الأربعاء: 25/09/2024 بتوقيت القدس الشريف

معا تكشف الخاطفين: القصة الكاملة لاختطاف طفل قلقيلية

نشر بتاريخ: 06/10/2014 ( آخر تحديث: 08/10/2014 الساعة: 16:14 )
بيت لحم- تقرير محمد اللحام -خاص معا - انتهت الاحداث المثيرة لقصة اختطاف الطفل انس بلال المصري 5 سنوات من مدينة قلقيلية في ساعة مبكرة من صبيحة يوم أمس الاحد، بعد مرور حوالي 18 ساعة على عملية اختطاف سينمائية كما في الافلام، من سيارات وابتزاز ومكالمات هاتفية وتحديد مواقع استلام وابتزاز مالي.

ورغم عودة الطفل الا أن هناك اسئلة لا زالت عالقة في هذه القصة وحلقات مفقودة حاولت وكالة معا عبر هذا التقرير أن تسرد القصة وفق الشهود والبيانات.

صبيحة العيد

انس هو اصغر ابناء المواطن بلال المصري من مدينة قلقيلية وله من الاخوة والاخوات خمسة، خرج في تمام الساعة التاسعة والربع صباحا الى دكان قريب لكي يشتري لعبة العيد، وهو مزهوا بملابس العيد الجديدة. وبعد أن دخل الدكان واشترى بعض الحاجيات عاد ليمشي بالشارع حين استوقفه رجل وقال له "كيف حالك أنا صاحب بابا تعال اوصلك عنده" الطفل أنس رفض ذلك واكمل مسيره تجاه البيت الا أن ذلك الرجل اصر على طلبه في نقله بالسيارة إلى والده فحمله ووضعه داخل السيارة التي انطلقت مسرعة خارج المدينة.

أنس مفقود

في منتصف النهار لاحظت الام وافراد الاسرة أن الاطفال من الاقارب والجيران يسألون عن أنس وهو غير ظاهر في المحيط مما ادخل الشك في قلوبهم، فبدأت عملية البحث السطحية الاولية دون تحسب حقيقي لعملية اختطاف.

يسكن أنس مع والده في منزل محاط ومتلاصق بخمسة بيوت لاعمامه وجده حيث تم البحث في كل مكان دون فائدة.

والد أنس الذي كان في زيارات تقليدية للاهل والاقارب بمناسبة العيد تلقى اتصالا هاتفيا في حوالي الثانية بعد الظهر من زوجته تبلغه فيه أن أنس مفقود مما دفعه للعودة للبيت مسرعا لاستيضاح الموقف.

ساعات انتظار وبحث

انتشر الخبر في قلقيلية كلها و"فزعت" الناس وتجمعت من كل حدب وصوب للمساعدة في البحث مع الاجهزة الامنية وشباب التنظيمات الفلسطينية والمؤسسات، حتى تم تمشيط محيط المنزل والبحث في الاماكن المغلقة ثم بيارات الجوافة والبرتقال وصولا للقرى المجاورة.

الاجهزة الامنية تعاملت باهتمام وسخونة مع الحدث وانتقلت للبحث في المحافظات القريبة "نابلس وطولكرم وجنين".

اتصال من الخاطفين

قرابة السادسة مساء رن جرس الهاتف المحمول لوالد أنس ليأتي صوت الخاطف في رسالة مختصرة "ابنك عندنا في الحفظ والصون يوجد بيننا حساب يجب أن نخلصه" حاول والد الطفل أن يفهم أكثر من المتصل "طيب شو الحساب وشو المطلوب" ولكن المتصل من خط "سيلكوم اسرائيلي" اغلقه دون أن يجيب تاركا الوالد في حيرة وقلق ورعب على اخر عنقوده.

وفي تمام العاشرة مساء عاد المحمول ليرن مرة اخرى وجاء صوت المتصل "احنا قررنا ترك الولد وهاي فركة ذان وبتقدر تستلمه عند مفرق نابلس، وخذ اسمع صوت ابنك ..بابا بابا أنا بدي اياك تعال خذني وين أنت؟".

من هو بلال المصري؟

بلال المصري والد الطفل أنس من مدينة قلقيلية 48 عاما رجل اعمال وتاجر معروف على مستوى فلسطين وهو وكيل ومصنع للمعدات الصناعية ويتعامل مع اكثر من 300 تاجر في الوطن وله محلات تجارية في قلقيلية ورام الله والاردن في تجارة واسعة.

