الجبهة الإسلامية المسيحية للدفاع عن القدس والمقدسات تقدم تقريرها الخامس لشهر تموز الماضي
نشر بتاريخ: 06/08/2007 ( آخر تحديث: 06/08/2007 الساعة: 18:01 )
رام الله - معا- قدم المنسق العام للجبهة الدكتور حسن خاطر في مؤتمر صحفي عام برام الله اليوم ملخصا للتقرير الشهري الخامس الخاص بأوضاع القدس والمقدسات خلال شهر تموز يوليو 2007 م .
وحضر المؤتمر هيئة رؤساء الجبهة الإسلامية المسيحية للدفاع عن القدس والمقدسات سماحة الشيخ الدكتور تيسير التميمي ونيافة المطران الدكتور عطا لله حنا .
وفيما يلي النص الكامل للتقرير
حالة الانقسام ..وتهويد القدس !
كنا قد أوردنا في تقرير حزيران الماضي ان سلطات الاحتلال تستغل الاوضاع الفلسطينية الداخلية في تهويد القدس واستكمال مخططاتها الهادفة الى الاستحواذ الكامل على المدينة على حساب اهلها وسائر اتباع الديانات السماوية الأخرى ، وعرضنا - حينها- العديد من المؤشرات الصريحة على ذلك .
الا ان هذا الشهر جاء ليضع النقاط على الحروف في هذه المسألة ، وذلك من خلال المؤتمر اليهودي الموسع الذي انعقد في القدس المحتلة تحت عنوان " مستقبل الشعب اليهودي" وشارك فيه اكثر من 120 شخصية من قيادات اسرائيل والجاليات اليهودية ومفكرون ورجال اعمال يهود من مختلف انحاء العالم، وقد كان من بين اهم التوصيات التي خرج بها المؤتمر التأكيد على ابادة مشاريع المقاومة العربية في أي مكان تظهر فيه ، واعتماد اساس اشعال واذكاء الحرب الاهلية في لبنان وفلسطين وسائر الاماكن التي تقوى فيها شوكة المقاومة ، خصوصا بعد الفشل العسكري الأخير لاسرائيل في لبنان .
ويبدو ان هذه التوصية التي كانت قد ظهرت بوادرها قبل ان تصاغ أخيرا على الورق وتصبح جزءا رسميا معلنا من اهداف المؤتمرين في المرحلة الراهنة، سرعان ما حاول المحتلون ترجمتها على الارض وعلى وجه التحديد في القدس الشريف .
فادعت المخابرات الاسرائيلية ان حماس تسعى - وفق خطة استراتيجية- للسيطرة على ادارة المسجد الأقصى المبارك وان سيطرتها على الأقصى كانت ستمكنها من السيطرة على القدس الشرقية والضواحي العربية المحيطة بها ، الا ان المخابرات الاسرائيلية أنقذت الأقصى من هذه المؤامرة وأفشلت هذا المخطط واعتقلت 11 فلسطينيا من انصار حماس،وأغلقت خمس مؤسسات في القدس هي وفادة ورفادة واقرأ ولجنة التراث ومؤسسة التطوير المجتمعي ، وصادرت الاموال الخاصة بها !!
فاسرائيل ظهرت في هذا الشهر بمظهر المنقذ والمخلص للمسجد الأقصى من حركة حماس الفلسطينية ! أو لنقل من ابناء القدس الذين فدوا الأقصى بارواحهم ودمائهم !
ولا شك ان هذه المسرحية المخابراتية الاسرائيلية اخرجت على اساس احداث غزة ، وهي تسعى لاستثمار تلك الاحداث التي ادانتها كل القوى الوطنية ، وتريد ان تجعل منها فزاعة لتهييج المشاعر واذكاء التناقضات والخلافات الداخلية،ونحن نؤكد انه ما كان لإسرائيل ان توظف اعتداءاتها على الأقصى ومؤسسات القدس تحت هذا العنوان لولا وجود هذا الخلل الخطير الذي مزق وحدة الموقف الفلسطيني ، وهذا يوجب علينا في الجبهة الاسلامية المسيحية ان نجدد النداء لكل الاطراف المخلصة ولكل محبي القدس والأقصى بضرورة انهاء هذه الحالة الطارئة والغريبة على شعبنا ،ووضع حد نهائي لهذه الفتنة التي توشك ان تعصف بوحدة هذا الشعب وان تضعف خط دفاعه الأول عن القدس والمقدسات!
