نشر بتاريخ: 15/03/2015 ( آخر تحديث: 03/04/2020 الساعة: 05:01 )
غزة- تقرير معا- رغم الآلام والمعاناة التي تكابدها المرأة الفلسطينية لا سميا في قطاع غزة، إلا أنها أبت إلا وأن تشاطر الرجل العمل والكفاح المسلح، فسطرت المرأة نماذج من البطولة، وتجاوزت في دورها الداعم النفسي للمقاوم إلى المشاركة في العمل العسكري، بما فيه المواجهة المباشرة مع الاحتلال.
معا حاولت تسليط الضوء على مشاركة النساء بالعمل المسلح، ومدى قبول المجتمع لها في ظل عادات وتقاليد تتحفظ على خروج المرأة لمشاركة الرجل في مجالات معينة، فهل مجال العمل المسلح يعتبر أحد هذه الخطوط الحمراء؟ وما هى الرؤية الشرعية؟ وهل هناك مهام ووظائف معينة تقوم بها المرأة في هذا المجال؟ وما مدى تلاؤم واتفاق رأى الشريعة مع عادات وأعراف المجتمع الفلسطيني؟ وما هو رأى الزوج في خروج زوجته للمقاومة؟ وهل هناك طبيعة عمل تنتهجها فصائل المقاومة في تجنيد النساء؟ هل هناك وظائف محددة تقوم بها المرأة بساحات القتال؟ كل هذه الأسئلة وغيرها نحاول ان نجيب عليها فى هذه السطور لان المرأة في المجتمع الفلسطيني هي نواة الأسرة وحجر الأساس وأهم فرد في الأسرة الفلسطينية.
نموذج حي
وأثار إعلان ألوية الناصر صلاح الدين عن تخريج دورة عسكرية لمقاتلات في صفوفه الباب واسعا حول هذه القضية.. فـ "أم حسن" مقاتلة بألوية الناصر صلاح الدين الجناح العسكري للجان المقاومة الشعبية تقول عند سؤالها عن الأسباب التي جعلتها تتخذ هذا القرار وتنضم لفصيل مسلح: "لدي إخوة مصابين وبيتنا قصف ودمر وعدد من جيراني استشهد خلال العدوان الإسرائيلي وزوجي منخرط بصفوف المقاومة منذ مدة طويلة فاتخذت قرار الانضمام لألوية الناصر صلاح الدين الذي الفصيل الذي يضم زوجي لأكون شريكة في رفع الظلم عن شعبي".
وأضافت أن زوجها شجعها على الانضمام لألوية الناصر صلاح الدين"، وقالت:"إيماني بالمقاومة ودور المرأة الفلسطينية التاريخي منذ عدة عقود وقدرتها على المساهمة في تحرير الوطن دفعني لاتخاذ هذا القرار".
وعند سؤالها عن مدى تأثير عملها بالمقاومة على مسؤولياتها وواجباتها الأسرية، قالت: "أقوم بكل واجباتي البيتية ولا اقصر فيها من تربية الأولاد والأمومة".
طبيعة المهمات
وعن طبيعة عمل المرأة بالمقاومة يقول المدرب الذي يتولى مهمة تدريب إحدى الوحدات القتالية بالوية الناصر صلاح الدين: "إن المرأة تخضع لتدريبات عملية ومحاضرات نظرية".
وتابع: "تتلقى المتدربات محاضرات مكثفة بالجانب النظري قبل ان ينتقلن للمرحلة العملية"، مضيفا ان هناك اختلافا في طبيعة التدريبات التي تتلقاها النساء عن تلك الخاصة بالرجال".
وأوضح أن امرأة تتولى المسؤوليةعن تدريب الوحدات القتالية النسوية.
وأضاف "عمل المرأة غالبا يتمثل بجوانب الإسعافات الأولية وأعمال أمنية من خلال عملية الإمداد بالمعلومات السرية والتواصل بين الوحدات القتالية"، مؤكدا أهمية تدريب المرأة على حمل السلاح وكيفية استخدامه.
وجهة نظر
المحلل السياسي هاني البسوس أكد "أن المرأة في المجتمع الفلسطيني أصبحت جزءا لا يتجزأ في كافة مجالات العمل وهي تشارك الرجل في ميادين كثيرة لا سميا قطاع الصحة والتعليم وتشاطر الرجل في كثير من المناصب الوزارية".
وأضاف "أن مفاهيم المرأة حول خروج المرأة للعمل تغيرت، وأصبح الأمر اعتياديا بدليل الزيادة الكبيرة والملحوظة في نسبة مشاركة المرأة في مجالات العمل المتاحة".
في ذات الوقت رأى البسوس أن حالات خروج المرأة الفلسطينية للعمل في ميادين الكفاح المسلح "تعتبر نادرة وقليلة".
وارجع بسوس هذه القلة والندرة لعادات ومفاهيم المجتمع وثقافته التي تعتبر أن العمل المسلح يقتصر على الرجل، متابعا: "من الصعب ان ترى عائلة فلسطينية تسمح لابنتها بالخروج ليلا للرباط او التدريب".
واكد بسوس: "أن الناحية البدنية والمجهود العضلي والجسدي الكبير الذي يتطلبه العمل الميداني يعتبر ايضا سببا في قلة مشاركة النساء في هذا المجال".
نظرة الشرع
يقول أستاذ الفقه والشريعة بكر ابو حدايد: "إن حكم جهاد المرأة في الفقه الإسلامي بحسب طبيعة الحرب فالحرب قد تكون دفاعية، وقد تكون هجومية وقائية، أو تقع بعيداً عن بلاد المسلمين، ولكل حالة من هاتين الحالتين حكمها الخاص به".
