"الابادة الجماعية" في غزة...شهداء في السماء وعدالة مفقودة على الارض
نشر بتاريخ: 25/09/2014 ( آخر تحديث: 26/09/2014 الساعة: 09:13 )
غزة - معا - أعادت إسرائيل صياغة مصطلح "الإبادة الجماعية" في أطول وأعنف حرب عاشها اهالي قطاع غزة، والتي عمدت الى مسح أكبر عدد ممكن من العائلات من قائمة السجل المدني متعمدة محو الوجود الفلسطيني بكافة الطرق غير الاخلاقية.
عدنان أبو جبر الذي فقد 18 فردا من عائلته يروي لنا ما حدث معه عند سماع خبر استشهاد عائلته قائلا "تلقيت الخبر من ابن عمي، وتوجهت في منتصف الليل إلى البيت لأصدق ما حدث، ولجأت إلى سيارة إسعاف نظرا للقصف العشوائي الذي كان حينها، وجاءني اتصال حينها انه يجب أن أتوجه إلى مستشفى شهداء الأقصى لأتعرف على جثث عائلتي، لم يقبل سائق الإسعاف في البداية وقال انه سيقلني إلى مخيم البريج مكان سكن عائلتي بسبب خطورة الوضع وبعدها وبعد إقناعه قام بنقلي إلى المستشفى، وتعرفت على جثة والدي وأختي وشقيقي الاثنين وأولادهما 8، ومن ثم ذهبت إلى مخيم البريج لانتشال باقي جثث عائلتي.. كانت ضربة موجعة تلقيتها وأنا ما زلت تحت الصدمة... القصف مستمر وأنا في خطر وعائلتي تحت الركام... كل هذه السيناريوهات لا يمكن أن أنساها.
وأضاف أبو جبر ابن أخي "يامن" الناجي الوحيد من المجزرة يومين من بعد الحادثة ونحن نبحث عنه ولم نجده ولا نعرف إن كان شهيد أو مصاب، بعد فقدان الأمل اتصل بي قريبي يعمل بمستشفى الشفاء الطبي وقال انه يمكن أن يكون يامن هنا توجهت مباشرة إلى المستشفى وفعلا وجدت يامن... رغم فقدان عائلتي إلا أن ظهور يامن فجأة أعاد لي الروح.. وهو الآن عندي ابني الثالث أمام الله.. واصفاً وضع يامن النفسي بالصعب حيث يبقى صامتا طوال الوقت وعصبي في معظم الأحيان وهذا من التأثير النفسي التي تركته الحادثة التي عاشها والتي فقد فيها والديه وإخوته وجديه.
وجدد ابو جبر مطالبته للمجتمع الدولي التدخل لمحاكمة قادة الاحتلال الاسرائيلي على جرائمهم ضد المدنيين في قطاع غزة خاصة ان منزل ابناء عمه لم يكن في خط المواجهة ولا يوجد به أي مطلوب للاحتلال الاسرائيلي في المنطقة.
أما شعبان النيرب ابن عم الشهيد "محمد" التي استهدفته الطائرة هو وأولاده وزوجته دون سابق إنذار ودون سبب، يروي قصة (غُربة وفَقدْ )حيث عاش الشهيد بعيدا عن وطنه 20 عاما، ولم يوفق في إنجاب أطفال طيلة هذه السنوات، جاء إلى غزة مع قدوم السلطة واستقر وتزوج وأنجب 3 أولاد بمعجزة ربانية رغم كبر سنه وأكبرهم اليوم 9 سنوات... حلم بوطن وطفل يحمل اسمه جاء إلى الوطن وقامت إسرائيل بلمح البصر بإبادة حلم وعائلة.
المؤسسات الحقوقية تحاول بعد نحو شهر على نهاية الحرب القيام بتوثيق الجرائم التي جرت مع العائلات التي أبديت بالكامل ومسحت من السجل المدني ومحاسبة مجرمي الحرب على ارتكابها جرائم ضد الإنسانية.
صلاح عبد العاطي مدير الهيئة المستقلة لحقوق الإنسان يقول "دولة الاحتلال اقترفت 144 مجزرة بحق عائلات فلسطينية خلال الحرب، جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية طالت 144 عائلة فقدت على الأقل ثلاثة من عائلاتها، 93 عائلة مسحت من السجل المدني".
ويضيف هذه العائلات استهدفتهم إسرائيل بتعمد مباشر عبر استهداف مساكنهم الآمنة، وهذه جرائم تستوجب المساءلة والملاحقة القضائية مضيفا إن الهيئة قامت بتوثيق هذه الجرائم، وعلى السلطة الإسراع في الانضمام إلى ميثاق روما وتشكيل هيئة وطنية عليا لملاحقة مجرمي الحرب من اجل ضمان إنصاف الضحايا، وعدم إفلات قادة الاحتلال من العقاب ومنع أي عدوان قادم، مشيرا أن المسار القانوني طويل ويتطلب الصبر ويجب علينا استخدام كل الخيارات المتمثلة (العزل - المقاطعة – تفعيل حركة التضامن الدولية ) هذه الإجراءات تشكل أداة ضغط هامة على إسرائيل لتنال عقابها.