الخميس: 28/11/2024 بتوقيت القدس الشريف

الفلتان القانوني مقدمة الفلتان الامني

نشر بتاريخ: 09/01/2015 ( آخر تحديث: 10/01/2015 الساعة: 00:37 )
الكاتب: بسام زكارنة

الشعب الفلسطيني حرم من حقه في تقرير المصير واقامة دولته المستقلة في ظل صمت عالمي وعربي واسلامي على استمرار ابشع احتلال في المعمورة.

استطاع الشعب الفلسطيني وبتراكم نضاله أن يحصل على سلطة وطنية كمقدمة للدولة المستقلة رغم انها محدودة الصلاحيات ومرهونه الامكانيات سواء بما لها من أموال يجبيها الاحتلال ويعيدها وقت ما يشاء وكيفما يشاء وكذلك سيطرته على الموارد الطبيعية والاماكن الدينية والاثرية والمعابر والاجواء التي من الممكن أن توفر للدولة الموارد اللازمة كاملة أو تزيد عما نحتاجه... أو ما يقدم من مساعدات مالية خارجية في معظمها مشروطة بتقدم العملية السلمية ورضا الطرف الاخر.

شعبنا يدرك تماماً الصعوبات الاقتصادية والسياسية التي سببها الاحتلال لكن لا يستطيع أن يتقبل الظوهر السلبية الداخلية على رأسها انتهاك القانون لدرجة أن المواطن أصبح يشعر أنه لا يوجد قانون يحكم الشارع الفلسطيني وخاصة بعد تجارب حكومات التكنوقراط سواء الحالية أو الحكومة السابقة وما طرح من برامج وهمية وعبثية منها برنامج الاكتفاء الذاتي وبناء مؤسسات الدولة وفرض اشكال مختلفة من الضرائب والرسوم واقرا قوانين مدمرة في ظل غياب المجلس التشريعي ودون وجود اي نوع من الرقابة الشعبية.

الحكومة الحالية لا تدرك حجم الاحباط في الشارع نيتجة غياب القانون، إن من حق شعبنا استغلال المساحة الضيقة من الحرية التي تركها الاحتلال دون تضييق آخر من حكومتنا، فما بالنا نرى هذا التغول من السلطة التنفيذية على السلطة التشريعية والسلطة القضائية وظاهر للجميع عدم احترامها وتغييب كامل لهما ولدورهما.

نلاحظ اليوم وفي ظل الحركة السياسية النشطة للقيادة لانهاء الاحتلال والسعي الحثيث لاعتراف الدول بالدولة الفلسطينية، وكذلك التواصل مع البرلمانات الاوروبية نجد السلطة التنفيذية تحاصر المجلس التشريعي وتتدخل قسراً في ما تبقى له من نشاط وتمنع الامين العام ابرهيم خريشة من دخوله دون الاكتراث بحجم الرفض والغضب وبما يقوله ممثلوا الشعب المنتخبين وفصائله ومؤسسات المجتمع المدني والكتاب والصحف من جميع انحاء العالم ضد هذه الاجراءات، وكان الاولى أن تبذل الحكومة كل جهدها للتكامل معه لتلبية احتياج الشارع وتحقيق الرضا عن أدائها من خلال جلسات شهرية تتعلق بمهام المجلس التشريعي كجهة رقابية على اداء الحكومة واعداد واقرار الموازنة العامة بموافقتهم الكاملة.

