الإعلام مع كارثة إعصار كاترينا... وازدياد التشاؤم بخصوص العراق
نشر بتاريخ: 04/09/2005 ( آخر تحديث: 04/09/2005 الساعة: 14:27 )
معا - تقرير واشنطن - ركزت وسائل الإعلام الأمريكية (المرئية والمكتوبة) هذا الأسبوع على تغطية إعصار كاترينا الذي ضرب خليج المكسيك في الولايات الأمريكية. وراحت الصحف تصف تفاصيل ما حدث خاصة في مدينة نيو أورليانز السياحية. كذلك تم تناول تطورات الوضع في العراق.
غضب الطبيعة أم سوء سلوك البشر
قالت صحيفة نيويورك تايمز New York Timesفي افتتاحيتها إن الأضرار الناجمة عن إعصار كإعصار كاترينا غالبا ما تسمى كوارث طبيعية، لكنها ليست بالضرورة كذلك إذ إن أغلبها ناتج عن فعل بشري. وأضافت الصحيفة أن نيو أورليانز ليست استثناء في تلك القاعدة، مشيرة إلى أن على سياسييها ومخططيها إعادة التفكير في السياسات السيئة التي أسهمت في هشاشة هذه المدينة.
وبعد أن حددت الإجراءات الفورية اللازمة للتعامل مع تداعيات هذه العاصفة، قالت الصحيفة إن على نيو أورليانز أن تتعلم كيف تواجه الطبيعة إن كانت تريد أن تظل موجودة.
أما صحيفة يو أس أيه توداي USA Todayفقالت في افتتاحيتها تحت عنوان "التعامل مع كاترينا" إن تاريخ مدينة نيو أورليانز فريد من بين المدن الأمريكية، فقد دمرتها الأوبئة وغمرتها السيول وعصفت بها الحروب وتعرضت لنهب السياسيين المرتشين. لكن وبالرغم من ذلك استطاعت هذه المدينة أن تقف في وجه كل تلك النكبات، بل وتصبح إحدى ساحات اللعب المفضلة في الولايات المتحدة.
وذكرت الصحيفة أنه رغم كل العمل الرائع الذي قام به مسئولو تلك المدينة فإن عدم تدمير كاترينا لها يعود إلى الحظ فقط، حيث إن العاصفة غيرت اتجاهها قليلا وتحولت من الدرجة الخامسة الشديدة إلى الدرجة الرابعة الأقل قوة.
وتحت عنوان "أعمال إرهابية طبيعية", كتبت أجين روبرسون تعليقا في صحيفة واشنطن بوست Washington Post قالت فيه إن هذه المدينة كانت دائما محظوظة بصورة غير طبيعية منذ ضربها إعصار كاميلا عام 1969، مشيرة إلى أن كاترينا لم تخرج عن القاعدة، إذ حركت عينها القاتلة إلى المناطق الواقعة شرقي المدينة. وقالت الكاتبة إن نيو أورليانز تقع تحت مستوى البحر ولا يمنعها من غمر المياه سوى السدود والحواجز والقنوات بالإضافة الى المضخات الضخمة، مضيفة أن الجميع على علم بأن هذه الإجراءات يمكن أن تساعد في التصدي لبعض الأعاصير التي لا تتعدى قوتها ثلاث درجات، لكنها لا تصمد أمام أعاصير بدرجات أعلى.
كاترينا و11 سبتمبر
قالت صحيفة يو إس أي توداي إن السطو والنهب انتشر في مدينة نيو أورليانز بعد أن ضربها إعصار كاترينا وأحدث فيها دمارا وفوضى عارمة.
وقالت الصحيفة إن أحد المتورطين في أعمال النهب وصل به الأمر إلى أن طلب من أحد الشرطة إعارته سيارة الشرطة لتوصيل ما سرقه إلى بيته.
