الأحد: 06/10/2024 بتوقيت القدس الشريف

مدرج "المقدوني" في أريحا يستعد لدخول غبنيس

نشر بتاريخ: 22/10/2014 ( آخر تحديث: 22/10/2014 الساعة: 23:30 )
أريحا – معا - لا يزال دير حجلة، البوابة الشرقية لمدينة أريحا، يبوح يومياً بأسراره وحكاياته، حيث يستقبل المئات من الزائرين والحجاج، من مختلف بقاع الأرض، وعلى اختلاف أديانهم، برسالة سلام دينية، وقيمة ثقافية وحضارية قل نظيرها، لا سيما وهو يرمز للهوية الوطنية الفلسطينية، التي يحاول الاحتلال طمس معالمها.

ففي مدينة النخيل والقمر، التي تعد أقدم مدن العالم، ومن بين زوايا دير حجلة الأثرية، ولوحاته الفسيفسائية العتيقة، يستعد العشرات من العمال الفلسطينيين واليونانيين، لانجاز مشروع مدرج الإسكندر العظيم المقدوني، الذي يحمل بين ضلوعه أكبر خارطة لفلسطين، مصنوعة من الفسيفساء الخالص، ليجري تثبيتها على واجهة الدير الرئيسية، الواقعة في الجهة الشرقية، على بعد نحو ثلاثة كيلو مترات غربي نهر الأردن، في خطوة اعتبرت بمثابة مقدمة لدخول موسوعة "غينيس" للأرقام القياسية، وتشكل تحدياً للاحتلال، الذي يحاول باجراءاته العنصرية، منع البناء والتوسعة في الدير، الذي يُعد الأقدم في العالم.

وفي هذا السياق، أوضح الأب "خريستو" القديس المسؤول بدير حجلة، أن العمل يجري حالياً على قدم وساق، لإطلاق مشروع مدرج الإسكندر المقدوني، وأكبر خارطة فلسطينية فسيفسائية، لتضفي جمالاً ورونقاً خاصاً على الدير القديم والتاريخي، الذي بناه القديس "جراسيموس" العام (455) قبل الميلاد، حيث أقيم على أنقاض المغارة التي ارتاحت فيها السيدة العذراء، خلال رحلتها من مدينة الناصرة، إلى بيت لحم، موضحاً أن هذا العمل هو عمل خالص للبشرية، وستبلغ تكلفته نحو مليوني يورو، وسيفتتح مع نهاية العام الحالي.

وأشار خريستو إلى أن الدير يشهد منذ عدة أشهر، عمليات ترميم، لا سيما لقطع البلاط والموزايكو، التي تم اكتشافها في أرضية الدير، وتعود للعام (1880)، لافتاً إلى إحضار بعض علماء الآثار المختصين، لإنشاء مصنع خاص بعمل لوحات مشابهة، بهدف تشغيل المزيد من الأيدي العاملة من جهة، حيث يجمع الدير حالياً بين ردهاته، عمالاً مسلمين ومسيحيين، يعملون جنباً إلى جنب، وبات يشكل مصدراً لأرزاق أكثر من (50) عائلة فلسطينية، علاوة عن كونه يشكل دخلاً قومياً للوطن، ويعبر عن هوية وطنية وحضارية، وينقلها للعالم أجمع، وللحد من تكلفة استيراد مثل هذه الزخارف، باهظة الثمن، من جهة أخرى.

وفي الآونة الأخيرة، شُيد في دير حجلة العديد من المشاغل والورش الصغيرة، بما يؤهله للوصول إلى درجة الاكتفاء الذاتي، وتمويل نفسه بنفسه، فضلاً عن تقديم المساعدة للمحتاجين، بحيث أصبح مقصداً لذوي الحاجة، الذين يعانون من ضيق العيش، وقلة ذات اليد، فلا يرد صاحب مظلمة، أو صاحب حاجة، في رسالة إنسانية واجتماعية، تشير إلى عمق العلاقة بين مسلمي ومسيحيي هذه الأرض المقدسة.

ويندهش الزائر لدير حجلة، لما يرى من جمالية المشهد في هذا المكان، الذي تحول من كنيسة قديمة ومهجورة، يصعب العيش فيها، إلى منتجع سياحي، يعجّ بالمتنزهين، وأفواج السياح العرب والأجانب، تحيط به الحدائق والمتنزهات من كل جانب، فضلاً عن أشجار النخيل التي حولته إلى واحة خضراء يانعة، يتوفر فيها كل ما يحتاجة السائح، من مطاعم وفنادق وملاعب، ليصبح دير حجلة، رمزاً للتعايش الإسلامي المسيحي في فلسطين، وصرحاً سياحياً فلسطينياً بامتياز، تعبق قيمته الدينية والتاريخية، من بين أروقته وزواياه الأثرية.

يشار إلى أن الإسكندر المقدوني، هو أحد ملوك مقدونيا الإغريق، ومن أشهر القادة العسكريين والفاتحين عبر التاريخ، وكان ولد سنة 356 ق.م، وتتلمذ على يد الفيلسوف والعالم الشهير أرسطو، حتى بلغ ربيعه السادس عشر، وبحلول عامه الثلاثين، كان قد أسس إحدى أكبر وأعظم الإمبراطوريات التي عرفها العالم القديم، والتي امتدت من سواحل البحر الأيوني غرباً، وصولاً إلى سلسلة جبال الهيمالايا شرقاً، ويُعد أحد أنجح القادة العسكريين في مسيرتهم، إذ لم يسبق أن هُزم في أي معركة خاضها على الإطلاق.