الجمعة: 29/11/2024 بتوقيت القدس الشريف

فلسطينيو بريطانيا يدعون إلى عقد مؤتمر يناقش آليّات تمثيل الفلسطينيين

نشر بتاريخ: 24/12/2014 ( آخر تحديث: 24/12/2014 الساعة: 13:45 )
لندن -معا - بحث أكاديميّون وسياسيّون وباحثون وممثلو الجالية الفلسطينيّة في لندن التحدّيات والمخاطر والفرص بعد العدوان الإسرائيليّ الأخير على قطاع غزّة، ودعوا إلى عقد مؤتمر يضّم ممثلين عن الفلسطينيين في أوروبا، يبحث في دورهم تجاه قضيتهم، وتمثيلهم، عبر طرح أفكار لآليّة تمثيلٍ عمليّةٍ في انتخابات منظمة التحرير.

وأكدوا على ضرورة تحقيق الوحدة الوطنيّة وإنهاء الانقسام باعتبارها أولويّة قصوى وليست مجرد خيار من الخيارات، بما يشمل عقد الإطار القيادي المؤقت، وإعادة بناء مؤسسات منظمة التحرير الفلسطينيّة، على أساس ميثاق وطني وبرنامج موحد، لما يشكله ذلك من ضرورة وطنيّة لإعادة ترتيب البيت الفلسطيني وإحياء المشروع الوطني، انطلاقًا من التمسك بالحقوق والأهداف الفلسطينيّة، وخصوصًا حق الشعب الفلسطيني في تقرير مصيره، وبما يتضمنه من إقامة الدولة الفلسطينيّة المستقلة وعاصمتها القدس، وعودة اللاجئين إلى ديارهم التي هُجِّروا منها.

وطالبوا باعتماد آليات لتفعيل دور منظمة التحرير تجاه معالجة المشكلات التي يعاني منها الشعب الفلسطيني في كافة التجمعات داخل الوطن وفي الشتات، بما يعزز توحيد الطاقات الوطنيّة في النضال التحرري الفلسطيني، مع العمل الفوري لتعزيز صمود المقدسيين في مواجهة مخططات الاستيطان والتهويد والتهجير القسري، ومعالجة المشكلات الناجمة عن العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة، وبخاصة الشروع في عمليّة إعادة الإعمار.

جاء ذلك خلال لقاء حواري عقد في جامعة "سواس" في العاصمة البريطانيّة لندن، نظّمه المركز الفلسطيني لأبحاث السياسات والدراسات الإستراتيجيّة "مسارات" بالشراكة مع مبادرة إدارة الأزمات الفنلنديّة (CMI)، في سياق برنامج دعم وتطوير مسار المصالحة الوطنيّة، وضمن سلسلة من الورشات واللقاءات الحواريّة التي عقدت في عدد من تجمعات الشعب الفلسطيني؛ من أجل الحوار حول التحديات والمخاطر والفرص ما بعد العدوان على غزة، وبلورة تصوّرات موحدة في مختلف التجمعات الفلسطينيّة حول استعادة الوحدة وبناء مؤسسات منظمة التحرير على أساس برنامج وطني مشترك، إضافة إلى طرح أفكار حول آليات معالجة المشكلات اليوميّة للفلسطينيين في جميع أماكن تواجدهم، داخل الوطن وخارجه.

وافتُتِح اللقاء بكلمة ألقاها الأستاذ هاني المصري، مدير عام مركز مسارات، وتطرق فيها إلى أبرز المخاطر التي يواجهها الشعب الفلسطيني منذ ما قبل العدوان على قطاع غزة، وضرورة التفكير الجماعي في كيفيّة تحويل التحديات إلى فرص تخدم كفاح الشعب الفلسطيني، مستعرضًا أهداف تنظيم اللقاءات الحواريّة في العديد من التجمعات الفلسطينيّة، حيث سبق أن نظمت لقاءات مشابهة في عدد من مدن الضفة الغربيّة، ولبنان، فيما سيتم تنظيم المزيد منها مع بداية العام المقبل في قطاع غزة وأراضي 48 والأردن وغيرها. كما قدمت ممثلة مبادرة إدارة الأزمات الفنلنديّة لاورا سالونين عرضًا موجزًا عن طبيعة عمل المبادرة في مجال حل النزاعات، وأشارت إلى تعاون المبادرة مع مركز مسارات كمركز فلسطيني مستقل ومتميز. كما تطرقت إلى برنامج دعم وتطوير مسار المصالحة الفلسطينيّة الذي ينفذ بالشراكة مع مركز مسارات، والذي يأتي في إطاره هذا اللقاء الحواري.