كما قارنت إحدى ربات البيوت ما يحدث في تلك المدينة المنكوبة من نهب بما حدث في بغداد بعيد احتلال أمريكا لها. وتحت عنوان" نيو أورليانز في خطر" قالت نيويورك تايمز في افتتاحيتها إنه يبدو أن إنقاذ نيو أورليانز سيمثل تحديا كبيرا لم تعرفه أمريكا منذ حريق سان فرانسيسكو عام 1906، مما يستدعي تكاتف جهود كل الأمريكيين.
وتحت عنوان "ضربة كاترينا المذهلة" قالت واشنطن بوست في افتتاحيتها إن حجم المأساة البشرية التي سببها إعصار كاترينا لا تزال لم تحدد بعد بصورة دقيقة لكن الإحصاءات الأولية تتحدث عن عشرات الآلاف من البيوت المدمرة ومليونين ونصف المليون شخص دون كهرباء وعشرات القتلى وربما أكثر.
أما افتتاحية صحيفة واشنطن تايمز Washington Times فكان لها رأي آخر في توجيه الانتقاد للإدارة الأمريكية، قائلة إن الوقت غير مناسب لكيل الاتهامات وتوجيه أصابع الاتهام.
وأثنت الصحيفة على استجابة الأمريكيين، مواطنين وساسة، لعواقب إعصار كاترينا بنفس رباطة الجأش التي تحلوا بها عقب أحداث 11سبتمبر (أيلول).
وفيما يتعلق بأولئك الذين أخذوا يجوبون الشوارع بغية السلب والنهب، قالت الصحيفة إنهم يبحثون عما يمكنهم من البقاء أحياء، ليس إلا، مشيرة إلى أن ثمة ضرورة ملحة لإعادة النظام في أسرع وقت ممكن قبل أن تعم الفوضى في البلاد.
ودعت الصحيفة إلى العمل معا وبسرعة فائقة إذ إن تقديرات الصليب الأحمر لإغاثة المناطق المنكوبة تصل إلى 130 مليون دولار لتخطي المجاعة وانتشار الأمراض.
وخلصت إلى أن كبح اللوم ينطبق على المواطنين وساستهم الذين يستنيرون بوجدان الشعوب، لافتة النظر إلى ضرورة إنجاز العمل في الوقت الراهن لإنقاذ ما يمكن إنقاذه.
الفقر وضريبة البقاء فقيرا في دولة غنية
سلطت صحيفة يو إس أي توداي في افتتاحيتها الضوء على قضية حيوية وهي الفقر والأصل العرقي لسكان نيو أروليانز.
وقالت إن كاميرات المراسلين كشفت من خلال الصور التي التقطتها ما تجنب المراسلون التعليق عليه وهو أن الفقر يعصف بمواطني الولاية الذين ينحدر ثلثاهم من أصل أفريقي. واستشهدت الصحيفة بإحصاءات صدرت الأسبوع الماضي تفيد بأن الفقر في الولاية يبلغ ضعف المستوى القومي، وأن ثمة 40% من الأطفال يعيشون في فقر مدقع. وعزت تفاقم المأساة في الولاية إلى نقص الأموال والتعليم والخدمات الصحية، مشيرة إلى أن تلك القضايا لم يتم التعاطي معها من قبل، وبالتالي آلت إلى خروج صور عبر الكاميرات تدمي القلب. وشككت الصحيفة في سرعة تعزيز الأمن وإعادة النظام إلى الولاية، معربة عن تشاؤمها من معالجة مشكلة الفقر في البلاد عقب الأزمة.
ما هي الدروس التي يجب تعلمها
من جانبها خصصت صحيفة نيويورك تايمز افتتاحيتها للحديث عن والعبر التي ينبغي تعلمها من إعصار كاترينا ، مشيرة إلى أن الوضع في ولاية نيو أورليانز ازداد تدهورا أمس عبر تقارير تفيد بانهيار كامل لمجتمع كان غاية في التنظيم. مضت تقول إن الأمريكيين الذين قهروا بإخفاقهم في العراق وجدوا أن السلطات عاجزة عن الاستجابة لأي كارثة طبيعية قد تضرب البلاد، في الوقت الذي يقضي فيه العديد بسبب نقص مياه الشرب والدواء، فضلا عن أن معظم الضحايا هم من الفقراء السود.
