قيادات شابة تجتمع في شبكة "الشباب الفلسطيني الفاعل سياسياً"
نشر بتاريخ: 11/09/2014 ( آخر تحديث: 11/09/2014 الساعة: 11:59 )
رام الله- معا - في إطار سعي المبادرة الفلسطينية لتعميق الحوار العالمي والديمقراطية "مفتاح" لتفعيل دور الشباب الفلسطيني واخذهم المبادرة في عملية التغيير المجتمعي، وفي اطار برنامج تقوية القيادات الفلسطينية الشابة الذي تعمل عليه مفتاح منذ العام 2003 وما انبثق عنه مما بات يعرف باسم شبكة الشباب الفلسطيني الفاعل سياسياً ومجتمعياً وهي نتاج مجموعات شبابية شبابية استهدفت فيها مفتاح خلال الاعوام الماضية مجموعة من الشباب الفلسطيني الفاعل في اطار جامعاتهم ومجتمعاتهم من مختلف مناطق الضفة الغربية، توسعت هذا العام قاعدة الشبكة الشبابية من خلال استهداف مجموعة جديدة من القيادات المجتمعية الفاعلة بهدف اخضاعهم لعملية تدريبية على مدار 11 يوما من التدريبات المكثفة ضمن منهجية التحويل المجتمعي في حالات الصراع والتخطيط الاستراتيجي بالمشاركة "قومي".
وعلى مدى 10 ايام من التدريبات المكثفة خلال الاشهر الاربعة الماضية، استطاعت "مفتاح" ومن خلال المنهجية التدريبية ان تمنح المجموعة المستهدفة مجموعة من الادوات والافكار والمهارات اللازمة ليكونوا فاعلين ومؤثرين ايجابيين في مجتمعاتهم، وبهدف دمجهم في الشبكة الام من اجل تنفيذ مجموعة من المبادرات والانشطة المجتمعية الهادفة الى تحقيق مجموعة من الاهداف التي وضعتها المجموعة والشبكة لنفسها منذ اليوم الاول لهم بها.
عن هذه التدريبات تحدثت حنين علامي من بيت أمر بمحافظة الخليل، ورائد الأطرش من الخليل، وبيان الرجوب من بلدة دورا، ونيقولا قواس من بيت لحم، وأربعتهم قيادات شبابية مختلفة، كل يحمل قناعة وفكرا، وكلهم يحتفظ بما يؤمن به دون أن يمس بمعتقدات الآخر وأفكاره، بل يحترم كل منهم الآخر ويتقبله كما هو.
كان ذلك، ما تحقق من التدريب لهؤلاء الأربعة، وهم مجموعة من عشرات من القيادات الشابة تواصلت معهم "مفتاح"، ضمن شبكة "الشباب الفلسطيني الفاعل سياسيا ومجتمعيا".
تروي حنين علامي، من بلدة بيت أمر شمال الخليل، وطالبة الإعلام في جامعة القدس، ما أحدثه التدريب الذي شاركت فيه عبر منهجية "قومي"، فتقول" قبل ذلك، كنت أشعر بأنني متلقية، وأتصرف دون تفكير. هنا حدث التغيير الحقيقي.. اكتشفت أمرا آخر، وبت أكثر عمقا في البحث والتفكير، وعدم التسليم بأشياء دون مراجعة ونقاش وسؤال ". تضيف" بت أكثر تقبلا للآخر. بعد أن كنت في السابق متصلبة في فكري ومعتقدي وآرائي. الآن وبكل هدوء أتقبل الآخر واستمع له، دون أن يؤثر ذلك على قناعتي، والحال كذلك بالنسبة للآخر.
لقد استطاعت حنين أن تنقل تجربتها في التدريب إلى محيطها الأقرب.. أي إلى أسرتها، وحدثت نقاشات داخل الأسرة حول قضايا أساسية تمس حياة المجتمع وحياتها الخاصة كالدين مثلا، وحدث لديها ما لم تتوقعه من تغيير. تقول" تغيير المجتمع لا يأتي في يوم وليلة. ويتطلب الأمر صبرا واحتراما لقيم الناس جميعا وعدم التعدي عليها. وقد تعمق الفهم لدي بأهمية الشراكة وتقبل الآخر كما هو، دون أي محاولة للانتقاص من تفكيره".
رائد الأطرش من الخليل، طالب سنة ثانية إدارة إعلام في كلية فلسطين التقنية العروب، ورئيس المجلس التشريعي الشبابي، عبر عن قناعة مماثلة، لما صرحت به حنين علامي. يقول رائد" أهم ما يميز منهجية "قومي" بمراحلها التسعة، هو الجهد والعمل المشترك بعيدا عن أسلوب التلقين. فما قبل التدريب لم يكن عندي تقبل لاحتياجات الآخرين، والتوصل إلى صيغة مشتركة معهم. بعد مشاركتي في تدريبات "قومي" بت أكثر تقبلا واحتراما للآخرين واحتياجاتهم، وبات لدي مقدرة على تحليل الصراع سواء من وجهة نظري أو من وجهة نظر الآخرين. ويوميا استثمر هذه التدريبات مع عائلتي وأصدقائي وتقبل احتياجاتهم دون أن يؤثر ذلك على احتياجاتي وقناعاتي".
