الأربعاء: 20/11/2024 بتوقيت القدس الشريف

لا تستعجلوا الحُكم على لويس إنريكي

نشر بتاريخ: 30/11/2014 ( آخر تحديث: 30/11/2014 الساعة: 20:09 )
بقلم: مجد البهو

دعونا نتفق منذ البداية على أن الصحافة تُسهم بإقالة المُدربين كما تُسهم في تعيينهم في آن واحد، وعند تعيين أي مدرب، تبدأ الصحافة بانتظار نجاحات المدرب وانتظار أكبر لإخفاقاته، وتضعه تحت المجهر إلى أن يقع تحت ضغط رهيب، إما يتخطاه وينجح ويقود الفريق، أو أن هذا الضغط يساهم في إخفاق المدرب ورحيله عن الفريق في نهاية الأمر.

منذ تعيين مدرب برشلونة الحالي لويس إنريكي بل وقبل تعيينه، بدأت الصحافة بتسليط الضوء على الأدوار التي سيلعبها هذا المدرب وعلى التغييرات التي من المتوقع أن يقوم بها المدرب القادم من سيلتا فيجو الإسباني، حتى إن بعض الصحفيين والرياضيين بدأوا بالحكم على نجاح إنريكي أو إخفاقه منذ الجولات الأولى لليغا الإسبانية.

فريق لا يخسر
مع مرور أول ثماني جولات من الدوري الإسباني، بدأت الصحافة تتغنى بالإنجازات التي يُحققها المدرب مع المجموعة التي يمتلكها، وعلى سجل الانتصارات التي يقدمه الفريق، ومع الخسارة الأولى التي كانت أمام البلانكو مدريد، بدأت الصحافة بمهاجمة المدرب والفريق، أتسائل، هل يجب على فريق بحجم برشلونة ألا يخسر أبداً؟! هل يجب أن يفوز تحت كل الظروف؟

من الطبيعي أن يخسر، مرة واثنتين بل وأكثر، علينا أن نتذكر أن أول ثمان مباريات للمدرب الأرجنتيني خيراردو مارتينو (تاتا) مع الفريق الكتالوني كانت كلها انتصارات، وبل وقد انتصر على مدريد ذهاباً وإياباً، ولكنه في النهاية خرج من الباب الصغير للكامب نو دون أي بطولة.

نفس الأمر فعلته الصحافة مع المخضرم كارلو أنشيلوتي مدرب الفريق الأبيض ولكن بالعكس، فعندما بدأ الموسم متعثراً بخسارة السوبر الإسبانية ومن ثم أتت الخسارة أما ريال سوسيداد وأتلتيكو مدريد في الدوري، هاجمت الصحافة الفريق، وعندما عاد الفريق إلى السكة وسجل 16 انتصاراً متتالياً، تصفهُ الصحافة الآن بأنه الفريق الأفضل في أوروبا، مع العلم بأن مدريد يمكن أن يخسر في أي وقت الآن ومن أي منافس، لأن هذا الوضع الطبيعي في كرة القدم، لو كان الفريق سينتصر دائماً، ما الفائدة من وجود المنافسة؟ وما هي أهمية مشاركة الفرق الأخرى؟

إذن، على الصحافة أن تفهم بأن الفريق يجب أن يخسر، والخسارة أمر صحي في كرة القدم، وقبل أن نُعلِّم الجماهير تقبل ثقافة الخسارة في كرة القدم، يجب أن تتعلم الصحافة أن تتقبل الصحافة دون الحكم على اللاعبين والمدرب والفريق.

إما البطولات أو الاستقالة
لماذا حُكِم على المدرب تاتا مارتينو بالفشل وانتهى به الأمر إلى الإقالة؟ ألأنه لم يحقق بطولات؟ أنا شخصياً لا أعتقد أن برشلونة كان سيئاً لهذه الدرجة الموسم الماضي تحت قيادة الأرجنتيني، الفريق نافس إلى آخر جولة في الليغا وخسرها أمام فريق أتلتيكو مدريد الذي كان يعيش فترة غير عادية، ولعب نهائي كأس الملك أما مدريد وخسره بنتيجة 1-2 في اللحظات الأخيرة، وحتى في دوري الأبطال خرج أمام أتلتيكو مدريد في دور الثمانية. على الأقل استطاع الأرجنتيني كسب الكلاسيكو ذهاباً وإياباً، كما هزم مانشيستر سيتي القوي ذهاباً وإياباً أيضاً في دوري أبطال أوروبا.

