"مساواة" يوجه مذكرة الى مجلس القضاء الاعلى لالغاء تعميمات وقرارات
نشر بتاريخ: 16/02/2015 ( آخر تحديث: 16/02/2015 الساعة: 16:58 )
رام الله- معا - وجه المركز الفلسطيني لاستقلال المحاماة والقضاء "مساواة" مذكرة الى رئيس واعضاء مجلس القضاء الاعلى طالبا من خلالها الغاء عددا من التعميمات والقرارات الصادرة عن رئيس مجلس القضاء الاعلى بالنظر لما يعتقده المركز من مخالفتها لاحكام القوانين السارية وللنتائج السلبية المترتبة عليها جاء فيها:-
السادة رئيس وأعضاء مجلس القضاء الأعلى المحترمين
الموضوع: تعميمات وقرارات صادرة عن رئيس مجلس القضاء الأعلى.
تحية طيبة وبعد،،،
بداية نكرر تأكيدنا وتمسكنا والتزامنا بمبدأ استقلال السلطة القضائية، واستقلال القاضي، ورفضنا لكافة أشكال التدخل في عملهما القضائي من أية جهة كانت وتحت أي مبرر كان، وإن غايتنا من مذكرتنا هذه وسواها عدم المساس بأشخاص السادة القضاة، الذين نكن لكل واحد منهم ولهم مجتمعين كل احترام وتقدير، وبذات الوقت فإن السلطة القضائية كأحد السلطات الثلاث ليست بمنأى عن النقد الموضوعي والتساؤل المشروع والرقابة المجتمعية على أدائها الإداري، خاصة إذا ما ترتب على ذلك الأداء مسا بحقوق المتقاضين، أو اطالة لأمد التقاضي، أو تعقيدا لإجراءات الوصول للعدالة، أو مخالفة للقوانين قد تعرض حقوق المواطنين او السادة القضاة للخطر أو الإنتقاص، على اعتبار ان الوظيفة القضائية حق مجتمعي وليست ميزة شخصية، وقيامنا بهذا النقد حق وواجب علينا، بصفتنا هيئة رقابة أهلية مستقلة مسجلة كمؤسسة مجتمع مدني وفقا للاصول والمقتضيات القانونية السارية.
إن مما تشتمل عليه رقابتنا وغيرنا من مؤسسات المجتمع المدني، ورقابة أفراد المجتمع هو ضمان اشغال الوظيفة القضائية وفقا لأحكام القوانين السارية، لا سيما مجلة الأحكام العدلية والقانون الأساسي وقانون السلطة القضائية، إلى جانب المعايير الدولية الواردة في الأتفاقيات والمواثيق الدولية المعتمدة لدى الأمم المتحدة، والملزمة لأعضائها من الدول والتي منها دولة فلسطين، وقد سبق "لمساواة" وأن أبدت المرة تلو المرة
أن التعيينات القضائية وبخاصة تلك المتصلة بتعيين رئيس المحكمة العليا رئيس مجلس القضاء الأعلى جاءت على خلاف أحكام القوانين المشار اليها أعلاه، الأمر الذي يجعل من السلطة القضائية أقرب إلى مفهوم سلطة الأمر الواقع منها إلى سلطة قضائية قائمة على أسس قانونية ومشروعة، ولا يمكن في هذا الصدد التذرع بالمخالفات السابقة التي لا نقرها للإستمرار بذات المخالفة، لأنه لا يجوز اعتبار مخالفة القانون سابقة يعتد بها.
ودون الإجحاف بما ذكر أعلاه أو الإنتقاص منه، وانطلاقا من حرصنا على ألا نفهم في غير الموضع الصحيح وسحبا لكافة الذرائع، وانطلاقا من نظرية الموظف الفعلي والأمر الواقع، فقد اعتدنا أن نرقب الأداء ونمنح الفرصة لبرامج الإصلاح المدعى بها في كل مرة يعين فيها رئيسا جديدا للسلطة القضائية على خلاف حكم القانون، وقد قررت " مساواة" انطلاقا من ذلك الإنتظار طوال المدة السابقة قبل أن توجه مذكرتها هذه التي تستند إلى وثائق خطية صادرة عن رئيس مجلس القضاء الأعلى على شكل تعاميم أو قرارات، يؤسفنا أنها جاءت بمخالفات جوهرية لأحكام القوانين، ولم تشكل أية رافعة لإصلاح القضاء وأدائه، وأضافت المزيد من المخالفات، وأصبحت جزءا من المشكلة وليست طريقا للحل أو الإصلاح، ومست مباشرة بحقوق المتقاضين والسادة القضاة، وشكلت عائقا أمام حق المواطن في الوصول إلى العدالة، نتناولها تباعا فيما يلي مشيرين إلى أننا لم نحصل على كافة التعاميم والقرارت، وإن كان ما حصلنا عليه يمثل عينة تعبر عن السياسة القضائية لمجلسكم الموقر التي نرى انها لن تساعد، في حال استمرارها، على اصلاح القضاء وتجاوز هناته.