وقد رصد التقرير في هذا الصدد العديد من المواقف المقدسية على مستوى المؤسسات الاهلية والقيادات الدينية والسياسية والشخصيات الوطنية والاقتصادية التي تنبهت لخطورة استمرار حالة الانقسام والتوتر والصراع على الساحة الفلسطينية، وحذرت من استغلال سلطات الاحتلال لهذا الواقع في استكمال تهويد القدس والمقدسات ..!!
الأقصى .. معاناة مستمرة !
اما بخصوص المسجد الأقصى فقد استمرت سياسة الاحتلال في احكام القبضة عليه وعزل المسلمين عنه، حيث شهد شهر تموز اقامة اكثر من 60 مخيما صيفيا للاطفال والشباب المقدسيين ، الا أن سلطات الاحتلال منعت معظم المخيمات من الوصول الى مدينة القدس ، ومن نجح في الوصول لم يسمح له بالدخول الى الأقصى ، وطاردت الاطفال الذين تسللوا واعتقلت معظمهم كما تم ايضا منع معظم المرشدين في هذه المخيمات من الدخول ومن دخل منع من تعليم الاطفال عن مكانة الأقصى وأهميته عند المسلمين، وتم التحقيق مع قسم كبير منهم ، وفي تطور جديد وخطير اصدرت شرطة الاحتلال قرارا شفويا يمنع الاطفال من التكبير في ساحات الأقصى ..ونحن ننظر الى هذه الاجراءات والخطوات بخطورة بالغة ، ولا يمكن فهمها الا انها تدخل سافر وخطير في أخص مقدسات المسلمين وشؤونهم الدينية!!
ووسط العديد من بيانات الشجب والاستنكار من المؤسسات والعلماء شهد الأقصى خلال هذا الشهر العديد من عمليات الاقتحام من قبل جماعات يهودية متطرفة تحت حماية وحراسة شرطة الاحتلال ، التي ابعدت حرس الأقصى وفرضت عليهم - بقوة السلاح - عدم الاقتراب من المستوطنين او التعرض لهم ، كما واصلت شرطة الاحتلال ايضا ادخال العديد من الافواج السياحية الى ساحات الأقصى ومبانيه وهم يرتدون ملابس فاضحة تمس بحرمة ومكانة هذا المسجد العظيم ، ويندرج هذا كله ضمن سياسة الهيمنة على الأقصى وتجريده من حرمته الدينية عند المسلمين وغير المسلمين ! .
وقد تم خلال هذا الشهر ايضا المصادقة على مخطط بديل لاقامة جسر حديدي يؤدي الى باب النبي محمد المعروف بباب المغاربة ، ورغم ان هذا الجسر سيكون اقل طولا مما كان عليه في المخطط السابق ، ورغم انه سيقوم على اربعة أعمدة بدلا من سبعة ، وان ارضيته ستكون من الخشب وجوانبه من الحديد وارتفاعه لا يتجاوز المترين وانحداره أقل ...الا أن هذا كله لا يغير في حقيقة الامر شيئا ، اذ ان بناء هذا الجسر من قبل الاسرائيليين على اي وجه كان ، سيبقى عبارة عن مساس خطير باقدس مقدسات المسلمين ليس فقط في فلسطين بل وفي العالم أجمع !
فاسرائيل لم توقف هذا المشروع الاستفزازي الخطير رغم الاحتجاجات والتدخلات العربية والاسلامية والدولية ، وعلى رأسها اليونسكو وغيرها من المنظمات الأخرى،مع ان جميع الآثار التي تم الكشف عنها نتيجة اعمال الحفر والهدم التي استمرت على مدار نصف عام - وما زالت مستمرة - تعود كلها الى عهود اسلامية خالصة .!