وتابعت قولها إن مخططي الأزمات كانوا على دراية باحتمالية تعرض نيو أورليانز لفيضان بفعل انهيار السدود والأعاصير، ومع ذلك لم ترق الحكومة إلى مستوى هذه الأحداث.
وعزت الصحيفة الإخفاق في التعاطي مع الأزمة إلى غياب أعداد كبيرة من الحرس الوطني بسبب خدمتها في العراق وأفغانستان، فضلا عن افتقار الوحدات الموجودة إلى الخبرة والتدريب لملء هذا الفراغ. ودعت الصحيفة إلى ضرورة إعداد الخطط المستقبلية فضلا عن تأمين قوات مدربة وكافية للقيام بمثل تلك المهام، سواء أكانت كوارث طبيعية أم إرهابية.
كما حثت جميع الولايات الأمريكية على تحديث خطط الاستجابة السريعة، مسلحة بتأكيدات من وزارة الدفاع الأمريكية (البنتاغون) تقضي بحقها في الاحتفاظ بعدد كاف من جنود الحرس الوطني، فضلا عن إعارة هذه الفئة أهمية بالغة بحيث لا تكون رهنا بأوامر البنتاغون لتنفيذ مهام وراء البحار.
هل يمكن التغلب على المأساة
وفي الإطار كتبت صحيفة واشنطن تايمز افتتاحيتها تحت عنوان "حان الوقت لكسر الرؤوس" ترحب فيها بتحرك الجنود نحو ولاية نيو أورليانز المنكوبة، متسائلة عن سبب التأخير في ذلك. وبعد أن استعرضت بعض المثبطات مثل إرجاء عمدة الولاية لعمليات الإنقاذ بدعوى الصراع مع مرتكبي النهب والسلب، ومحاصرة مراكز الصحة، وصفت الوضع بأنه جهنم.
وحثت الحكومة على تعجيل الخطى لحماية الأبرياء ودحر الأعداء، فضلا عن إرسال الـ40 ألف جندي الذين طالبت بهم حاكمة الولاية كاثلين بلانكو.
ودعت إلى الضرب بيد من حديد على كل من يطلق النار على الجنود، مطالبة الرئيس الأمريكي جورج بوش بكسر الرؤوس البيروقراطية إذا اقتضت الضرورة، حتى تتمكن فرق الإغاثة من توصيل الطعام والشراب والدواء إلى أولئك الذين يطلقون صرخات النجدة.
أما صحيفة واشنطن بوست فقد وصفت المشاكل التي تعصف بولاية نيو أورليانز بأنها تفوق العادة وأن الحلول غاية في الصعوبة.
وأولى هذه الحلول حسب الصحيفة تكمن في تجفيف المنطقة وذلك بسحب المياه التي غمرتها، الأمر الذي قد يتطلب أكثر من شهر، ثم العمل على إصلاح نظام تدفق مياه الشرب دون التعرض للملوثات، مشيرة إلى أن إعادة بناء الولاية لن تبدأ قبل عام من الآن.
استمرار العجز الأمريكي في العراق
كتب نوح فيلدمان أستاذ القانون في جامعة نيويورك تعليقا في نيويورك تايمز قال فيه إنه كان من المتوقع أن يكون إكمال مسودة الدستور العراقي مدعاة للاحتفال, إلا أن ذلك لم يحدث. وقال المعلق إن المشكلة الكبيرة تكمن في طبيعة الأشخاص الذين يوافقون على الدستور وليس في طبيعة ما يوافقون عليه، مشيرا إلى أن هذا النص سيطرح للاستفتاء رغم المعارضة الشديدة لأهل السنة عليه. وقال المعلق إنه حتى وإن صادق أغلبية العراقيين على هذا الدستور فإن ذلك لا يعني أن العراق لن يفشل في التحول إلى حكم دستوري.
