الخميس: 28/11/2024 بتوقيت القدس الشريف

هكذا يفك "طب الأموات" أحاجي الجرائم في فلسطين!

نشر بتاريخ: 16/02/2015 ( آخر تحديث: 17/02/2015 الساعة: 15:11 )
هكذا يفك "طب الأموات" أحاجي الجرائم في فلسطين!
بيت لحم- تقرير أحمد تنوح- معا - جثث متحللة ومتعفنة... أشلاء متناثرة وأخرى مخفية تحت الأرض، تحمل قصصاً وفضائع، تحتاج إلى من يكشف اسرارها ويفك ألغازها، فعالم الإجرام يشهد تطوراً كبيراً يضفي على الجريمة نوعاً من الغموض والظلام.

فبات اللجوء إلى العلم وتحديداً الطب الشرعي ضرورة تقود المحقق إلى الكشف عن الجريمة والتعرف على الحقائق وجمع الأدلة والقرائن التي تساعد في الوصول إلى الجناة، وتقديمهم إلى المحاكمة، فلا يكفي أن نقول إن الاعتراف سيد الادلة لإدانة الجاني.

مدير الطب الشرعي في فلسطين د. صابر العالول، عادة ما يكون بين أول الوافدين إلى مسرح الجريمة، فتتوفر له الفرصة المناسبة لمعاينة المحيط وملاحظة وضعية الجثة ولباسها والخصائص الأخرى، ويمسح جميع الأدلة التي يمكن أن تساعد في الكشف عن ملابسات الجريمة، قبل أن يبدأ في عملية التشريح.

التشريح يفسر 30% من لغز الجريمة

ويقول العالول لـغـرفـة تـحـريـر معا إن مسرح الجريمة يعطي حلولاً لكيفية الوفاة بنسبة 70%، بينما يعطي الطب الشرعي من خلال التشريح نسبة 30% لإثبات النتائج.
فما أن يصل الطبيب الشرعي إلى مسرح الجريمة يضيف العالول أنه يفحص الجثة ظاهرياً، ويدون تقريره بثبوت الوفاة وتعيين الزمن التقريبي على حدوثها مبدئياً من خلال التغيرات الرمية، بعد ذلك يبدأ بجمع الادلة ومعاينتها تمهيداً لفحصها مخبرياً (مواد سائلية، بصمات، قطع قماش ملطخة بالدماء، قطع زجاج مكسور، أعقاب سجائر وطفيليات، ألياف وشعر..الخ).

ولفت إلى أنه يعمل على توضيح أي آثار مضللة "غير مقصودة" مترتبة على إجراءات الإسعاف الطبي، وتحديد أولي تقديري لطبيعة الوفاة أهي جنائية أو انتحارية أو طبيعية.

وبحسب قانون الاجراءات الجزائية الفلسطينية لسنة 2001 ووفق قرار صادر عن النائب العام، يدخل فريق الطب الشرعي إلى مسرح الجريمة.

من مسرح الجريمة إلى غرفة التشريح

ويضع الطبيب الشرعي أشارات وأرقام حول الجثة في مسرح الجريمة، وبعد أن يسجل مشاهدته، يعمل على نقل الجثة بطريقة علمية وأخلاقية ومهنية تحفظها من أي تغير إلى مقر الطب العدلي لإخضاعها للتشريح حسب الأصول، ويتم أخذ عينات التشريح وفحصها مخبرياً.

وأوضح العالول لـ معا أن الطبيب الشرعي يستند في رأيه إلى مجموعة من الأدلة والبراهين للوصول لسبب الوفاة، من أحداث وملابسات وبيانات يستقيها من مسرح الجريمة، إضافة إلى المظاهر المشاهدة بالفحص الظاهري والتشريحي لجثمان المتوفى، والفحوص المخبرية كفحص السموم الجنائي والفحص البيولوجي للأنسجة والبصمة الوراثية (DNA).

الحالات التي توجد عليها الجثث

ويتعامل الطب الشرعي أو ما يسمى قديماً "طب الأموات" في مسرح الجريمة مع عدة حالات تكون عليها الجثة، فبين العالول أن الجثث قد تكون كاملة أو متحللة يتطلب تشريحها وقتاً طويلاً ودقة متناهية، وقد تكون الجثث متعفنة عليها ديدان وتنبعث منها رائحة كريهة، وأخرى عبارة عن اشلاء معقدة جداً، وجثث مخفية تحت الأرض.
وأطلق على الطب الشرعي في القديم اسم "طب الأموات"، لكون جزء من نشاطاته يتمثل في معاينة الوفاة وتشريح الجثث، وربما هذا هو ما يميزه عن التخصصات الطبية الأخرى والتي يبقى هدفها الأول والأخير هو العلاج أو الوقاية من الأمراض.

وأكد العالول أنه بعد انتهاء تشريح الجثة يتم كتابة تقرير طبي قضائي مفصل ومناقشته وتفسير النتائج وربط بعضها ببعض قبل أن يسلمه الطبيب الشرعي للنيابة العامة كون الجريمة قضية تحقيقية.

وانطلاقاً من العبارة الشهيرة "إذا كان القاضي خبير قانون فإن الخبير قاضي وقائع" يستند القضاء والعدالة على تقرير الطب الشريعي من باب أن الخبرة الطبية توجه الدعوى باتجاه معين وتريح ضمير القضاء الذي يعمل على ألا تشوب مكانته شائبة، وقد يستدعي القضاء الطبيب الشرعي للمثول أمام المحاكم للإدلاء بالشهادة أو إعطاء رأي خبرة في قضية ما.

النيابة: الطب الشرعي جزء مهم في كشف الجريمة

من جهته رئيس النيابة العامة علاء التميمي، أكد لـغـرفـة تـحـريـر معا أن كل القضايا التي بها شبهة جنائية وجريمة يتم احالتها للتشريح لما له من أهمية في توضيح الجريمة.
وأضاف التميمي أن الطب الشرعي يثبت الجريمة من خلال تحديد السبب المباشر للوفاة ابتدأً وكيفية حصول عملية القتل، بالاضافة إلى تحديد الادوات المستخدمة في الجريمة، وتحديد المسافات في حالات اطلاق النار، ومعرفة مدخل ومخرج المقذوف الناري أو حتى السكين في حالات الطعن.

وأكد التميمي لـ معا أن تقرير الطب الشرعي يؤثر بصفة مباشرة على تحريك الدعوى العمومية من طرف النيابة العامة وعلى التكييف القانوني للوقائع.

ورغم أهمية الطب الشرعي فالملاحظ أنه يواجه في فلسطين عديد المعوقات ابرزها عدم وجود كادر طبي كاف، ومحدودية مختبرات الحمض النووي "DNA".