الإثنين: 23/12/2024 بتوقيت القدس الشريف

بعد خمسة أعوام من المعاناة والقهر أهالي حاجز التفاح يعدون الساعات الأخيرة لاندحار الإحتلال

نشر بتاريخ: 02/09/2005 ( آخر تحديث: 02/09/2005 الساعة: 12:19 )
خانيونس -معا- حاجز التفاح أو ما يعرف بأوساط الفلسطينيين بحاجز (الموت والإذلال ) اسم تناقلته وسائل الإعلام المختلفة سواء كانت محلية أو عربية أو دولية الحاجز وهو عبارة عن نقطة تفتيش عسكرية مدججة بمختلف أنواع الأسلحة الخفيفة ومنها الثقيلة يوجد بجانبها موقع قيادة جيش الاحتلال ومقر قيادة الدبابات في قطاع غزة ، وانطلقت منه أول عملية عسكرية إسرائيلية في خانيونس لتدمير البيوت الفلسطينية في الشهور الأولى من عمر للانتفاضة ثم أصبح بوابة للمعتقل الكبير الذي يطلق علية منطقة المواصي والتي لا يوجد لها مخرج ومنفذ الا عبر بوابات هذا الحاجز المذل ولكن في ظل معمعة الماسي والدمار والخراب الذي يعم المنطقة وركام حطام البيوت المدمرة ، وبقايا رائحة دماء الشهداء ، يقف سكان المنطقة وقفة عز وافتخار وهم ينظرون بترقب شديد إلى كل حركة تقوم بها آليات قوات الاحتلال وهم يعملون ليلا نهار من اجل إخلاء المواقع العسكرية وتدميرها ، وهدم منازل المستوطنين استعداد لمرحلة جديدة بعيدة عن الإذلال وهدر الكرامة للمواطن الفلسطيني.


بداية الطريق:

يقول المواطن ربحي أبو سحلول 45 عام، صاحب بيت مدمر وابن مصاب ،لقد عايشنا القهر والظلم والتعسف والإجحاف والتدمير ، علاوة على أن جثث أبنائنا الشهداء لم نكن باستطاعتنا نشلها من بين حطام البيوت المدمرة الا بعد أذن من جنود الاحتلال ، وها نحن نقف اليوم أمام هذا الحاجز الذي كان سببا في استشهاد عشرات الشهداء والجرحى وسببا في تدمير مئات البيوت التي تهدمت على رؤوس قاطنيها وتشريد ساكنيها ... ونعد الساعات واللحظات لكي ينقشع هذا المحتل الذي أمعن في إذلالنا وأهانتنا بكل صلف وعنجهية إن اليوم الذي يذهب الاحتلال فيه عن أرضنا يوم عيد ونصر ، وسنفرح وسنحتفل ابتهاجا بهذا الاندحار لأنه ثمرة من تضحيات أبنائنا الشهداء والجرحى فالدقيقة التي تلوا اندحار آخر جندي صهيوني ننتظرها بفارغ الصبر مشتاقين إليها ، لأنها تمثل بداية الطريق الحرية والاستقلال في كل الارض الفلسطينية .

ألم وفرح !!

محمد أبو زرقة 50 عام وهو والد الشهيد / وسام أبو زرقة وصاحب منزل مدمر يقول بان" الحاجز كان يمثل لأبناء المنطقة مصدر قلق ورعب وإزعاج دائم ، خصوصاً وأن المنطقة المحاذية له لا تبتعد عنه سوى أمتار معدودة, وكمختلف مناطق خانيونس تعج بالأطفال والشيوخ والنساء من مختلف الأعمار ، وان الأيام كانت تمر ثقيلة بما تحمله من معاناة ، خصوصاً وأنه لم يكون يمر أسبوع إلا ويحدث اجتياح للمنطقة تقوم خلاله آليات الاحتلال بتدمير العشرات من المنازل تحت حجج أمنية واهية بهدف إرهاب المواطنين الأبرياء وإجبارهم على ترك منازلهم والرحيل عنها ، لكي يتسنى للقوات الاحتلال تدمير المنطقة بالكامل فحياتنا كانت صعبة ومريرة ومؤلمة فكنا نعيش ونحيا مع الموت لافرق بين الموت والحياة على الإطلاق في هذا المكان فكنا ننام مع الموت .