وألقى السيد عبد المحسن القطّان، مؤسس مركز مسارات، كلمة افتتاحيّة شدد فيها على ضرورة إنجاز الوحدة الوطنيّة وإنهاء الانقسام، وأن هذا الأمر يتطلب توفير إرادة سياسيّة حقيقيّة لدى طرفي الانقسام وإلى ضغط شعبي فاعل. وبيّن أنّ الأولويّة الملحّة هي إعادة إعمار ما خلّفه العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة، ويجب أن نجنّب عمليّة الإعمار المناكفات السياسيّة بين طرفي الانقسام، من خلال تشكيل هيئة مستقلة تتسم بالكفاءة والنزاهة للإشراف على عمليّة إعادة الإعمار، لأن المناكفات والتجاذبات بين حركتي فتح وحماس تبطّئ من هذه العمليّة، وتحول دون تخفيف معاناة مئات آلاف المشردين خارج بيوتهم.

كما ألقى الدكتور مانويل حساسيان، سفير فلسطين في بريطانيا، كلمة أكد فيها على أهميّة مثل هذه الورشات واللقاءات الحواريّة في مختلف التجمعات الفلسطينيّة، وإشراك الشتات في تقديم تصورات حول استنهاض دور منظمة التحرير. وطالب بالانتقال إلى وضع إستراتيجيّة واضحة المعالم للتحرك السياسي، تتضمن إنهاء الانقسام واستعادة الوحدة الوطنيّة؛ من أجل الحفاظ على كينونة الشعب الفلسطيني وحقوقه وقضيته، والابتعاد عن التناحر بين مكونات منظمة التحرير والحركات الإسلاميّة، والمحافظة على الكيانيّة السياسيّة الفلسطينيّة من الأخطار التي تهدد المشروع الوطني. وأشار إلى أن الحكومة الإسرائيليّة تهدف إلى فرض أمر واقع من خلال توسيع الاستيطان وتشريد السكان وتهويد القدس وأسرلتها، والقضاء على كل أمل بإقامة الدولة الفلسطينيّة.

واشتمل اللقاء على ثلاث جلسات، تناولت الأولى التحديات والمخاطر والفرص التي تواجه القضيّة الفلسطينيّة والفلسطينيين، والثانية دور منظمة التحرير إزاء الشعب الفلسطيني في الشتات، والثالثة دور الشعب الفلسطيني في الشتات إزاء القضيّة الفلسطينيّة، وأدراها إلى جانب المصري، مدير البحوث والسياسات في مركز مسارات خليل شاهين، فيما استهل كل منها بمداخلات قدمها كل من البروفيسورة كرمة النابلسي، أستاذة السياسة والعلاقات الدوليّة في جامعة أوكسفورد، وماجد الزير، مدير عام مركز العودة الفلسطيني، والكاتب الصحافي ماهر عثمان، والكاتب الصحافي يعقوب دواني.

ودعا المشاركون في اللقاء إلى العمل على بلورة ميثاق وطني شامل حتى يسير الفلسطينيون على أرض صلبة لتحقيق أهدافهم وطموحاتهم، على أن يكون الميثاق حصيلة ورشات عمل وطنيّة تضم ممثلين عن جميع الفلسطينيين في الوطن والشتات، وأثنوا على أهميّة استمرار مثل هذا الحوار، كونه يضم جميع التيارات الفكريّة والسياسيّة الفلسطينيّة، ويحقق نوعًا من التوافق بينهم، الأمر الذي سيساهم في إعادة بناء الوحدة الوطنيّة.

وناقش المشاركون الأسباب التى أدت إلى الحاجة لإعادة بناء مؤسسات منظمة التحرير، ويمكن حصرها بالحاجة الملحة إلى قيامها بلعب دورها كممثل شرعي ووحيد وقوي لتمثيل الشعب الفلسطيني في جميع أماكن تواجده، مع الأخذ بعين الاعتبار أن السلطة الوطنيّة الفلسطينيّة لا تنجح في تحقيق طموحات الشعب الفلسطيني في الوطن والشتات، ولن تنجح في التحوّل إلى دولة، منوهين إلى أنّ من يعبّر عن فشل مشروع السلطة ليس المعارضة أو الأحزاب السياسيّة، ويتضح ذلك من خلال العبارات التي يتداولها حتى قادة السلطة أنفسهم، مثل: "سلطة بلا سلطة"، و"احتلال غير مكلف"، و"فصل الضفة عن غزة".

كما توصل المشاركون إلى أنّ إصلاح وإعادة بناء مؤسسات منظمة التحرير مطلب يجب رفعه باستمرار للقيادة والفصائل الفلسطينيّة، مع اقتراح تصورات وآليات لتحقيق ذلك، علمًا أن عدم استجابتهم لمثل هذا الطلب سيضعف موقفهم. ورحبوا بأي مبادرة ترمي إلى إعادة بناء التمثيل الوطني واستنهاض دور منظمة التحرير بشكل متكامل، سواء من الأحزاب السياسيّة، أو المنظمات الأهليّة، أو الشخصيات الوطنيّة.

