الأربعاء: 27/11/2024 بتوقيت القدس الشريف

"المعشوق" الفلسطيني بلبنان غياب للاعتراف وحياة مزرية

نشر بتاريخ: 20/11/2014 ( آخر تحديث: 20/11/2014 الساعة: 15:41 )
بيروت- معا - يعتبر مخيم المعشوق إحدى التجمعات الفلسطينية المنتشرة في منطقة صور، وتعاني التجمعات الفلسطينية من حرمان شديد، فهي غير مشمولة بخدمات الأونروا لإنها لا تصنف على أنها مخيم، بل تعتبر بلدة لبنانية تسري عليها القوانين اللبنانية لكن على قاعدة واجبات من دون حقوق.

ويبلغ عدد سكان المعشوق حوالي 4000 نسمة، وهم عبارة عن 525 عائلة كلها من لواء الجليل وخاصة قضاء عكا وصفد من قرى الغابسية والدامون وقديثا والشيخ داوود وتربيخا والعديد من اللبنانيين والمجنسين.

ويقول المؤلف والكاتب الفلسطيني جهاد دكور: يقع المعشوق شرقي مدينة صور على بعد حوالي كيلو متر عنها، ويحده من الشرق الرمالي ومخيم البرج الشمالي وخراج قرية برج الشمالي، زيحده من الغرب المساكن الشعبية ومنطقة بلعوطة السكنية، ويحده من الشمال المشروع الأخضر وبساتين وأراضي زراعية، ويحده من الجنوب أراضي زراعية تابعة للجفتلك.
|304448|
ويؤكد دكور كان المعشوق موقعاً "حصيناً"، لأن تلته تشرف على صور ومنطقتها حتى البحر، ويعتقد بأن الموقع كان مركزاً للدفاع عن صور وأهلها.

ويوجد في المعشوق مركزاً صحياً تابع للأنروا "عيادة"، لكنها تعمل ليومين فقط في الأسبوع، وهي لا تحوي مختبر، أو أشعة، أو أطباء مختصين، بل هناك مراجعة صحية عامة للأطفال والحوامل، ويضطر المرضى لزيارة عيادة مخيم البص، ولا تجمع الأنروا النفايات مثل باقي المخيمات، وإنما تقوم اللجنة الشعبية بجمع النفايات مقابل مبلغ مقطوع قيمته 5000 من كل بيت.
|304449|
أما بالنسبة للكهرباء فإن اللاجئين الفلسطينيين يدفعون رسوم كهرباء، في حين لا يدفع الفلسطينيون في المخيمات في العموم رسوم كهرباء، وتدفعها الأنروا أو جهات مانحة كدفعات سنوية.

ويؤكد دكور أن في التجمع يوجد مدرسة ابتدائية تابعة للأنروا تدعى مدرسة الطنطورة، أما طلاب المرحلة المتوسطة أو الثانوية فإنهم يضطرون الى التوجه الى مدارس مخيم البص والرشيدية، ويعمل سكان مخيم المعشوق في الأعمال اليومية مثل الزراعة وأعمال البناء مقابل أجور لا تلبي الحاجات الفعلية لعائلات التجمع.

وتبلغ مساحة المشعوق حوالي كيلو متر مربعاً واحداً، وبه آثار رومانية وهي عبارة عن قناة "تمد" كانت تحت منطقة المشعوق جوارها بالمياه من رأس العين وتدير مطحنة للحبوب هناك.
|304447|
وعن التسمية يقول الشيخ إبراهيم سليمان أن المعشوق ويقال "المعشوقة" قرية صغيرة على باب صور فيها قبر يقال قبر المعشوق، بني عليه الشيخ عباس المخمد حاكم صور من آل على الصغير قبة سنة 1189، وبني قبة أوصى أن يدفن فيها والظاهر أن إسم القرية المعشوقة وأما المعشوق فاسم صاحب القبرويه سميت القرية، ويقال أن المعشوق مدفون فيه وليان أحدهما يدعى أبو عباس والآخر المعشوق.

ويتميز مخيم المعشوق بالمقبرة الشهيرة مقبرة المعشوق، حيث كانت ولسنوات طويلة مكانا لدفن أموات مخيمي البص والبرج الشمالي والتجمعات الفلسطينية الأخرى مثل الشبريحا. ومع بناء مقبرة في مخيم البرج الشمالي قبل عدة سنوات، فإن سكان مخيم البص والتجمعات الفلسطينية القريبة الأخرى لا زالوا يدفنون مواتهم في هذه المقبرة، فضلا عن موتى سكان تجمع المعشوق.

