الثلاثاء: 08/10/2024 بتوقيت القدس الشريف

المطالبة بوضع إستراتيجية لتشكل ناظماً أساسياً لمفاهيم الحريات

نشر بتاريخ: 15/06/2014 ( آخر تحديث: 15/06/2014 الساعة: 16:53 )
غزة- معا - طالب مثقفون وناشطون حقوقيون وطلبة جامعات بضرورة وضع إستراتيجية وطنية مشتركة، تشترك فيها كافة القوى السياسية والمجتمعية لتشكل ناظماً أساسياً لمفاهيم الحريات والديمقراطية واستقلال القضاء، و بأن تتمركز النخب الفلسطينية حول دورها إزاء صياغات الدستور والقانون، وعدم تمكين السلطة التنفيذية من التدخل في التشريع وذلك لمنع الهيمنة المطلقة على باقي مؤسسات وشرائح المجتمع ، وتعزيز دور المؤسسات الحقوقية والأهلية عبر تشكيل شبكة أمان تمكنها من القيام بأدوارها إزاء الوقوف أمام الاستبداد السلطوي وتعزيز مفاهيم الحريات .

جاءت هذه التوصيات خلال لقاء نظمه مركز رام الله لدراسات حقوق الإنسان، بعنوان " دور النخب في حماية الحريات العامة " وذلك في قاعة المركز بغزة اليوم بحضور لفيف من المثقفين وطلبة الجامعة والناشطين المجتمعيين والحقوقيين .

وأكد الكاتب والمحلل السياسي طلال عوكل أن من المهم التأكيد على أن الظروف التي أحاطت بنشأة وتطور النظام السياسي الفلسطيني أتت مختلفة ومغايرة تماماً للحالة الطبيعية التي تنشأ وتتطور فيها النظم السياسية، لهذا كان إدراك المجتمع الفلسطيني لمفاهيم الحريات والنخب والسلطة مختلفاً ومقروناً إلى حد ما بتلك الظروف المغايرة، والتي تتمثل بقيام السلطة الوطنية في ظل وجود الاحتلال. واستمرار تقطيع أوصال الإقليم الفلسطيني، و ارتهان دور النخب الفلسطينية لسيطرة السلطة في موضوعات مجتمعية عديدة وكذا الارتهان لشروط الممول الأجنبي، و تأثيرات الانقسام على معظم مناحي المجتمع الفلسطيني وتحديداً تأثيراته على مفاهيم الديمقراطية.

وأشار الى أن الحالة الفلسطينية بعد توقيع اتفاقيات أوسلو وإقامة السلطة الوطنية الفلسطينية وحتى راهن اللحظة لم تسجل في معظم مسيرتها الانسجام المطلوب بين المكونات الأساسية لأية دولة والمتمثلة بالسيادة والدولة والمجتمع، وقد يعزو البعض النقص في متطلبات الانسجام بين تلك المكونات الثلاثة إلى وجود الاحتلال واستمرار سيطرته على مقدرات السلطة الوطنية، ولكن هذا لا ينفي وفق ما أثبتته التجربة، السلوك الذي انتهجته السلطة الفلسطينية إزاء مواطنيها وإزاء النخب السياسية والثقافية والمتمثل بسياسة العصا والجزرة، وانتشار حالة واسعة من الإفساد السياسي والثقافي، أقلها شراء الذمم وتوزيع ومنح الصلاحيات الواسعة لمراكمة المال.

من جهته أشار الباحث السياسي يحيى عودة بان الانقسام الفلسطيني وسيطرة حماس على غزة عسكرياً وأمنياً، واستمرار عسكرة الحكم إلى فترة طويلة بعد الانقسام، أثبت بالدليل القاطع أن هدف جزء مهم من النخب السياسية يستهدف السلطة كأولوية على الوطن، وسلوك كلٌ من طرفي الانقسام سلوكاً أمنياً قمعياً تجاه الآخر، كان ضمن الحفاظ على ما تم اقتسامه من الوطن لصالح كلٌ منهما: سنوات ما بعد الانقسام شهدت سباقاً أمنياً محموماً بين الطرفين بالملاحقة ومصادرة الحريات والاعتقال، وانعكس ذلك على بقية المواطنين الذين في غالب الأوقات كانوا مضطرين للقبول بمصادرة حرياتهم وحقوقهم مقابل تأمين حق الحياة وبعض الحقوق الاجتماعية، ولا نجافي الحقيقة، إن وضحنا أن معظم النخب السياسية والثقافية والاجتماعية كانت تفضّل الصمت لفترة طويلة حفاظاً على وجودها أولاً وعلى حياتها ثانياً، بل أن جزءاً منها انتقل بوضوح من موقعه كحلقة وسيطة بين المواطنين والسلطة إلى شريك صامت للسلطة بطرفيها.

من جهته أكد الباحث التنموي غسان أبو حطب من مركز بيرزيت للتنمية البشرية أن العديد من الشرائح المختلفة للنخب والصفوات في المجتمع الفلسطيني، يحكمها منطق التعالي والانغلاق، ومنطق امتلاك المعرفة والحقيقة، لذلك هي تدور في فلك واحد شبه مغلق، بعيداً عن أداء دورها الممكن لتطوير وتنمية المجتمع الفلسطيني، وأحياناً تذهب تلك النخب بعيداً بحيث تعيش حالة من التواطؤ مع السلطة القائمة، فالأحزاب الكُبرى فتح وحماس تنتميان لحكومتيهما وتؤيدان سلوكيهما المصادر للحريات والقمعي والتسلطي، والأحزاب الأخرى تراوح بين الحكومتين دون قدرتها على تشكيل بدائل ممكنة تحد من التسلط والقمع السلطوي.

وأكد المشاركون على ضرورة أن تبحث النخب الفلسطينية من مؤسسات وأحزاب على مصادر تمويل داخلية ووطنية تعفيها من الخضوع لشروط التمويل وتمكنها من الوقوف أمام التسلط ، وتعزيز قيم المصالحة الوطنية والمجتمعية ومحاولة بناء قواسم وطنية مشتركة، وتعزيز دور القضاء الفلسطيني عبر الصياغات الدستورية ودعم المؤسسات السياسية والمدنية لهذا الدور الذي يضمن مساواة المواطنين أمام القضاء، وتعزيز عملية البحث في أعماق الموروثات التي تشكل المنبع الأساسي لاستمرار التسلط والاستبداد وممارسة القمع، من خارج الصندوق الأسود، وتشجيع الاجتهادات التي تخفف من ظواهر التزمت الديني، والعصبوية في السلوك اليومي لأفراد المجتمع.