رام الله - معا - ثلاثة وعشرون عاما مضت، ولا يزال مستمرا بالعطاء، ويوم تلو آخر يزداد لمعانه، لم تزده اصابته الا اصرارا على النجاح، واملا في ترسيخ اماله بهذا الوطن، تراه ما بين الجبال والتلال في الصيف والشتاء لا يمنعه وجع عن حمل كاميراته والتنقل بين زوايا الارض بترابها ومائها، عدساته تلتقط تفاصيل لم يكن بأمكان اي منا رؤيتها، ويوثق تاريخا سيتناقله الاباء والابناء معتزين به، إنه أسامة سلوادي.
اسامة السلوادي مصور فلسطيني لم تمنعه اصابته وما آل له حاله عن التوقف من تصويب عدساته نحو كل ما يمكن وما لايمكن لك ان تتخيله، ليوثق وطنيته بكتب شتى، فتراه يجمع مئة وخمسين صورة تجول بك في طبيعة فلسطينية ترسم لوناً جديداً للحياة بعيدة عن الحصار والاحتلال وثقها في كتابه "فلسطين،،،كيف الحال".
حب وتمسك بتراب الوطن جمعه السلوادي في مئة وسبع وثلاثين صورة فوتغرافية استلذ بها بعكس حياة الفلسطينيين من هنا وهناك وما بين تعب وترف وراحة ووجع اطلق العنان لكميراته،،ليستجمعها في كتاب عكس واقع اليم امتزح بالحب والامل كان اسمه "ها نحن".
"المرأة الفلسطينية عطاء وابداع"، ليس شعارا يردده المغردون في يوم او موقف او مناسبة ما لتنسى بعدها بل هو توثيق اعلنه السلوادي ليتحدى به كل من يحاول مسح كيان المرأة او الاستهتار بها او الاستخفاف بقيمتها وجعلها مرهونة بمناسبة ما ليستكمل احترامه النسائي بكتاب "ملكات الحرير"والذي احتوى مئتان وعشرة صفحات جعل من الفلسطينيات ملكات بزي فلسطيني تراثي.
أما حصار الراحل "ياسر عرفات" فكان لا بد من ان يبقى حيا في ذاكرة الفلسطينين خاصة والعالم عامة مما جعله الهدف الاسمى للسلوادي حين جمع كل تلك الاحداث في كتاب "الحصار "جاعلا منه مرجعا لكل من لم يعش تلك اللحظات.
وللسلوادي اسلوب ميزه بنقل الصورة الاجمل لفلسطين بعد ان عمل على مدار عامين ليكن كتابه الاروع"بوح الحجارة" الذي وثق التراث المعماري للحضارات التي عاشت في فلسطين المميزة بالرقة والجمال.
"القدس" لعل أول ما يتبادر الى الاذهان تلك القبة الذهبية التي طالما امتزجت بصليب القيامة ليرسمان اسمى معاني الأمان بين المسلمين والمسيحيين في وطن مسلوب ،لكنها كانت بداخله وطن يعيش فيه واملا لا ينتهي ليرى في كل حي وحجر وبناء تحت ظلم الاحتلال حكاية ورواية التقطتها عدساته.
عشق بين تلك العينين وعدسات الكاميرا اباح لنفسه ان يرسم طريقا لتوثيق التراث الفلسطيني المكون من ستّة أجزاء، صدر منها "ملكات الحرير" و"بوح الحجارة"، وبقيت عدساته تتناثر بين الزهور والطبيعة، استكمالا لوطنيته وتستمر حول المأكولات الفلسطينية، وأخيرًا الحرف الفلسطينية، ليكن السلوادي بذلك زرع وطنا داخل كلا منا يعيش فيه بماضيه وتاريخه وعظمته وحبه.