رام الله -معا - تناول تيسير خالد، عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية ، عضو المكتب السياسي للجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين في حديث مع وسائل الاعلام نتائج اعمال دورة المجلس المركزي لمنظمة التحرير الفلسطينية والقرارات التي صدرت عنه وخاصة قرار وقف التنسيق الامني مع اسرائيل ، الذي أثار المثر من ردود الفعل وحاول البعض تفسيره كما لو كان توصية من المجلس المركزي الى القيادة السياسية والرئاسة الفلسطينية تنظر في امرها في الوقت المناسب في محاولة لإرسال رسائل سياسية خاطئة وفي الاتجاه الخاطئ .
وأكد أن المجلس المركزي ليست هيئة استشارية بل مرجعية سياسية لكل من هيئات ومؤسسات منظمة التحرير والسلطة الوطنية الفلسطينية وقراراته نافذة وملزمة لكل من اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية والحكومة الفلسطينية وسائر وزاراتها وهيئاتها واجهزتها .
واستغرب تيسير خالد محاولة بعض الاوساط اختصار النظام السياسي سواء في منظمة التحرير الفلسطينية او في السلطة الفلسطينية بمؤسسة الرئاسة ، وذكر بأن ما يجري من تداعيات وتطورات خطيرة وفوضى وصعود لميول التطرف في المنطقة يعود في أحد جوانبه الى غياب او تغييب الحق في الممارسة الديمقراطية وفي مسخ حقوق المواطنة والتعدد والتنوع وفي اختصار النظم السياسية بمؤسسات الرئاسة وحكم الفرد، الامر الذي حول تلك الدول الى دول ضعيفة هشة لا تخضع مؤسساتها واداراتها للمساءلة والمحاسبة وينخرها سوس الفساد والرشوة والزبائنية، وهو ما شكل ارضية خصبة لخطاب سياسي وديني متطرف ومنظمات ارهابية أدخلت المنطقة في حالة من الفوضى الهدامة ، على حساب استقرارها وتطورها .
وردا على سؤال بشأن المعطيات والدوافع ، التي اعتمد عليها المجلس المركزي في اتخاذ قرار وقف التنسيق الامني قال أن المجلس المركزي انطلق في الموقف من التنسيق الأمني من التجربة المرة والمريرة مع الاتفاقيات التي تم التوقيع عليها بين الجانبين الفلسطيني والاسرائيلي منذ اتفاق المرحلة الانتقالية وما بعده من اتفاقيات . فقد اصبح واضحا للجميع أن الجانب الاسرائيلي وتحديدا بعد عدوان ما سمي السور الواقي واعادة احتلال المدن والقرى والمخيمات عام 2002 قد اختصر العلاقة مع الجانب الاسرائيلي في قضايا الامن في رؤية واضحة ومحددة وهي التعامل مع السلطة الفلسطينية باعتبارها وكيلا ثانويا للمصالح الامنية الاسرائيلية ، على اعتبار أن جيش الاحتلال واجهزته الامنية هو الوكيل الرئيس لهذه المصالح ، وبعبارات أخرى التعامل مع السلطة الفلسطينية كما لو كانت سلطة لحدية .