وفي نفس الإطار قالت واشنطن بوست إن مؤيدي مقتدى الصدر يصبون للعب دور ريادي في العراق, مشيرة إلى أن نشطاءهم الذين كانت تحتجزهم القوات الأمريكية والذين تم إطلاق سراح بعضهم عبروا عن أملهم في الاضطلاع بدور أكبر في الحياة السياسية بالعراق.
ونقلت عن حازم أعرجي وهو أحد المفرج عنهم قوله إن هذا فجر جديد وإن المفرج عنهم مصممون على العمل أكثر من أي وقت مضى لتركيز النفوذ الذي يتمتعون به.
ضرورة إشراك السنة
قالت صحيفة لوس أنجلوس تايمز Los Angles Times في افتتاحيتها إن المفاوضات الماراثونية بشأن مسودة الدستور العراقي أظهرت الصدع السياسي العميق في هذا البلد، كما أعطت المشككين في قدرة هذا البلد على العيش ككيان موحد مبررا قويا لحجتهم.
وقالت الصحيفة إن القانون الأساسي لهذا البلد لا يزال مسودة تنتظر الاستفتاء عليها خلال شهر أكتوبر/تشرين الأول القادم، مضيفة أنه مهدد بالرفض في حال تصويت ثلثي الناخبين في أي من المحافظات العراقية الـ18 ضده. وأشارت إلى أن أهل السنة إذا ما أحسوا بأنهم مهمشون فإن عدد المنضمين منهم إلى التمرد المسلح سيتزايد، وسوف يعملون كل ما في وسعهم لجعل الاستفتاء على المسودة الحالية للدستور يفشل.
أما تحليلا ستيفين وايزمان في صحيفة نيويورك تايمز يقول فيه إن الرئيس الأمريكي جورج بوش يحاول إلى جانب إدارته تصوير الوضع القائم في العراق بأنه ليس بذلك السوء.
وأشار الكاتب إلى إقرار العديد من المسؤولين في الإدارة بعمق الأسى والإحباط الذي يعتريهم بسبب إخفاق جهودهم في التوصل إلى وثيقة لم تستطع ضمان حقوق الإنسان فحسب بل جلبت عنصرا ساخطا في العملية السياسية، كما كان ينشده ويتنبأ به الأمريكيون.
ونقل الكاتب عن مسؤول رفيع المستوى في الخارجية الأمريكية -لم يفصح عن هويته حتى لا يقال إنه يعادي السياسيين في العراق- قوله "نشعر بخيبة الأمل لعجزنا عن التوصل إلى وثيقة تحظى بإجماع عام".
وقال وايزمان إن المسئولين في الإدارة اعتبروا أن عملهم في الوقت الراهن ينصب على إبقاء العملية السياسية على قيد الحياة، حتى وإن رفض السنة الدستور في استفتاء أكتوبر (تشرين الأول) القادم.
ثم عرج الكاتب على بعض الإشارات التي تعزز إخفاق الإدارة الأمريكية، منها اتصال بوش غير المجدي بالزعيم الشيعي عبد العزيز الحكيم للضغط عليه في التوصل إلى تسوية مع السنة، فضلا عن فشل السفير الأمريكي زلماي خليل زاده الذي قام بجولات مكوكية بين الفرقاء للحصول على تسوية مرضية للجميع.
وألمح وايزمان إلى أن الإخفاق في هذا الدستور قد يطرح أسئلة بشأن ما إذا كانت الإدارة ستفكر في خفض قواتها بحلول العام القادم من العراق، مشيرا إلى أن توقيت هذا الإخفاق لا يصب في صالح بوش لا سيما أن الكونغرس عاود انتقاده للإدارة على إستراتيجيتها في العراق، في الوقت الذي تزداد فيه مخاوف العرب مما قد يجره الاضطراب في العراق والتأثير الإيراني على الأحزاب الشيعية