الأربعاء: 20/11/2024 بتوقيت القدس الشريف

بعد زوال مستوطنة كفار داروم من دير البلح عيونا ترنو الى الحرية

نشر بتاريخ: 12/09/2005 ( آخر تحديث: 12/09/2005 الساعة: 18:19 )
غزة -معاً- قلوب ترقص في الصدور وعيون كأنها تتلألأ وبفرحة عارمة ارتسمت على وجوه مواطني دير البلح توجه عدد كبير من السكان الى مستوطنة كفار داروم التي تم اخلاؤها ليتنسموا نسيم الحرية وليشعروا بأن الحلم أصبح حقيقة وأن الواقع أجمل بكثير من الأحلام.... ولأول مرة هواء نقي مليء بعبق الأمل المشرق المنير تستقبل دير البلح فجرا جديدا خاليا من أي أثر للاحتلال المرير الذي تعمد طوال 38 عاما على قهر الشعب الفلسطيني ومحاولة إذلاله و لكن هذه اللحظات التي يعيشها محتفلا بزوال الاحتلال أكبر دليل على حصاد ثمار شجرة رواها الفلسطينيون بدمهم ليستمتعوا بالعيش تحت ظلالها .

وكانت قوات الاحتلال قد أخلت المستوطنة مساء أمس حيث قامت قوات الأمن الفلسطينية بالانتشار فيها في تمام الساعة الثالثة فجر اليوم لتأمين المكان حيث كان من المتوقع أن تترك قوات الاحتلال بعد جلائها أجساماً مشبوهة و ألغام ومتفجرات قد تفسد على المواطنين فرحة النصر.

وتدفق مواطنوا دير البلح في المستوطنة ليروا بأم أعينهم المستوطنة خالية من أي مستوطن يدب فيها في الساعة الثامنة من هذا الصباح حيث انتظروا طوال الليل خروج المستوطنين من المستوطنة وذلك بعد أن سمحت قوات الأمن الفلسطينية المنتشرة في أنحاء المستوطنة لهم بالتجول فيها والمرور مجددا على شارع صلاح الدين بعد أن أزيل السور الذي أغلق الشارع لتعود الحركة بحرية كما في السابق أي قبل اندلاع انتفاضة الأقصى وأيضاً قبل إقامة المستوطنة التي سيطرت على عدد من الطرق... وقد علت أصوات الزغاريد الصادرة عن تجمع النساء أمام منازلهن الملاصقة للمستوطنة , وحمل المواطنون الأعلام الفلسطينية أثناء تجوالهم في المستوطنة كما قامت فرقا من مختلف الفصائل الفلسطينية بعروضا عسكريا في المستوطنة ترافقها مكبرات الصوت حيث أطلقت عددا من الأغاني الوطنية و استذكرت الشهداء الذين ضحوا بدمائهم ليعيش الشعب الفلسطيني هذه اللحظات العظيمة التي لطالما انتظرها بصبره.

وبمزيد من الفرحة انطلقت مسيرة للأطفال الذين ارتدوا الزي العسكري الفلسطيني للمشاركة في فرحة النصر و التحرير متجهه نحو المستوطنة نظمتها روضة الخنساء القريبة من المستوطنة ورفع خلالها الأطفال الأعلام الفلسطينية.

اليوم رحل المستوطنون عن كفار داروم بعد أن قاموا بتدمير مصنعا لتعليب الخضروات ومسرحا و روضة ً للأطفال وملعبا لكرة القدم كما دمروا مبنى مجمع تجاري ضخم و أبراجا للمراقبة كانت قوات الاحتلال قد أنشأتها لتأمين المستوطنة، وأزالوا أجزاءً من السور الذي كان يحيط بالمستوطنة فيما أضرمت النار في الأجزاء المتبقية من المباني كي لا تعود بالنفع على الفلسطينيين، ولكن تركوا كنيساً لهم على حاله دون أن يحدثوا أي ضرر فيه... قام الفلسطينيونن بتدميره بأنفسهم ليتأكدوا بان أقدامهم تقف على الأرض و ان مايرونه هو الواقع بعد أن أقيمت المستوطنة على حساب أراضيهم منذ عام 1970 بمساحة قدرها 20 دونما وقامت بالتوسع لتصل مساحتها الى 240 دونم بعد ان استولت على عدد من الأراضي الزراعية المحيطة بها كما أغلقت المستوطنة شارع صلاح الدين الرابط الرئيسي بين محافظات القطاع وضمتمساحات خلفه الى المستوطنة أثناء انتفاضة الأقصى وبالتالي منع المواطنون من الحركة عبره.

واليوم أيضاً ...زالت كفار داروم أو "القرية الجنوبية " كما أسماها الاسرائيليون ..زالت بعد أن قتل وجودها الحياة شرق دير البلح وشمال خانيونس.. وبعد أن ذاق المواطنون القريبون منها العذاب كؤوسا ولكن لا يزال الأمل يملأ مهجتهم ان يكون خروج الاحتلال من بينهم إيذاناً بانفتاحهم على العالم المحيط وألا يتحول قطاعهم الصغير إلى سجن كبير يضم بين جوانبه مليون ونصف إنسان.