لم يكن سهلا بالنسبة لرائد تقبل الآخر خاصة في الأيام الأولى للدورة. لقد حضر إليها وهو يحمل أفكارا سياسية متعصبة ، وعانى ذهنيا في البداية مما كان يشعر به بعد كل تدريب، لكن ما حدث بعد اندماجه في التدريب وتوسع مداركه، وما كان يقوم به يوميا من مراجعة لما تلقاه بات أكثر قدرة على تفهم احتياجات الآخرين، واحترام قناعاتهم وأفكارهم. يقول رائد" أعتقد أن يجب تعميم هذه المنهجية في كل التدريبات التي تستهدف قطاعات مجتمعية شبابية أو نسائية، ومن مختلف القطاعات، وضرورة توسيع نطاق التدريب وبناء جسور التواصل والتفاهم.
أما بيان الرجوب من بلدة دورا بمحافظة الخليل، والطالبة في جامعة الخليل، فترى أن أهم شيء استفادت منه من خلال التدريب بواسطة "منهجية قومي"، فهو ما حققته من استفادة في فهم الواقع وحل الصراعات وصولا للحقيقة. تقول" بدأت أفهم احتياجاتي، وأميز بين الهدف والناس الذين أتعارض معهم، ما بدأ يسهل من أمور حياتي المستقبلية. أكثر فائدتها حققتها كانت قدرتي على الفصل بين الهدف والاحتياج ، بحيث لا أتنازل عن احتياجي".
تروي بيان أيضا" في السابق كان كل اختلاف بالنسبة إلي بمثابة عدو. ولطالما تجادلت مع معلمات على أساليب التدريس الذي تعلمته في الجامعة، علما بأنهن كن يمارسن القمع بحق الطالبات من خلال الضرب. اليوم بت أفهم حقيقة المشكلة التي كانت قائمة بيني وبينهن.وبت أختار الاتجاه المناسب لحل أي صراع"ز في البيت بات تقبل العائلة لبيان أكثر من ذي قبل، رغم اختلافها الكبير معهم. مع ذلك أستطيع أن أغير وأن أؤثر فيهم رغم الموروث الاجتماعي القائم".
أما بالنسبة لنيقولا قواس من بيت لحم، الطالب في جامعة بيرزيت تخصص هندسة ميكاترونيكس، ونائب رئيس المجلس التشريعي الشبابي والمتطوع في أكثر من مؤسسة، فقد أضاف التدريب له أمورا كثيرة، لم تكن حاضرة في السابق لديه، ومن ذلك القدرة على تحليل الصراعات والتعامل معها بطريقة مختلفة عن ذي قبل. يقول" أصبحنا نعمل من مستوى الأهداف إلى مستوى اللاوعي والاحتياجات". يضيف" في السابق كنا نواجه مشاكلنا على نحو خاطيء، أما الآن فبات التعامل مع الآخر بلغة الآخر، ومساعدته على الوصول إلى النتيجة بالطريقة التي هو يفهمها".
لم تكن البدايات سهلة – كما يقول قواس – ولم تكون الصورة قد اكتملت. مع ذلك استطعنا تطبيق ما تعلمناه على المجتمع، وحققنا نجاحا كبيرا حتى على مستوى المجلس التشريعي الشبابي، حيث كنا نشهد صراعات وتجاذبات مستمرة، لكن بعد ذلك حدث تغيير جذري، واليوم بدأت أتفهم احتياجات الآخرين وليس أهدافهم فحسب، وبالتالي الآن يمكننا أن نصيغ أهدافا بما يلبي احتياجاتنا حتى على صعيد الأسرة.
في شرحه لمنهجية "قومي" التي اعتمدت أساسا لتدريب القيادات الشبابية في شبكة الشباب الفاعل سياسيا ومجتمعيا، يقول رهام نمري، أحد من أشرفوا على التدريب" منهجية قومي للتحويل المجتمعي في حالات الصراع، تتعامل مع العمق الثقافي والبنيوي لمجتمعات في حالات صراع داخلية وخارجية. وتبحث المنهجية في العمق الثقافي لتلك المجتمعات من خلال الولوج في عملية بحث عن أصول الثقافة السائدة في الحقبة الزمنية التي أخرجت هذه الثقافة . بالإضافة إلى ذلك توضح المنهجية كيفية ترجمة هذا العمق الثقافي من خلال العمق البنيوي، القوانين والبنى المجتمعية الداعمة لهذه الثقافة والتي تقويها. كما ترسي المنهجية مجموعة من المفاهيم الجديدة أبرزها مفهوم الاحتياجات الإنسانية الأساسية والعمل على تلبية هذه الاحتياجات كشرط لتحويل الصراعات المجتمعية ذات طابع الهوية، ومن هنا تنطلق المنهجية بمستوى حل مختلف وهو ليس حل الصراعات بل تحويلها مجتمعيا والوصول إلى الحل الأرقى ال1ذ يلبي احتياجات جميع الأطراف المتصارعة.
يذكر ان المجموعة الشبابية تستعد في الفترة القادمة لتنفيذ مجموعة من الانشطة التفاعلية ومحاورة المسؤولين في محاولة منهم لتخفيف الفجوة بين قطاعات الشباب الفلسطيني في كل اماكن تواجده، ومحاولة بناء جسور تواصل مستجيبة لتوحيد الهم الشبابي الفلسطيني وبناء اواصر التشارك والتفاعل المتواصل في كافة القضايا المجتمعية منها والسياسية.
كما وتستعد "مفتاح" خلال الفترة القليلة القادمة لعقد المخيم الصيفي الثالث لشبكة الشباب الفلسطيني الفاعل سياسيا ومجتمعيا والذي سيتم خلاله دمج المجموعات الشبابية وبناء المساحات التشاركية الامنة اللازمة للشبكة للتحرك كجسم شبابي مؤثر في الساحة الفلسطينية، من خلال هيكلة الشبكة وفرز لجان تعنى بمتابعة مجموعة من القضايا والتوجهات الشبابية المجتمعية والسياسية.