وتابع: "اجمع الفقهاء على أن العدو إذا دخل بلداً من بلاد المسلمين فإن الجهاد يكون فرض عين على الجميع بما فيهم النساء اللاتي يجب عليهن أن تخرجن للقاء العدو بغير إذن أزواجهن لقوله تعالى: ( انْفِرُوا خِفَافاً وَثِقَالاً وَجَاهِدُوا بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنْفُسِكُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ).
وأضاف: "اما في حال كانت الحرب بعيدة عن بلاد المسلمين فإن القتال لا يكون فرض عين على المرأة بل هو جائز بدليل خروج الكثير من النساء في غزوات النبي صلى الله على وسلم".
وعند سؤاله عن تحديد الشريعة الإسلامية لادوار محددة تقوم بها المرأة في الجهاد أجاب ابو حدايد: "الجهاد يكون بالحجة والبرهان، ويكون بالمال، ويكون بالنفس، فأما الجهاد بالحجة والبرهان وبالمال فإن المرأة فيه مثل الرجل لقوله تعالى: ( والمؤمنون والمؤمنات بعضهم أولياء بعض يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر).
وبين: "ان دور المرأة غالبا يتمثل في القيام بخدمة المجاهدين، وصنع الطعام لهم ومداواة مريضهم، وإسعاف جريحهم ونحو ذلك وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يخرج بالنساء في غزواته لهذا الغرض".
زاوية نفسية
يقول درداح الشاعر أخصائي نفسي: "عندما ترى المرأة وتعيش فاجعة استشهاد احد أبنائها أو وزوجها او أخيها فمن الطبيعي أن تخرج للعمل المسلح فهي اذا لم تفعل ذلك فهذا يعتبر قتلا لمروءة المرأة".
وتابع: "من الناحية النفسية عندما يجد الرجل المرأة تقاتل معه، فإنه يستبسل في القتال فهي تشكل دعما نفسيا كبيرا للرجل".
وبين الشاعر: "أن خروج المرأة للعمل الميداني "المقاومة" نتاج طبيعي لواقع المرأة التي عاشت فاجعة فقدان اعزاء على قلبها او هدم بيت عائلتها".
آراء متباينة
وعند توجيه سؤال الى مجموعة من الأزواج حول نظرتهم وموقفهم من خروج المرأة للعمل المسلح، قال احمد علي (33 عاما): "أفضل أن تبقى زوجتي في البيت لرعاية ابنائها وتربيتهم تربية صالحة فهذا أيضا يعتبر جهاد".
ووافقه الرأي محمد الغرابلي (30 عاما) متزوج إذ قال: "إن خروج المرأة للعمل المسلح ربما يكون موضوعا حساسا نوعا ما، نتيجة للأعراف والعادات الاجتماعية السائدة".
بينما اختلف محمد الزاملي مع سابقيه معتبرا "أن خروج المرأة للكفاح المسلح فخر للمرأة وزوجها وعائلتها ويعتبر أفضل الأعمال إلى الله".
وعند استطلاع آراء عينة من النساء قالت "سماح" 26 عاما متزوجة: "إنها على استعداد للانخراط في صفوف المقاومة ولكن من خلال مهام معينة تستطيع القيام بها وشريطة أن لا تحتاج الى مجهود بدني كبير".
"شادية" 20 عاما غير متزوجة قالت إنها "على استعداد لحمل السلاح والمقاومة والتدريب في مواقع المقاومة المسلحة"، معتبرة أن ذلك شرفا تفتخر به.
أما "رندة" 34 عاما متزوجة فقالت: "ان تربية ابنائها وإعدادهم لحب الوطن يعتبر أفضل أنواع المقاومة للمرأة".
أرقام وإحصائيات
بلغ عدد النساء اللواتي نفذن عمليات فدائية خلال انتفاضة الأقصى 11 امرأة، وطبقا لأرقام وزارة الصحة بغزة فإن عدد الشهداء خلال العدوانالأخيرعلىقطاعغزة بلغ 2016 من بينهم 250 امرأة وعدد الجرحى بلغ 10193 من بينهم 1970 امرأة.
وبحسب إحصاءات وأرقام مركز المعلومات الفلسطيني فإن عدد النساء اللواتي اعتقلن على ايدي قوات الاحتلال الاسرائيلي على مدار الصراع العربي الإسرائيلي بلغ 15.000 امرأة، يقبع الآن منهن22 أسيرة في سجون الاحتلال.
نبذة عن نضال المرأة
للمرأة الفلسطينية تاريخ طويل من المساهمات في حركات المقاومة في المناطق المحتلة، وفي دول مثل الأردن وسوريا ولبنان ومصر وشاركن بالثورة الفلسطينية المعاصرة والتي كانت شرارتها الأولى عام 1965، ونذكر هنا على سبيل المثال لا على سبيل الحصر نادية البرادلي الفتاة التي اقتحمت إسرائيل لتنفيذ عملية فدائية بتاريخ 11 أبريل 1971 ولكن تمكنت إسرائيل من القبض عليها في مطار اللد والحكم بحبسها 12 عاما، ولكن تم الإفراج عنها بعد 3 سنواتنتيجة لتدهور وضعها الصحي بالإضافة لنساء شاركن في العمل المسلح إبان الثورة الفلسطينية امثال عبلة طه ولطيفة الحوارى وخديجة ابو عرقوب وصولا الى انتفاضة الاقصى عام 2000 والاستشهاديات وفاء ادريس ودارين أبو عيشة وهبة دراغمة ونورا شلهوب وريم الرياشي وغيرهنالكثيرفالتاريخيبرهن ان للحركة النسوية الفلسطينية دور ميداني فعال في العمليات المسلحة.