الجمعة: 29/11/2024 بتوقيت القدس الشريف

"داعش" أيقظ أوباما من قيلولته

نشر بتاريخ: 14/06/2014 ( آخر تحديث: 14/06/2014 الساعة: 10:32 )
نجاة شرف الدين - جريدة السفير - «على (الرئيس الأميركي باراك) أوباما طرد فريقه في الأمن القومي واستبداله، وعليه إعادة الجنرال (ديفيد) بتراوس».
بهذا الكلام توجه السيناتور الجمهوري الأميركي جون ماكين إلى أوباما، محملاً إياه مسؤولية ما يحصل من خلال تركه الأرض بالكامل من دون الإبقاء على وحدات عسكرية وأمنية أميركية، كما بسبب أدائه السياسي.

ماكين لم يكن وحده الذي صب جام غضبه على أوباما، فقد أطلق رئيس مجلس النواب الجمهوري جون بوينر انتقاداً لاذعاً عندما سئل عما يحصل في العراق. وقال «في الوقت الذي كانت تحتل المدن العراقية ما الذي كان يفعله الرئيس؟ كان يأخذ قيلولة».

بالطبع هي ليست المرة الأولى التي يتلقى فيها أوباما مثل هذه الانتقادات من جانب الجمهوريين على أدائه السياسي، والتي كان آخرها الحملة الواسعة عليه، والتي لم تهدأ بعد، بسبب عملية التبادل التي تمت للجندي الأميركي بو برغدال مع خمسة من عناصر حركة «طالبان» في سجن غوانتانامو. وهو ما جرى انتقاده من قبل عدد كبير من أعضاء الكونغرس الذين اعتبروا أنه لم يتم إعلامهم بذلك، وهو ما لا يريد أوباما أن يعيد النقاش حوله في حال اتخذ قراراً منفرداً بخيارات عسكرية في العراق لا يمكن التكهن بنتائجها.

أوباما الذي كان حريصاً على مراعاة الكونغرس بالرغم من أن صلاحياته تسمح له بالقيام بغارات من دون العودة إليه، أشار في خطابه قبيل مغادرته واشنطن إلى كاليفورنيا في رحلة معدة مسبقاً، إلى أنه سيتشاور مع الكونغرس حول الخطوات المقبلة في العراق، مؤكداً في الوقت ذاته على أن المسألة ستأخذ وقتاً لدرسها، ربما أيام، قبيل اتخاذ القرار، في انتظار الخيارات التي سيقدمها مجلس الأمن القومي، محملا في الوقت ذاته المسؤولية لحكومة نوري المالكي لعدم قدرتها على المواجهة، وبأننا «لن نقوم بذلك نيابة عن العراقيين»، على الرغم من إبدائه دعماً للقوات العراقية، معتبراً أن ما يحصل يشكل خطراً ليس فقط على العراقيين وإنما على المصالح الأميركية.

هذا المشهد العراقي الذي فاجأ الجميع، ولا سيما الإدارة الأميركية، وضعها مجدداً في موقع إعادة النظر بسياساتها الخارجية، ولا سيما في العراق، التي يقول عنها أوباما إنها «حرب غبية»، وهو يجد نفسه مجبراً على التدخل، بعد أن كان أنجز انسحابه الذي اعتبره انتصاراً حينها وتنفيذاً للتعهد الذي تم انتخابه على أساسه، إضافة إلى الوعد بالانسحاب من أفغانستان، والذي يعمل لإنجازه بين العامين 2015 و2016.

تعقيدات ما حصل في العراق تجعل أوباما مترددًا في اتخاذ قرار التدخل، وهو لذلك قال إن ما سنفعله سواء عسكرياً أو غيره سيأخذ وقتاً، كما أن أي ضربة أو غارة جوية سيكون لها تداعيات لارتباط ما يحصل بسوريا، وبحدود البلدين، حيث يسيطر تنظيم «الدولة الإسلامية في العراق والشام» (داعش) على مناطق الحدود، فيصبح بالتالي جزءاً من الحرب في سوريا، وهو ما لا يريده أوباما، كما ستكون مساعدته العسكرية مساعدة لإيران، التي تتمتع بنفوذ واسع في العراق، وهي تتشارك هذا النفوذ، مع أميركا، على المالكي، الذي ناشد واشنطن التدخل والمساعدة، ما سيزيد من تعقيدات الميدان، ويطرح علامات استفهام عديدة حول ما يمكن أن تتركه من تداعيات.

هاجس أوباما، الذي يشكل أيضاً قلقاً للجنرالات والعسكريين الذين خدموا في العراق، إضافة إلى تقدم «داعش» باتجاه بغداد، هو التراجع الكبير للجيش والقوى الأمنية التي تركت عتادها وانسحبت من المناطق التي دخلها «داعش»، ما يدل على خلل في هذه الأجهزة التي حصلت على تدريباتها من القوات الأميركية كما على آلياتها، وبالتالي فمسؤولية المالكي مضاعفة أمنياً وسياسياً، حيث فشل أيضاً في جمع العراقيين، سنة وشيعة، في حكومة واحدة، وهنا كانت الإشارة البارزة لضرورة العمل أيضاً على الخط الديبلوماسي لمعالجة الموقف.

الساعات والأيام المقبلة ستكون حاسمة لخيارات الرئيس الأميركي، سواء العسكرية أم السياسية. وما لا شك فيه أن ما حصل شكل ضربة ليس فقط للمالكي، إنما لأوباما أيضاً وللمصالح الأميركية التي تجد نفسها مجبرة على التورط مجدداً في بلد يبدو متجهاً على الأرض إلى حرب طائفية طويلة أو لتقسيم واقعي.