الخميس: 28/11/2024 بتوقيت القدس الشريف

بالوثائق.. معا تكشف أسباب انتشار الحمى المالطية

نشر بتاريخ: 23/02/2015 ( آخر تحديث: 24/02/2015 الساعة: 14:52 )
بالوثائق.. معا تكشف أسباب انتشار الحمى المالطية

بيت لحم- تحقيق معا - كشفت وكالة "معا" عن ارتفاع الاصابة بالحمى المالطية في صفوف المواطنين وذلك بسبب تقصير وزارة الزراعة باحضار وتزويد مربيي المواشي بالتطعيمات واللقاحات الكافية.

وشهدت فلسطين ارتفاعا مطردا في اصابة المواطنين بالحمى المالطية (وهو مرض مشترك ينتقل من الحيوان خصوصا الأغنام إلى الإنسان) وذلك بسبب عدم قيام وزارة الزراعة بإحضار التطعيمات الكافية مقارنة مع عدد الاغنام الموجودة في الضفة والتي تصل قرابة 900 ألف رأس غنم.

وبالنظر الى عدد الاصابات في صفوف المواطنين منذ العام 2011 نجد ان هناك 401 اصابة فقط في العام المنصرم ومطلع العام الحالي.

ويرجع الدكتور عماد مكركر مدير عام الخدمات البيطرية في وزارة الزراعة سبب ارتفاع عدد المصابين بمرض الحمى المالطية إلى "تهريب" الأغنام المصابة من إسرائيل الى الضفة الغربية.

لكن الوثائق التي حصلت عليها وكالة "معا" تبين عدم إحضار وزارة الزراعة لقاحات كافية للاغنام. فعلى سبيل المثال تسلمت محافظات نابلس وطولكرم وقلقيلية لقاحات غير كافية من وزارة الزراعة مقارنة بعدد الاغنام التي يتوجب تطعيمها خلال الفترة من 2011-2014.

وتبين الاحصائيات اصابة 179 شخصا بالمرض خلال 2011، و184 شخصا خلال 2012، و243 شخصا في 2013، و401 في 2014.



وعلى الرغم من تأكيد وزارة الزراعة انها طعمت جميع الاغنام في فلسطين بنسبة 100% عام 2014 إلا ان الوثائق تظهر ان وزارة الزراعة زودت على سبيل المثال مديرية نابلس بـ 25500 جرعة بتاريخ 28 حزيران 2011 ما تكفي لتطعيم 20400 رأس من اصل 90 الف رأس غنم في نابلس.

فيما لم تورد الوزارة اي جرعة خلال 2012 لمديرية نابلس، ووردت 32 الف جرعة خلال 2013 تكفي لتطعيم 25600 الف رأس، ووردت الوزارة 24000 جرعة خلال 2014 تكفي لـ 19200 الف رأس، من أصل 90 الف رأس. وينطبق نفس الواقع على محافظة طولكرم.


ويقر مدير دائرة الخدمات البيطرية في قلقيلية د. سمير فقها بان كميات اللقاح الموردة للاعوام 2011 و 2013 و 2014 لم تتجاوز 50% من المطلوب. وكانت صفر للعام 2012

عطاء ينفذ بعد عام من إعلانه

ورغم اعلان وزارة المالية مديرية اللوازم العامة / لجنة العطاءات المركزية عن عطاء رقم 2014/60 الموافقة على شراء وتوريد لقاحات بيطرية للعام 2014لصالحوزارة الزراعة وعددها مليون جرعة، وافقت الوزارة على الاستيراد بعد عام كامل اي هذا الشهر.

اصابة ثلاثة أشقاء وسيدة في بيت لحم

وقال المواطن حسين عبد الله من بلدة الخضر جنوب بيت لحم ان ثلاثة من ابنائه اصيبوا بمرض الحمى المالطية بعد تناولهم الجبنة البيضاء حسب التقرير الطبي, ويوضح ان أبنائه الثلاثة (11-14-23 عاما) أصيبوا وتأخر الأطباء في اكتشاف حالتهم. منوها ان تكاليف العلاج وصلت 11 الف شيقل للمستشفى.

وكذلك كان حال احدى السيدات من مخيم الدهيشة التي أصيبت بمرض الحمى المالطية جراء تناولها الجبنة البيضاء ويقول زوجها ان زوجته ما زالت تتلقى العلاج.

تكاليف باهظة للعلاج

ويقول مدير دائرة الطب الوقائي د. ضياء حجيجة في وزارة الصحة بان الارتفاع كان كبيرا في 2014 وصل الى 401 اصابة بينهم 380 حالة بالضفة والباقي في قطاع غزة, بسبب عدم تغطية برنامج التطعيم لكافة مربيي الثروة الحيوانية، ونقص الوعي المجتمعي وتهريب الاغنام من اسرائيل.

ويشير حجيجة الى ان علاج مصابي الحمى المالطية يكلف الوزارة ملايين الشواقل سنويا، موضحا ان كل مريض بحاجة الى ادوية وعلاج تصل تكلفتها إلى 6 الآف شيقل.