أولا: التعميم الصادر عن رئيس مجلس القضاء الاعلى بتاريخ 5/6/2014 والمعمم على السادة القضاة بتاريخ 10/6/2014 تحت رقم 20/792 (صدر بعد أقل من اسبوع من تكليف رئيس مجلس القضاء الأعلى بمهامه)، والمتضمن في مادته الرابعة حظرا على السادة القضاة المشاركة في المؤتمرات أو الندوات أو ورشات العمل أو اجراء اللقاءات أو المقابلات الشخصية مع أية وزارة أو مؤسسة أو دائرة إلا بعد الحصول على الموافقة الخطية المسبقة على ذلك، ويشكل هذا التعميم نكوصا عن الارادة الرسمية المعلنة التي تعتبر مؤسسات المجتمع المدني شريكا أساسيا في الخطة الوطنية بمختلف مضامينها، إلى جانب ما يمثله من مس مباشر باستقلال القاضي، ودوره في تعميم ثقافة القانون واحترامه، ويشكل مصادرة واضحة لحق القاضي في ابداء الرأي والمشاركة في الندوات والمؤتمرات وورشات العمل واللقاءات، التي ضمنتها مباديء استقلال القضاء الصادرة عن الأمم المتحدة، كما أنه يصادر دور القاضي في تطوير البنية القانونية، وتبادل الخبرات القانونية والقضائية مع المحيط الإنساني المحلي والعربي والدولي، ويؤشر على دونية النظرة إلى القاضي واعتباره مستخدما وليس صاحب سلطة ورسالة، لا يجوز تقييدها أو الإنتقاص منها، إضافة إلى ما قد يحمله هذا التعميم من مؤشر على عدم الثقة بالقاضي وكفاءته وحسن تقديره في الوقت الذي اعتبر فيه القانون القاضي مؤتمنا على حقوق المواطنين وفاصلا في المنازعات كافة بحكم قضائي واجب النفاذ، وأسبغه الثقة اللازمة لذلك، وإن مؤشر تدني مستوى الثقة بالقضاة من قبل رأس القضاء قد يبرر أو يسوغ تدني مستوى ثقة الجمهور بالقضاء.
ثانيا: التعميم الصادر عن رئيس مجلس القضاء الأعلى بتاريخ 7/9/2014 تحت رقم 20/1279 وموضوعه احالة القضايا، والذي تضمن أن احالة القضايا بعد التعديلات التي ادخلت على قانون تشكيل المحاكم النظامية، لا تتم بموجب قرار قضائي، وإنما باحالة فورية من قلم المحكمة. إن هذا التعميم يشكل مخالفة لأحكام القانون كونه يعتبر تدخلا مباشرا في عمل القاضي ويفصل في مسألة قانونية قضائية من صميم اختصاصه، ويمنعه من ممارسة دوره القضائي، ويحجبه عن الإجتهاد في مسائل قانونية محل خلاف ، لا سيما أن ما تضمنه التعميم قد يأتي على خلاف ما قد يصدر عن محكمة النقض بصفتها أعلى هيئة قضائية من مبدأ قضائي ناظم لمسألة الإحالة يقضي بضرورة صدور قرار بالاحالة من قبل المحكمة على خلاف التعميم المذكور، ما يجعل من اتباع هذا التعميم امرا قد يؤدي الى بطلان الاجراءات وتأخير البت في الدعاوى عدة سنوات، الأمر الذي سيفتح المجال رحبا أمام طعون قضائية تزيد التراكم القضائي بلة، وتمس بحقوق المتقاضين، منوهين إلى أن هذه المسألة هي مسألة قضائية صرفة خاضعة للإجتهاد القضائي، وتخرج عن تخوم صلاحية مجلس القضاء الأعلى ورئيسه الإدارية، سيما وأن تفسير وتطبيق القانون من اطلاقات صلاحيات المحاكم ، وإن التعميم على المحاكم بمسألة كهذه المسألة يشكل تدخلا في صميم عملها وغصبا لصلاحياتها.
