الثلاثاء: 26/11/2024 بتوقيت القدس الشريف

انتخابات وأحزاب: حركة "شاس" المتدينة

نشر بتاريخ: 11/03/2015 ( آخر تحديث: 14/03/2015 الساعة: 09:38 )
انتخابات وأحزاب: حركة "شاس" المتدينة

بيت لحم- معا- نطل عبر هذه العجالة من نافذة حركة " شاس " اليهودية المتدينة كمثال للأحزاب الدينية في إسرائيل ولاستكمال أركان السلسة الحزبية التي تناولنا في حلقاتها السابقة بعض تاريخ أحزاب الليكود والعمل وميرتس كأمثلة لالوان الطيف السياسي الإسرائيلي من اليمين إلى الوسط فاليسار وصولا إلى الأحزاب الدينية.

يعتبر" الاتحاد العالمي لليهود الشرقيين الملتزمين بالتوراة " الاسم الرسمي الكامل لحركة " شاس" اليهودية " الحريدية" الشرقية التي أقيمت عام 1982 تمهيدا لخوض انتخابات بلدية القدس التي عقدت عام 1983 .

وأقيمت هذه الحركة في أول الأمر لخوض الانتخابات البلدية وذلك على يد شبان يهود" حرديم" في الثلاثينات من أعمارهم ممن يسكنون مدينة القدس وعلى رأسهم " نسيم زئيف" وشلومو ديان" الذين انطلقوا من إحساسهم وتجربتهم الشخصية المتعلقة بالتمييز الثقافي والاجتماعي الذي يمارسه اليهود " الحريديم" الغربيين" ضد اقرانهم من الشرقيين وبعد أن أعلنوا يأسهم مما كان يعرف باسم " القسم الشرقي" في حركة " اغودات يسرائيل "لذلك قرروا اقامة حركة لا تتوجه فقط " للحريديم الشرقيين" بل إلى اليهود الشرقيين في إسرائيل بكل أطيافهم ومشاربهم بمن فيهم من لا يحافظون ولا يلتزمون بتعاليم التوراة واختاروا بداية الامر اسم " اتحاد الشرقيين الملتزمين بالتوراة " والأحرف " شين و سين " باللغة العبرية أو ما بات يلفظ بـ" شاس" وطغى فيما بعد على الاسم الرسمي الطويل لهذا الحزب .

وتمهيدا لخوض الانتخابات تم تأسيس مجلس حاخامات الحركة برئاسة الحاخام عوفاديا يوسف فيما عمل زعيم التيار الحريدي- المحافظ الحاخام " شاخ" كمسئول وقيم سياسي على الحركة وبقي من زعماء هذه الحركة الروحيين حتى عام 1990 حيث قرر الانسحاب منها .

وخاضت الحركة انتخابات عام 1983 وحصلت على ثلاثة مقاعد في مجلس بلدية القدس الامر الذي دفع " شاس" الى الانتقال للعمل على المستوى القطري في اسرائيل تمهيدا لخوض انتخابات الكنيست 11 التي جرت عام 1984 ووقف على رأس قائمة الحركة في هذه الانتخابات الحاخام " يتسحاق بيرتس" وفازت باربعة مقاعد برلمانية ما جلعها في تلك الفترة مفاجئة الانتخابات لكن هذا الفوز عجل بعملية الانشقاق داخل حزب " اغودات يسرائيل" وحينها طلب الحاخام" شاخ" من مؤيديه التصويت لصالح الحزب الجديد" حركة شاس" وهنا انتقل عضوي كنيست من حزب" اغودات يسرائيل" الى صفوف " شاس" ما رفع عدد مقاعدها الى ستة مقاعد وبعد عام من هذه الانتخابات وتحديدا عام 1985 وقع الخلاف بين " شاس" المقدسية و حركة " شاس" القطرية " وهنا غيرت الأخيرة اسمها لتصبح " الاتحاد العالمي لليهود الشرقيين الملتزمين بالتوارة " .

وواصلت " شاس" منذ ذلك التاريخ خوض المعارك الانتخابية وكانت شريكا تقريبا في جميع الحكومات الإسرائيلية بغض النظر عن الحزب الذي شكلها او رئيس الحكومة وكانت اول معاركها وانجازاتها ما سمي عام 1986 بحرب السبت حيث خضع شمعون بيرس الذي كان رئيسا للحكومة حينها لضغط زعماء الحركة وأمر بإغلاق أول" سوق سبت" في إسرائيل عرف حينها باسم " فيشفشوك " وكان ينظم كل يوم سبت في كيبوتس " نير الياهو ".

