أولويات واشنطن في الشرق الأوسط
نشر بتاريخ: 19/09/2014 ( آخر تحديث: 20/09/2014 الساعة: 10:05 )
واشنطن- معا - قالت وكيل وزارة الخارجية الأميركية للشؤون السياسية، ويندي شيرمان لحشد من الجمهور في جامعة جورج تاون في واشنطن يوم 16 أيلول/سبتمبر الحالي، "إن الولايات المتحدة تولي منطقة الشرق الأوسط اهتماما كبيرا، وتحرص عليها بسبب المصالح الاقتصادية والسياسية والأمنية التي تربطنا بهذه المنطقة، والصداقات العديدة التي كونّاها، والتقاليد الروحية والعرقية الغنية التي ورثناها."
وقالت شيرمان إن السياسة الأميركية في الشرق الأوسط تبدأ بمفهوم أن "الانقسامات الداخلية، والخصومات التاريخية، والتنافس المعاصر تغذي بعضها البعض. كما أن الخوف والغضب يدفعان العديد من الناس في الكثير من الأماكن إلى الوقوع في فخ فكرة المعادلة الصفرية (إما الفوز بكل شيء أو خسارة كل شيء)، وبالتالي يتأجج الصراع وهو أمر يستغله أولئك الذين يريدون إلحاق الأذى بنا."
واستطردت تقول إنه يتعين على الدول في سائر أنحاء منطقة الشرق الأوسط تغيير مسارها والبدء في الانتقال إلى أرضية مشتركة، مضيفة أن هذا الأمر يتطلب أن يكون قادة المنطقة عند مستوى مسؤولياتهم وأن يمارس المجتمع الدولي تأثيرا أكثر إيجابية.
وأكدت أن "السياسة الأميركية ترمي لمساعدة أولئك الذين يعتقدون، كما نعتقد نحن، أن الناس من مختلف الجنسيات والأعراق والعقائد يمكن أن يعيشوا جنبا إلى جنب مع بعضهم البعض بشكل بنّاء، وفي سلام".
وشددت على أنه كي يكون المرء "عنصرا فاعلا للبناء في الشرق الأوسط" لا بد أن يفهم ماذا يعنى تاريخه وجغرافيته وتركيبته السكانية"؛ حيث إن جرعة صحية من التسامح، والأخذ والعطاء بين الطوائف والمجموعات يعد أمرًا ضروريا ومهما. واستشهدت بحالة العراق كأمة يؤدي فيها فشل الحكومة في معالجة مظالم الأقلية السنية إلى "تقسيم البلاد وجعلها عرضة للخطر."
السلام الإسرائيلي-الفلسطيني
قالت وكيلة وزارة الخارجية الأميركية إن التوصل إلى اتفاق سلام شامل بين إسرائيل والفلسطينيين قد يمثل التحدي الأكبر الذي يواجهنا في الشرق الأوسط، مضيفة أن "حماس تواصل عمدا القيام بدور مدمر."
وقالت إن "الولايات المتحدة، عند المضي قدمًا، ستفي بالتزامها الثابت الذي لا يتزعزع بأمن إسرائيل. وفي الوقت نفسه، تقع على عاتق القادة الإسرائيليين والفلسطينيين مسؤولية مشتركة– ومصلحة مشتركة– تتمثل في خفض حدة التوترات، والتصدي للتطرف وإيجاد سبل للتعاون حيثما كان ذلك ممكنا."
العراق
وقالت إن من العوامل الحيوية والمهمة أن يشكل القادة الجدد في العراق حكومة فعالة، وتحظى بشعبية على نطاق واسع.
وأضافت المسؤولة الأميركية، مستشهدة بالتعهد الذي قطعه الرئيس أوباما يوم 10 أيلول/سبتمبر بإضعاف داعش وتدميرها، أن الاستراتيجية المتعددة الأبعاد سوف تشمل حملة عسكرية منتظمة، واتخاذ خطوات لكبح جماح قدرات داعش، واتخاذ تدابير لقطع منابع تمويلها وتقديم المعونات الطارئة لضحايا العنف الأبرياء.
قالت إن مزاعم داعش بأن حملتها للقتل، والتشويه، والتعذيب والاغتصاب والرق استجابة لأمر إلهي وفي سبيل الله، "كلام تافه" وهراء، مضيفة "أن داعش هي العدو الحقيقي لتعاليم الإسلام."
وأوضحت أن وزير الخارجية جون كيري وجد، خلال زيارته الأخيرة إلى أوروبا والشرق الأوسط، أن طائفة واسعة من الزعماء الوطنيين على استعداد للمساهمة في تقديم المساعدة العملية لإلحاق الهزيمة بالإرهابيين.
ولفتت شيرمان إلى أن كيري سيرأس في 19 أيلول/سبتمبر، مناقشة رفيعة المستوى حول العراق في مجلس الأمن الدولي. وبعدها بأيام قليلة، سوف يعقد الرئيس أوباما اجتماع قمة خاصًا لمجلس الأمن للبحث في السبل المثلى لوقف تجنيد الإرهابيين للمقاتلين الأجانب سواء في منطقة الشرق الأوسط أو في المناطق الأخرى.
