لنترك هدم الكنس في غزة للسلطة حتى تتلوث سمعتها في العالم
نشر بتاريخ: 09/09/2005 ( آخر تحديث: 09/09/2005 الساعة: 11:31 )
ترجمة : معا
لن يكون مجدياً ان نتساءل عن مدى الجدية والاخلاص لدوافع اولئك الذين يعارضون قرار الحكومة تدمير الكنس في غوش قطيف ,,، بعض الوزراء الذين صوتوا ضد القرار ، كانوا قد ايدوا عملية الانسحاب ، ليس هذا فقط ، بل لقد عرض بعض هؤلاء ان يتم اعطاء البيوت في غوش قطيف للفلسطينيين ، اما القسم الاخر منهم فقد عارض بشدة عملية الانسحاب ، ورأوا في عملية الابقاء على الكنس سليمة كما هي ، وكأنها مؤشر على عودة قادمة الى غزة.
الى جانب الجدل الديني والتوراتي المعارض لهدم هذه الاماكن المقدسة, فإن هناك وجهات نظر تقول ان تدمير الكنس قد يعطي بطريقة او بأخرى الشرعية لاولئك المعادين للسامية ، للقيام بهدم تلك الكنس القائمة (( لكن لا احد يؤمها )) في المناطق غير المكتظة باليهود, او تلك التي لا تتواجد فيها جاليات يهودية, لكن اضافة الى الرغبة في الحفاظ على هذه الكنس ، فإن هناك امكانية عملية تلعب دوراً هاماً بذلك ، وهي افضل من قضية العلاقات العامة المثارة ، لكن اذا كان لابد من هذا الفعل المشؤوم, واذا لم يكن مناص منه ، فلندع ذلك للفلسطينيين للقيام به لا للاسرائيليين ، وذلك حتى يظهروا للعالم بشكل سيء ... ان مقدم هذا المقترح والذي يحمل المسؤولية عن مصير هذه الكنس للفلسطينيين , يحاول شرح موقفه هذا بإعطاء ما يمكن ان يسمى التفاصيل الكريهة للممارسات الفلسطينية ضد الاماكن المقدسة لليهود ، ابتداء من تدنيسهم المقبرة اليهودية في جبل الزيتون في حقبة الحكم الاردني حتى احراقهم لقبر يوسف في نابلس في بداية الانتفاضة ....
معارضوا هدم الكنس يستعرضون بفتور واضح سوابق مشجعة, وذلك حتى لا يتهمون بالنفاق ، وذلك فيما لو ان الفلسطينيين فعلاً سوف يدمرون الكنس ، فبأي صيغة سوف يتم تحميلهم المسؤولية.
ان الموضوع هو مثار جدل بين الاسرائيليين ، وكما العادة وبعيداً عن الفلسطينيين ، ومن يريد هؤلاء الذين يثيرون مسألة الكنس ، ان يكون المسؤول عنها ، وبالتالي توجيه اللوم اليه.
المحكمة العليا لم تكتفي بالرفض الفلسطيني القاطع لتولي المسؤولين عن الكنس ، وانما اصرت على الطلب من شارون ان يتوجه اليهم بالحفاظ عليها .
الفلسطينييون بدورهم قد يتساءلون من حيث المبدأ هل فقط ان ما يجب الحفاظ عليه هو الكنس ، ام ان ذلك ينسحب على المساجد المهجورة والكنائس ، وهل الطلب من الفلسطينيين او اي جهة دولية اخرى بتولي المسؤولية عن الكنس ينطبق على الحكومة الاسرائيلية فيما يتعلق بالكنائس والمساجد المهجورة ؟؟. واذا كنا نستعجل كشف عورات الفلسطينيين وعيوبهم ونريد فضحهم امام العالم بهذا الشكل ، فهل لدينا الاستعداد والجاهزية لكشف عورات اسرائيل ،وعيوبها بالنسبة للاماكن المقدسة لغير اليهود ، مسلمين ومسيحيين؟؟
من اصل 140 مسجدا هناك 100 تم تدميرها بشكل كامل
من بين 140 مسجداً تم تركها خلال حرب عام 1948 حوالي 100تم تدميرها بشكل كامل ، اما الباقي وهي حوالي 40 فهي في مراحل متقدمة من التهالك وعلى وشك الانهيار او تم استخدامها من قبل اليهود لاغراض مختلفة.
