الثلاثاء: 24/12/2024 بتوقيت القدس الشريف

نايف حواتمة يرفض الاعتذار عن عملية معالوت ويتحدث لصحيفة اسرائيلية عن المستقبل : نبوئتي كانت صحيحة

نشر بتاريخ: 03/08/2007 ( آخر تحديث: 03/08/2007 الساعة: 20:51 )
بيت لحم- معا- رغم مرور 33 عاما عليها، ومطالبة حواتمة اسرائيل بالسماح له بانهاء حياته في رام الله او اريحا، لم يظهر الامين العام للجبهة الديمقراطية نايف حواتمه خلال مقابلة صحفية منحها لمراسل صحيفة يديعوت احرونوت العبرية ، لم يظهر ميلا لابداء الندم على عملية معالوت، وأصر على التحدث عن المستقبل، داعيا الاسرائيليين الى عدم الاصغاء لليمين المتطرف.

واختار حواتمه كل كلمه بعناية وتأني، حتى لا تؤدي هذه المقابلة الى انهيار خطته في العودة الى رام الله واريحا، وانهاء حياته هناك بعد 33 عاما من تحوله في نظر الاسرائيليين الى الرمز الارهابي الاكثر مقتا، وفي نظر الفلسطينين الى بطل محبوب، هذا ما قاله على الاقل، خلال المقابلة التي اكد فيها، رغبته في العودة الى مناطق السلطة، والعمل باتجاه دفع عملية السلام.

ويدرك حواتمه ان هذا الامر، لن يمر له بسهوله، لكنه راض عن حقيقة تحوله منذ زمن الى رمز، وبالنسبة له فان الانتقال من دمشق الى رام الله، هو الامر المعلق في الهواء.

س: هل أنت قادر على فهم المعارضة الاسرائيلية الهائلة لعودتك ؟

ج: مئات القادة الفلسطينيين، بدءا من ياسر عرفات، عادوا الى وطنهم، رغم أن الكثيرين منهم شاركوا في عمليات ضد الاحتلال، حكومات اسرائيل فتحت المعابر أمام المئات من هؤلاء الاشخاص الذين عملوا بكافة الوسائل من اجل حقوق الشعب الفلسطيني، بالاضافة الى ذلك، أنا أقول بوضوح: وما الذي فعلته قوات الاحتلال منذ عام 1967؟ نحن ما نزال حتى اليوم نشهد على العمليات العسكرية والقتل والاغتيالات الممركزة.

س: كيف ترى اليوم ما حدث في معالوت؟

ج: ليس عليك أن توجه هذا السؤال لي، وانما للذراع العسكري للجبهة. ما حدث هناك لم يُخطط مسبقا. الفدائيون تصرفوا من تلقاء أنفسهم، وظهرت في الموقع ظروف أدت الى ما حدث.

س: هل كانت هذه العملية خطأ حسب وجهة نظرك الآن؟

ج: يرفض التعبير عن ندمه. "أنا لا أرغب في التطرق الى هذه القضية أكثر".

س: في ذلك العام كنت القائد الفلسطيني الاول الذي دعا لحل الدولتين لشعبين؟.

ج: كنت أول من قال بأن يدنا ممدودة للسلام، ودعوت الى تحويل السيوف الى مناجل، وقلت كفى لسفك الدماء، ورويدا رويدا اتضح بأن نبوئتي كانت صحيحة.

والبرهان على ذلك، أن حكومة رابين قامت بعد ذلك بعشرين عاما بالتفاوض مع م.ت.ف ووقعت على الاتفاقات معها، وحتى إن كانت جزئية جدا، لقد حذّرت في عام 1994 من أن اتفاقا جزئيا لن يقود الى السلام، وانما الى طريق مسدود، مثلما حدث بالفعل، أُنظر الى ما حدث بعد ذلك: في عام 2002 تبنت القمة العربية في بيروت مبادرة السلام العربية، ولكن خلال أقل من 24 ساعة رد عليها شارون بحرب "السور الواقي" التي أُعيد خلالها احتلال مناطق (أ) و(ب) في الضفة، وما زالت على هذه الحال، قمة الرياض قبل شهرين تبنت المبادرة مرة اخرى، ولكن حكومة اسرائيل لم ترد بالايجاب في هذه المرة ايضا، حكومتكم تريد قلب الاقتراح والبدء في تطبيق البند 7 الذي يتعلق بالتطبيع مع الدول العربية، بهذه الطريقة ستبقى كل عناصر الصراع معلقة في الهواء، وعلى رأسها البند الاول الداعي الى انسحاب اسرائيل حتى خطوط الرابع من حزيران 1967، وكذلك حق الشعب الفلسطيني في تقرير مصيره واقامة الدولة الفلسطينية.

س: أبو مازن طالب بالسماح لك بالدخول الى اراضي السلطة، أنت تؤيد حل السلام فلماذا لا تزال في دمشق؟

ج: حكومة اولمرت بسبب معارضة اليمين المتطرف تضع جدار برلين أمام حقي في العودة الى الوطن، ولكن الجهود الدولية الساعية الى ترتيب دخولي ما زالت متواصلة.

س: في اسرائيل يقولون بأنهم وافقوا على مجيئك للزيارة إلا أنك رفضت مثلما حدث في عام 1999 عندما سمح لك ايهود براك بالمجيء الى المناطق الفلسطينية ؟

ج: متان فلنائي، نائب وزير الدفاع، وحده هو الذي تحدث عن زيارة لاسبوعين فقط، ولكنني أصررت على أن تكون عودتي دائمة. حكاية 1999 هي في الحصيلة مجرد خدعة اعلامية، براك تراجع عنها، ولم يوافق على قدومي.

