهذا الشكل".

واتصل نتنياهو هاتفيا بوزيرة قضائه وسألها مباشرة هل تجرين اتصالات تمهيدا لاجتماعك مع ابو مازن؟ وردت ليفني بالإيجاب مدعية بأنها كانت تنوي اطلاعه على الموضوع لكن بعد الانتهاء من وضع اللمسات الأخيرة على تفاصيل الاجتماع فيما يدعي رجالها بأنها أرادت محادثة نتنياهو هاتفيا أثناء وجوده في اليابان لكن بسبب فرق التوقيت أجلت الاتصال إلى حين عودته.

لكن هذه التبريرات وفقا للمحلل "بن كاسبيت" لم تهدأ نتنياهو ولم تخفف من ثورة غضبه وعلى العكس ابلغ وزيرة القضاء معارضته المطلقة للاجتماع وانه يمنعها من عقده ويحظر عليها الالتقاء مع ابو مازن تنفيذا لقرار الحكومة تعليق الاتصالات والمفاوضات مع الفلسطينيين لكن هذه الأقوال لم تخف "ليفني" أو تربكها وردت على نتنياهو بأنها تخالفه الرأي لكنها لا تنوي مطلقا إجراء مفاوضات مع أبو مازن او البحث معه في أي قضية مطروحة على طاولة المفاوضات ولكن وبسبب عدم اجتماع أي مسؤول إسرائيلي مع أبو مازن رئيس السلطة الفلسطينية ترى من الضروري ان تجتمع به ولا ترى سببا منطقيا لمنع الاجتماعات معه.

وكانت ليفني وفقا لمصادرها المقربة معنية بمعرفة وجهة أبو مازن القادمة وماذا تعني المصالحة مع حماس ولماذا أقدم ثلاث مرات متتالية على إحباط اتفاق إطار وفي اللحظة الأخيرة؟.

ولم يستوعب نتنياهو ان ليفني مرغت بكلامه الأرض وحين علم بأنها اجتمعت مساء الخميس بالرئيس عباس رغم منعها من ذلك ثار مجددا وكان عبارة عن عاصفة من الغضب المتواصل عانقت عنان السماء وفي تلك اللحظة بالذات كان جالسا مع رئيس حزب البيت اليهودي "نفتالي بينت" وفورا ذهب للقاء "يائير لبيد" اللذان قالا هما أيضا بأنهما لم يشاهدا نتنياهو بهذا الغضب مطلقا.

واعتقد نتنياهو بداية الأمر ان الأمريكان هم من توسطوا لعقد الاجتماع وحثوا "ليفني" على حضوره وهنا اتصل ببعض الأوساط الأمريكية رفيعة المستوى ليعرب لها عن غضبه وضيقه من تدخل الولايات المتحدة بالشؤون الإسرائيلية الداخلية ليتضح لنتنياهو ان الإدارة أمريكية بريئة من أي تنسيق لهذا الاجتماع بل ان أركان الإدارة تفاجئوا تماما مثل نتنياهو.

واستمرت ثورة غضب نتنياهو طيلة ليلة الخميس واقسم أغلظ الإيمان بأنه سيقيل وزيرة القضاء ويطردها خارج الحكومة واستدعى صبيحة الجمعة رئيس الائتلاف الحكومي "يريف ليفين" واخبره بما فعلته ليفني وقال له بأنها تخطط للقيام بخطوة سياسية دراماتيكية وأنها تجري لهذه الغاية مفاوضات مع أصدقائها في حزب العمل وصولا إلى اتحاد سياسي بين حزبها "تنوعاه" وحزب العمل ما يعني ولادة كتلة تضم 21 عضو كنيست بما يزيد عن كتلة نتنياهو بمقعد واحد، وبدأ نتنياهو يعيش ويشاهد الأوهام ويفكر بصوت مرتفع متخيلا إمكانية تعاون حزب العمل والمتدينين "حريديم" و"يائير لبيد" لإزاحته وإسقاط حكمه وهو في منتصف ولايته.

وكما هو معروف فإن نتنياهو دون أوهام وأفكار قرب وقوع الكارثة لن يكون نتنياهو الذي نعرفه لذلك صمم صبيحة الجمعة على إقالة "ليفني" واستباق خطوتها السياسية وقبل ان تقيل هي نفسها بنفسها تمام كما سبق له وان فعل حين أقال وزير الجيش الأسبق "ايتسل مردخاي" 5 دقائق فقط قبل إعلانه الاستقالة وإقامة حزب جديد أطلق عليه اسم "حزب الوسط " لكن هنا بدأت الاتصالات التي شارك فيها مائير شطريت من جانب "ليفني" و"يريف ليفين" من جانب نتنياهو وتدخل فيها " يائير لبيد" وقام بدور مركزي الذي اوضح لنتنياهو بان اقالة ليفني تعني تفكيك الائتلاف واسقاط الحكومة وهنا كعادته تراجع نتنياهو وابتلع الاهانة واستمع "للبيد" الذي قال " لا يمكن ادارة حكومة بهذه الطريقة ولا يوجد ما يمكن مناقشته او الحديث عنه في هذه النقطة ولو كانت تريد ادارة الحكومة بهذه الطريق لكان عليك اقالة "دتني دنون" قبل ستة اشهر على الاقل وهنا انضم ايضا رئيس الائتلاف الحكومي لموقف "لبيد" وقال لنتنياهو بانه لا يمكن ادارة الحكومة بهذه الطريقة ولا يمكنه مواصلة ادارة حكومة تتمتع باغلبية صوتا واحد " 62" عضو كنيست وهنا يجب عليه الذهاب للانتخابات.

ومع وصول الوقت لنهاية السبت اليهودي "ارتاح" نتنياهو وهدأت ثورة غضبه تحت وقع تهديد "لبيد" وادرك عدم وجود خيار يدعى اقالة "ليفني".