الخميس: 28/11/2024 بتوقيت القدس الشريف

الشاباك والموساد يتصارعان: من المسؤول عن قطاع غزة ؟

نشر بتاريخ: 20/12/2014 ( آخر تحديث: 23/12/2014 الساعة: 08:41 )
بيت لحم- معا- تدور هذه الأيام معركة خفية خلف كواليس المخابرات الإسرائيلية بين جهاز الشاباك والموساد ليتضح ان المعركة لم تعد مقصورة بين الشاباك والاستخبارات العسكرية بل انضم لها الموساد في ظل الفشل الاستخباري المتوالي والمتتالي الذي يواجه إسرائيل في غزة خاصة بعد العرض العسكري الاخير الذي نظمته حماس والفيلم الذي عرضته وظهر فيه محمد ضيف حيا يرزق حسب تعبير موقع "nrg" الذي نشر التحقيق اليوم السبت بالتعاون مع موقع "مكور ريشون".

وأضاف الموقع بان الكثير من الاحتكاكات تقع أيضا بين الشاباك والموساد بعد ان تم تحويل الكثير من الصلاحيات التي كانت ضمن صلاحيات الشاباك لجهاز الموساد خاصة في موضوع محاربة تهريب السلاح.

وحسب الوقع وحتى نتمكن من فهم أصول وأساس الخلافات يجب أن نعلم بان التشكيلات الأمنية والاستخبارية الإسرائيلية تجد صعوبة كبيرة في توزيع الصلاحيات المتعلقة بقطاع غزة فيما بينها وهنا يقوم الفشل الاستخباري مقابل غزة بتغذية هذه الصراعات والخلافات حيث يدعي كل جهاز بقدرته على العمل بطريقة أفضل.

ويضم المجتمع الاستخباراي الإسرائيلي ثلاثة تكتلات او منظمات كبرى هي قسم الاستخبارات التابع للجيش "امان" يخضع مباشرة لأوامر رئيس الأركان ووزير الجيش، الموساد والشاباك ويخضع قادتهما مباشرة لتعليمات رئيس الحكومة.

ووفقا لتقسيم الصلاحيات "التاريخي" بين هذه الأجهزة تعمل "امان" على جمع المعلومات الخاصة بالمجال العسكري فيما يختص الشاباك والموساد بإحباط العمليات "الإرهابية" ومنع التجسس والتآمر على ان يختص الشاباك بالعمل داخل إسرائيل والموساد خارجها.

لكن عملية "الانفصال" عن غزة عام 2005 خلقت وضعا جديدا وجدت اجهزة المخابرات الإسرائيلية المختلفة صعوبة في التعامل معه وكان اهم سؤال هو هل نتعامل مع قطاع غزة كمنطقة "أجنبية" تقع خارج البلاد وبالتالي تحويل المسؤولية عنها لجهاز الموساد أم لا؟ وفي النهاية تقرر عدم القيام بذلك على ضوء العلاقة الوثيقة بين ما يجري في غزة والضفة الغربية الخاضعة "للسيطرة" الإسرائيلية وتقع ضمن "صلاحية" جهاز الشاباك لذلك بقي الموساد خارج الصورة فيما وصلت الاستخبارات العسكرية العمل في غزة وجمع المعلومات.

وبعد وقت قصير من الإعلان والقرار بان الشاباك هو المسؤول الأول والأعلى عما يجري في قطاع غزة بدأت الاحتكاكات بينه وبين "امان " وكان الجدل والخلاف العلني الذي اندلع نهاية الحرب على غزة بين رئيس الشاباك ورئيس الأركان ووصل حدود مكتب نتنياهو مجرد تعبير واضح عن الخلافات الصعبة السائدة بين الشاباك و"امان" منذ أكثر من ثماني سنوات.

وشكلت عملية اختطاف الجندي "غلعاد شاليط " عام 2006 أزمة حقيقة بين الجهتين الاستخباريتين حيث سارع الشاباك إلى الادعاء بانه قدم إنذارا حول عملية الاختطاف التي يجري التخطيط لها بالضبط في المنطقة حيث وقعت في الواقع واتضح فعلا بان الشاباك نفذ عملية اعتقال ضد "فلسطيني" داخل القطاع وانهار هذا المعتقل وكشف الخطة الدقيقة والتي تم تنفذها فعلا بعد يوم واحد فقط من هذا الاعتراف.

ونفى الجيش والاستخبارات العسكرية ان يكونوا قد تقلوا مثل هذا الإنذار واتهم الشاباك بعد عملية الاختطاف "امان" بأنها لا تخصص لهم ما يكفي من الوسائل التي قد تمكن الشاباك من تحديد مكان احتجاز شاليط لان هذه المهمة كانت من ضمن صلاحية الشاباك بصفته مسئولا عن قطاع غزة فيما يمتلك الجيش كافة الوسائل مثل التصوير الجوي وأجهزة التصنت المركبة على الطائرات دون طيار فيما ردت "أمان" باتهام الشاباك بالعجز وعدم القدرة على أداء هذه المهمة.

