الخميس: 28/11/2024 بتوقيت القدس الشريف

هل الطفل المحتسب قتل .. أم مات غرقاً ؟

نشر بتاريخ: 22/01/2015 ( آخر تحديث: 22/01/2015 الساعة: 16:43 )
هل الطفل المحتسب قتل .. أم مات غرقاً ؟
الخليل – معا – من المنتظر ان تنظر محكمة الصلح في الخليل، اليوم الخميس، في طلب النيابة العامة، بإعادة النظر في اخلاء سبيل متهمين بقضية قتل الطفل فادي محمد نجيب المحتسب، وتلبية طلب النيابة العامة بتمديد توقيف متهمين 15 يوماً على ذمة التحقيق أو رفض طلب النيابة واخلاء سبيل المتهمين.

بتاريخ 2011/2/28، عثر على جثة الطفل المحتسب داخل عين ماء "واد البصاص"، وبعد استخراجه من داخل العين تم نقله على بسرعة الى المستشفى الاهلي، لكن الاطباء قرروا أنه توفي وتم ابلاغ النيابة العامة بالواقعة، وحينما حضرت النيابة العامة الى المستشفى قررت تشريح جثة الطفل للوقوف على أسباب الوفاة.

محمد نجيب والد الطفل، رفض رفضاً قاطعاً أن يتم تشريح جثة ابنه، واحتسبه شهيداً عند الله، كونه قد توفي داخل عين الماء، كما كان يظن، لكن بعد تدخل عدد من أفراد عائلته وبعض الاصدقاء، وامام الحاح النيابة العامة، سمح بتشريح الجثة بحضور طبيب من العائلة.

بعد عملية تشريح الجثة استلم المحتسب جثة طفله وحملها بين يديه، وقام بموراته الثرى، وكان قد سلم أمره بان طفله قد توفي غرقاً، ومنذ تاريخ 2011/3/10، يعيش محمد نجيب وأسرته وعدد كبير من أفراد عشيرته في حيرة من أمرهم، بعد سماعهم نتيجة تشريح الجثة، فقد جاء في تقرير الطبيب الشرعي أحمد حنيحن: " سبب الوفاة ناتج عن توقف الاجهزة العصبية والدورانية والتنفسية، حيث أظهرت الصفة التشريحية وجود نزف في الدماغ وكذلك وجود فتق في الفقرة العنقية الأولى (عملية انفصال الفقرة العنقية الأولى عن قاعدة الجمجمة) ولا يوجد علامات غرق".

فادي لم يغرق، هكذا كانت نتيجة التشريح، و"سبب الوفاة عنف خارجي وقع على الرأس أدى لنزيف على الدماغ".

يستدل من المراسلات التي تمت بين النيابة العامة ووزارة العدل بخصوص قضية الطفل فادي المحتسب -وتحتفظ معا بنسخة عن تلك المراسلات.- الى وجود تقارير واحكام متناقضة، صدرت عن الطب العدلي -الشرعي- في وزارة العدل، وهذه التقارير كانت في مصلحة المتهمين فما كان من المحكمة الا أن قررت الافراج عنهما.

محمد نجيب المحتسب، لم يكل يوماً هو وعائلته في البحث عن اي دليل، او مستند أو طرف خيط تقود لاعادى فتح التحقيق في قضية ابنه، وطرق ابواب الاجهزة الامنية ومحافظ الخليل والنيابة العامة مرات كثيرة، وقدم سكوى لدى نيابة مكافحة الفساد -ستتم متابعتها لاحقاً- حتى أنه عرض مكافئة مالية وقدرها خمسون الف دينار لمن يدلي بأية معلومات تقود لكشف الغموض عن مقتل طفله ابن الثمانية أعوام.

رئيس نيابة الخليل، الاستاذ أشرف مشعل، قام بارسال كتاب الى النائب العام المستشار عبد الغني العويوي، بتاريخ 2014/4/13، جاء فيه:" الموضوع ظروف وملابسات قضة الطفل فادي محمد المحتسب، نحيط عطوفتكم علماً بالنسبة للموضوع اعلاه، وبعد العثور على كثة الطفل موضوع القضية فقد افاد الطبيب الشرعي المكلف بالتشريح أحمد حنيحن بتاريخ 2011/3/10، بوجود آثار عنف وكدمات على الرأس وانفصال الفقرة الأولى في العنق نتيجة عنف وقوة وقعت عليه، ونفى احتمالية الغرق، في بركة المياه، حيث عثر عليه وتم التشريح بحضور وكيل النيابة، وبناء على ذلك وضعت القضية بشبهة جنائية وتم توقيف متهمين على ذمة الملف، وبينما الاجراءات سارية، صدر تقرير خبرة عن لجنة مكونة من الطب الشرعي ان الوفاة تتماشى أن تكون عرضيه!!!.

