حلقة نقاش مع الكاتب علي أبو نعمة حول حل الدولة الواحدة "في كتابي قدمت نماذج ناجحة ومختلفة لدول ثنائية القومية"
نشر بتاريخ: 06/09/2007 ( آخر تحديث: 06/09/2007 الساعة: 10:45 )
غزة- معا- علي أبو نعمة كاتب فلسطيني أمريكي ومحلل سياسي في شؤون الشرق والشؤون العربية الأمريكية ومشارك في تأسيس موقع الانتفاضة الالكترونية ومؤلف كتاب الدولة الواحدةOne Country, يقول أن (الحكمة السائدة) وراء حل الدولتين ومعادلة الأرض مقابل السلام يجب أن يعاد التفكير فيها وأن فكرة التقسيم ستؤدى إلى الفشل الذريع.
التقت مجموعة من الناشطين في غزة مع علي أبو نعمة عبر الانترنت, وكان الحوار التالي:
سؤال: لو تحدثنا قليلا عن الخلفية التاريخية لفكرة الدولة الواحدة والحلول المقترحة بين ثنائية القومية والدولة الديمقراطية العلمانية وسبب فشل الفكرة .
جواب: من ناحية الخلفية التاريخية هناك خلفيتان . صهيونية وأخرى فلسطينية
تاريخ الفكرة عند الصهاينة و اليهود أقدم ولكنها فشلت , المثقفين الذين طرحوا الفكرة كانوا يؤيدون الاستعمار الصهيوني في فلسطين هؤلاء اقترحوا المساواة السياسية بين اليهود والعرب في فلسطين على أساس دولة ثنائية القومية . كان عدد اليهود في فلسطين 10% فكيف نتكلم عندها عن مساواة بين أغلبية عربية 90% وأقلية 10%
لم يكن الطرح منطقيا في حينه أما بالنسبة للجانب الفلسطيني وتحديدا في الستينات والسبعينات فقد تبنت القيادة الفلسطينية الرسمية ممثلة بمنظمة التحرير الفلسطينية هذا الطرح ولكن بدوت رؤية تتحدى الطرح الصهيوني , لم يبذل أي جهد لجعل الفكرة قابلة للتطبيق.
وباختصار فانه طالما كان هناك مجتمعين يعتقد احدهما انه يستطيع إقصاء الآخر يستطيع الهيمنة وفرض السيطرة فلن يحدث التعايش . حصل ذلك في جنوب إفريقيا سابقا وفي ايرلندا الشمالية ولكن حدث التغير عندما اقتنع البيض في جنوب إفريقيا والبروتستانت في ايرلندا انه لا يوجد حل في إطار دولة تمثل فقط أقلية دينية أو عرقية .
الآن تغيرت الديناميات أدرك الفلسطينيون والإسرائيليون وان بدرجات مختلفة انه لا يمكن لأي من الطرفين إقصاء الآخر أو هزيمته هذا خلق بيئة جديدة للنقاش أصبح لفكرة الدولة الواحدة معنى . أصبحت الفكرة تناقش على نطاق واسع بين الناشطين في الجامعات والمؤسسات الطلابية المعنية بالقضية والفكرة على الأقل في أوساط هؤلاء أصبحت ذات شعبية أكثر من فكرة الدولتين . أصبح هؤلاء في موقف دفاعي اقرأ مثلا في صحيفة بوسطن غلوب الأمريكية مقالا مشتركا لرأفت الدجاني وأوري نير يدافعون فيه عن حل الدولتين وسترى كم أن المقال ضعيفا وغير منطقي.
سؤال: أحد مصادر النقد للفكرة أنها يوتوبيا ( مثالية) وأنها لا تهتم بالآني الملح: إنهاء العنف وسيل الدماء كيف يمكن إبراز أهمية الدولة الواحدة على الصعيد المرحلي. ؟
جواب: في اعتقادي أن هذا اضعف نقد لفكرة الدولة الواحدة لان فكرة الدولتين تلك التي اقترحت رسميا في العام 1937 لم تحقق أيا من الحاجات الآنية والملحة نحن ألان في عام 2007 ماذا حققت فكرة الدولتين هل أوقفت العنف وسفك الدماء. في الستينات لم يكن احد يتخيل أن تنجح جنوب إفريقيا فيما نجحت فيه الآن كان الأمر يوتوبيا و الشيء نفسه حدث في ايرلندا عندما طالعتنا الصور للريس الكاثوليكي والرئيس البروتستانتي معا كانت اليوتوبيا تتحقق لقد اتفق الطرفان على تشكيل حكومة وحدة وطنية . تحققت اليوتوبيا ولم يتحقق ما سعى إليه كل طرف منفصلا عل مدى 70 سنة.
اعتقد أن ما يتوجب علينا عمله هو أن نخلق حقيقة الفكرة . يجب خلق أفكار حقيقية قابلة للتطبيق , أن نجري حوارا مفتوحا حول هذه الدولة المستقبلية كيف سننظم التربية والتعليم في دولة مشتركة. الدستور والإعلام حتى نشكل حقيقة للفكرة.