يلاحظ المراقب حجم الفلتان القانوني الذي ترتكبه الحكومة والذي بالتأكيد سيوصلنا الى فلتان أمني قد يصل الى فلتان سياسي لا قدر الله ويتمثل باقرار قوانين لا تتصف بحالة الضرورة، والاخطر أن القانون والنظام لم يعد مرجعاً وحكماً للسلطة التنفيذية حيث تنتهك وبشكل صارخ المواد القانونية من القانون الاساسي والقوانين الاخرى، وكان أخرها الاعتقال للنقابين والنقل التعسفي وسياسة الأبعاد التي يقوم بها بعض الوزراء والخصم من رواتب الموظفين ومنع اكبر نقابة في فلسطين من ممارسة عملها واعتبارها جسم غير قانوني واقفال مقرها بالشمع الاحمر والحجز على اموالها دون اي قرار قضائي ودون ادراك أن الاستهتار بالقانون والنظام يشكل سياسة هدم لمؤسسات الدولة وخاصة تغيب دور القضاء كضمانة والتشريعي لتحقيق رضا الشعب والنيابة العامة والاعلام، كمتمم والشيء الاكثر تدميراً عدم الاكتراث برأي ونبض الشارع والمجتمع الدولي وضرب ما وقعت والتزمت به فلسطين من اتفاقيات وعهود ملزمة واهمها حرية الرأي وحرية العمل النقابي تساهم في ادخالها كجزء من المنظومة الدولية وتزايد الاعتراف بها وهذا شطب صريح ومرة واحدة لكل الانجازات العظيمة لمنظمة التحرير من الاتفاقيات والمعاهدات والتي تلزم أطرافها اصدار قوانين داخلية توجب التوافق مع التزاماتها واهمها احترام حرية الراي والتعبير وحرية العمل النقابي وهذه القوانين تتصف بالضرورة الملحة وليست الضرائب والرسوم.

أن صوت الشعب لم يعد له وجود لدى السلطة التنفيذية بل مصالح فردية لبعض المسؤولين ورؤس الاموال واهوائهم حيث أن ممثلوا الشعب أو ممثلوا النقابات المنتخبين ديمقراطياً يمنعوا من اداء دورهم او يعتقلوا واصبح لا وجود لأي دور لمؤسسات الدولة بل اصبح الدور للفرد وعلاقاته مما ادى لحالة من الاحباط وصلت لمرحلة ان البعض اصبح يقول لا نريد سلطة او دولة لا تحترم الديمقراطية والحريات ولا تخدم احتياجات ورغبات شعبها.

أن الفلتان القانوني أو السياسي يؤدي حتماً لفلتان أمني يهدد الوطن بكارثة المستفيد منها الاحتلال الاسرائيلي، شعارنا بناء مؤسسات الدولة وما يحصل الان بشكل عملي هدم شامل لهذه المؤسسات التي بنيت بالدم... اوقفوا حصار المجلس التشريعي... احترموا الحريات... أعيدوا النقابات لسابق عهدها... اوقفوا النقل التعسفي... اوقفوا ابعاد النقابين... اوقفوا تصرفات بعض الوزراء الفردية... أشركوا المجتمع في القرارات المصيرية... لا تتركوا مساحة للاعداء لخلق اشتباك داخلي في الوقت الذي تعاني فيه فلسطين من الانقسام الاول، وما يحدث يؤسس لانقسامات ثانية وثالثة تصل لتقسيم القرية او الاسرة الواحدة... الكل منا يتحمل المسؤولية... نحن في مركب واحد والدمار سيطالنا جميعا ان لم نتعظ.

انهي بما اتوقعه من السؤال: لماذا ننشر غسيلنا ونكتب... !؟..... ارد بقصة الزوجة التي ذهبت للطبيب تشكو زوجها انه يتحدث وهو نائم فيزعجها ولا تستطيع النوم فسأله الطبيب: هل تتعشى؟ اجابت زوجته: لا ... ثم سأله ماذا تعمل: اجابت زوجته: مهندس... وسؤال ثالث له... اجابت هي ... اخذها الطبيب وقال لها: اعطي زوجك الحق بالحديث نهارا لن يتحدث ليلا... ونقول لمن يهمهم الامر اعطوا الشعب والمؤسسات مجالا لمناقشة همومهم واحتياجاتهم لن تسمعوا نقدهم في الاعلام.