بيت لحم- معا - لم يعد يفصل الناخب عن صناديق الاقتراع سوى 96 ساعة لحسم معركة الانتخابات للكنيست الـ 20 لتشكيل الحكومة القادمة، ونشرت المواقع العبرية اليوم الجمعة استطلاعات للرأي والتي تعتبر آخر استطلاعات وفقا لقانون الانتخابات والدعاية.
واتفقت هذه الاستطلاعات على تقدم للمعسكر الصهيوني بزعامة "هيرتصوغ- ليفني" على حزب "الليكود" بزعامة نتنياهو، حيث نشر استطلاعات لصحيفتي "يديعوت احرونوت، معاريف" ولموقع "والاه" العبري وكذلك للاذاعة العبري "ريشت بيت"، والتي أظهرت حصول المعسكر الصهيوني على 26 مقعدا أو 25 مقعدا، في حين حزب "الليكود" حصل على 22 أو 23 مقعدا، هذا التقدم الذي وصل الى 4 مقاعد يعتبر هو الأعلى منذ بداية اجراء الاستطلاعات، ومع ذلك لا زالت العديد من الأسئلة التي تطرح حول من سيرأس الحكومة، نتنياهو أم يتسحاق هيرتصوغ؟
وحتى نستطيع ملامسة واقعية فرص تشكيل الحكومة التي ستبدأ فعليا المشاورات الحقيقية في تشكيلها صباح الاربعاء القادم، لا بد من توضيح ما حصلت عليه باقي الأحزاب والكتل وفقا لهذه الاستطلاعات، حيث ظهرت "القائمة المشتركة" في الترتيب الثالث بحصولها على 13 مقعدا أو 12 مقعدا، في حين جاء حزب "يوجد مستقبل" في الترتيب الرابع بحصوله على 12 وحزب "البيت اليهودي" على 12 أو 11، وحصل حزب موسيه كحلون "كولانو" على 8 مقاعد أو 9 مقاعد وقد يصل الى 10، حركة شاس ستحصل على 7 مقاعد وحزب "يهودات هتوراة" على 6 مقاعد، في حين سيحصل حزب ميرتس على 5 أو 4 مقاعد، وكذلك حزب "اسرائيل بيتنا" بزعامة ليبرمان سيحصل على 4 مقاعد وقد يصل الى 5، والحزب الجديد لايلي ايشاي سيحصل على 4 مقاعد.
بنظرة سريعة على نتائج هذه الاستطلاعات، فإن معسكر اليمين مع المتدينين لديه أفضلية وستجاوز 60 مقعدا في الكنيست، ما قد يساهم في تكليف بنيامين نتنياهو لتشكيل الحكومة ومع ذلك يبقى احتمال ضئيل بتكليف هيرتصوغ لتشكيلها، ونضع بعض الاحتمالات المفترضة لتشكيل الحكومة على ضوء هذه النتائج.
الاحتمال الأول- تكليف هيرتصوغ بتشكيل الحكومة وسيجد نفسه أمام احتمالين فقط لا ثالث لهما، الأول تشكيل حكومة "وحدة وطنية" واسعة يشارك فيها حزب "الليكود" وسنأتي على ذكره لاحقا.
الاحتمال الثاني-تشكيل حكومة ائتلافية مع أحزاب الوسط واليسار ويسار اليمين مع امكانية اقناع أحد الأحزاب الدينية، والحديث يدور عن أحزاب "يوجد مستقبل، كولانو، ميرتس" وأحد أحزاب المتدينين، ويكون بحوزته وفقا لافضل استطلاع 58 مقعدا في الكنيست، وهذا لا يسمح له بتشكيل الحكومة سوى بأحد الطرق التالية – ضم حزب "اسرائيل بيتنا" بزعامة ليبرمان مع 5 مقاعد أو دعم من قبل القائمة المشتركة والتي ستحصل على 13 مقعد، وفي الحالتين سيجد هيرتصوغ صعوبة كبيرة في الجمع بين درعي وليبرمان ولبيد وموشيه كحلون في حكومة واحدة، وكذلك سيجد صعوبة أكبر في دعم أحمد الطيبي في تشكيل حكومته، لذلك فان هذا الاحتمال سيكون من الصعوبة تحقيقه.
الاحتمال الثالث- تكليف بنيامين نتنياهو بتشكيل الحكومة بالرغم من حصول حزبه على عدد أقل من المقاعد وهذا حدث سابقا في اسرائيل وبالذات مع نتنياهو في انتخابات عام 2009، عندما حصل حزب "كديما" بزعامة تسيفي ليفني في حينه على 28 مقعد أكثر بمقعد واحد من حزب "الليكود"، ومع ذلك فقد تم تكليف نتنياهو بتشكيل الحكومة ونجح في ذلك.