الاستيطان ..سرطان لا يتوقف!
حال القدس في هذا التقرير ليس بافضل من حال الأقصى، حيث استمرت سياسة السطو والاستيلاء على البيوت في البلدة القديمة ومحيطها ،واطلاق العنان للجمعيات الاستيطانية التي تتسابق فيما بينها على سلب المساكن والمباني العربية،اضافة الى استمرار سياسة هدم المنازل والمباني تحت حجج واعذار واهية.
كما سجل التقرير ايضا استمرار مصادرة الاراضي وتجريفها باستخدام منطق القوة وحده ،ولم تنجح جهود عشرات المحتجين من انقاذ مئات الدونمات التابعة لقرية الجيب شمال غرب القدس !
وخلال هذا الشهر أيضا تم الكشف لأول مرة عما يسمى "مناطق نفوذ المسوطنات" ،حيث تبين من خلال التقرير الذي نشرته حركة " السلام الآن" ومنظمة "حرية المعلومات" بموجب التماس من المحكمة الاسرائيلية العليا، ان منطقة نفوذ مستوطنة "معاليم أدوميم" تبلغ 48 ألف دونم وهي مساحة أقل بقليل من منطقة نفوذ تل أبيب التي تبلغ حوالي 51 ألف دونم ، في حين ان سكان تل أبيب يتجاوز 385 ألف اما سكان معاليه أدوميم فلا يتجاوز 30 ألف مستوطن !
ورغم ان معظم المستوطنات لا تستخدم أكثر من 9% من مناطق نفوذها ، الا أن التقرير اثبت بالارقام والشواهد ان 90% من المسوطنات لم تقف عند حدود مناطق نفوذها وانما استولت على أراضي ومساحات أخرى ، حتى ان ثلث المساحات التي استولت عليها المستوطنات تقع اليوم خارج مناطق النفوذ التي صادقت عليها سلطات الاحتلال ،وهناك عدد من المستوطنات التي لم يحدد لها مناطق نفوذ وهي تتوسع حسب مقتضيات الحال ..
ان هذه الممارسات والاعتداءات الخطيرة ادت الى التهام معظم أراضي القدس وعزل المدن والقرى العربية عن بعضها البعض ،فاذا أضيف اليها ما نجم عن بناء الجدار من سلب ونهب لمساحات شاسعة من الاراضي القليلة المتبقية، يمكن عند ذلك أن نتخيل الصورة الحقيقية التي آلات اليها القدس ،صورة نجد القدس فيها أراض مصادرة ، وأوصال مقطعة ، ومقدسات محاصرة ، وأهال يكابدون عناء الاحتلال في سجون كبيرة !!
وتم خلال هذا الشهر ايضا تكثيف العمل على وصل بلدية القدس بالمحيط الاستيطاني من اكثر من جهة ، ابرزها المنطقة المتوسطة بين القدس ومعاليه ادوميم حيث تشرع سلطات الاحتلال في بناء محطة شرطية ضخمة على الجانب الغربي لطريق القدس اريحا مما سيمهد الى خلق تواصل استيطاني بين هذه المناطق !
القدس ..الاحتلال والحلم !
لوحظ خلال هذا الشهر حديث اسرائيلي عن قيام دولة فلسطينية ، وهو حديث مشروط بتأجيل مواضيع القدس واللاجئين والحدود الى المستقبل ،ومثل هذا الطرح ينطوي على مخاطر كبيرة جدا ، ومن شأنه أن يتيح للاحتلال الفرصة الذهبية للأتيان على ما تبقى من القدس، لذا فان اعتبار القدس عاصمة ابدية للدولة الفلسطينية شعار صعب يحتاج الى الكثير من العمل الوطني المخطط والمدروس في هذه المرحلة ، ولم يعد يحتمل مزيدا من التأجيل ،وباتت كل التقارير التي اعدت حول القدس والمقدسات تؤكد ان عامل الزمن في هذه القضية لم يعد يعمل في صالح الفلسطينيين والعرب عموما !!
