الخميس: 28/11/2024 بتوقيت القدس الشريف

"مساواة" تطالب إلغاء انتداب قاضي محكمة ابتدائية مفتشاً لمحاكم شرعية

نشر بتاريخ: 19/01/2015 ( آخر تحديث: 19/01/2015 الساعة: 17:04 )
رام الله- معا - وجه المركز الفلسطيني لاستقلال المحاماة والقضاء "مساواة" مذكرة الى سماحة قاضي القضاة طالب من خلالها بالغاء قرار انتداب قاضي محكمة شرعية ابتدائية مفتشاً للمحاكم الشرعية، ومراعاة المعايير القانونية الناظمة لتعيين مفتش للمحاكم الشرعية بما لا يخالف ولا يتجاوز ولا يمس بمبدأ التراتبية في المحاكم الشرعية وبما يحول دون تمكين قاضي ادنى درجة من الرقابة على قضاة ومحاكم اعلى درجة وفقاص للمبادئ القانونية الناظمة للسلطة القضائية جاء فيها:

سماحة قاضي قضاة فلسطين الشرعيين المحترم،
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته،
الموضوع: مذكرة بخصوص انتداب قاضي محكمة ابتدائية شرعية مفتشا للمحاكم الشرعية
علم المركز الفلسطيني لاستقلال المحاماة والقضاء "مساواة" بقيام سماحتكم مؤخرا بانتداب فضيلة قاضي محكمة الخليل الشرعية الشيخ مازن الجبريني مفتشا للمحاكم الشرعية.

"مساواة" إذ تبدي قلقها البالغ من قراركم هذا؛ لمخالفته روح القوانين السارية وفلسفتها التشريعية، بالنظر إلى الدرجة القضائية لسعادة القاضي المعين مفتشا، فإنها تؤكد على المسائل التالية:

أولا: إن الأحكام الواردة في رزمة التشريعات الناظمة للقضاء الشرعي، ومنها قانون تشكيل المحاكم الشرعية لسنة 1972، لا تلائم ما تم استحداثه من الناحية الواقعية على سلك القضاء الشرعي، ومن ذلك انشاء المحكمة العليا الشرعية، وإن جاء إنشاء هذه المحكمة على خلاف حكم القانون. وعليه، لا يمكن بحال الاستناد إلى متطلبات الحد الأدنى المنصوص عليها في المادة (18) من قانون تشكيل المحاكم الشرعية فيمن يُنتدب مفتشا للمحاكم الشرعية في ظل وجود المحكمة العليا وتعدد محاكم الاستئناف. وذلك لأن المادة (21) بصيغتها المعدلة بموجب المادة (7) من قانون رقم (18) لسنة 1972 (قانون معدل لقانون تشكيل المحاكم الشرعية) تمنح صلاحية تشكيل محاكم الاستئناف لمجلس الوزراء بنظام خاص يصدره وبموافقة رئيس الدولة.

واستنادا لهذه المادة، صدر نظام محاكم الاستئناف الشرعية رقم (20) لسنة 1977، ونصت المادة (2) منه على تشكيل محكمة استئناف شرعية واحدة في كل من عمان والقدس. ما يعني عدم صحة تشكيل محاكم استئناف أخرى في الضفة الغربية إلا وفقا للآلية المقررة بموجب المادة (21) المذكورة، الأمر الذي لم يحدث في عهد السلطة الوطنية الفلسطينية.

ثانيا: بناء على ما سبق، وفي ضوء التشكيلات المشار إليها أعلاه، يكون نص المادة (18) المذكور ساقط ومشلول الأثر؛ إذ والحالة هذه يجب أن يفهم باستبدال المحكمة الابتدائية بمحكمة الاستئناف، والأخيرة بالمحكمة العليا. بمعنى، يجب أن يكون المفتش عضوا في محكمة الاستئناف أو العليا الشرعية.

ثالثا: لقد جاءت المادة (18) بالشكل التي هي عليه لعلة وجود محكمة استئناف شرعية واحدة، وعدم وجود محكمة عليا، ما يأذن باختيار مفتش من المحاكم الابتدائية حال عدم وجود أعضاء بالقدر الكافي في محكمة الاستئناف للقيام بأعمال التفتيش من جهة، ولكون محكمة الاستئناف هي أعلى درجة آنذاك، وعدم خضوع قضاتها للتفتيش من جهة ثانية. الأمر الذي لم يعد قائما، ما يستوجب تعطيل النص الذي يُرخص انتداب قاضي محكمة ابتدائية لمزاولة أعمال التفتيش، ويُلزم قاضي القضاة باختيار قاضي من محكمة الاستئناف على الأقل وكحد أدنى وفقا للصيغة الحالية للمادة (18) المذكورة.


رابعا: إن المبادئ الراسخة في استقلال القضاء وحيدته ونزاهته تأبى أن يكون مفتش المحاكم من نفس درجة قاضي المحكمة المفتّش عليها، أو أقل.

ومن التساؤلات المشروعة هنا: هل سيقوم مفتش المحاكم بالتفتيش على المحاكم الابتدائية فقط أم تمتد صلاحياته لمحكمة الاستئناف؟ فإن كان عمله قاصرا على المحاكم الابتدائية، فإن فلسفة التفتيش وغاياته ستكون مجتزأة، ولن تحقق وظيفتها فيما يتصل بتقارير كفاية قضاة الاستئناف، باعتبارها متطلبا أساسيا لعدة مسائل منها الترقية للمحكمة العليا، ناهيك عن عدم صحته ابتداء للتساوي في الدرجة. وإن كانت صلاحيات المفتش ستمتد إلى قضاة محكمة الاستئناف، فإن ذلك ينتهك بشكل صارخ المبادئ المألوفة في العمل القضائي، ويجعل من المفتش شخصا محصنا من التفتيش، بالإضافة لعدم ملائمة درجته.

لما سبق، فإن "مساواة"، وانطلاقا من رسالتها، وحرصها على استقلال القضاء وسيادة القانون، تلفت سماحتكم إلى عدم قانونية المسألة موضوع هذه المذكرة، متطلعة إلى تعيين مفتش يراعي الاعتبارات سالفة الذكر، وكفاءة القضاة وأقدميتهم وتراتبية المحاكم الشرعية.