نشر بتاريخ: 10/03/2015 ( آخر تحديث: 10/03/2015 الساعة: 10:10 )
عمان - معا - "خمس رصاصات اخترقت جسد ابني، ابني شهيد، والله كأنه مبارح استشهد يا خالتي"، بهذه العبارة، تحدثت والدة الشهيد الفلسطيني الاردين الجنسية القاضي رائد زعيتر، الذي اغتيل على أيدي الاحتلال الاسرائيلي قبل عام.
وقبل أن نبدأ أسئلتنا، راحت والدة الشهيد، تزيح عن صدرها عبء ما تشعر به من إحساس، جثم على صدرها طويلا، بفقدان ابنها، مؤكدة باستمرار أن مرور عام على استشهاده لم يبدد وجع ذلك اليوم، في صبيحة العاشر من آذار (مارس) من العام الماضي، عندما تلقت الخبر الصاعق: "ابنك طخوه الإسرائيليون".
اليوم، تصادف ذكرى اغتيال "شهيد الضفتين"، كما أطلق الأردنيون على القاضي زعتير، عندما قتل بدم بارد، بخمس رصاصات من سلاح جنود إسرائيليين حاقدين، خلال تواجده في معبر الكرامة.
مر عام كامل على تلك الحادثة، فيما دم زعيتر، لم يزل بكل حمرته الوردية، يسيل على جسر العودة، مستصرخا إعادة الهيبة الضائعة إليه حتى اليوم.
"ما في جديد، لساتنا محلك سر"، تقول والدة زعيتر، بصوتها المكلوم، الذي لم يتوقف عن البكاء، في سياق إجابتها عما إذا كان هناك أي جديد في ما يتعلق بنتائج التحقيقات، مع الجنود الإسرائيليين الذين اغتالوا زعيتر، مضيفة: "طوال عام كامل، لم نحصل على إجابة عن هذا السؤال، سوى بجملة متواضعة من الجانب الرسمي، مفادها أن التحقيقات ما تزال جارية".
وتضيف: "لم يفعل ابني شيئا، جندي الاحتلال استفزه قبل يطخه.. ابني قاضي يا خالتي، والقاضي بيحترم مهنته".
وتعود الأم لتوجه ذات السؤال لـ"الغد": "معقول سنة كاملة وما صار شي؟ معقول دم ابني رخيص؟"، منتقلة في حديثها، بين الدعاء على من قتله، وعلى المحتلين برمتهم: "الله ينتقم من الإسرائيليين، الله كبير".
وعن أملها بنهاية مخاض التحقيقات، في قضية استشهاد ابنها، تقول: "آمل من الحكومة أن تنتصر لابني، لأنه انتصار لكل الأردنيين"، وتختم بصوت خافت، بعد تنهد طويل: "لا إله إلا الله".
وفيما ينتقد ناشطون الحكومة، ويتهمونها، بـ"تجاهل" متابعة قضية الشهيد زعيتر، اكد مصدر رسمي لـ"الغد" امس، ان التحقيق المشترك، الاردني الاسرائيلي، في القضية "مستمر"، وانه "متابع من قبل الاجهزة الرسمية المختصة".
وشدد المصدر، الذي طلب عدم نشر اسمه، انه سيتم الاعلان عن نتائج التحقيق "فور اكتماله".
النائب الاردني علي السنيد، يرى أنه "من غير المستغرب أن تبقى المياه راكدة، بعد مرور عام على استشهاد زعيتر، فيما يتعلق بنتائج التحقيق من قبل اللجنة المشتركة، بين الحكومة والجانب الإسرائيلي"، فبحسب وجهة نظره، فهذا "أمر متوقع، ومؤشر على هشاشة الموقف الأردني من الاحتلال، وعدم قدرة الحكومة على حماية شعبها من هذا الكيان، كما أنه مؤشر على خلل في سياستها".
وأضاف السنيد لـ"الغد": "للأسف الحكومة قابلت الاعتداء على زعيتر، وهو واحد من أبنائها، بزيادة التعاون مع الجانب الإسرائيلي والتوسع في العلاقة معه، وهو ما ظهر جليا في الفترة الماضية، من خلال الشراكة الاقتصادية، فيما يتعلق باتفاقية الغاز واتفاقية المياه (قناة البحرين)".
ويتهم السنيد الحكومة الاردنية بـ"الفشل" في الانتصار لدم زعيتر، مستنكرا، ما قال إنها حالة "شراء الوقت"، التي تنتهجها الحكومة، على حد تعبيره.
ويبدو لافتا إلى أن حالة "خفوت الذكرى" في التعاطي مع قضية زعيتر، لا تنحصر بالجانب الرسمي، بل تطال أيضا المعارضة، كما يقول مراقبون، ذلك أن شعارات: "عيد ضلك عيد.. رائد زعيتر شهيد"، "دمنا ليس برخيص" وغيرها من الشعارات، التي رفعتها الحراكات والمسيرات الشعبية قبل عام، غابت اليوم عن الأرض، بل وتبدو حتى شحيحة جدا، في مواقع التواصل الاجتماعي أيضا.
بيد أن الناشط في الحراك الشبابي عبدالله محادين، ينفي أن يكون هناك تراجع تفاعلي من قبل الحراك مع قضية زعيتر، مشيرا إلى أن حالة السكون هي "جزء من الحالة العامة، التي يعيشها الحراك الشعبي، بسبب ملفات متراكمة أثرت عليه".
وأكد أن حالة المطالبة بـ"الثأر لدم زعيتر" ما تزال حاضرة، ليس فقط من قبل الحراك، بل أيضا على الصعيد الشعبي.
وحول الموقف الرسمي في متابعة قضية الشهيد زعيتر، يقول محادين "للأسف تحالفات الحكومة السياسية لها أثر كبير في تحديد دورها في الثأر لدم زعيتر"، مضيفا: "للأسف أيضا، اليوم الحكومة تبذل محاولات جادة، لتوسيع علاقتها مع إسرائيل، إلى علاقات استراتيجية طويلة الأمد، كما في اتفاقتي الغاز والمياه".
ويضيف: "رد الحكومة على استشهاد زعيتر رد هزيل حتى اليوم، حتى إننا لا نعرف اسم الجندي الذي اغتاله".
"الغد الاردنية"