اما على الصعيد الفلسطيني ، فقد شهد هذا الشهر نشاطا شبابيا مميزا ، تمثل في اقامة العديد من الانشطة الرياضية، التي رعتها الرئاسة وشاركت فيها الحكومة ، الا أن الملاحظ ان هذا النشاط - رغم أهميته- اقتصر في معظمه على الجهد العضلي المتمثل في المباريات والرياضات المختلفة ، ولم نجد نشاطات موازية في اوساط الشباب المقدسي تتعلق بالتوعية والتثقيف والتربية ، رغم ان الشباب في القدس على وجه التحديد يعاني من العديد من الظواهر المرضية الخطيرة ، وعلى رأسها انتشار المخدرات والتسرب من المدارس ، والتأثر بالعديد من سلبيات الاحتلال ، وهذا يتطلب من القيادة الفلسطينية ومن القائمين على النوادي والانشطة مضاعفة العمل وفق خطة واضحة لحماية وانقاذ هؤلاء الشباب من مثل هذه الافات الخطيرة، وتفعيل النوادي والمؤسسات الشبابية بما يساعد في تحقيق هذا الهدف الوطني الكبير!
ومن خلال هذا النشاط الرياضي الواسع الذي شهدته القدس خلال هذا الشهر تم ايضا الكشف عن الواقع البائس والفقير الذي تعيشه الاندية الرياضية في القدس، شأنها في ذلك شأن المؤسسات التعليمية والصحية والاجتماعية التي باتت تشترك كلها في الفقر وتراكم الديون والتهديد بالاغلاق ، مما سيجعلها عاجزة عن تأدية دورها .
وقد تضمن التقرير ايضا العديد من الاصوات المقدسية التي اشتكت من تهميش القدس وهضم حقوقها ، بل ومحاولة التنصل من اعبائها وهمومها المتزايدة يوما بعد يوم ، كما انطلقت اصوات مقدسية أخرى تطالب بضرورة تنفيذ برامج قانونية متخصصة ، في مجالات تنازع الاختصاص وحق المواطنة وحقوق الملكية وحقوق الغائبين ،والدعوة الى بلورة مؤسسة قانونية مختصة في شؤون القدس لمؤازرة المفاوض الفلسطيني وتعزيز الحق بالمعرفة والدقة العلمية وعدم الاكتفاء بالمهارة الشخصية للمفاوض كما كان عليه الحال خلال التجارب السابقة !
وقد أثيرت ايضا خلال هذا الشهر مشكلة المرجعية من جديد،والتي كانت حاضرة باستمرار في معظم التقارير التي أصدرتها الجبهة خلال الشهور الماضية، بل ان العديد من المؤسسات المقدسية أخذت تتنازع اشكالية التمثيل والمرجعية عبر وسائل الاعلام !
ولا شك ان بروز مثل هذه الاصوات والتجاذبات في المواقف والمطالب والشكاوى تؤكد كلها على تفاقم الواقع البائس والمتردي الذي باتت تعيشه القدس تحت الاحتلال ،كما تعكس أيضا جدية وخطورة التحديات التي تواجه هذه القضية في هذه المرحلة الحساسة ،وهذا يزيد في عظم المسؤولية الملقاة على عاتق القيادة الفلسطينية بكل مستوياتها، اذا لم يعد مقبولا التغاضي او التراخي او التأجيل في هذا الموضوع الخطير.
كما وقف التقرير ايضا امام ظاهرة خطيرة تتمثل في ارتفاع نسبة الهجرة بين المسيحيين الفلسطينيين بسبب تردي الاوضاع الاقتصادية والاثار الخطيرة المترتبة على بناء الجدار المدمر الذي أثر تأثيرا عميقا في حياة الفلسطينيين عموما .
وقد تعالت اصوات العديد من المرجعيات المسيحية التي حذرت من تفاقم هذه الظاهرة واستمرار تناقص اعداد المسيحيين في القدس والاراضي المقدسة ، حيث ان بعض هذه المراجع ذكرت ان نسبة المسيحيين تراجعت الى 1% ، وهي نسبة متدنية جدا لم تشهدها الاراضي المقدسة من قبل .