وحسب قوله لنا "لا يوجد شخص له علي أي مبلغ مالي رغم تعاملي بمبالغ كبيرة جدا وقد يحدث كثيرا أن لي اموال على بعض التجار وهذا يحدث لطبيعة عملنا بالتجارة".

الطفل والكلاب

توجهت قوة امنية على رأسها مدير الامن الوقائي في محافظة نابلس العميد اياد الاقرع "أبو الفاتح" للبحث في المكان الذي حدده الخاطفين لوالد الطفل الذي قال انها لم تجد شيء في البداية ولكن دون أن تستسلم واستمرت في البحث على مداخل نابلس والقرى المجاورة حتى اصبحت الساعة قريبة من الثانية صباحا.

وعلى مدخل بلدة بيت "ايبا" في نابلس طلب العميد الاقرع من سائق سيارته ان يتوقف بعد سماعه اصوات كلاب مسعورة منتشرة بالمكان وترجل من سيارته مستعينا "بكشاف للاضاءة واذا بالطفل نائما على مقعد أمام محل للمفروشات بالمكان.

ايقن العميد الاقرع أن هذا هو الطفل المنشود واقترب منه بهدوء حتى افاق من نومه وسأله عن اسمه وعندما نطق "أنس" ابتسم الاقرع حد الضحك فرحة بسلامة الطفل البريء.

قلقيلية وعرس ما بعد منتصف الليل

حمل العميد الاقرع وصحبه من الامن الفلسطيني الطفل إلى مدينته قلقيلية ليجد الآلاف في الانتظار فرحا بعودة الطفل المخطوف والذي قفز على عنق والده الملهوف مقبلا خدوده في مشهد بكى له الحضور.

معا تكشف الخاطف

بعد مراجعات مع أكثر من طرف داخل عائلة الطفل والتنظيمات ومصادر أمنية يتبين لنا أن دوافع الاختطاف هي "ابتزاز مالي"، فوالد الطفل كما ذكرنا رجل اعمال وله معاملات مالية عديدة. من بين هذه المعاملات كان هنالك شيكات تقدر بحوالي ربع مليون شيكل مع الوالد بدل بضاعة لاحد الاشخاص "س.ر" وهذا الشخص قد حصل على هذه الشيكات من السيد " ع.ب" وهو يعمل في منصب حساس ايضا.

وكان "ع.ب" قد طالب المصري باسترجاع الشيكات الخاصة به الا أن المصري رفض بداعي أن لا علاقة مالية بينهما، وان هذه الاموال هي استحقاق بدل بضاعة كان قد باعها لرجل اخر هو "س.ر"".

الا أن المصري لم يتوقع ولم يتهم "ع.ب" بالواقعة بل ذهبت الاجهزة الامنية لاعتقال شخص اخر من جنين، تبين أن لا علاقة له بالامر وعادت وافرجت عنه.

المعلومات المتوفرة لدينا تقول أن "ع.ب" قد اعترف في التحقيقات الاولية بالجريمة وبدوافعها.

الطفل من كشف الاوراق قبل الكاميرات

أنس ورغم سنوات عمره الخمسة الا أنه على درجة عالية من الذكاء حيث حدد للمحققين نوع السيارة، وقال لهم إنها "مارسيدس بيضاء قديمة" وهذا فعلا ما اثبتته احدى الكاميرات التي تم مشاهدتها في وقت متأخر، كما حدد أن اثنين من الخاطفين اخوة.

وكشف الطفل أنهم رفضوا أن يسقوه ماء ولم يطعموه رغم أنه قال لهم "أنا جائع" الا أن الامر الغريب أنهم سمحوا له بالذهاب الى الدكان لشراء لعبة العيد ولكن من مصروفه وطبعا كان معه مرافق كبير.

كما أشار الطفل لمكان الاختطاف كمنزل عائلي كانت العائلة بما فيها بعض النساء كما يبدو على علم بمجريات الامور.

انتهت الحادثة بسلام دون أن ينتهي التحقيق بعد لشكوك قوية بتورط بعض الاشخاص في الحادثة وخاصة لحظة الاختطاف والتعريف بالطفل على أنه ابن بلال المصري وهذا ما كان يجهله الخاطفين؟ " معا تمتلك تسجيلات صوتية لمكالمات الخاطفين واسماء كاملة للمتهمين حيث يتورط اكثر من شخص بالحادثة الا انها تتحفظ على نشرها لاعتبارات اجتماعية واعتبارات تخص سير التحقيق".