الأربعاء: 27/11/2024 بتوقيت القدس الشريف

أطلس: كثافة سياسية منزوعة العزم

نشر بتاريخ: 28/09/2014 ( آخر تحديث: 28/09/2014 الساعة: 13:56 )
رام الله- معا - أصدر مركز أطلس للدراسات الإسرائيلية رصدا لأبرز الاحداث خلال الاسبوع الاخير هذا نصه:

شهد الأسبوع المنصرم مساعٍ سياسية فلسطينية حثيثة على جبهات ثلاث؛ مفاوضات غير مباشرة مع إسرائيل تتعلق بالتهدئة، وحوار داخلي حمساوي فتحاوي انتهى بما يمكن تسميته "اتفاق التمكين"، وخطاب رئاسي في الأمم المتحدة، يقال انه وضع النقاط على الحروف، وكشف رسمياً عن شكل ومضمون التوجه الرئاسي سياسياً، لكن المشترك بينها جميعاً أنها بلا عزيمة وإرادة حقيقية، ومن غير المتوقع ان تحدث أي تغيير هام، وهي تكرار يشبه إلى حد بعيد أحداث سابقة (اتفاقات فتح حماس كثيرة، آخرها اتفاق الشاطئ، ومن يتذكر كيف انتهت جولات مفاوضات استكمال اتفاق تهدئة 2012، وخطابات الرئيس السنوية في الأمم المتحدة تكاد تكون تكراراً لسابقاتها).

حوار فتح – حماس
لقد كانت العقبة الأهم أمام ترجمة اتفاق الشاطئ، ومباشرة حكومة التوافق عملها في القطاع، ما عرف بعدم تمكين الحكومة وانشاء حكومة الظل، إضافة لموضوع الرواتب للعاملين الذين وظفتهم حكومات حماس السابقة، وقد اكتفى نص اتفاق المصالحة الأخير في بند الحكومة، باتفاق الطرفين على تمكين عمل الحكومة ومختلف وزاراتها، وهو نص ضبابي عام لا يقدم أي جديد، فهل انطوى اتفاق الشاطئ على عدم التمكين، ليتفقوا أخيراً في القاهرة على التمكين، انهم يعرفون قطعاً الجوانب التي كان يجب ان يتفقوا عليها ليتم التمكين، وهي جوانب أمنية وإجرائية وإدارية وفنية، لكنهم فضلوا عدم تناولها وتركوها للنوايا وللمستجدات المستقبلية ورهناً بأي تطور لاحق، ولا نعرف كيف يمكن تمكين الحكومة، وهى الجهة الاضعف في القطاع والأقل تسليحاً، الأمر الذي يشي بعدم جدية النوايا ويعزز القول بأننا أمام مجرد اتفاق آخر دون أية قيمة إضافية.

وفيما يتعلق بإنهاء الحصار وإعادة الاعمار؛ فإن وثيقة المصالحة تؤكد "الاستعداد الكامل للتعاون مع الأمم المتحدة ومؤسساتها المكلفة بالتنفيذ، مع التأكيد على دور الحكومة الفلسطينية باعتبارها الجهة المسؤولة عن الإشراف والمتابعة على إعادة الاعمار، ونؤكد أن إعادة الإعمار يتطلب أيضاً فتح كافة المعابر مع قطاع غزة وتسهيل إدخال مواد الإعمار"، وهنا نذكر أن الأمم المتحدة، ممثلة بمنسقها روبرت سيري، والحكومة الفلسطينية وإسرائيل وقعوا اتفاقاً لآليات إدخال الاسمنت والحديد والتأكد من استخداماته المدنية، وأقل ما يقال عليه انه اتفاق مهين ومذل، ويشرعن ويقنن الحصار، ويتبنى دوافع إسرائيل الأمنية في فرض الحصار.

اتفاق المصالحة ليس فقط انه لم ينتقد أو يعترض أو يرفض الاتفاق الثلاثي، بل يطالب بالتعاون مع الأمم المتحدة، صحيح انه لا ينص على التعاون مع الآليات التي اعتمدتها الأمم المتحدة، ولكنه طالما حث على التعاون معها بعد تحديدها لآلياتها، فكأنه عملياً لا يعترض على آلياتها، ليس هذا فحسب؛ فالاتفاق بعد أن يطالب بفتح كافة المعابر يعود ليطالب بـ "تسهيل إدخال مواد الاعمار"، وكأنه يسلم مسبقاً ان إدخال مواد الاعمار لن يكون دخولاً حراً وسيرتبط بآليات وعقبات وعراقيل، وكل ذلك جاء في بند رفع الحصار وفي اتفاق فلسطيني فلسطيني، وبعد حرب رفع الحصار، وقبل يوم بدء المفاوضات غير المباشرة لرفع الحصار، بما يشمل إعادة تشغيل المطار وفتح الميناء.

