الأربعاء: 27/11/2024 بتوقيت القدس الشريف

لا تدعوا الصحافة تسرق الكرة الذهبية

نشر بتاريخ: 26/11/2014 ( آخر تحديث: 26/11/2014 الساعة: 17:07 )
بقلم: مجد البهو
على الرغم من أن موعد إعلان الفائز بالكرة الذهبية يأتي في كانون ثاني يناير من العام المقبل، إلا أن مختلف وسائل الإعلام والعديد من الصحفيين أعدُّوا العدة منذ أشهر، وجهزوا الأسلحة وبدأوا بحشد التأييد والتضخيم الإعلامي لصالح المرشح هذا أو ذاك.

قبل الحديث عن أحقية اللاعبين المرشحين للتتويج بالكرة الذهبية، دعونا نتحدث عن معايير ترشيح اللاعبين، ما الذي تأخذه اللجنة المعينة من قبل الفيفا لاختيار المرشحين لنيل الجائزة؟ الانجازات الشخصية؟ الانجازات الجماعية؟ الحقيقة أن لا أحد يعلم بالضبط إلى ماذا تستند هذه اللجنة في اختياراتها، من متابعتي للاختيارات أرى أن هذه اللجنة تعتمد على الأخبار الصحفية والتضخيم الإعلامي!

كلنا يعلم أن هناك العديد من الأسماء الذي يتم ترشيحها على الرغم من اليقين أنها لن تفوز بالجائزة، يتم ترشيحها إما مجاملة للاعب أو للنادي أو للجماهير أو للصحافة وأخبارها، وأن الأسماء الثلاثة أو الأربعة المرشحة الفعلية لنيل الجائزة تكون معروفة، وفي اعتقادي أنها ستنحصر بين الثنائي الاعتيادي، ليونيل ميسي وكريستيانو رونالدو، بالإضافة إلى اسم جديد دخل المنافسة وهو الحارس الألماني مانويل نوير.

لماذا يتم ترشيح ليونيل ميسي؟
لا تقولوا عني مجنون، فأنا أعلم مثلكم عن أسطورية هذا اللاعب وإنجازاته الفردية والجماعية وأحب أيضاً هذا اللاعب وأستمتع بآدائه، لكن لننظر إلى الموسم الماضي، ولنكن منطقيين وواقعيين، فقد تم ترشيح اللاعب استناداً إلى مقولة "فخامة الاسم تكفي"! لم يحقق الاعب أي إنجاز جماعي، حيث لم يتحصل برشلونة على أي لقب.

وحتى على المستوى الفردي فلا هو هداف الدوري ولا هداف دوري الأبطال ولا هداف كأس ملك اسبانيا، وحتى لمن يتذكر، فإن ميسي العام الماضي ليس ميسي العادة، كان ميسي الذي يمشي في الملعب فقط.

قد يفكر أحدكم بمونديال البرازيل الذي لعب فيه ميسي المباراة النهائية مقابل العملاق الألماني، لكن حتى المونديال، فلم يكن ميسي هو القائد الحقيقي لقيادة الأرجنتين للنهائي، ماذا عن الفدائي ماسكيرانو الذي لم يتوقع أحد الآداء الذي قدمه؟ ماذا عن النحيف أنخيل دي ماريا؟

وحتى جائزة أفضل لاعب في المونديال شكك الكثير بأحقية ميسي بها وأعتقد أيضاً أنها أعطيت له استناداً إلى مقولة "فخامة الاسم تكفي". في المحصلة، لو كنت أحد أعضاء لجنة الترشيح لعارضت ترشيح ليونيل ميسي. وحتى رقمي زارا وراؤول جونزالس الذي حطمهما ميسي مؤخراً، فلم يحطمهما اللاعب هذا العام بل خلال عقد كامل، ولم يحتاج هذا العام إلا لتسجيل كم أقل من الاعتيادي بالنسبة لهذا اللاعب لتحطيم الرقمين.

لماذا يفوز الحارس الألماني مانويل نوير بالجائزة؟
أنا أيضاً أتفق مع الكثيرين وأعتبر أنه الأفضل في حراسة المرمى في العالم في هذه الفترة، وأنه ساهم بصورة كبيرة في نجاحات المنتخب الألماني كما بايرن ميونخ البافاري، وأنه هو المنافس الأكبر للبرتغالي رونالدو، لكن لماذا يفوز بالكرة الذهبية؟

لأنه حصل على المونديال ربما وأنقذ مرمى الألمان من العديد من الأهداف المحققة وشبه المحققة، لكن المفارقة وإن فاز مانويل نوير بالكرة الذهبية أنه لم يفز بجائزة أفضل لاعب في المونديال، بل أعطيت مجاملة لليونيل ميسي. ثم ما هي إنجازات مانويل نوير العام الماضي؟ أعتقد أن الحصول على الدوري الألماني عادي جداً بل وسهل بالنسبة للعملاق البافاري فهناك شبه احتكار للدوري من قبل النادي، حتى إنه كاد يحصل على الدوري بدون ولا خسارة لولا السقوط المفاجئ أما أوجسبورج بهدف دون رد.