ثالثا: التعميم الصادر عن رئيس مجلس القضاء الأعلى بتاريخ 22/9/2014 تحت رقم 20/1354، والمتضمن تحديدا لنفقات الشهود، وتحميلا للقضاة بالتزامات مالية تفرض عليهم كعقوبة إذا ما اجتهدوا على خلاف ما تضمنه التعميم الاداري (والذي لا يخرج عن كونه في احسن الحالات مقترحات للاستئناس وليست نصوصا واحكاما قانونية ملزمة)، من تحديد للمبالغ المالية التي تصرف كنفقات للشهود والخبراء والمحامين المنتدبين من قبل المحاكم لتمثيل المتهمين في القضايا الجزائية. إن ما جاء به هذا التعميم يضرب بعرض الحائط جوهر الوظيفة القضائية ويحظر الإجتهاد القضائي، ويحد من سلطة القاضي في الوقت الذي اعطى فيه القانون للقاضي كامل السلطة التقديرية في تقدير نفقات الشهود وفقا لصريح نصوص قانون البينات (الفقرة الثانية من المادة 100 منه)، وقانون الإجراءات الجزائية (المادة 257 منه) هذا من جهة، ومن جهة أخرى يؤكد هذا التعميم على التعامل الدوني مع السادة القضاة ويفرض عليهم عقوبات جزائية، إذا ما اجتهدوا على خلاف ما حدده التعميم إلى حد لا يمكن تصوره من تنفيذ فوري للعقوبة يتمثل بالحسم من الراتب، ومن جانب آخر فإن ما جاء به هذا التعميم يمثل اغتصابا صارخا لصلاحيات السلطة التشريعية بما يمثله من تعديل للقانون بقرار إداري لا يملك مصدره الحق فيه، إضافة إلى أن تحميل القاضي فرق المبلغ المحكوم به وحسمه من راتبه يدخل في مفهوم تشجيع الإمتناع عن تنفيذ الأحكام القضائية، التي يجب على مجلسكم الموقر الحرص على ضمان تنفيذها ومساءلة من يمتنع عن ذلك، كجزء من هيبة السلطة القضائية والتزاما بأحكام القانون الأساسي وقانون السلطة القضائية.
رابعا: التعميم الصادر عن رئيس مجلس القضاء الأعلى بتاريخ 30/10/2014 تحت رقم 20/1574 وموضوعه مخاطبة عطوفة النائب العام المستند وفقا لما ورد فيه على الحرص على تنظيم المخاطبات الرسمية، ولاحقا لتعاميم سابقة بذات الخصوص، والمتضمن الزام السادة رؤساء المحاكم النظامية بعدم اصدار أية مراسلة أو مخاطبة لعطوفة النائب العام إلا من خلال رئيس مجلس القضاء الأعلى. والمعلوم أن المحاكم النظامية لا تخاطب النائب العام إلا في اطار عملها القضائي، بوصف النيابة العامة التي يمثلها النائب العام طرفا في الدعوى، وتلك المخاطبات تتعلق بطلبات وقرارات قضائية، يجري تبليغها للنيابة العامة وأطراف الدعاوى من قبل قلم المحكمة، الأمر الذي يجعل من التعميم المذكور تدخلا واعاقة للمحاكم عن أداء وظيفتها القضائية، ولا يستند بأية حال إلى أية صلاحية أو سلطة أناطها القانون بمجلسكم الموقر أو برئيسه مع الإحترام، ولا يتصور أن يرسل القاضي قراره القضائي إلى رئيس المحكمة والذي عليه بموجب هذا التعميم ان يرسله الى رئيس مجلس القضاء الأعلى طالبا منه القيام بمهام التبليغ، فضلا عما يتضمنه هذا التعميم من مس بمكانة مجلس القضاء الأعلى ورئيسه والسادة القضاة، ويحمل تأكيدا جديدا على الرؤية الدونية التي لا ترى في القاضي كفاءة تؤهله مخاطبة النائب العام، أو تكليف النيابة العامة بأمر قضائي يدخل في صميم سلطته وصلاحياته القضائية.