وخدم رئيس الحركة " اسحاق بيرتس" وزيرا للداخلية في حكومة الوحدة الوطنية التي ترأسها شمعون بيرس بالتناوب مع زعيم الليكود اسحاق شامير لكن " الحاخام " بيرتس" انشق عن حركة " شاس" عام 1990 وأقام كتلة برلمانية جديدة حملت اسم " ياحد " وذلك احتجاجا على عدم انصياع " ارية درعي " لتعليمات " الحاخام والزعيم الورحي " شاخ " وفعلا عين الحاخام " عوفاديا يوسف" ارئية درعي وزيرا للداخلية خلفا للوزير الزعيم المنشق .

وبعد انتخابات عام 1992 انضمت "شاس" إلى اليسار الإسرائيلي "وكانت ضمن الحكومة الخامسة والعشرين في تاريخ إسرائيل برئاسة زعيم حزب العمل " اسحاق رابين" لكنها انسحبت من هذه الحكومة احتجاجا على توقيع اتفاقية اوسلوا في أيلول 1993 .

وواصل " نجم الحركة صعوده لتفوز في انتخابات 1996 بـ 10 مقاعد لتزيدها في انتخابات 1999 بسبعة أخرى حاصدة 17 مقعدا غالبيتها على حساب أصوات حزب الليكود لتعود وتتراجع في انتخابات 2003 الى 11مقعدا لتبقى ولاول مرة في تاريخها خارج الائتلاف الحكومي لتعود بعد انتخابات 2006 التي حصلت فيها على 12 مقعد الى صفوف الائتلاف مجددا ضمن حكومة " اهود اولمرت" .

وتهدف حركة شاس وفقا لبرنامجها السياسي إلى مكافحة التمييز بين اليهود الشرقيين والغربيين وتقريب اليهود الشرقيين التقليديين من اليهودية والتوراة وإعادة مجدها " وفقا لمفهوم السلفية اليهودية" كما تطرح " شاس" نفسها دوما كحزب " اجتماعي- ديمقراطي تضع مصالح الطبقات الضعيفة اجتماعيا اقتصاديا فوق كل اعتبار وعلى رأس اهتماماتها .

وخلافا لحزب" يهودوت هتوارة" الذي يمثل اليهود " الحريديم" الغربيين " الاشكناز " فان مواقف " شاس" داخل الحكومة قريبا من النظرية او الرؤية الصهيونية خاصة في المواضيع السياسية وعبرت في الغالب عن مواقف سياسية " معتدلة" عبر توصيتها مثلا في الكنيست على اتفاق " اوسلو " حيث سمحت لأعضاء الكنيست التابعين لها بالامتناع عن التصويت وعدم إبداء موقف مؤيد او معارض لهذا الاتفاق ومع ذلك عارضت شاس توقيع اتفاق " أوسلو " والمفاوضات الفلسطينية الإسرائيلية في كامب ديفيد عام 2000 وعارضت الانفصال عن غزة حسب التعبير الإسرائيلي.

ومثل كافة الأحزاب الدينية تخلوا قوائم " شاس " الانتخابية للكنيست من النساء ومع ذلك بادر " ارئية درعي" قبيل انتخابات الكنيست العشرين إلى إقامة مجلس نسائي استشاري برئاسة " عادينة بار شلوم " ابنة الزعيم الروحي للحركة " عوفاديا يوسف" وزوجة درعي نفسه المدعوة " يافا درعي".

وتصدر حركة " شاس" صحيفة او نشرة تدعى " من يوم ليوم " تطرح من خلالها مواقفها وسياساتها التي تتناسب دوما مع مواقف وقناعات الزعيم الروحي للحركة ذلك المنصب الذي شغله " عوفاديا يوسف" لسنوات طوال, ما يعني بان مواقفه المتطرفة دينية واجتماعية والمعادية للعرب وهو صاحب وصفهم بالافاعي والحشرات قد صبغت مواقف وسياسات الحركة لسنوات عديدة .