وأيضاً صرح بعض أطراف الاتفاق أنهم اتفقوا على قرار الحرب والسلم، وتجاهلوا عمداً مبدأ رئيسي تتبناه فتح والسلطة، ولا زال سارياً حسبما نفهم، وهو مبدأ "السلاح الواحد"، حقيقة لا نفهم كيف اتفقوا على قرار الحرب والسلم ولا نستطيع ان نتكهن آليات التطبيق، لكن من حيث المبدأ نسأل: هل أصبح لفتح "فيتو" على الحرب ولحماس "فيتو" على السلام؟ وكيف ستستطيع فتح أن تكون جزءاً من قرار الحرب، وهي المشكل الرئيسي للسلطة الملتزمة باعتبار المفاوضات خيارها الوحيد، ومرتبطة بنهج تسوية "ينبذ العنف"؟ وماذا سيكون موقفها إذا ما أطلقت صواريخ باسم "أحرار الشام" مثلاً وردت عليها إسرائيل بعدوان جديد؟، أما بالنسبة للسلاح الواحد، فقد شكل مبدأ أساسياً لدى الرئيس عباس، فهل تم التنازل عنه معتمداً على حسن النوايا؟
لقد اتفقوا على العموميات المتفق عليها، وتهربوا بوعي من نقاش الخلافات، إما عملاً بنظرية تجاهل المشكلات ينهيها تلقائياً أو تأجيلها للمستقبل بنية الحل أو الاستخدام التوظيفي، الشيء الوحيد الجديد في الاتفاق، والذي نأمل أن يطبق حقاً، تفصيل مهم في قضية رواتب الموظفين، حيث "تطالب الحركتان حكومة التوافق الوطني صرف مكافأة مالية للموظفين في قطاع غزة لحين انتهاء اللجنة القانونية والإدارية من عملها".

مفاوضات التهدئة
بعد شهر من وقف العدوان، وبناءً على اتفاق وقف إطلاق النار والتزامات الأطراف بالتفاوض غير المباشر لاستكمال التفاوض حول المطالب الفلسطينية والإسرائيلية؛ عقدت الأطراف جلسة مفاوضاتها الأولى، والتي تضمنت بنداً واحداً، وهو تأجيل عقد جلسات التفاوض القادمة لما بعد الأعياد الاسلامية واليهودية، ويبدو أنها أجلت الى الأسبوع الأخير من شهر أكتوبر القادم، والتأجيل، رغم ان له سبب وجيه وهو الأعياد، إلا أننا نخشى ونتوقع تكرار التأجيل إمعاناً في سياسة المماطلة والتسويف إسرائيلياً، عملاً بالمثل "الذي عند أهله على مهله"، واسرائيل ليست في عجلة من أمرها، حتى بما يخص استرجاع من فقدتهم في الحرب طالما أنها تصرح وتصر أنهم قتلى وأشلاء، أما فلسطينياً ومصرياً فربما أيضاً لا يستعجلون انهاء المفاوضات، وطالما ان اسرائيل لا تشعر انها مضطرة للتجاوب مع المطالب الفلسطينية، وهنا نخشى ان تتكرر مفاوضات استكمال اتفاق تهدئة نوفمبر 2012، التي انتهت دون ان تنتهي رسمياً.

خطاب الرئيس
يكاد يكون خطاب السيد الرئيس في الأمم المتحدة تكراراً لخطاباته السابقة أمام ذات المنبر، سوى ما انطوى عليه من نفس وعبارات ملتهبة بفعل حمى القتل والجرائم الوحشية الإسرائيلية، والايحاءات المؤشرة على التوجه لمحاكمة مجرمي الحرب "باسم فلسطين وشعبها أؤكد هنا اليوم: لن ننسى ولن نغفر، ولن نسمح بأن يفلت مجرمو الحرب من العقاب"، والانتقادات اللاذعة للموقف الأمريكي المساند لإسرائيل "لا يعقل، أن يكتفي البعض بإعلان دعمه حق إسرائيل في الدفاع عن نفسها دون الاهتمام بمصير آلاف الضحايا من أبناء شعبنا، متجاهلاً حقيقة بسيطة نذكره بها وهي أن حياة الفلسطيني غالية، تماما كحياة أي انسان آخر، إن تجاهل البعض للحقائق على الأرض لا ينفي وجود هذه الحقائق، ونعتقد أو نتمنى أن لا يحاول أحد مساعدة الاحتلال، هذه المرة أيضاً على الإفلات بجريمته دون مساءلة"، وكذلك الاعلان الواضح بعدم العودة لذات المسيرة التفاوضية وعدم الارتهان للموقف الأمريكي والذهاب مباشرة الى مجلس الأمن، دون ان يفصل محتوى مشروع القرار وهو هنا معفي من التفصيل لأنه لا زال قيد الإعداد والاتفاق عليه من قبل الأطراف التي تنوي تبنيه.

لكننا نخشى أن الموقف الفلسطيني لا زال رهينة التحايل عليه، ورهينة الضغوط الغربية ومشاريع التلهية والاحتواء، وكان ينبغي أولاً التوقيع على ميثاق روما لتمكين الشعب الفلسطيني من محاكمة المجرمين مجرمي القتل والاستيطان والاحتلال على اختلاف جرائمهم، دون تأخير أو ربط الأمر بالمجريات السياسية.