خامسا: وتعبيرا عن ذات النهج والسياسة أصدر رئيس مجلس القضاء الأعلى تعميما بتاريخ 9/11/2014 تحت رقم 20/1617 موضوعه حجوزات رواتب الموظفين طالب من خلاله رؤساء المحاكم النظامية بالإيعاز للموظفين العاملين في دوائر التنفيذ بعدم مراسلة الإدارة العامة للرواتب في وزارة المالية أو المالية العسكرية، إلا بعد قيامهم بمراسلة رئيس مجلس القضاء الأعلى ليقوم بدوره بمراسلة تلك الدوائر، والمعلوم أيضا أن دوائر التنفيذ تقوم بإبلاغ المحكوم عليه أيا كانت صفته ومكان عمله بطرق التبليغ المعتادة بالقرارات والأوامر الصادرة عن قاضي التنفيذ بصفتها قرارات قضائية واجبة التنفيذ حسب الأصول والمدد المرعية، وفي هذا التعميم تدخلا وإعاقة لعمل القاضي، وينطوي على المخالفات الواردة في البند الرابع أعلاه ويخرج موضوعه عن اختصاص وصلاحية مجلسكم الموقر ورئيسه، ويفتح الباب واسعا أمام تأخير واعاقة وصول المتقاضين إلى حقوقهم، ويمس بهيبة استقلال السلطة القضائية وثقة المتقاضين بها.
سادسا: القرار الصادر عن رئيس مجلس القضاء الأعلى بتاريخ 2/11/2014 تحت رقم 287/2014 المتضمن انتداب قاضي بعينه في محكمة طولكرم للنظر في دعاوى تنفيذ الوكالات الدورية دون غيره من قضاتها، وذلك على خلفية اختلاف في اجتهاد قضائي صادر عن القاضي المذكور يخالف اجتهاد قاض آخر في ذات المحكمة، وبموجب هذا التعميم مُنع سائر قضاة المحكمة المختصين المذكورة من النظر والفصل في دعاوى تنفيذ الوكالات الدورية التي حُصرت في القاضي المنتدب. اللافت للنظر أن القرار المذكور تضمنت ديباجته استناده إلى قوانين تخرج عن مظلة القوانين الناظمة للسلطة القضائية حيث استند إلى قانون مكافحة الفساد!! أضافة إلى ما تمثله هذه الديباجة من ايحاء بأن القرار بمثابة تشريع. وبالرجوع إلى القوانين القضائية لا نجد فيها أي نص يمنح رئيس مجلس القضاء الأعلى أو حتى مجلسكم الموقر مجتمعا صلاحية انتداب قاضي للنظر في قضايا بعينها تخرج عن مفهوم الدوائر القضائية، وتفتت وتجزء النزاعات المدنية على خلاف حكم القانون والتشريع، كما أن ما تضمنه القرار المذكور من اشارة إلى حق رئيس مجلس القضاء الأعلى باجراء هذا الإنتداب، ودون الإنتقاص مما ذكر سابقا، فإن مثل هذا الحق لم يُخول لرئيس المجلس في أي تشريع ناظم للسلطة القضائية، إذ أن التعديل الأخير الوارد على قانون تشكيل المحاكم النظامية، ورغم تحفظنا عليه، والخاص بصلاحية رئيس المجلس بالإنتداب منفردا للقضاة من محكمة أعلى إلى محكمة أدنى أو العكس لا يشمل ولا يمكن تفسيره على النحو الذي جاء فيه هذا القرار، لأ سيما وأن ندب القضاة مقيد بنص القانون، وفقا لما نص عليه القانون الأساسي، ولا يرد القول مطلقا بأن هذا التخصيص يدخل في مجال الإنتداب، وإنما يشكل تدخلا في العمل القضائي، ويكبح جماح الإجتهاد القضائي ويعد شكلا من أشكال العقوبة، ويثير تساؤلات عديدة.