وجاء في الكتاب ايضاً:" منذ ذلك الحين والملف محل لغط وشائعات وقد حاز على جانب كبير من الرأي العام المطالب بكشف الحقيقة خصوصاً مع اكتشاف عدة جرائم مشابهة، وعليه فقد شرعنا في التحقيق اولاً في كيفية تشكيل اللجنة التي اعطت تقرير الخبرة وعن جهة تشكيلها".

وجزم تقرير لجنة الخبرة الطبية برئاسة القائم بأعمال مدير عام الطب العدلي في حينه الدكتور زياد الاشهب، بأن حادثة وفاة الطفل تتماشى مع الموت العرضي. وتم تشكيل هذه اللجنة من قبل الدكتور الاشهب، حيث قام بارسال كتاب الى وكيل وزارة العدل في حينه، كتاباً يبلغه فيه بتشكيل لجنة لمتابعة قضية وفاة الطفل المحتسب، وقد وافق الوكيل شريطة التنسيق والتعاون مع النائب العام.

تقرير الخبرة هذا، استلمه محمد نجيب المحتسب من الدكتور الاشهب وقام بتسليمه للنيابة العامة، وطالبهم بالتحقيق في الحادثة، وعدم اعتماد هذا التقرير، ووفقاً لقانون الاجراءات الجزائية في المادة 64، فأن هو من صلاحية النيابة العامة فقط

كما جاء في كتاب رئيس نيابة الخليل الى النائب العام:" بتاريخ 2011/3/23، صدر كتاب عن مدير شرطة محافظة الخليل لرئيس النيابة في حينه، يطلب منه قراراً باعادة تشريح جثة الطفل المحتسب استناداً لتقرير الطبيب الذي استقبل الحالة في المستشفى الاهلي وبناء على رغبة عطوفة محافظ الخليل وأهل المتوفي، وأن يتم ذلك بحضور طبيب منتدب عن العائلة، وفي اليوم التالي اوصى وكيل النيابة سمير بنات بأن لا ضرورة لاعادة التشريح مرة ثانية".

وكنا في معا قد التقينا بالدكتور أحمد ابو شرخ وهو طبيب مقيم أطفال في المستشفى والذي كان احد الأطباء الذين فحصوا الطفل فادي لحظة دخوله للمستشفى، وقد أصدر تقرير الوفاة بناء على طلب الشرطة، حيث قال لنا:" وصلنا الطفل فادي المحتسب قرابة السابعة والنصف ليلاً، لقسم الطوارئ وفشلت محاولاتنا الطبية لاعادته للحياة، وقمت بفحص الطفل، ولم أجد أية علامات على جسده تدل على أنه تعرض للعنف، وكتبت تقرير معللاً سبب الوفاة بالغرق".

وحينما سألنا الدكتور ابو شرخ، عن ملاحظته لوجود كدمة في رأسه من الخلف، قال:" لم نلاحظ ذلك، حيث انصبت جهودنا على محاولة انعاش قلبه، لكنه كان متوفياً".

وبالعودة الى التحليلات التي قامت بها النيابة العامة، وكذلك بعض محققي الشرطة، فقد ذهبت الى ان حادثة مقتل الطفل فادي المحتسب قد تكون عرضية، وليس عن سبق اصرار وترصد، لكن اخفاء الجريمة كان متعمداً.

وكما قال محمد نجيب والد الطفل المغدور:" نحن نعرف القاتل وعلى قناعة تامة بأنه من قتل ابني، ولكي يطمئن من قتل فادي هذا قسم أمام الله بأنني سأعفي عنه أمام المحكمة، وأسقط حقي القانوني، حال اعترف بنفسه عن نفسه أمام النيابة العامة والمحكمة، وعبر عن ندمه على فعلته".