تجمع المعشوق ومقبرته الشهيرة هي مثال حي لمعاناة الإنسان الفلسطيني في لبنان، حيا كان أم ميتا. فالمقبرة هي مكان للعب ورمي النفايات، وهي مستباحة من قبل عموم الناس، حيث لا يوجد سور يحيط بها ويرد عنها العابثين أو يمنع الناس من رمي النفايات فيها.
|304450|
ومع أن اللجنة الشعبية في تجمع المعشوق هي المسؤولة فعلياً عن معالجة هذه الأزمة، إلا أن سوء إدارة أمر المقبرة ولعقود طويلة جعل المقبرة مكاناً لا ليستريح الأموات بل لرمي النفايات.

ولم تجد اللجنة الشعبية مكانا تضع فيه حاويات الزبالة إلا في مقبرة المعشوق، وتبرر قولها أن الناس ترفض أن توضع حاويات الزبالة أمام بيوتها لأسباب عديدة منها الروائح الكريهة، ومنها أن جمع النفايات لا تتم بانتظام فهي قد تمكث لعدة أيام من دون أن تنقل الى المكان النهائي لها.

أما لعب الأطفال، فهو يعود إلى أن تجمع المعشوق لا يوجد فيه مكان مخصص يلعب فيه الأطفال، فلا يجدون إلا مقبرة المعشوق خاصة أنها قريبة جداً من منازلهم.

ونشأ المعشوق على أثر النكبة الفلسطينية سنة 1948، حيث وجد بعض أولئك البؤساء المقتلعون من أرضهم، تلك البيوت الفارغة فسكنوها، ولما كانت قوافل البؤس لا تنقطع فقد أخذ الناس يبنون بيوتاً من الطين ويسقفونها بالخشب والقصب والتراب أو الصفيح والتنك ثم بنيت حجارة الباطون فيما بعد.

وفي العام 1970 تدفق بعض اللبنانيين على المعشوق وعمروا بيوتاً إسمنتية في الأراضي الزراعية التابعة للدولة اللبنانية، ثم أخذ الناس يبنون، فتوسع تجمع المعشوق وتضخم وأصبح قوي البنيان منيع الأركان لكن تلة المعشوق بالذات تابعة للأوقاف الإسلامية وهي تمثل المعشوق الأساسي.

ويتميز أهالي المعشوق من فلسطينيين ولبنانيين بالعلم والثقافة، حيث يوجد العديد من خريجي الجامعات العاملين بعدة وظائف وخاصة مع وكالة الغوث الأنروا، ومنهم الكتاب والأدباء والمفكرين والعاملين في الحقل الإجتماعي والوطني.

يوجد في المعشوق عدة محلات تجارية وصناعية وخدماتية كما يعمل بعضهم على سيارات الأجرة وبيع الخضار على سيارات نقل ويعمل بعضهم في الزراعة وتربية المواشي وعمال وفنيون.

ويوجد العديد من المراكز العامة التي تقدم خدمات للأهالي لا تنكر وقد نشات بالتدرج ولكن بنشاط اللجان الشعبية والثقافية المتعاقبة منها: مدرسة الطنطورة التابعة للأنروا، عيادة المعشوق التي تقدم حوالي يومين في الإسبوع وهي تابعة للأنروا، مجمع خليل الوزير ويضم مسجد جامع تديره دائرة الأوقاف الإسلامية، مستوصف تابع للهلال الأحمر الفلسطيني، روضة للأطفال بتمويل من حركة فتح، مسجد الوحدة الإسلامية ويتبعه مركز الخميني الطبي الذي يقدم خدمات للجميع دون إستثناء وبأسعار زهيدة، مسجد وحسينيتان في حي تربيخا، ثلاث مقابر، مكتب اللجنة الشعبية التابع لحركة فتح، حاووز للمياه يقدم المياه لجميع الأهالي دون إستثناء.

تعرض مخيم المعشوق منذ السبيعنيات حتى العام 2006 لإعتداءات إسرائيلية عديدة من القصف المدفعي والصاروخي والإجتياح والتعذيب والتنكيل والتهجير، ما أوقع العديد من الشهداء، كما قام أبناؤه بعمليات ضد العدو الإسرائيلي فاستشهد العشرات منهم.

ويشارك أهالي مخيم المعشوق بعضهم البعض في المناسبات العامة سواء المفرحة أو المحزنة وخاصة في الأعياد والمآتم.

تقام معظم الأفراح في المعشوق في الساحات العامة، حيث تنصب السرادق ويتجمع الأحباب والأصدقاء للمشاركة والفرح وأما المآتم فيختار أصحابها المكان والشوارع هي المجال الأبرز لها أو في الحسينيات والمساجد.