"شارك" يصدر ورقة موقفية بعنوان "دوائر التهميش: الشباب خلف الجدار"
نشر بتاريخ: 01/07/2014 ( آخر تحديث: 01/07/2014 الساعة: 13:10 )
رام الله- معا - طالب منتدى شارك الشبابي، المؤسسات الفلسطينية الاهلية والرسمية، بإعادة النظر في نوع التدخلات والبرامج التي تقدم للمجتمعات المحلية الفلسطينية الأكثر تهميشا وانكشافا للاحتلال وإجراءاته وخصوصا في المناطق المحيطة بجدار الضم والتوسع، والتي اعتمدت بمعظمها على البرامج الإغاثية، أو تلك التي ارتدت ثوبا تنمويا غير مستدام، ولا تحمل مضامين الصمود والمقاومة.
جاء ذلك خلال ورقة الموقف التي اصدرها اليوم منتدى شارك بعنوان "دوائر التهميش: الشباب خلف الجدار" وذلك من خلال سلسلة الأوراق الموقفية لاستعراض المشاكل والتحديات التي تواجه الفلسطينيين خلف الجدار.
وأكد"شارك" في ورقته الموقفية، إن مثل هذه البرامج والمشاريع تتحرك حول جوهر المشكلة والصراع ولا تكاد تقترب منه أو من مسبباته وآثاره العميقة، وأنها عززت من اعتمادية المجتمع الفلسطيني، على حساب ممارسات الاعتماد على الذات، والتطوعية، وشبكات التضامن الاجتماعي.
ورأى"شارك"، إن أي تدخلات لا تصب في جوهر المشكلة تشوه الاستجابات الشعبية (المقاومة)، أكثر مما تسهم في مساعدتهم على تحسين أوضاعهم والتخفيف من الآثار السلبية الناجمة عن الاحتلال وإجراءاته.
وأكد، أن وضع الأراضي الفلسطينية الواقعة خلف الجدار، وسكانها ضمن سلم الأولويات، يقتضي العمل ضمن رؤية، تعترف أولا بأن الأراضي الفلسطينية تحت الاحتلال، ما يعني بكلمات أخرى، أن تتعامل أي برامج وتدخلات مع هذا الواقع، لا أن تعمل على تجاهله.
واستعرض الورقة الموقفية واقع الفلسطينيين (وخاصة الشباب) الذين باتوا أسرى في مناطق سكناهم خلف الجدار، ويتعرضون لظروف أشبه ما تكون بمعتقل إبادة جماعية.
فعلى الصعيد الاقتصادي، حرمت آلاف الأسر الفلسطينية من الوصول لأراضيها الزراعية خلف الجدار، مما حرمها من مصدر دخلها الرئيسي هذا بالنسبة لمن هم خارج الجدار، أم من هم في داخله، فإن الصعوبات الاقتصادية تتمثل في حرمانهم من اليد العاملة، إضافة لنقل وتسويق منتجاتهم الزراعية، وحرمانهم من استغلال المياه الجوفية الموجودة في أراضيهم. ونتيجة وجود عشرات البوابات الإلكترونية والحواجز العسكرية التي قلما تسمح بالتنقل على طرفي الجدار، تزايدت تكاليف المواصلات والنقل، وحتى صعوبة تخزين المنتجات لحين تسويقها، نتيجة حرمان كثير من التجمعات الفلسطينية خلف الجدار من أبسط أشكال البنى التحتية كالكهرباء مثلا.
وقد تكون الآثار الاجتماعية أشد عمقا وخطورة، إذ أدى الجدار إلى تشتيت الأسر جغرافيا، وتصعيب عملية تواصلها، خاصة عندما يتعلق الأمر بالأسر التي يحمل بعض أفرادها الهوية الإسرائيلية، وبعضهم الآخر الهوية الفلسطينية. وقد خلخل هذا الفصل القسري للأسر الفلسطينية علاقاتها العائلية بمحيطتها الممتد، هو ما أدى لإضعاف شبكات التضامن الاجتماعي، التي كانت إحدى الاستجابات التكيفية المقاومة لعوامل الانكشاف، وقد كشفت إحدى الدراسات الاستقصائية أن 50% ممن يقطنون على جانبي الجدار يرون أنه من الصعوبة بمكان الزواج من أسر تقيم على الجانب الآخر، هذه النسبة لوحدها تكشف عمق الخلخلة الاجتماعية (والإنسانية) التي سببها الجدار لنسيج المجتمع الفلسطيني، وتقاليده.