كان يجب مراعاة أن تاتا مارتينو، حمل إرثاً ثقيلاً، خلفه المدرب بيب جواريولا، باعتبار أنها نفس التشكيلة التي لعب بها تقريباً، وقد رافقت فترة إدارة هذا المدرب للفريق العديد من المشاكل، الإدارية منها وخلافات بعض اللاعبين مع إدارة النادي، كما كان هناك مشكلة صفقة البرازيلي نيمار والتي أدت إلى استقالة رئيس النادي، كما أصيب ليونيل ميسي الأسطورة الأرجنتينية للفريق وحامل اللواء، وقد أثر هذا على مستواه بالإضافة إلى قضايا التهرب الضريبي التي ورطه فيها والده والتي أثرت أيضاً على ذهنيته، باعتقادي أن الموسم الأول للأرجنتيني لم يكن بهذا السوء، وكان بالإمكان الصبر عليه ولو قليلاً. السؤال المطروح الآن، ماذا لو لم يحقق لويس إنريكي بطولات مع الفريق هذا الموسم؟


قلة الخبرة
لا يبدو أن الإسباني لويس إنريكي أكثر خبرة من الأرجنتيني جيراردو مارتينو، فعلى الرغم من أن إنريكي لعب للبرسا والريال، ودرب فرقاً في أوروبا أكثر من مارتينو القادم من الأرجنتين، فإنه يظهر بمظهر المدرب قليل الخبرة وخصوصاً في التعامل مع التشكيلة والمواجهات الكبيرة.

فبعد أن درب إنريكي الفريق الثاني لبرشلونة، انتقل إلى روما الإيطالي في تجربة فاشلة، خرج من إيطاليا بعد هجوم شرس من الصحافة والمشجعين ليعود إلى إسبانيا وتحديداً إلى سيلتا فيغو في تجربة إن لم توصف بالفاشلة فهي ليست بالناجحة. وتظهر قلة الخبرة عند إنريكي في العديد من النقاط، أهمها التغيير المتواصل في التشكيلة حتى وصل الأمر إلى تغيير خمسة أو ستة لاعبين من مباراة لأخرى، ما حرمه من خلق توليفة واضحة قادرة على التفاهم والخروج من الأزمات خاصة في المواجهات الكبيرة، بل وصل الأمر في إنريكي إلى إلغاء دور العديد من النجوم، فبعد أن بدأ الموسم معتمداً على الصاعد المتألق العربي منير الحدادي، أصبح لا يظهر الآن إلا بديلاً في آخر المباريات، وهذا يؤثر على شغف اللاعب ومستواه واستمراريته في العطاء.

يظهر أيضاً ضعف خبرة إنريكي في التعامل مع المواجهات الكبيرة، وقد اتضح هذا في أول مواجهة جمعته مع المرعب ريال مدريد بقيادة الجنرال الإيطالي، عندما زج بسواريز الذي كان خارج الملاعب لفترة طويلة، والاستغناء عن السريع والمزعج خوردي ألبا في الجهة اليسرى والاستعاضة عنه بالمدافع ماتيو. ولم يقف الأمر هنا، فالمدرب قليل الخبرة في المواجهات الأوروبية أيضاً، للمرة الأولى يلعب دوري الأبطال ومن المعروف أن مواجهات الأبطال تختلف عن أي مواجهة أخرى.

في النهاية، يجب إعطاء الرجل وقته حتى يُنظم البيت الكتالوني المبعثر في السنوات الأخيرة، وحتى يصل إلى التشكيلة التي يعتبرها مثالية من مجموعة اللاعبين الموجودة ضمن خياراته، وعلينا انتظار نهاية الموسم الجاري، لنرى، هل سيفشل إنريكي أم ينجح بانتشال سفينة برشلونة من الغرق؟