فابني وسام قرة عيني قتل وهو نام حين قامت قوات الاحتلال بوضع كميات كبيرة من المتفجرات وقامت بتفجيرها ولن تتوقف ماساتي عند ذلك !! فقد قامت جرافات الاحتلال بتدمير بيتين كنت أقطن فيهما مع عائلتي الكبيرة ، وأصبحنا مشردين بلا مأوى لكننا ما زلنا نصر على المقاومة والثبات لأنها جزء من عقيدتنا, وإنني اليوم وبالرغم من حجم المأساة التي لحقت بي ومنذ استشهاد ابني وسام في منتصف 2002 لم أذق طعم الراحة أو الاستقرار ولكن ما أشاهده الآن من قيام الرافعات والجرافات بتدمير المواقع العسكرية وبيوت أعاد لي جزء من الحياة المفقودة وأصبحت أتطلع بعين الأمل إلى المستقبل المشرق فالاحتلال ماض إلى غير رجعة ، وأتمنى أن يعم الأمن والسلام المنطقة وأن يعود أهالينا إليها آمنين مطمئنين ففرحة الجلاء وإن كبرت لا يجب أن تنسينا قدسنا وضفتنا ، ولن يكتمل حلمنا إلا بتحقيق كل آمالنا في التحرير لكامل التراب وإقامة الدولة المستقلة والقدس لها عاصمة" .

معاناة الأطفال:

الدكتور نمر أبو زرقة ، الطبيب والمحاضر في برنامج غزة للصحة النفسية ، والذي يقطن في منطقة حاجز التفاح في المخيم الغربي، قال" أن الاحتلال ترك أثار نفسيا صعبة وكبيرة عند الأطفال حيث أن الإجتياحات المتكررة للمنطقة وإطلاق الرصاص الكثيف وهدم عشرات المنازل سبّب لدى الأطفال صدمات نفسية ومشاكل اجتماعية مختلفة خصوصاً عند الأطفال والذي تمثل في حالات التبول اللاإرادي ، وحالات الفزع والصراخ ، خصوصاً أثناء الليل بسبب الخوف والقلق وعدم الفهم لما يحدث حولهم من أحداث وقد سجلت العشرات من هذه الحالات خلال الخمسة أعوام الماضية.

ودعا أبو زرقة أن تقوم السلطة وضمن مشاريعها تطوير المناطق المنوي إخلائها من خلال بناء العديد من متنزهات الطفل وأماكن ترفيهية لما لذلك من دور في إعادة البسمة إلى شفاه أطفالنا بعد المعاناة الطويلة التي تكبدوها جراء الإجتياحات المتكررة المنطلقة من حاجز التفاح ".

ننتظر فراقهم بفارغ الصبر:

فرحة السكان برحيل قوات الاحتلال كبيرة جدا وبعيدة عن الوصف لأنه ترك جرحا غائرا في قلوب السكان الذي أمعن في قتلهم فالمواطن محمد أبو عكر شقيق الشهيدين (رامي وزياد أبو عكر ) يقول" الاحتلال لم يترك لنا إلا الحسرة ، فقد فقدت اثنين من أشقائي لأننا نقطن مسافة أمتار معدودة عن نفية دكاليم وحاجز التفاح ، ودمرت بيوتنا خلال الإجتياحات المتكررة على مدار سنوات الانتفاضة المباركة ،و شُردت عائلاتنا و لكنني اليوم وأنا أرى الاحتلال بمستوطنيه ينقشع عن أرضنا بعد 38 من الاحتلال والذل أجد أن حجم الدمار ما هو إلا شئ يسير أمام عظمة الإحساس بالتحرير والجلاء و لأول مرة سنتمكن من أن نمارس حياتنا كباقي أبناء البشر نصطف على البحر الذي حرمنا منه لخمسة سنوات متواصلة, نبني ونعمر دون خوف من شبح جرا فات الاحتلال وآلياته, نطمئن على أبنائنا وهم يلعبون أمام البيت دون الخوف من أن تفاجئهم رصاصة غدر يطلقها حاقد مستوطن من الحاجز ليقتل بها أحلامهم البريئة, صحيح أن الفرحة غير مكتملة لكننا نتمنى أن تمر الساعات القادمة بسرعة".

لا تنسوا أسرانا:

المواطن سالم أبو موسى وهو والد الأسير عطا أبو موسى والمحكوم بالمؤبد وصاحب بيت مدمر ويعيش بالإيجار منذ أربع سنوات فله رأي آخر فيقول "أتمنى اللحظة التي لا أرى بها أي جندي إسرائيلي أو مستوطن فهؤلاء ابتلعوا الأرض الفلسطينية ونهبوا خيراتها وقتلوا أصحابها والفرحة تغمرني كباقي أبناء شعبنا وانتظر بفارغ الصبر الساعات او الأيام القادمة
ولكن فرحتي ناقصة ليس لان بيتي مدمر واقطن بالإيجار ولكن لان ابني مازال في سجون الاحتلال ولا اعرف شيئا عنه .

ودعا ابو موسى السلطة الفلسطينية بالعمل على أن تبذل جهد أكبر في قضية الأسرى كونها تمس كل أسرة فلسطينية لأنه لا يمكن لأحد أن ينعم بالسلام وابنة معتقل ولا يعرف له مصير أو مستقبل لذلك تحريرهم واجب مقدس وهو أولى من الاحتفالات التي تقيمها السلطة الفلسطينية والفصائل متناسين الأسرى كما عهد أوسلو ".