س: ربما اثارت مخاوفك ، معارضة اوساط فلسطينية كثيرة لعودتك ؟

ج: هذا ايضا ادعاء اسرائيلي لا أساس له.

س: جرى الحديث عن قدومك للمشاركة في جلسة المجلس المركزي لـ م.ت.ف ودعم أبو مازن لماذا لم تعد؟.

ج: رفضت قبول أية شروط من أي نوع.

س: ما هو شعور الانسان المهجر منذ اكثر من خمسين عاما ؟.

ج: الأمر الأكثر قسوة بالنسبة للمناضل من اجل حقوق شعبه، هو حياة الشتات. هناك حاجة الى قدرة هائلة، عقليا وروحيا، لتحليل الواقع من بعيد، ولكن الجبهة الديمقراطية كانت دائما السباقة في اقتراح الحلول الواقعية. هذا هو مصدر الرضى الصغير بالنسبة لي وأنا بعيد عن الوطن.

س: كيف يبدو المجتمع الاسرائيلي من دمشق؟

ج: حسب رأيي يعيش المجتمع الاسرائيلي كثير من التناقضات الداخلية، من جهة، تؤيد الاغلبية السلام على أساس الدولتين لشعبين، والاستطلاعات ايضا تشير الى ذلك، ولكن عندما تستوضح الاستطلاعات اتجاهات التصويت تختار الاغلبية اليمين المتطرف بسبب الادعاء بأنه هو الذي يوفر الأمن. الحقائق معكوسة: اسرائيل جربت حكم اليمين طول ثلاثين عاما ولم يتحقق السلام، واندلعت المزيد من الحروب.

س: هل يوجد من وجهة نظرك فرق بين اولمرت وشارون؟

ج: شارون رغم انه كان أبو المستوطنات في سيناء، وفي المناطق الفلسطينية والجولان، استنتج بأنه لا يوجد حل عسكري للصراع، ونفذ فك الارتباط عن القطاع وفكك المستوطنات. تماما مثلما خطط اسحق رابين. في جواريره كانت خطة لفك الارتباط عن الضفة مع انسحاب أحادي آخر، ولكن ليس لانه بحث عن درب للسلام الحقيقي، هو آمن بالحلول الجزئية.

واضاف اولمرت كان وريث شارون وشريكه في هذه الخطط، ولكنه توجه الى الانتخابات مع خطة الانطواء ومن ثم تراجع عنها إثر حرب لبنان. حسب رأيي اولمرت حائر الآن بين اعادة إحياء خطة الانطواء أو الدخول في مفاوضات حول التسوية الشاملة.

س: هل يوجد لاسرائيل ما تبحث عنه مع حماس؟

ج: ما حدث في القطاع لا يعفي اسرائيل من واجبها باستئناف العملية السياسية. يتوجب انهاء الاحتلال واعطاء الشعب الفلسطيني حقه في تقرير مصيره، واستقلاله على أساس حدود 1967 وحل مشكلة اللاجئين، وأنا أُجدد دعوتي من عام 1974 بتحويل السيوف الى مناجل، فقد آن الأوان لأن يدفن الأبناء آباءهم وليس العكس.

س: يبدو من الصعب الاعتقاد بأن حماس ستنضم الى هذه الدعوة؟.

ج: لقد جاء في اتفاق مكة وفي كتاب تعيين حكومة الوحدة برئاسة هنية بوضوح بأنها ملتزمة بالاتفاقات المعقودة مع اسرائيل. وبذلك تكون حماس قد نزلت عن شجرتها الايديولوجية.

س: الكثيرون يدّعون أنه لو كان عرفات حيا يُرزق لما اندلعت الحرب الأهلية، وأن حماس قد استغلت حقيقة أن عباس كان قائدا ضعيف ماذا تقول ؟

ج: ياسر عرفات سار في طريق قادة باقي الدول العربية وركز الصلاحيات في يديه وفي يد قلة صغيرة من حوله. في اغلبية الوقت نجح في السيطرة على الحكم والمال، ولكن سيطرته ضعفت في السنوات الأخيرة. عباس هو شخصية من طراز آخر. هو أكثر ليبرالية ولا يؤمن بحكم الفرد. كما أنه يعترف بالأخطاء التي يرتكبها، على سبيل المثال معاملته المتسامحة لحماس.

س: هل تعتقد بالفعل بامكانية تحقيق السلام هنا؟

ج: المجتمع الاسرائيلي يعرف اليوم جيدا أن لا حل للصراع باستثناء السلام الشامل، وأن كل اتفاق يجب أن يكون مرتكزا على قرارات الامم المتحدة التي لم تقبلها حكومات اسرائيل حتى اليوم. على اسرائيل أن تقبل اليد الممدودة للسلام من جانب الأمة العربية على أساس المبادرة العربية.

ولكن المجتمع الاسرائيلي سيضطر من اجل ذلك الى حل التناقض بين رغبته في السلام وبين الاشخاص الذين يختارهم لقيادته. أنا لا أرى امكانية تحقق السلام طالما كان اليمين والمستوطنون هم الذين يفرضون جدول اعمال حكومة اسرائيل اليوم ويسيطرون على العملية السياسية لقد حان الوقت لبناء سلام شامل وراسخ .