سوريا
وفيما يتعلق بسوريا، قالت شيرمان إن نظام بشار الأسد "قد تسبب في إحداث واحدة من أخطر الكوارث الإنسانية في تاريخ البشرية الحديث، التي نتج عنها أكثر من 190 ألف قتيل و3 ملايين لاجئ و6 ملايين من النازحين داخليا."
وقالت إن الولايات المتحدة تقوم بتوفير الدعم الدبلوماسي والتدريب والمعدات للعناصر المعتدلة في المعارضة السورية. وبالاتفاق مع العديد من الشركاء، تقوم الولايات المتحدة أيضا بفرض عقوبات اقتصادية صارمة على الحكومة السورية.
وتابعت شيرمان حديثها قائلة إن التحالف الدولي يسعى "للعمل مع جميع السوريين الذين سيعملون معنا من أجل تمكين الوسطية وتشجيعها وإضعاف التطرف والحد منه."
إيران
بالنسبة لإيران، أوضحت شيرمان أن "ضمان الطبيعة السلمية الكاملة للبرنامج النووي الإيراني هو العنصر الحيوي الثالث في السياسة الأميركية تجاه الشرق الأوسط."
وقالت إن إيران المسلحة بأسلحة نووية أمر يمكن أن "يُظهر قوة مدمرة الآن تتجاوز حدودها، وتهدد إسرائيل وتقدم المزيد من الدعم والمساعدة للمتطرفين العنيفين." وبا?ضافة إلى ذلك، فإنها يمكن أن تلهم البلدان الأخرى في المنطقة للسعي في سبيل تحقيق الهدف نفسه، "الأمر الذي من شأنه أن يخلق سباقًا كارثيًا للتسلح النووي."
ومن الجدير بالذكر أن شيرمان تقود منذ شهور عديدة الوفد الأميركي المفاوض الذي يسعى إلى كبح جماح طموحات إيران النووية. وترأس المحادثات، التي جرى تمديدها الآن حتى 24 تشرين الثاني/نوفمبر، الممثلة العليا للاتحاد الأوروبي كاثرين أشتون، وتضم كلا من إيران وألمانيا والدول الخمس الدائمة العضوية في مجلس الأمن الدولي.
وأشارت شيرمان إلى أن وجهات نظر المجموعة لا تزال "متباعدة حول القضايا الأساسية الأخرى، بما في ذلك حجم ونطاق قدرة إيران على تخصيب اليورانيوم"، مشيرة إلى أنها تتوقع من إيران أنها ستحاول مرة أخرى إقناع العالم بأن إبقاء الحال على ما هو عليه– أو ما يماثله- في القضية المحورية، ينبغي أن يكون مقبولا.
ثم أضافت أن المسألة "ليست كذلك. … فإن العالم لن يوافق على تعليق العقوبات ثم رفعها، إلا إذا قامت إيران باتخاذ خطوات مقنعة ويمكن التحقق منها، تثبت أن برنامجها النووي كان وسيظل للأغراض السلمية المحضة."
كما تناولت شيرمان أيضًا الوضع الراهن في ليبيا، التي قالت إن "الاقتتال الدائر فيها بين الجماعات المسلحة المتناحرة قد أخر الاقتصاد، وعرقل مسار التحول الديمقراطي، وتسبب في حالة من الشك الشديد بشأن المستقبل."
وقالت إن الولايات المتحدة سوف تعمل عن كثب مع الدول المجاورة لليبيا والأمم المتحدة والشركاء الدوليين الآخرين "لمساعدة ليبيا على إصلاح نفسها".
وأوضحت أنه يجب تلبية ثلاثة مطالب في ليبيا وهي أنه: يجب على الليبيين الذين يرغبون في بناء دولة حقيقية الانخراط في دعم هذا الهدف؛ وعلى غير الليبيين الذين أوقدوا أوار الصراع التعاون من أجل وضع حد له؛ وعلينا جميعًا أن نتفق على أن ليبيا لا يمكن أن تكون ملاذا آمنا للإرهابيين.
التنمية الاقتصادية
أوضحت وكيلة الوزارة أن "منطقة الشرق الأوسط منطقة مباركة حباها الله بسكان موهوبين، وموارد طبيعية وافرة والتزام حقيقي في بعض البلدان لتحسين التعليم والتنوع الاقتصادي وسيادة القانون" ولكنه يجب عليها توسيع نطاق اقتصاداتها بحيث تنتج وتصدر ما هو أكثر من البترول.
وأكدت أن مبادرة حكومة الرئيس أوباما الإقليمية للتجارة والاستثمار تهدف إلى تعزيز النمو وتشجيع الإصلاح وتحفيز الابتكار. وأضافت أن الرئيس الأميركي ومجتمع الأعمال التجارية الأميركي ملتزمون بمساعدة الشابات والشبان من الشرق الأوسط على إيجاد الوظائف التي يحتاجون إليها لتوسيع التبادل التعليمي وتسهيل التعاون في مجال العلوم وبناء شبكات من رواد الأعمال.
وخلصت إلى القول إن "تحقيق الرخاء والازدهار في منطقة ما يدعم النمو في أماكن أخرى، في حين أن الإحباط الاقتصادي واليأس يمكن أن يجعلا الأفكار السياسية المتطرفة أكثر جاذبية."