ولعل في هذا القرار وفي القرار الصادر عن رئيس المجلس المتضمن نقل قاضي محكمة صلح جزاء جنين إلى قاضي تنفيذ الذي تم مؤخرا وفسر من قبل بعض المراقبين بأنه جاء على خلفية اجتهاد قضائي، ما يشير إلى خروج الإدارة القضائية عن مقتضيات وكيفيات الإنتداب القضائي وأحواله التي نص عليها القانون، ويثير الكثير من التساؤولات المشروعة حول بواعث هذه القرارات وغايتها.
سابعا: التعميم الصادر عن رئيس مجلس القضاء الاعلى بتاريخ 7/12/2014 تحت رقم 20/ 1778 وموضوعه قرارات المحاكم، والمتضمن انه يتعين على المحكمة اعداد الحكم وطباعته قبل تلاوته، وفي هذا مخالفة صريحة لاحكام المادة 176 من قانون اصول المحاكمات المدنية والتجارية، والمادة 278 من قانون الاجراءات الجزائية، ويمثل انتهاكا واضحا لمبدأ سرية المداولة على اعتبار ان الحكم القضائي لا يكتسب صفته الا بعد النطق به واصداره، وقبل ان يتم ذلك يبقى في اطار سرية المداولة، التي لا يجوز افشاؤها او نشرها او اطلاع اي كان عليها، وكذلك يشكل قيدا على حق القاضي او الهيئة القضائية في العدول عن او تعديل بعضا مما قد يرد في مسودة الحكم قبل اصداره، ولا يجوز الاحتجاج بتفويت مدة الطعن على طرفي الدعوى لانتهاك مبدأ سرية المداولة القضائية، اذ انه من المتعارف عليه ان طباعة الحكم تتم بعد تلاوته من قبل موظفي اقلام المحاكم الامر الذي يمكن معالجته بطريق اخر غير المساس باحكام القانون، وإن الإبقاء على هذا التعميم والعمل به سيؤدي إلى مذبحة بطلان جديدة، ذلك أن افشاء مسودة الحكم القضائي أو اطلاع أحد عليه ولو كان كاتب المحكمة يؤدي إلى بطلان الحكم وفقا لصريح النصوص سابقة الذكر، الأمر الذي سيؤدي بالضرورة إلى تأخير البت في الدعاوى إلى سنوات اضافية إن لم يكن الأثر المترتب على هذا التعميم اعادة الدعوى إلى صحيفتها الأولى.
ثامناً: التعميم الصادر عن رئيس مجلس القضاء الاعلى الموجه الى السادة القضاة طالبا منهم الفصل في الدعاوى المقامة قبل عام 2010 بتاريخ لا يتجاوز 30/4/2015 وتزويده بالتقارير المبينة لذلك، ان ما ورد في التعميم المذكور فضلا على انه يشكل تدخلا في سلطة القاضي في ادارة الدعوى، والفصل فيها وفقا لاحكام القوانين الاجرائية ذات الصلة، ومبدأ ضمانات المحاكمة العادلة وحق الدفاع، لا يشكل طريقا قانونيا لمعالجة مشكلة التراكم القضائي التي تعود لاسباب عدة، ولا تقف عند رغبة القاضي في سرعة اصدار حكمه في الدعوى، بل قد يؤدي الى تعميق ازمة التراكم القضائي بنتيجة تعرض احكام القضاة المخالفة للقوانين المرعية للالغاء او الفسخ من محكمة الاستئناف او محكمة النقض، والعودة مرة اخرى للنظر فيها مجددا، لا سيما وأن مصير الفصل بالدعوى يتوقف على تقديم البينة التي لا يجوز حرمان الأطراف منها إلا وفقا للقانون، الأمر الذي قد يتوقف طويلا لأسباب لا علاقة للقاضي بها كتبليغ الشهود والتزامات السلطة بأتفاقية أوسلو وغيرها مما يجدر معالجته قبل ختم البينة واقفال باب المرافعة واصدار الحكم، وإن تسريع العمل القضائي لا يمكن انجازه بمثل هذا التعميم، لأن العمل القضائي ليس عملا اداريا صرفا أو عملا ماديا او جسديا يخضع للأوامر التنفيذية وإنما هو عمل مقيد بأحكام القانون ومتطلبات تحقيق العدالة ، ويشار في هذا الصدد إلى ما أثاره هذا التعميم من مخاوف مشروعة لدى أطراف الدعاوى من أن السادة القضاة باتت أولوية الفصل السريع وكمية الفصل هي هاجسهم على حساب اتباع الإجراءات القانونية الواجبة و الحكم بموضوع الدعوى وفقا لصحيح القانون.
