الأيقونات الدينية تعود إلى مهدها
نشر بتاريخ: 06/01/2015 ( آخر تحديث: 06/01/2015 الساعة: 09:47 )
بيت لحم- خاص معا - قبل ثلاث سنوات من الآن، قَدِم رجلٌ بريطاني الى بيت لحم يدعى ايان نوفلز، وعمل بعد ذلك على افتتاح اول مدرسة لتعليم رسم الأيقونات الدينية لعدد من الطلبة في المدينة. ايان أو "المعلم" كما يحب أن يسميه الطلبة في المدرسة، افنى سنوات طويلة من عمره في تعلّم رسم هذه الإيقونات ليأتي الى مهد المسيح ويعيد إحياء هذه الصناعة التي بعثت الى العالم من القدس، وفلسطين.
وقبل أن نسأل ايان عن ماهية المدرسة واسباب انشائها وأهمية الأيقونات للديانة المسيحية، سألناه عن معنى الأيقونة والتي عرفها بأنها كلمة يونانية الأصل تعني صورة ولكنها تختلف عن أي صورة نعرفها حيث يتم صناعتها حسب انماط واسس معينة على إعتبارات لاهوتية بحتة وبالتزامن مع صلاة الرسام أثناء عملها، ليكون نتاج العمل في خدمة أغراض العبادة ولتجعل الفرد أكثر روحيةً، مثل ايقونة الأفعى النحاسية في العهد القديم، والأيقونة التي رسم عليها صورة السيدة مريم.
|311254|
أهمية الأيقونة في المسيحية
يقول النائب البطركي للروم الأرثوذوكس في القدس المطران يوسف جول زرعي بأن للأيقونة المقدسة أهمية كبيرة في الديانة المسيحية، فهي تزين الكنائس الشرقية وحتى الغربية، ومن خلالها يستطيع المرء أن يتأمل وجه السيد المسيح والسيدة مريم، ومن خلالها "نستطيع أن نرى مجد الله في عباده"، قائلاً بأنها ليست مجرد رسومات تزين الحائط بل هي أكثر من ذلك بكثير.
|311255|
سبب تراجعها في فلسطين
ويرجع نوفلز سبب تراجع صناعة الأيقونات في فلسطين الى ارتفاع اسعار المواد الأساسية في صناعتها، والتي لا يمكن أن يستطيع شخص واحد أن يدفع ثمنها، والسبب الآخر هو أن اصحاب متاجر التحف "السنتواريات" لا يقدرون الفنان الذي يقوم برسم الايقونات كما يستحق، فيذكر مثالاً بأن الفنان الذي يتعب في رسم الأيقونة ويأخذ وقتاً طويلاً فيها، ربما يشتريها منه التاجر بسعر لا يتجاوز الـ50$، ولكنه في نفس الوقت يبيعها للسائحين بـ1000$، والسبب في ذلك حسب ايان أن اسم الأرض المقدسة والمرتبط ببيت لحم يمكن أن يدفع من أجلها السائح المبالغ الطائلة، لانهم يقولون أن هذا منتج محلي، بصناعة يدوية، وصنع في بيت لحم، في المقابل لا يمكن أن يدفع السائح أكثر من 200$ في نفس الأيقونة في اليونان مثلاُ.
|311256|
وأضاف أن مدرسة الأيقونات بدأت كفكرة منذ 3 سنوات، وحتى الآن الطلبة الذين بدأو فيها ازاد عليهم عدد قليل، لأن الأيقونة تحتاج الى ابداع و وقت طويل لتعلمها حسب قوله، وهذا ما لم يكن سابقاً حيث وصف نوفلز التجار بأنهم فقط يطمحون للأموال على حساب الجودة وبالتالي لا يستطيع الفنان ان يعد ايقونة ذات جودة عالية.
وقال نوفلز أن الأيقونات بحاجة الى مواد مرتفعة الثمن كالذهب والأحجار النادرة لإضفاء الوان معينة على الأيقونة، وهذا ما لا يستطيع أي فنان يعمل بشكل فردي من ان يتحمل كلفتها، وهذا ما يتم العمل عليه في المدرسة من خلال التشارك الجماعي في دفع ثمن هذه المواد.
|311257|
الية العمل في المدرسة
وعن الية العمل في مدرسة الأيقونات، قال أيان إن اسم بيت لحم يستقطب أنظار العالم أينما حل وارتحل ويعطي القيمة الدينية لكل منتج قادم من الاراضي الفلسطيني، ويمكن أن يدفع من أجله السائح مبالغ كبيرة، وتم العمل على ذلك في المدرسة من خلال العمل الجماعي، "الفريق" ويقول نوفلز عن ذلك بأن المدرسة تستقبل طلباتها عبر البريد الإلكتروني الخاص بها حيث قامت بعض الكنائس في بريطانية بتقديم طلبات للمدرسة لرسم ايقونات ذات ابعاد كبيرة لها، وعلى هذا النسق تعمل المدرسة، "أي حسب ما يأتيها من طلبات"، لكي يتسنى العمل بجودة عالية لكل واحد منهم.
ويضيف نوفلز بأن مدرسة الأيقونات ليست كأي مدرسة أخرى، فهي ليست مكاناً لإعداد الفروض، أو اعطاء الأوامر، بل على العكس هي بيت ثان يعتبره الطلاب، ويقومون هم بتنظيفه وترتيبه والعمل بيد واحدة فيه وسوياً.
|311258|
ماذا عن المستقبل؟
قال ايان إن طموحاته في المدرسة كثيرة، منها أن تتطور المدرسة لتصبح مركزاً للتدريب، والذي من خلاله يمكن أن يصبح أعضائه محترفين وليسوا مجرد هواة، مضيفاً أن الصيف القادم سيسافر اعضاء المدرسة الى انجلترا لإنجاز لوحة كبيرة لأحدى الكنائس هناك وهذا ما يصفه ايان بالنجاح الكبير.
ويتوقع أن يتوقف هو عن تدريب الطلبة بعد عشر سنوات من الآن وأن يولي المهمة للطلبة الفلسطينين لإدارة المدرسة، وأن يكون كامل الفريق فلسطينين.
|311259|
ماذا يقول الطلبة؟
نورا صليبي احدى الطالبات في المدرسة، قالت إن فضولها لفهم الأيقونات ومعرفة ما تعنيه هو ما دفعها للإلتحاق بالمدرسة لتعلم رسمها ومعرفة تفاصيلها، وتضيف بأنها ستواصل تعلمها للأيقونة لأهميتها في الدين المسيحي.
أما فيلي تالاماس الأمريكي من أصول فلسطينية يقول، بأنه تعرف على المدرسة صدفة عندما رأى لافتتها وهو يسير في أحد شوارع بيت لحم القديمة، وأن المدرسة ساعدته في أن يطبق ما تعلمه في جامعته في ماجستير اللاهوت وهو ما يزيد من اضفاء المعاني على ما يرسمه، وما يتعلمه من أفكار عن الأيقونة.
وقال نيقولا جحا أن هذا الفن هو فن روحاني بدأ في القدس ثم انتشر الى دول الجوار والعالم، مؤكداً انه بدأ مع المدرسة منذ البداية أي من قبل 3 سنوات، وانه سيكمل حتى يحترف رسم الأيقونات لما تشكله من اهميه له ولعائلته.|311260||311261||311262||311263||311264|