الدنمارك: احياء ذكرى فنان الثورة الفلسطينية عبدالله حداد
نشر بتاريخ: 09/02/2015 ( آخر تحديث: 09/02/2015 الساعة: 08:57 )
الدنمارك - معا - احيت الجالية الفلسطينية والعربية أمسية فلسطينية ذكرى رحيل فنان الثورة الفلسطينية عبدالله حداد اليوم في مدينة أورهوس، بدعوة من الجمعيات الفلسطينية في المدينة.
وتحدث لبيب نمر في كلمة منظمين الامسية، جاء بها بان فنان الثورة الفلسطينية عبد الله حداد ولد بحيفا عام 1938 م ، وعاش أول عشر سنوات من طفولته فيها ، ومن ثم غادرها في عام 1948 م مع أهل أبيه تاركاً وراءه أمه التي لم يشأ القدر بعدها أن يجمعه معها ، وترك عبد الله حداد حيفا متجهاً نحو سوريا ، ومنها إلى لبنان، حيث كانت انطلاقته الفنية ، فبدأ العمل في كتابة البرامج الفنية للإذاعة هناك ، متنقلاً بين التأليف والإعداد والتلحين والكتابة المسرحية واللحن والأغنية التي ما كانت تعبر إلا عن نبض الشارع الفلسطيني بحزنه وألمه ،وهمه وفرحة، وشارك بالعديد من المسلسلات والأفلام اللبنانية والمصرية .
واضاف ان المرحوم ركز منذ الستينات والسبعينات وحتى بداية الثمانينات على القضية الفلسطينية والانتماء للوطن ، وعمل في مسيرته على تجديد التراث الفلسطيني ، حيث كان يأخذ الموسيقى التراثية الفلسطينية ويضيف إليها كلماته كأغنية ” والله شفتك يا علمي ” التي أدخلها أيضاً في عمله “العرس الفلسطيني ” والتي لاقت صدى كبيراً في ذلك الوقت وما زالت حاضرة حتى يومنا ، إضافة إلى تناوله الفلكلور العربي الشرقي بتفاصيله متنقلا به بين أكثر من دولة حرصاً منه على تقديم العمل الشامل الذي يخاطب الجميع إيمانا منه بأن الفن لغة يفهمها الجميع .
وعمل في الإذاعة والتلفزيون، وقدم العديد من المسلسلات ،منها: مسلسل ” النهر اللبناني ” ، و ” النوق الأبيض ” ، و “وآمعتصماه ” ، حيث جسد شخصية الشاعر أبو تمام وكان عملاً مشتركاً مصرياً وأردنياً ولبنانياً ، ومن أعماله أيضاً فيلم ” الملجأ ” الذي تحدث فيه عن حرب لبنان في السبعينات وعن القناصة ولجوء الناس إلى المخيمات والملاجئ ومعاناة الحرب وقسوتها .
ومن أعماله أيضاً “أنا عربي أصيل” ، و” القهوة” ،و”ابن الأرض ” ، و”لا بنيلك ” ، و”لعبة ” ،و”يا مهرتي” إضافة إلى تأديته لدور “كوجي كابوتو ” في الفيلم الكرتوني ” جرانيدايزر ” .
وفي بداية الستينات أسس فرقة “مدار الشعبية للفنون ” في لبنان التي قدمت عروضها مباشرة ، كما درس الأطفال في مدارس إسعاد الطفولة والصمود ، وهي مدارس تعنى بالأطفال الأيتام ،حيث درسهم الموسيقى بالمشاركة مع فنانين آخرين وموزعين موسيقيين مختصين ، وكان حداد مسؤولاً عن الكلمة واللحن ، حيث كانت الفرق التي خرجت من المدارس تسافر وتجول في العديد من الدول العربية والأمريكية والأوروبية لعرض الفلكلور والفن الفلسطيني بوجه حضاري بالكلمة والموسيقى ، ونالت هذه الفرق قبولاً ونجاحاً كبيراً في ذلك الوقت ، وتم تأسيس فرقة ” زهرة المدائن ” فيما بعد وهي فرقة تابعة لمنظمة التحرير الفلسطينية . وأعضاء الفرقة كانوا من أطفال مدرسة إسعاد الطفولة الذين أصبحوا شباباً أصروا على الاستمرار في الفرقة لتقديم الفن الفلسطيني للعالم .