وأكد توفر الادوية اللازمة لعلاج المرض لدى مستشفيات وزارة الصحة، لافتا ان هناك الكثير من الادوية تصلح لعلاج المرض الذي يحتاج الى فترة طويلة لاكتشافه.

وأوضح ان المرض يمر بفترة حضانة من أسبوع إلى عدة اسابيع، ويبدأ باعراض مختلفة منها ارتفاع درجات الحرارة، الهزل، عدم القدرة على الحركة.
وأشار حجيجة ان المريض عند علاجه قد يمر في "انتكاسات " حيث قد يتعرض للإصابة من جديد في سنوات لاحقة بنفس المرض والتي قد تترك اثارا واضحة على صحته.

مرض حاد أو مزمن

وتشير الابحاث العالمية الى ان مرض الحمى المالطية يصيب الانسان بشكل حاد وقد يتطور ليصبح مرضا مزمنا. حيث يبقى المرض المزمن في الانسان بدون علاج، مع الم في المفاصل، والرأس، اما المرض الحاد فيمكن علاجه، مع ارتفاع في الحرارة وآلام في الرأس والظهر والمفاصل وفقدان الوزن وضعف عام.

وينتقل المرض من الحيوانات الى الانسان بشكل مباشر أو غير مباشر، وتتموضع الإصابة في الجهاز التناسلي الذكري ما يسبب التهاب الخصيتين، اما لدى الحيوان فيتركز المرض في الجهاز التناسلي ويؤدي الى التهاب ومن ثم اجهاض.

وأوضح فقها انه منذ العام 1998 الى 2014 مرت مكافحة المرض بالعديد من "المطبات"، أولها بداية الانتفاضة الثانية، بسبب عدم قدرة موظفي الوزارة التنقل ميدانيا لتنفيذ حملات التحصين، والمرة الثانية خلال الانتقال بين المرحلتين الأولى والثانية لمشروع مكافحة مرض الحمى المالطية، وعاد الوضع إلى طبيعته، والمرة الثالثة منذ عام 2011 وحتى الان. الوضع تراجع لعدم الاستمرار في سياسة التطعيم وخاصة عام 2012 الذي لم يتم التطعيم خلاله والتي بدت تبعاته تظهر على الحالات المرضية البشرة في السنوات التي تلتها.

وأكد فقها ان انتشار المرض تسبب بخسائر اقتصادية لمربيي الثروة الحيوانية منها الاجهاضات وخسارة المواليد وقطعان الاستبدال ومنتجاتها من حليب ومشتقاته.

التعليمات تمنع تجارة لقاح الحمى المالطية في الأسواق

وينص القرار الصادر يوم 5 كانون الاول لعام 2013 عن وزير الزراعة السابق وليد عساف في حينه، انه يتم شراء اللقاحات الواردة في القائمة "أ" من خلال عطاءات دولية أو من خلال منظمات دولية ذات العلاقة ويسمح بالشراء المباشر اذا اقتضت الضرورة.



ورغم انتشار المرض إلا ان مكركر أكد لـ معا عدم وجود قانون يجيز للوزارة اجبار مربيي الاغنام ذبح اغنامهم والتخلص منها لعدم توفر ميزانية لتعويضهم.

وقال ان الوزارة تعلم مربيي الاغنام الذين لديهم نية بالتخلص من اغنامهم المصابة فقط اما الذين ليس لديهم نية فلا يتم إبلاغهم بالإصابة بالمرض حتى لا يقوموا ببيعها!.

وفي محاولة لتخفيف انتشار المرض قال مكركر ان وزارة الزراعة ستعمل بالتعاون مع وزارة الصحة على توفير اللقاحات اللازمة للاغنام وعمل برامج توعوية حول مرض الحمى المالطية اضافة الى الحد من تهريب الاغنام المصابة.

ويقول مكركر ان الوزارة ستوفر خلال الاسابيع القادمة مليون وربع المليون جرعة ضد مرض الحمى المالطية، موضحا ان ربع مليون جرعة ستصل خلال ايام وقبل نهاية الشهر ستصل 700 الف جرعة اخرى، ومع بداية شهر ايار 300 الف جرعة, مشيرا إلى ان نحو 800 الف رأس غنم في فلسطين وستطلق الوزارة حملة لتطعيمها جميعها بداية شهر آذار القادم، موضحا ان الباقي من الجرعات سيحفظ كمخزون استراتيجي للعام المقبل.

وحول الاغنام التي اكتشفت اصابتها بالحمى المالطية في قريتي بدرس وقبية برام الله، قال ان من 1500 رأس من الاغنام اكتشف اصابة 31 رأسا منها، وتقوم الوزارة بتطعيمها.

واضاف مكركر" ان لدى الوزارة فائض بجرعات التطعيم للحمى المالطية من العام الماضي وقامت من خلاله بتطعيم الاغنام في القريتين."

تحقيق: وجدي الجعفري