بـ"هدوء"- افتتاح متحف إسرائيلي في مسجد بئر السبع الكبير
نشر بتاريخ: 21/12/2014 ( آخر تحديث: 21/12/2014 الساعة: 16:51 )
بئر السبع- تقرير معا - بهدوء تام وبدون مراسيم افتتاح رسمية، فتحت بلدية بئر السبع، برئاسة روبيك دنيلوفيتش، متحفا في مسجد بئر السبع الكبير، وذلك بالرغم من المعارضة الكبيرة للعرب- البدو المسلمين في المدينة وفي ضواحيها. ويعيش في مدينة بئر السبع 10 آلاف عربي، بدون أن يكون لهم مسجد يستطيعون الصلاة فيه.
ويأتي افتتاح المتحف بصورة هادئة وليست رسمية، تحت مسمى "ثقافة الإسلام وشعوب الشرق"، وهذا بدل من الاستجابة لطلبات الجمهور العربي المسلم في النقب، الذين يطالبون بأن يتم تسليمه للصلاة فيه، بدل الانتقال للسكن، خاصة في صلوات الجمعة، إلى شقيب السلام أو تل السبع والبلدات العربية المجاورة.
ويحتوي المسجد الذي بني في مطلع القرن الماضي، على تماثيل لا يمكن وضعها في المكان المقدس. أما المعرض الأول في المسجد فهو معرض للسجاد، بما فيها سجاد الصلاة، حيث سيستمر هذا المعرض حتى يونيو/حزيران 2015. ولكن ما يمكننا الإشارة إليه، هو عدم وجود أي عربي-مسلم في الطاقم "الفني" للمسجد، الذي تديره الدكتورة داليه مانور، ومسؤولة عن العروض فيه الدكتورة شارون لؤور-سيرك.
|309146|
وكانت المحكمة العليا الإسرائيلية رفضت في 2011 طلبا للمسلمين لتمكينهم من الصلاة في المسجد الذي كان مهملا، وذلك في نهاية نضال قانوني استمر لأكثر من عشر سنوات، ونضال جماهيري بدأ في سبعينات القرن الماضي.
بُني عام 1906 بأموال البدو
تمّ بناء المسجد الكبير في بئر السبع في العام 1906، على أيدي الإمبراطورية العثمانية، بأموال عرب النقب البدو. وبقي الفلسطينيون يصلون فيه حتى احتلال المدينة في العام 1948، وبعد ذلك استخدم المسجد كمعتقل ومقرا لمحكمة الصلح في المدينة. وتقول المصادر التاريخية إنّ بناء مسجد بئر السبع كان في عهد آصف بيك قائمقام بئر السبع في نهاية العهد التركي.
وقد أشارت الوثائق إلى فرش المسجد في 1911، حيث تم إرسال سبعة سجاجيد لفرش المسجد، وكذلك تم تعيين ثلاثة موظفين للمسجد المذكور للقيام بالواجبات الدينية، كما تم أيضا عمارة المسجد حسب التقارير الهندسية التي قدمت للبلدية في سنة 1929 وفيها: هدم سقف الجامع القديم واستبداله بالباطون والحديد؛ قصارة سقف الجامع ثلاثة وجوه؛ قصارة المأذنة والحيطان؛ تبليط المسجد؛ بناء بيوت الخلاء - وغيرها من التعميرات الصغيرة.
وقد تمت المصادقة على هذه التعميرات سنة 1929 ودفع مبلغ 160 جنيها على ثلاث دفعات، من قبل المجلس الإسلامي الأعلى حيث كونت لجنة رسمية.
وقد قامت هذه اللجنة بتقديم طلب لدائرة الأوقاف بإصدار الأوامر اللازمة لمهندس الأوقاف أو لمن يراه مناسبا لمراقبة سير العمل بين الحين والآخر.
وكان تمّ تحويل المسجد في العام 1953 إلى متحف للآثار، باسم "متحف النقب"، وفي العام 1987 اعترفت فيه السلطات الإسرائيلية بموجب "قانون المتاحف"، وتم إغلاق المتحف في العام 1992 بعد أن أصبح المبنى آيلا للسقوط، حيث تمّ ترميمه في السنوات الأخيرة.
وذكرت مؤسسة الأقصى للوقف والتراث في وقت سابق، أنّ المؤسسة الاسرائيلية وأذرعها التنفيذية المتمثلة ببلدية بئر السبع حولت المسجد الكبير في مدينة بئر السبع الى متحف. ووصفت هذا الاجراء بأنه "باطل وإمعان من قبلها بإنتهاك حرمة المسجد". وقالت: "المسجد الكبير في بئر السبع هو مكان مقدس ووقف اسلامي خالص لا يمكن تحويله الى أي هدف آخر". وأضافت المؤسسة: "حولته البلدية اليوم الى متحف تهويدي، يتضمن صوراً وتماثيل وعروض مشينة داخل المسجد، الأمر الذي يمس بالمشاعر، بل بعقيدة المسلم، الذي يتوجه الى الله بالصلاة في المساجد وبيوت الله".
|309147|
النضال القانوني
وكان مركز "عدالة" الحقوقي ومنظمات حقوقية في النقب، بينها جمعية مؤازرة وحماية حقوق البدو بالإضافة إلى مواطنين عرب في مدينة بئر السبع، قدموا التماسا إلى المحكمة العليا الإسرائيلية في العام 2002، طالبت فيه بالسماح للسكان المسلمين في بئر السبع ومنطقة جنوب البلاد عموما بالصلاة في المسجد الكبير والوحيد في المدينة. وقد شدّد الالتماس على أنّ تحويل المسجد إلى متحف يشكل مسّا خطيرا بحقهم وبحرية العبادة. إلا أنّ بلدية بئر السبع وحكومة إسرائيل اعترضت على الالتماس.
وادعت البلدية أنّ وجود مسجد في منطقة البلدة القديمة، التي تعتبر مركزا تجاريا في المدينة، سيؤدي إلى احتكاكات بين المسلمين واليهود، ما سيؤدي إلى "عرقلة مجرى الحياة"، ما سيشكل خطرا على سلامة الجمهور، بادعاء أن المسجد سيستغل من جانب جهات إسلامية لتنظيم مظاهرات ونقاط احتكاك مع اليهود.
وقد تم تشكيل لجنة حكومية حيث أوصت هذه اللجنة، في أكتوبر/تشرين الأول 2004، بتبني موقف البلدية وحكومة إسرائيل، مع الأخذ بعين الاعتبار المبنى الهندسي والتاريخي للمسجد وقت الترميمات.
وقررت المحكمة العليا في ختام مداولات عام 2011، بتركيبة ثلاثة قضاة، هم سليم جبران وأيالا بروكتشيا ومريم ناؤور، رفض الالتماس وفتح المتحف في المسجد الكبير، على أن تكون التسوية تحويل المبنى إلى "متحف ثقافة الإسلام وشعوب الشرق". ويشار إلى أن القاضي جبران انتقد بشدّة ادعاء البلدية بأن فتح المسجد للصلاة سيؤدي إلى المس بالنظام العام، وأردف قائلا إنّ "البلدية بطلبها تحويل المسجد إلى متحف عام، تتغاضى عن كونه مسجدا من الناحية الهندسية وأنه تم بناؤه لهذا الغرض".