في احدى القرى الزراعية في جبال الكرمل ، هناك مسجد لا تزال آثاره تدلل على مدى الروعة التي كان بها ، وهو بحالة تدعوا الى الرثاء ، فجدرانه متداعية ، محاط بأسلاك شائكة.
ان طلبات الحاضرين الغائبين من اللاجئين (( الفلسطينييون الذين يعيشون في اسرائيل, لكنهم مصنفون من قبل الدولة على انهم " الحاضرون الغائبون " وذلك لتجنب مطالبتهم بالملكية لاملاكهم )) لاعمار واصلاح المسجد تم رفضها من قبل السلطات الاسرائيلية.
مسجد آخر ، كبير ، في القرية الزراعية في جبال "يهودا" يستعمل كمخزن ، وورشة لاصلاح الماكنات الزراعية ، اضافة الى ذلك هناك حوالي عشرين موقعاً آخر على وشك الانهيار .
عام 1997 ، وعندما رغب سكان منطقة في الجليل الغربي توسيع بناءهم ، قاموا بتدمير بقايا احد المساجد وذلك بإستخدام جرافة ودمّروه بشكل نهائي ، وعلى مسافة ليست بعيدة عن ذلك المكان ، لم تسمح السلطات الاسرائيلية للفلسطينيين بالصلاة في احد المساجد القديمة الموجود في قرية مجاورة مهجورة ، معتبرين ان هذه ليست سوى "صلاة" سياسية ، على الاغلب استيطانية ، وقد تكون سابقة تقود الى عودة الفلسطينيين .
مسجد يتحول الى بار:
العديد من المساجد يتم استخدامها للسكن ، واخرى يتم استخدامها لاغراض تجارية واخرى ثقافية ، هناك مسجد في الكرمل تم تحويله الى مطعم وبار ، الكنيس الكبير بالقرب من رهوفوت موجود في مسجد مهجور ، وتم تدمير مأذنته واستبدال الهلال الاسلامي ، برمز ديني يهودي ، هذا كله يحدث للمساجد ، هذا اذا ما تغاضينا عن كل تلك الاضرحة والزوايا والتكيات للاولياء والشيوخ والتي تم تحويلها الى اماكن يهودية .
اكثر من 100 مقبرة تم مسخها عن وجه الأرض:
من اصل 150 مقبرة اسلامية ، فقط اقل من 40 باقية ، في المناطق والقرى المهجورة ، وهي معرضة للتدمير والانتهاك والمصادره .....
ان حكومة اسرائيل تعرف تماماً لماذا لاترغب في الطلب من الفلسطينيين حماية تلك الكنس, فماذا لو قام الفلسطينيون وتقدموا ، بجملة من المطالب ترغم اسرائيل على الاهتمام وحماية المساجد الآيلة للسقوط في مناطقها ؟؟ .
كل اولئك الناس - الطيبين - والذين تقطر قلوبهم هماً ، غماً, وحزناً على تدمير الكنس، هل سنسمع منهم صيحة واحدة، صرخة تطالب بالحفاظ على المساجد مثل مسجد اجزم، لجون، و كذلك مسجد الغابسية ؟؟ .
على الاقل عليهم الاقرار والاعتراف ان المشاعر المستثارة لهدم كنس مهجورة هي كذلك بالنسبة لمئات الآلاف من المسلمين في اسرائيل فيما يتعلق بأماكنهم المقدسة .
ربما عندما يعلم كل واحد منا ان الالم لمناظر التدمير والدمار هو شأن عام ، وعالمي ، وليس محصوراً في جنس او عرق بعينه ، ربما عندئذ قد تتوقف الحرب على الاماكن المقدسة .
ميـــــــــــرون بنفنستي
هـــــــــــــــآرتــــــــــس