ومنذ ذلك الحين فان الفشل الاستخباري لا يتوقف وبان الأمر عبارة عن فشلا يلاحق فشل وكان من أهمها عجز المخابرات الإسرائيلية عن توقع "انقلاب" حركة حماس على السلطة في غزة عام 2007 وسيطرتها الكاملة على القطاع كذلك الفشل في معالجة قضية الأنفاق وصولا إلى الجدل العلني الأخير حول هل قدم الشاباك إنذارا للجيش حول نية حماس الشروع بالحرب الأخيرة وذلك وفقا لادعاء الشاباك الذي أكد انه قدم مثل هذا الإنذار الأمر الذي نفته "امان " وفجر أزمة ثقة عميقة جدا بين الشاباك والجيش وصل صداها الى مكتب نتنياهو الذي عمل على إصلاح ذات البين.

وقال رئيس اللواء الجنوبي في الشاباك الذي أشار إليه التحقيق باسم "ر" خلال تحقيق نشرته "القناة الثانية" بان كل عملية اغتيال نفذها الجيش او الطيران في أي مكان من غزة كانت "ثمرة" لدمج المعلومات الاستخبارية التي حصل عليها الشاباك وتلك التي لدى "امان" تلك الأقوال التي فجرت الخلاف والمواجهة العلنية بين أجهزة المخابرات المذكورة ليتم تعيين "ر" بعد هذه المواجهة في منصب رفيع أخر وأكثر أهمية.

وخلافا للصراع بين الشاباك و"امان" الذي تحول إلى علني لا زالت الاحتكاكات بين الشاباك والموساد تجري "تحت الأرض" ونتجت في الأساس عن محاولة الموساد خلال السنوات الماضية التدخل بما يجري في القطاع بعد أن دخل إلى الصورة من خلال صلاحيته محاربة تهريب الأسلحة خاصة عمليات التهريب ذات المغزى الاستراتيجي التي يمكن عبرها وصول أسلحة هامة من إيران وأماكن أخرى إلى حركة الجهاد الإسلامي وحماس.

وهناك تأثير هام جدا للعلاقة الشخصية التي تربط رؤساء أجهزة المخابرات الإسرائيلية بعضهم ببعض والعلاقات الرسمية بين هذه المنظمات الاستخبارية وتقليديا كانت هناك الكثير من الاحتكاكات بين رؤساء الأجهزة المذكورة استمرت لعشرات السنين مثل الحرب التي اندلعت بين رئيس الاستخبارات العسكرية " امان" ورئيس الموساد بعد حرب أكتوبر عام 1973 واستمرت هذه الحرب حتى يومنا هذا.

وربطت بين رئيس الموساد السابق مائير دغان ورئيس الشاباك السابق أيضا "يوفال ديسكين" صداقة قوية جدا لدرجة أنهم حملوا ذات الآراء المهنية وكلنا نذكر معارضتهم المشتركة لمهاجمة إيران عام 2010-2011 بدعم من رئيس الأركان السابق "اشكنازي".

وباتت حقيقة ان رئيس الشاباك الحالي "يورام كوهن" لا يعمل ولا يبث على ذات الموجة مع قيادة الجيش والاستخبارات "معروفة للجميع خاصة بعد الخلاف " الإعلامي" حول الإنذار المتعلق بالحرب الأخيرة على غزة والرسالة التي بعثها رئيس الأركان "غانتس" إلى نتنياهو ضد رئيس الشاباك وأيضا يمكن القول بان علاقة "كوهن" مع رئيس الموساد الحالي"تمير بوردو" ليست جيدة وذلك وفقا لجهات مقربة من الاثنين.

ووفقا لهذه الجهات "المقربة" ازدادت في الفترة الأخيرة الاحتكاكات بين الموساد والشاباك على خلفية التحويل الرسمي لصلاحيات تتعلق بقطاع غزة من الشاباك إلى الموساد وهي صلاحيات تتعلق بمحاربة تهريب الأسلحة بشكل منهجي ومنظم بحيث يتم متابعتها من بلد "المنشأ" وحتى أماكن إخفائها ومن طلب هذه الشحنات في قطاع غزة.

ولم يكن نقل الصلاحيات عملا سهلا وسلسا بل ترافق بنقاشات وجدال حاد انتهى بإصدار قرار يسمح للموساد بالعمل استخباريا داخل قطاع غزة ما يعني تقليصا لصلاحيات الشاباك على أن يتم هذا التقليص بشكل تدريجي.

وفي معرض رده على تقرير منظومة العلاقات السائدة بين الاجهزة الاستخبارية المختلفة قال جهاز الشاباك في تصريح منسق مع "الموساد" لموقع " nrg" يعمل الشاباك والموساد بشكل مشترك وبتعاون تام وبتنسيق لمواجهة مختلف التحديات والتهديدات في مختلف الساحات والمواقع بما يف ذلك قضية تهريب الأسلحة إلى قطاع غزة ولا يوجد أي توتر حول هذه القضية بل على العكس شهدت السنوات الماضية مستوى تعاون غير مسبوق بين مختلف مستويات العمل في الشاباك والموساد بما يف ذلك رؤساء الجاهزة الذين يعملون كتفا لكتف في سلسلة طويلة من العمليات التي لا تهدف سوى لضمان امن إسرائيل".