كما عمل في مشواره الفني على تقديم الفن السياسي بلغة نقدية لنقد الوضع العام والوضع العربي تجاه القضية الفلسطينية والعربية بشكل عام ، وكان يترجمها عبر أغانيه.
ولا نستغرب تسميته بـ” فنان الثورة الفلسطينية”؛ نظراً لحرصه على أن يقدم الحالة ويتحدث بروح فلسطين بعيداً عن السطحية في كلماته أو ألحانه الموسيقية .
منحته دولة ألمانيا في إحدى جولاته الفنية مع الأطفال لقب ” المربي الفاضل ” لما لاحظوه من حب الأطفال له ، إضافة إلى ما تم تقديمه من تنسيق وترتيب في أعماله .
وتقول ميساء ابنته : ”نحن كنا نعي لوالدنا الإنسان الفنان وندرك جماليات ما قدمه من أعمال فنية جميلة ، فوالدي كان مليئاً بالحب والتواضع ،ولقد عودنا على الاحترام ،وكان حريصاً دائماً على تعليمنا ” .
وفي الحديث عن الحب تقول : لم نلمس في قصائد الحب عند والدي امرأة بقدر ما كان حباً للوطن ففي أعماله قال :
لابنيلك على كتف القمر بيت
يشرف على القدس مباشرة
وتشوفي منو أعظم بيت
مع كنيسة المهد الطاهرة
وتضيف ” لقد كان والدي محبوباً من الجمهور وكانوا يرددون أغانيه ويطلبونها ، وجمعته علاقة بالكثير من الفنانين اللبنانيين والأردنيين إضافة إلى فنانين عرب ” .
وتابعت ” لطالما راود أبي حلم العودة إلى وطنه فلسطين ،فهي قضيته الأولى والأخيرة ، وهذا بدا واضحاً في أغانيه وأشعاره ، فهي مليئة بالحنين للوطن ، وتطالب بالعودة فهو رافض لفكرة الهجرة والغربة ،وخاض نضاله الخاص تجاه قضيته بفنه الذي اعتبره أهم أساليب النضال .
وانتهى الحال بالفنان الفلسطيني عبد الله حداد بلجوء جديد في بلاد الشمال الأوروبي الدنمركي عام 1990 م ، وهناك كان مثواه الأخير عام 1994 م ، وهناك قال لأسرته : ” يؤلمني أني سأترككم في بلاد الغرب ، مطمئن النفس أنكم ستعيشون عيشة كريمة.”
لقد كانت القضية الفلسطينية اسمه وعلمه وهويته ، ولم يكن عبد الله حداد ليختار الغرب مستقراً له وتاركاً وراءه تاريخ نضاله ونضال شعبه الباسل ، وهو كان دائم القول : ” اللي بيخلع ثوبه بيعرى “، لولا الظروف القاسية ومعاناة الشتات.
توفي الفنان الفلسطيني عبد الله حداد في الدنمرك عام 1994 م ، يوم الاثنين الموافق 24 كانون الثاني ، ودفن في مدينة أور هوس ، التي تعتبر ثاني أكبر مدينة في الدنمرك تاركاُ وراءه الكثير من الأعمال التي ما زالت تحيي ذكراه.
وتخلل الامسية فقرات فنية، قدم الفنان احمد ابو سمرا اغاني وطنية للفنان عبدالله حداد، وعزف الاخ يوسف عزام على العود، وتحدث كل من الاخ حسين والاخ سهيل عن ذكرياتهم مع المرحوم فنان الثورة الفلسطينية.