إذا كان نوير يستحق الكرة الذهبية، فلماذا لم تمنح للحارس الاسباني ايكر كاسياس عقب مونديال جنوب افريقيا عام 2010؟ وهو الذي قاد المنتخب للحصول على كأس العالم وأنقذ مرمى الإسبان من العديد من الأهداف المحققة، أبرزها انفرادات الهولندي أرين روبن في المباراة النهائية، ولولا هذا الحارس لما حلم الإسبان بالمونديال.

بل لماذا أيضاً لم يتم منح الجائزة للرسَّام أندريس انيستا صاحب هدف المونديال الوحيد في المباراة النهائية والمتألق في تلك الفترة؟ بل تم منح الجائزة لليونيل ميسي صاحب "اللاإنجاز" في ذلك العام، فلم يفعل شيء سوى الحصول على الدوري الاسباني مع ناديه برشلونة بل وخرج مبكراً من كأس العالم، فقد أعطيت الكرة الذهبية لميسي عام 2010 أيضاً استناداً إلى مقولة "فخامة الاسم تكفي".

أعطوه الثالثة فإنه يستحقها
كريستيانو رونالدو، أليست فخامة الاسم أيضاً تكفي؟ لا يجب أن يحصل على الجائزة على هذا الأساس، بل لأنه المبدع والممتع والمقنع والأحق فيها هذا العام. إذا أردنا الحديث بالإنجازات الفردية وهي الأساس، فهو هداف الدوري الإسباني بلا منازع، وهداف دوري الأبطال الذي سجل أعلى عدد من الأهداف في دورة واحدة في تاريخ البطولة كلها (17 هدفاً) محطماً رقم ميسي وألتافيني من قبله ب (14 هدفاً)، وقد حصل اللاعب على الحذاء الذهبي كهداف للبطولات الأوروبية، ثم ألم يصبح رونالدو الهداف التاريخي لمنتخب البرتغال متفوقاً على الأسطورة أوزيبيو؟

أما على المستوى الجماعي، ألا يكفي أنه حقق مع الريال دوري أبطال أوروبا (حلم العاشرة)؟ ألا يكفي أنه حقق كأس الملك أيضاً رغم أنه لم يلعب النهائي للإصابة؟ هذا عدا عن السوبر الأوروبي الذي حققه نادي مدريد على حساب اشبيلية بهدفي حاسمين لكريستانو، وأيضاً رونالدو مرشح قوي مع الريال للفوز بكأس العالم للأندية المقرر إقامته في المغرب وربما يكون هداف البطولة أيضاً!

ماذا عن مونديال البرازيل المخيب للآمال بالنسبة لرونالدو ولمنتخب بلاده؟ أولاً لم يخيب رونالدو الآمال بل المنتخب البرتغالي، وشاء القدر أن يأتي هذا اللاعب الأسطوري في منتحب لا يمتلك إمكانيات تحقيق نتائج كبيرة في كؤوس العالم، فلم يساعد المنتخب رونالدو على فعل شيء في كأس عالم، خاضه رونالدو مصاباً ورغماً عن الطاقم الطبي في محاولة منه لمساعدة منتخب بلاده، بل وجميعنا يتذكر أن رونالدو خاض نهائي دوري أبطال أوروبا وهو مصاب ولم يفعل شيء في تلك المباراة، إلا أن التاريخ سيتذكر أنه سجل هدفه ال 17 في المباراة النهائية.

ثم من الذي أهَّل البرتغال للمونديال بعدما لعبت الملحق في مواجهة ليست سهلة أمام رفاق زلاتان ابراهيموفيتش؟ ألم يسجل رونالدو سوبر هاتريك ذهاباً وإياباً ليتأهل البرتغال؟

وحتى مع بداية هذا الموسم، يظهر رونالدو خارق أكثر، وربما سيفعل أفضل مما فعله في العام الماضي إذا استمر على نفس الآداء، معدل تهديفي خرافي، ولياقة بدنية لا تُضاهى، لعب جماعي وصناعة للأهداف ولمسة فنية غير عادية.

إذن، فلتعطى الكرة الثالثة لمن يستحقها، وليتوج بها كريستيانو، وأنا شخصياً أعتقد أن عدم حصول كريستيانو رونالدو على الكرة الذهبية، يفقد الجائزة الكثير من أهميتها وجديتها ومتابعيها، وعلى الفيفا تحديد معايير الترشيح والاختيار أكثر لتفادي الانتقادات، وعلى الصحافة أن تعمل بضمير وأن تقول الحق، وأن تعطي كل ذي حق حقه.