وقال "كثيرا ما حذرنا من ذلك على امتداد سنوات ، كما حذر غيرنا من فصائل العمل الوطني الفلسطيني، دون أن تجد تلك التحذيرات صدى عند القائمين على السلطة . يبدو اننا بعد طول معاناة وبعد تجربة المفاوضات العبثية قد وصلنا الى خط النهاية ، فالتنسيق الامني مع اسرائيل ضاعف معاناة القوى السياسية والمواطنين ، والمفاوضات العبثية لم تفض الى نتيجة ايجابية ملموسة بالنسبة للشعب الفلسطيني تحت الاحتلال ، وقد تبين للجميع أنه لا مصلحة وطنية في استمرار التنسيق الامني ، كما ارادته اسرائيل لأنه حول السلطة فعلا الى وكيل ثانوي للمصالح الامنية الاسرائيلية ، كما تبين للجميع كذلك أن اسرائيل وبرعاية حصرية من الادارة الاميركية استخدمت المفاوضات على امتداد السنوات السابقة كغطاء لسياستها الاستيطانية العدواية التوسعية وسياسة التهويد والتطهير العرقي التي تمارسها في القدس الشرقية ومحيطها وفي مناطق الاغوار الفلسطينية . عمليا وجد الجانب الفلسطيني نفسه محاصرا بالتزامات امنية مذلة ومهينة وبوقائع على الارض تغلق الطريق أمام حل الدولتين ووجد نفسه محاصرا باتفاقيات اقتصادية تسمح لاسرائيل بالسطو اللصوصي على المال العام الفلسطيني ( أموال المقاصة ) واستخدامها كأداة من أدوات الابتزاز لانتزاع تنازلات سياسية فلسطينية ، كلما حاول الجانب الفلسطيني تحسين شروط العلاقة بينه وبين الجانب الاسرائيلي . من كل ذلك انطلق المجلس المركزي ليقرر وقف التنسيق الامني مع دولة الاحتلال . تأخر اتخاذ هذا القرار لسنوات ، كانت كلها سنوات معاناة ، ولكن أن تصل متأخرا خير من الا تصل أبدا".
وأضاف في رده على مدى الجدية في احترام قرار وقف التنسيق الامني مع الجانب الاسرائيلي وهل دخل القرار حيز التنفيذ باعتبار ان قرارت المجلس المركزي لها صفة الزامية ، أكد أن المجلس المركزي الفلسطيني هو المرجعية السياسية والتشريعية العليا في منظمة التحرير الفلسطينية في غياب المجلس الوطني الفلسطيني او بين دورتين من دورات المجلس الوطني . قراراته نافذة وملزمة وليس كما يصدر عن بعض الاوساط ، التي تدعي بأن ما صدر عن المجلس المركزي هو مجرد توصيات تتحول الى سياسة بمرسوم يصدر عن الرئيس الفلسطيني . ما يقرره المجلس المركزي ملزم للجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية ورئيسها ، مثلما هو ملزم للحكومة والاجهزة الامنية الفلسطينية ، هذه الاجهزة التي لا ترسم سياسة بل تنفذ سياسة يقررها المستوى السياسي ، والمستوى السياسي اتخذ القرار على اعلى المستويات في المجلس المركزي وعلى الجميع بمن في ذلك الحكومة الفلسطينية والاجهزة الامنية احترام ذلك ، خاصة وان المجلس المركزي هو صاحب الولاية السياسية وصاحب الولاية التشريعية في منظمة التحرير الفلسطينية في غياب المجلس الوطني ، ويجب ان نذكر الجميع بأن المجلس المركزي هو تحديدا جهة الاختصاص ، التي أنشأت السلطة الفلسطينية بعد التوقيع على اتفاقيات اوسلو في حديقة البيت الابيض في ايلول من العام 1993 . وفي غياب المجلس المركزي تتولى اللجنة التنفيذية المهمة والدور في وضع الاليات العملية لتطبيق قرارات المجلس المركزي ، والتي لها صفة الالزام حكما ، وهذا ما سوف نحرص عليه ونواكب التزام الجهات المعنية بالتنفيذ . لا يوجد سبب وجيه واحد يدعو الى فتح نقاش او سجال حول التنسيق الامني مع اسرائيل ، فهو مذل ومهين ويجب وقفه فورا عملا بقرار مرجعية سياسية عليا هي المجلس المركزي
وحول تأثير القرار على عمل السلطة أوضح خالد ، أن القرار جاء استجابة لنبض الرأي العام الفلسطيني واستجابة لتوافق بين فصائل العمل الوطني الفلسطيني . في آخر استطلاعات للرأي العام الفلسطيني في الاراضي الفلسطينية المحتلة بعدوان حزيران عام 1967 وقف الى جانب وقف التنسيق الامني اكثر من 80 % من المستطلعة اراؤهم في قطاع غزة وفي الضفة الغربية بما فيها القدس طبعا . السلطة بما هي حمومة ومؤسسات وادارات رسمية وأجهزة عسكرية وأمنية ليست أما خيارات ، هي اما خيار واحد وهو احترام فرار اعلى مرجعية سياسية فلسطينية ، وكما سلف وأوضحت السلطة كحكومة وادارات ومؤسسات واجهزة لا ترسم تحديدا على هذا المستوى سياسة ، بل هي جهة تنفيذ لما تقرره المرجعية السياسية . ندرك طبعا أنه سوف يترتب على الالتزام بتنفيذ هذا القرار أعباء إضافية على عمل الحكومة ، لكن لا مجال للاختيار بين العمل كوكيل ثانوي للمصالح الامنية الاسرائيلية وبين التحرر من القيود الامنية الثقيلة المفروضة على الجانب الفلسطيني على امتداد سنوات.