تاسعاً: التعميم الصادر عن رئيس مجلس القضاء الاعلى بتاريخ 2/2/2015 تحت رقم 11651/ والموجه الى رؤساء وقضاة المحاكم النظامية، طالبا منهم الايعاز لموظفي دوائر التنفيذ باتباع اجراءات عند صياغة كتب قرارات الحجز تضمنت فيما تضمنته الزام المحكوم له بارفاق صورة عن هوية المحكوم عليه، والعودة الى الزام دوائر التنفيذ بمخاطبة مجلس القضاء الاعلى بخصوص قرارات الحجز لتتم مراسلة الجهات ذات الاختصاص عن طريق مجلس القضاء الاعلى بشكل مركزي، وقد اشرنا اعلاه الى اوجه المخالفة التي ينطوي عليها الزام دوائر التنفيذ بمراسلة رئيس مجلس القضاء الاعلى لغايات تبليغ المحكوم عليهم او الجهات الرسمية ذات الاختصاص بقرارات الحجز الصادرة عن قاضي التنفيذ او المحاكم المختصة، تلك المخالفات التي تكررت في هذا التعميم، والذي اضاف عليها متطلبا جديدا من شأن تطبيقه اعاقة وصول المتقاضي الى حقه، واطالة اجراءات التقاضي دون مبرر قانوني والمتمثل بمطالبة المحكوم له بارفاق صورة هوية المحكوم عليه لغايات طلب القاء الحجز الاحتياطي او التنفيذي على امواله استيفاءً لحق المحكوم له، ونشير في هذا المجال الى المعارضة الواسعة لهذا القرار من قبل المحامين بصفتهم وكلاء للمحكوم لهم، وفرض لالزام لم يعتد عليه المواطنين في تعاملاتهم، اذ ليس من المتصور ان يطلب المحكوم له من المحكوم عليه تزويده بصورة عن هويته الشخصية لغايات طلب الحجز على امواله!!، بل وكذلك لا يتصور ان يطلب المتعاقدين من بعضهما البعض ارقام هوياتهم ما يضطر معه المحكوم له الى طلب استصدار امر قضائي الى الجهات الرسمية المختصة للحصول على صور عن هوية المحكوم عليه، ما من شأنه اطالة اجراءات الحصول على الحقوق، فضلا عما قد يمثله ذلك من فرصة لاضاعة تلك الحقوق، كما ان هذا التعميم جاء على خلاف واضح مع نص المادة التاسعة من قانون اصول المحاكمات المدنية والتجارية المبينة والمحددة لما يجب ان تشتمل عليه ورقة التبليغ، والمادة 52 من القانون المذكور والمبينة لما يجب ان تشتمل عليه لائحة الدعوى، واللتان جاءتا خلوا من الزام المدعي او المحكوم له من بيان رقم هويته الشخصية او رقم هوية المدعى عليه او المحكوم عليه او بيان اسمائهم الرباعية، الامر الذي يجعل منه تعميما منعدما لاعتدائه واغتصابه لصلاحيات السلطة التشريعة، حيث يشكل تعديلا للقانون بتعميم اداري!! وسببا مباشرا لتأخير الوصول للعدالة والحصول على الحق.
السادة المحترمين:
اننا في المركز الفلسطيني لاستقلال المحاماة والقضاء "مساواة" نأمل منكم الوقوف على مذكرتنا هذه، واتخاذ المقتضى القانوني بشأن ما ورد فيها وفقا للاصول، وإلغاء التعميمات والقرارات موضوعها، التزاما بحكم القانون واستجابة لمخاوف الجمهور المتزايدة بشأن التأثير على استقلال السادة القضاة وثقة المتقاضين بأدائهم، متطلعين الى تعميق اواصر التعاون معكم بما يجسد مبدأ سيادة القانون ويصون هيبة ومكانة السلطة القضائية ويعزز ثقة الجمهور بها، ويلبي تطلعات شعبنا في بناء سلطة قضائية تلبي طموحاته وتصون تضحياته.
مع الاحترام