وأجمع الحضور على أن القيادة لا تشرك الشعب في القرارات التي تتخذها في أي عمليّة، وبالتالي لا يشعر الناس بالمسؤوليّة في ظل عدم إشراكهم بما يجري، وتراجع دور منظمة التحرير، كما أن السلطة استبعدت كل فئات الشعب الفلسطيني عن عمليّة اتخاذ القرار، سواء في داخل الوطن أو في الشتات، لاسيما في ضوء الانقسام وتعطيل دور المجلس التشريعي وتراجع الحريات العامة.

وناقش اللقاء إمكانيّة إجراء انتخابات فلسطينيّة، وخلصوا إلى أن أي انتخابات حقيقيّة وحرة تحت الاحتلال غير ممكنة ولا يمكن أن تحدث إلا إذا كانت تخدم إضفاء شرعيّة على الوضع القائم الذي يستفيد منه الاحتلال. ولكن يمكن الأخذ بعين الاعتبار خصوصيات الوضع الفلسطيني، والعمل على إجراء انتخابات للمجلس الوطني حيث أمكن، واللجوء إلى الديمقراطيّة التوافقيّة كأحد الخيارات لتمثيل الشعوب في مرحلة التحرر الوطني، مع احترام قواعد الديمقراطيّة وحقوق الإنسان. وتمت مناقشة الأسباب التي تمنع الفلسطينيين من إجراء انتخابات ديمقراطيّة حقيقيّة، ويتمثل السبب الرئيسي في ممارسات الاحتلال ضد الشعب الفلسطيني، فإسرائيل تعتقل المرشحين والنواب المنتخبين بالعشرات، إذ سبق أن اعتقلت 45 نائبًا من أعضاء المجلس التشريعي الحالي، وبالتالي عرقلت عمل المؤسسة التشريعيّة وفق نتائج الانتخابات، إضافة إلى قدرتها على منع إقامة مراكز الاقتراع في القدس، وإمكانيّة منع الحملات الانتخابيّة في المناطق الأخرى الخاضعة لسيطرتها، أو منع الناس من الوصول إلى مراكز الاقتراع. وهو الأمر الذي يجعل مسألة تمكين الشعب الفلسطيني في الضفة الغربيّة وقطاع غزة من انتخاب ممثليه بشكل حر وديمقراطي أحد أبرز عناوين المعارك ضد الاحتلال وسياساته.

وطُرحت أثناء اللقاء فكرة جديرة بالاهتمام، تتمثل في عقد اجتماع تشاوري بخصوص بلورة عقد مؤتمر وطني لفلسطينيي أوروبا، للبحث في كيفيّة تطوير دورهم في إحياء القضيّة الفلسطينيّة، والكفاح في سبيل تحقيق الحقوق الفلسطينيّة وفقًا لظروفهم الخاصة، وبما يمكنهم من زيادة فعاليّة دورهم في أطر ومؤسسات منظمة التحرير والأطر والمؤسسات في البلدان التي يقيمون فيها.

ونوّه المشاركون إلى أهميّة التركيز على القواسم المشتركة بين الفلسطينيين وتقبل الاختلافات، وبخاصة أن الوصول إلى برنامج سياسي مشترك بين طرفي الانقسام "فتح" و"حماس" وباقي الفصائل ليس مستحيلًا، بدليل أن الاحتلال يستهدف الجميع، إضافة تعبير الحركتين في مناسبات عدة عن الرغبة في البدء بحوار حول الأمور الإستراتيجيّة المعلّقة والأمور الأساسيّة المؤجلة.

كما أكدوا أنّ السلطة بوضعها الحالي لا تستطيع الاستمرار، إلا أن مسألة حلها أو انهيارها في ظل غياب البديل ليس حلًا ولا خيارًا، ولذلك فإن إعادة بناء مؤسسات منظمة التحرير كممثل شرعي ووحيد وقوي لجميع الفلسطينيين وكمرجعيّة وطنيّة عليا للسلطة هو الخيار الأفضل لتمثيل وقيادة الشعب الفلسطيني وتعزيز الجاهزيّة لمواجهة أي سيناريو يتعلق بمستقبل السلطة.

وتطرق الحضور إلى نقاط القوة التي يتمتع بها الشعب الفلسطيني، التي ظهرت بشكل جليّ خلال الحرب على قطاع غزة، وبخاصة الصمود والمقاومة واتساع حملة المقاطعة، إضافة إلى حالة التضامن مع القضيّة الفلسطينيّة والاعتراف الدولي بحقوق الشعب الفلسطيني وفق المكانة الجديدة لفلسطين كعضو مراقب في الأمم المتحدة، وكذلك إصرار الفلسطينيين على البقاء في أرضهم رغم مخططات التهجير والاستيطان.

وأشاروا إلى انتفاضة القدس المستمرة منذ أشهر، لكن الحديث عن انتفاضة شاملة وعن طبيعة الانتفاضة بالقدس هو موضوع حوار آخر، فردة الفعل المقدسيّة تشكل نوعًا من المقاومة، لكن ما يشعل الانتفاضة الشاملة وجود شيء يستحق التضحية بالاستناد إلى قرار وطني ووجود قيادة وتنظيم وهدف محدد من أجل الوصول إليه.