وحول توقعات اللجنة التنفيذية لردود الفعل الاسرائيلية على هذا القرار في حال تم تنفيذه قال تيسير خالد : رد الفعل الاسرائيلي نعرفه سلفا ، فقد سبق أن ابلغت الجهات السياسية والامنية الاسرائيلية الجانب الفلسطيني بردودها ، إذا ما كان وقف التنسيق الامني هو الخيار السياسي الأكيد للجانب الفلسطيني . رسائل التهديد والوعيد وصلت وتراوحت بين الاستمرار في سياسة السطو اللصوصي على المال العام الفلسطيني ( حجز أموال المقاصة ) وبين خطوات تصعيدية منها وقف العمل بالاتفاقيات المعقودة مع الجانب وما يترتب عليها من نتائج وكأنها تختصر الاتفاقيات الموقعة بين الجانبين الفلسطيني والاسرائيلي بالتنسيق الامني وحسب .
وأضاف أن اسرائيل تستطيع أن تواصل سياسة السطو اللصوصي ، ولكن هذه سياسة ذات حدين وهي بلطجة وقرصنة على كل حال ، وكرد على هذه البلطجة والقرصنة الاسرائيلية دعونا الى وقف العمل تماما باتفاق باريس الاقتصادي الذي تم التوقيع عليه بين الجانبين عام 1994 وهو اتفاق مذل ومهين ويقوم في جوهرة على الوحدة الجمركية بين اقتصادين : الاول متظور وهو الاسرائيلي والثاني بسيط وهو الفلسطيني ، بكل ما ينطوي عليه هذا من تناقض مع القوانين الدولية ، إذ لا يحق للدولة القائمة بالاحتلال ان تفرض على الاراضي الخاضعة لاحتلالها وحدة جمركية لأنها تعني بكل بساطة شكلا من اشكال الضم . سوف نتابع هذا الامر مع الحكومة ونرى كيف يمكن ان نحرر الاقتصاد الفلسطيني من الهيمنة والتبعية ، التي تقيد تماما التنمية الاجتماعية والاقتصادية الفلسطينية المستدامة ، باجراءات تبدأ بمقاطعة شاملة للمنتجات الاسرائيلية وهو ما قرره المجلس المركزي ، وبتشجيع المنتج الفلسطيني والتحول من الاستيراد عبر الوسيط الاسرايلي الى الاستيراد المباشر وغير ذلك من اجراءات وتدابير يجري بحثها على اعلى المستويات . أما التهديد بوقف العمل بالاتفاقيات من جانب اسرائيل ، فهو تهديد فارغ ، فقد توقفت اسرائيل منذ العام 2002 عن الوفاء بأي من التزاماتها المنصوص عليها في الاتفاقيات الموقعة بين الجانبين ، وإذا ما صعدت اسرائيل في اجراءاتها على هذا الصعيد فعليها أن تتوقع ردودا فلسطينية بمستوى التصعيد ، فضلا عن أننا جادون في هجومنا السياسي على المستوى الدولي والتعامل مع اسرائيل كدولة عادية وليس كدولة استثنائية فوق القانون كما تريدها الادارة الاميركية وجادون في سعينا لوضع قادة وحكام تل ابيب اما المساءلة والمحاسبة وجلبهم الى العدالة الدولية سواء على جرائم الاستيطان في الضفة الغربية او جرائم الحرب في قطاع غزة . من المهم للغاية أن تكون رسالة الجانب الفسطيني واضحة ، حاسمة وقاطعة : المجلس المركزي بقراراته التي يجب ان تحترم يحاول تغيير قواعد العلاقة مع قوات وسلطات الاحتلال .