الأربعاء: 27/11/2024 بتوقيت القدس الشريف

نمر دراغمة: خصلة شعر وبنطال ودموع!

نشر بتاريخ: 16/06/2014 ( آخر تحديث: 16/06/2014 الساعة: 16:51 )
طوباس- معا - أعادت الحلقة الثالثة عشرة من برنامج" كواكب لا تغيب" الذي تنظمه وزارة الإعلام والاتحاد العام للمرأة، فصول حكاية الشهيد نمر عقاب حسن دراغمة، الذي ارتقى خلال انتفاضة الحجارة.

تروى فريدة محمد مطاوع بقلب محترق وعيون تغرقها الدموع: استشهد نمر ابن 21 سنة، ولو ربنا كتب له عمره، كان اليوم أولاده طول الباب. وترك المدرسة في الصف الثالث الإعدادي (التاسع اليوم)، وصار يعمل بالزراعة، وساعدني في أعمال البيت.

ووفق الأم التي أقعدها المرض ونال من عافية أقدامها، فإن نمر كان قوي البنية، وأسمر البشرة وطويل القامة، وشعره "ساحل:، وأحب وهو طفل سماع الأخبار، وتفوق على أبناء جيله، وكانوا يهابونه، واعتقل قبل الانتفاضة، ولم يتجاوز الرابعة عشرة، وحين اشتعلت انتفاضة عام 1987، وبحكم قرب منزل العائلة من مركز شرطة الاحتلال بطوباس، كان دائم الحركة، وانخرط في التصدي لآليات الاحتلال التي تقتحم المدينة، وكان محبوباً بين الناس، وتعرض لعدة محاولات للاغتيال.

|285444|
اللقاء الأخير
تسترد مطاوع التي أبصرت النور في دير جرير بمحافظة رام الله قبل 75 عامًا: في يوم 5 أيار 1991، طلع نمر الساعة الخامسة عصراً، وكان يلبس قميصاً أخضر وبنطال جينز أزرق، وبعد المغرب سمعت صوت إطلاق نار، وخرجت لمطلع الدرج من خوفي عليه، وشعرت برصاصة قريبة مني. وعرفنا أن الوحدات الخاصة دخلت البلدة بسيارة عمومي، وحين طلب منها نمر إطفاء الأضواء، نزل الجنود وأطلقوا عليه الرصاص من مسافة قريبة، فأصيب واعتقلوه.

واستناداً لرواية شقيقه حابس، 41 عاماً، فقد أصيب نمر برجله، لكن جنود الاحتلال اعتقلوه وهو جريح، واختطفوه وحجزوا جثمانه 11 يوماً، واستلمته العائلة من معهد أبو بكر بعد تشريحه.

يفيد: استلمنا الجثمان بسيارة إسعاف، ووجدناه مخيطاً بأكمله، وشاهدنا كسراً في يده اليسرى، ورصاصة في العنق، والبطن، والساق، وكسراً في الجمجمة من الخلف، ولاحظنا آثار أعقاب السجائر، التي أطفأها الجنود في جسمه. وواثقون من أنه تعرض للتعذيب والتنكيل، فقد أصيب في الساق فقط.

شهيد وابتسامة
حين وصل الجثمان لبيت العائلة، شاهدته أمه مبتسماً، وأصرت على أن تقص جزءاً من خصلات شعره لتبقى معها طوال حياتها، ولا زالت تحتفظ ببنطاله الأزرق الذي كان يعمل فيه، وتصر على عدم غسله؛ لتشم رائحة ابنها فيه.

تقول بصوت منهك وحسرة واضحة: كل يوم أفتح الخزانة وأشم رائحته، وأكحل عيوني بخصله شعره الأسود، ولا أنسى كيف شاهدته مثل العريس، وكان يبتسم لنا.

ونمر هو الأوسط في عائلته إضافة لأخت وأخوين، فيما عادت أسرته إطلاق اسمه ثلاث مرات على أبناء أخوته وقريبهم. وكان مولعاً بلعبة كرة القدم في طفولته، وكان سريع الجري، وشارك في سباقات مدرسية عديدة.

تزيد مطاوع: كان ابني لا يمزح، ولم أكن أشاهده يضحك أو يمزح، وأحب الجدية، ولم يكن يوافق على تناول أي طعام لا يوجد فيه لحم أو دجاج، وكان مغرماً بالمقلوبة، الوحيد الذي يساعدنا في حل مشاكلنا.

أحزان
حبست العائلة نفسها في الحزن طويلاًـ فقاطعت المشاركة في الأفراح خمس سنوات، لكن الأم تحتفظ بحلمها الأخير بلقاء جمعها بابنها في المنام، حين جاء يحمل لها هدية من ثمار الصبر أرسلته أختها، وفي الليلة ذاتها زار نمر شقيقه ليسأله عنها.

تقول الأم: من سنة لم تعد أرجلي تحملني، ومنعتني أوجاعي من زيارة نمر في المقبرة، وأتذكره دائماً، وخاصة إذا ما سمعت عن سقوط شهيد في أي مدينة وبلدة في فلسطين.

20 كوكبًا
بدوره، أشار منسق وزارة الإعلام في طوباس عبد الباسط خلف إلى أن " كواكب لا تغيب" الذي بدأ اليوم عامه الثاني، جمع أكثر من 20 قصة لشهداء غيبهم رصاص الاحتلال خلال انتفاضة الحجارة.

وأضاف إن البرنامج يسعى لتقديم قصص إنسانية للشهداء، وتعيد بث أحزان أمهاتهم في رسالة وفاء وتوثيق، في وقت يتحول الشهداء إلى أرقام صماء.