بيت لحم - تقرير معا - تعيش السلطة الفلسطينية ازمة مالية خانقة، ليست وليدة الحاضر، وانما بدأت قبل 20 عاما، بسبب غياب الافق السياسي وكذلك طبيعة الاتفاقيات التي ربطتها باسرائيل "اتفاق اوسلو".
الا أن الازمة المالية اشتدت عام 2011 وذلك بعد إعلان السلطة الوطنية نيتها التوجه إلى الأمم المتحدة لنيل الاعتراف بعضوية دولة فلسطين، فسارعت إسرائيل إلى عدم تحويل عوائد الضرائب الشهرية التي تجبيها لصالح السلطة والتي تقدر بما يزيد عن 100 مليون دولار، كما أوقفت الولايات المتحدة الاميركية المساعدات المالية التي تقدمها للسلطة، وهو ما تكرر في نهاية العام 2014 عندما احتجزت اسرائيل اموال الضرائب، خاصة بعد قرار التوجه للجنائية الدولية وهو ما ادخل السلطة في متاهة جديدة شل قدرتها على دفع رواتب الموظفين البالغة حوالي600 مليون شيقل شهريا .
د.نصر عبد الكريم المحلل الاقتصادي أورد لـغرفة تحرير وكالة معا اسباب الازمة المالية للسلطة وقال:
- أصل المشكلة او الازمة الاقتصادية التي تعيشها السلطة هو منذ ولادة اوسلو وان الاتفاقيات التي وقعت مع اسرائيل هي اتفاقيات بقصد او بدون قصد وبمعرفة و"خباثة" مناسرائيل وحسن نوايا فلسطينية اعطت السلطة كل المسؤوليات عن الشعب الفلسطيني وحرمتها من معظم الموارد المتاحة كما حرمت قدرتها على ادارة الاقتصاد بحرية وابقت المعابر والمياه والجمارك وغيرها بيد اسرائيل .
-كذلك السياسات الاقتصادية التي اعتمدتها الحكومات الفلسطينية المتعاقبة والتي فشلت، ولم تحقق نجاحا في مواجهة الازمات المفتعلة من اسرائيل بسبب سلوكها التعسفي.
- لم يكن هناك اي نجاح ملحوظ على مستوى ادارة الازمة الاقتصادية او وضع اجراءات تحول دون وقعها من جديد.
- عدم وجود عملة نقدية فلسطينية وهذا يعني فقدان السياسة النقدية
- عدم وجود "التحسب" لاي خطوات من الحكومة الاسرائيلية وايجاد بدائل سريعة في حال حجز الاموال.
ولخص عبد الكريم ازمات السلطة بأزمتين: الاولى تتمثل في ازمة بنيوية هيكيلية دائمة منذ وجود السلطة والمتمثلة في عجز الموازنة بمليار ونصف المليار دولار تقريبا ومن الصعب حلها الا اذا رفعت القيود الاسرائيلية وهذا يحتاج الى مساعدات دولية .
وثانيا ازمة مفتعلة: وهي ناتجة عن القرار الاسرائيلي باحتجاز الاموال الفلسطينية وهو ما ادى الى عجز في دفع رواتب الموظفين في الفترة الاخيرة.
الحلول المطلوبة
واكد المحلل عبد الكريم أن المطلوب من السلطة والحكومة اولا ادراك وجود ازمة حقيقية والتفكير بطريقة استراتيجية ومهنية لحل المشكلة ومسبباتها، كما ان الحل يكمن في البدء التدريجي في تغيير مسار السياسة الاقتصادية والاجتماعية للسلطة سواء بالموازنة العامة للحكومة التي لم تخرج، او بالخطط الحكومية وخلق فرص عمل وتعزيز الجباية المحلية.
وقال "نريد بداية تحويل هيكلة الاقتصاد الفلسطيني والعودة لدور فاعل للقطاعات الانتاجية والعمل على استرجاع القطاع الزراعي والصناعي لما قبل الاحتلال الاسرائيلي .
كما دعا الى ترشيد الانفاق والعمل على جباية الضرائب من الاغنياء، مضيفا ان الانفاق ورغم الازمة المالية الخانقة لا يزال بنفس الطريقة والوتيرة والمطلوب تقشف وايجاد خطط.
واكد عبد الكريم على قدرة الشعب الفلسطيني على الصمود والوقوف الى جانب السلطة اذا رأى ان هناك تحرير له من الاتفاقيات الاسرائيلية، مضيفا ان على السلطة الاستفادة من ثقة الشارع على كل الاصعدة لان الصراع مع الاحتلال يمكن ان يحتدم خلال الفترة المقبلة .
الصندوق الدوار
وفيما يتعلق بالصندوق الدوار اكد عبد الكريم انه لم يتم الموافقة من الاتحاد الاوروبي على تفعيل الصندوق الدوار الذي انشيء في عام 1996 بعد انتفاضة النفق لاعطاء الفلسطينيين قروض ميسرة في حال احتجزت اسرائيل اموال الضرائب الفلسطينية، مؤكدا ان هناك تأييدا اوروبيا على تفعيل هذا الصندوق الا انه لا يوجد قرار نهائي بذلك .
واكد ان العمل بالصندوق ينتظر الانتخابات الاسرائيلية وفي حال فوز نتنياهو فان استمرار احتجاز الاموال وارد وهو ما سيدفع الاوروبيين الى الموافقة على اعادة تفعيله للفلسطينيين .
وقال ان الصندوق الدوار قادر على حل ازمة السلطة المفتعلة بسبب احتجاز الاموال ولكن ليس الخروج منها بشكل ابدي وجذري
المقاطعة:
وقال عبد الكريم ان المقاطعة للبضائع الاسرائيلية لها قيمة اخلاقية يقابلها ثمن اقتصادي، قائلا "ان اسرائيل يمكن لها ان تستغني عن الاف العمال الفلسطينيين ردا على المقاطعة) داعيا الى استثمار المقاطعة سياسيا وتحويلها الى جزء من الثقافة الاستهلاكية للفرد .
واضاف انه ليس من الضروري ان يكون لهذه المقاطعة دور كبير في انهيار الاقتصاد الاسرائيلي، فمثلا يمكن ان تخسر اسرائيل مليار شيقل سنويا من المقاطعة لبعض المواد الغذائية لكن يبقى هناك اكثر من 4 مليار شيقل سنويا تدخل لاسرائيل من السلطة من الوقود والكهرباء وغيرها.
تقرير: زهير الشاعر