وزيادة على عدم إمكانية إيصال الخدمات التعليمية والصحية، وخدمات البنى التحتية لمناطق خلف الجدار التي تقع تحت الولاية الإسرائيلية الكاملة، فقد تم فصل غالبية التجمعات الفلسطينية عن الخدمات التي يحتاجون إليها، وبات الوصول إلى الخدمات الصحية والتعليمية وغيرها على الجانب الآخر من الجدار محفوف بالمخاطر، فضلا عن أنه رهن الموافقة الإسرائيلية على الخروج من البوابات والحواجز الفاصلة أيضا. مما أدى لارتفاع نسبة التسرب من المدارس خاصة للفتيات، اللواتي ترى أسرهن تجنيبهن تهديد الاحتلال اليومي لهن. يضاف إلى ذلك لارتفاع المخاطر الصحية التي يتعرض لها الفلسطينيون خلف الجدار، لصعوبة حصولهم على الخدمات الصحية اللازمة (فقد أكدت عدد من التقارير على سبيل المثال، أن صحة النساء الحوامل، وإمكانية حصول الأطفال الرضع على المطاعيم في وقتها باتت في أدنى درجاتها).
ولا تقف المخاطر التي سببها الجدار على تلك المباشرة، والتي يمكن رصدها بسهولة، فهناك جملة من المخاطر الأخرى التي تتعمق تدريجيا، منها على سبيل المثال الدفع بكثير من الشباب إلى الناحية الأخرى من الجدار بحثا عن العمل، أو كون وظائفهم في المدن الرئيسة، وهو ما يعمق من الهجرة الداخلية القسرية، وإعادة توجيه المواطنين الفلسطينيين في المدن على حساب المناطق الريفية الأكثر عرضة للتهديد والمصادرة. ومن جهة أخرى (كأحد الأمثلة على المخاطر التدريجية)، فإن آثار الجدار البيئية مثلا، لا حصر لها، وباتت تهدد التوازن البيئي والطبيعي في الأراضي الفلسطينية، كتنقل الحيوانات البرية على جانبي الجدار، والتلويث المتعمد لأراضي الفلسطينيين التي في معظمها آتية من مخلفات المستوطنات.
وقال بدر زماعرة ـ المدير التنفيذي لمنتدى شارك تشكل هذه الامثلة الواقعية الحية، جزءا بسيطا جدا من واقع تشهده المناطق خلف الجدار، في ظل غياب شبه كامل لدور المؤسسات الفلسطينية، التي انكفأت للعمل السهل (أي داخل مراكز المدن)، وتركت كثيرا من المناطق خارج أولوياتها واهتمامها، علما بأن تلك المناطق، وسكانها هم الأكثر حاجة لتدعيم الصمود، كونهم الاكثر عرضة لكل أنواع التهديدات الاحتلالية.
واكد زماعرة:"إن إزالة الجدار بالمقاومة (وتركيزها على طرفي الجدار) وباستخدام القانون الدولي، يشكل نقطة انطلاق، يتم بالتوازي معها، إعادة النظر لنوعية المشاريع المطلوبة في تلك الأراضي، وخاصة تلك التي تركز على إعادة بناء اقتصاديات الاعتماد على الذات، وشبكات التضامن الاجتماعي. وذلك بالاستثمار في القطاع الزراعي واستصلاح الأراضي بشكل رئيسي، والبنية التحتية، والمرافق الخدمية (التعليمية والصحية)".
وذكر ان الإحصاءات والبيانات المتوفرة تشير إلى أن جدار الضم والتوسع من المتوقع أن يصل طوله إلى نحو 780 كم، اكتمل منه 61%. وتشير التقديرات حسب مسار الجدار إلى أن مساحة الأراضي الفسطينية المعزولة والمحاصرة بين الجدار والخط الأخضر بلغت حوالي 680 كم2 في العام 2012 أي ما نسبته حوالي 12% من مساحة الضفة الغربية.
وعزل جدار الضم والتوسع حوالي 37 تجمعاً يسكنها ما يزيد على ثلاثمائة ألف نسمة، تتركز أغلب التجمعات في القدس بواقع 24 تجمعا يسكنها ما يزيد على ربع مليون نسمة، كما حرم الجدار أكثر من 50 ألف من حملة هوية القدس من الوصول والإقامة بالقدس، بالإضافة الى ذلك يحاصر الجدار 173 تجمع سكاني يقطنها ما يزيد على 850 الف نسمة وتعتبر مدينة قلقيلية أحد الأمثلة الشاهدة على ذلك.