وفي هذا الاحتمال لدى نتنياهو ثلاثة احتمالات لتشكيل الحكومة: الأول ائتلاف لليمين مع المتدينين بحيث يحصل على 64 مقعدا، ويكون خارج هذا الائتلاف المعسكر الصهيوني والقائمة المشتركة وحزب "ميرتس" فقط، وقد يكون هذا الاحتمال واقعيا ويجد نتنياهو طريقة لجمع المتناقضات، الثاني تشكيل ائتلاف موسع يجمع بين حزب "الليكود" والمعسكر الصهيوني برئاسة نتنياهو مع أحزاب من الوسط أو المتدينين، وهذا الاحتمال سيكون على نتنياهو من الصعب تحقيقه، يبقى الاحتمال الثالث في تشكيل حكومة "وحدة وطنية" برأسيين للحكومة بالتناوب "نتنياهو، هيرتصوغ" مع مشاركة لعدة أحزاب في هذه الحكومة، ويبقى هذا الاحتمال مطروحا في حال وجد نتنياهو صعوبة كبيرة في تحقيق حكومة اليمين مع المتدينين، ومع ذلك لا بد من القاء نظرة على حكومات "الوحدة الوطنية" وظروف تشكيلها.
فقد تم تشكيل أول حكومة "وحدة وطنية" عام 1984 عندما اتفق الحزبان "الليكود، العمل" على تشكيلها، حيث شغل اسحق شامير منصب رئيس الوزراء لسنتين وشمعون بيرس لسنتين وفقا للاتفاق، وكانت مبررات تشكيل هذه الحكومة عدم قدرة أي حزب على حسم الانتخابات وصعوبة تشكيل حكومة ائتلافية ضيقة، وكذلك لمواجهة الوضع الاقتصادي المتدهور في اسرائيل في حينه.
الحكومة الثانية تشكلت عام 1988 وكانت تختلف عن الحكومة التي سبقتها وكانت برئاسة اسحق شامير ومشاركة حزب العمل، حيث شغل بيرس منصب نائب رئيس الوزراء ووزير الخارجية واسحق رابين وزير للجيش، وكان تشكيل هذه الحكومة وفقا لرغبة شامير لرفضه الخضوع لابتزاز الأحزاب الصغيرة والمتدينين في تشكيل حكومة ضيقة، خاصة في ظل استمرار الانتفاضة الأولى وتصاعدها، واستمرت هذه الحكومة حتى 1990 عندما تأمر بيرس عليها واسقطها بعد ان طرح شامير مع اسحق رابين مبادرة سلام، سعيا منه في تشكيل حكومة برئاسة ولكنه فشل بعد ان اسقط الحكومة وتكليفه بتشكيل حكومة من رئيس اسرائيل، والذي عاد لتكليف شامير بتشكيل حكومة نجح فيها حتى عام 1992 دون مشاركة حزب العمل.
الحكومة الثالثة شكلها ارائيل شارون عام 2001 بمشاركة حزب العمل وعدة احزاب، وكان السبب الرئيسي لتشكيل هذه الحكومة مواجهة الانتفاضة الثانية والتي كانت بحاجة لقرارات مصيرية، وشغل شمعون بيرس وزيرا للخارجية في هذه الحكومة، وفي عهدها تم اجتياح الضفة الغربية عام 2002 فيما عرف في اسرائيل بعملية "السور الواقي".
واليوم قد تكون بعض الأسباب شبيهة للوضع عام 1984 وكذلك عام 2001 من حيث مبررات تشكيل حكومة وحدة "برأسيين"، فالوضع الاقتصادي صعب جدا في اسرائيل وهناك العديد من الانتقادات والتحديات، كذلك الوضع الأمني السياسي "الصراع الفلسطيني ومستقبل العملية السلمية والموقف من السلطة الفلسطينية" وكذلك "الشأن ايراني" والتحديدات على جبهة الشمال "حزب الله ومستقبل معارك سوريا خاصة اذا نجح الجيش السوري بالعودة على الشريط الحدوي في الجولان المحتل".
لذلك سيكون هذا الاحتمال بتشكيل حكومة "وحدة وطنية" تجمع بالأساس حزب "الليكود" مع المعسكر الصهيوني، على أن يرأس نتنياهو الحكومة لسنتين وهيرتصوغ لسنتين احتمالا قائما وقد يكون في لحظة معينة قويا، فالحزبين سيجمعان على الأقل 48 مقعد في الكنيست، ما سيسهل عليهما ضم حزبين أو أكثر لتكون حكومة "وحدة وطنية" واسعة قد تصل الى دعم 80 مقعد في الكنيست.