سؤال: دعنا نتحدث عن العلاقة بيت المواطنة والهوية والدولة . ما هو الدستور المناسب والأكثر ملائمة لواقعنا دولة ثنائية القومية , متعددة الثقافات , دولة علمانية لكل مواطنيها . كيف نتعامل مع الحساسيات الدينية والقومية المتجزرة والروايات المتناقضة للتاريخ؟
جواب : في كتابي قدمت نماذج ناجحة و مختلفة لدول ثنائية القومية, متعددة الثقافات وعلمانية في العصر الحديث ولكن تبني أيا منها يبقى سؤلا مفتوحا . ليس لدي فكرة واضحة . أريد أن نفتح نقاشات وحوارات من ناحيتي أنا أفضل دولة متعددة الثقافات العالم اليوم يجنح نحو التعدد.
سؤال: برأيك ما هي أهم العوائق التي تواجه هذا المشروع ؟ وبالمقابل هل هناك فرص؟
جواب: الناس عادة وحتى السياسيين والمحليين ينطلقون من منطلقات غير دقيقة وربما خاطئة و الأمر ليس اختياريا بمعنى انه يمكننا أن نختار كما لو أننا في مطعم بين طبق الدولة الواحدة وطبق الدولتين الأمر ليس ذلك في فلسطين حاليا ليس هنالك لا دولة واحدة ولا دولتين وعليه فان العقبات التي تواجه حل الدولة الواحدة هي ذاتها التي تواجه حل الدولتين . ربما أكون وبحكم أنني أعيش في الخارج مطلع أكثر هناك مؤامرة حقيقية على حقوق الشعب الفلسطيني . الاستيطان مفهوما وواقعا هو ابرز معالمها .
عقبة أخرى حيث تسوق عملية السلام الرسمي لفكرة أن هناك شعبين أو قوميتين متساويتين علينا مواجهة ذلك لا يوجد تساوي ليس هذا فحسب هناك احتلال , الناس في أمريكا يتحدثون عن الاحتلال وهذا أمر جيد ولكنه ليس كل المشكلة . نحن قزمنا القضية في إطار إدارة غزة والضفة الغربية التي تشكل فقط اقل من ثلث مساحة فلسطين . ماذا عن فلسطيني الداخل, الحملة ضد عزمي بشارة في تصاعد, ماذا عن فلسطيني الشتات, ماذا عن اللاجئين في الضفة وغزة
إذا انسحبت إسرائيل من حدود 67 من كل الضفة الغربية وقطاع غزة فان هذا لن بحل المشكلة مشكلة اللاجئين داخل فلشطين وفي الشتات ليست الاحتلال .
جيمي كارتر والذي تلاحقه الصهيونية في أمريكا بسبب كتابه الذائع الصيت تحدث عن الاحتلال فقط في حدود 67 . لم يتحدث عن إسرائيل العنصرية في داخلها . افترض أن إسرائيل دولة ديمقراطية تحتل أراضي 67 وهذا خطأ . هذا تبسيط غير منطقي للأمور يجب أن نخلق خطابا قادرا على مواجهة هذا الخطاب .
سؤال: ماذا عن دور المؤسسات غير الرسمية , مؤسسات المجتمع المدني ؟
هناك ادوار عدة يمكنها أن تقوم بها مثلا حملة المقاطعة لإسرائيل بالأمس اصدر اتحاد الجامعات البريطانية قراره الشجاع بمقاطعة المؤسسات الأكاديمية الإسرائيلية في كل يوم يتزايد عدد المؤسسات التي تنضم لحملة المقاطعة الحركة الصهيونية تدفع الأموال الطائلة لوقف حملة المقاطعة .
أؤمن بدور المجتمع المدني لا انتظر شيئا من الحكومات لا العربية ولا الأوربية وبالتأكيد ليس الإسرائيلية أو الأمريكية ربما تذكرون ان الحكومة الأمريكية والبريطانية كانت يؤيد الابرتهايد في جنوب أفريقيا , ولكن النظام العنصري سقط بفضل ضغط المجتمع المدني . لا أخفيكم سرا أن أساتذة ومثقفين ومؤسسات محترمة لم تنضم لحملات المقاطعة في ذلك الوقت بدعوى عدم جدواها والان لدينا أدلة قاطعة على فعالية هذا السلاح.
سؤال: في المقابلة التي أجرتها السيدة ليلى الحداد معك سألتك عن حق العودة للاجئين الفلسطينيين و قانون العودة الذي يعطي المواطنة أوتوماتيكيا لكل شخص مولود لأب أو أم يهودي ، قلت أنك ترى أن الدولة المستقبلية تستطيع أن تستوعب الهوية والمصالح لكلا الجماعتين اللتين ستعيشان فيها. ولكن بعض من قرأ المقابلة اعترض بقوة على الطرح . ورأى انك تدخل بذلك عنصرا صهيونيا في الدولة المستقبلية . قد يكون هذا مصدر تنفير من الفكرة , قتلها قيل ولادتها . هل من توضيح بهذا الخصوص؟
جواب: لم أساوي بين حق العودة وقانون العودة , في نظري ليس من الممكن المساواة بين حق العودة باعتباره حقا شرعيا ومقدسا جماعيا وفرديا ولا يجوز المساس ربه وبين قانون العودة "الصهيوني" بدون حق العودة لن يكون هناك عدل أو مساواة ولكن ما قصدته أننا شعب مضياف لن نمنع احد من القدوم إلى دولتنا في إطار المساواة لا في إطار استعمار أو استيطان وبعد الحل . ليس قبلة أو كشرط لتطبيقه .
لم اقل مطلقا أننا سنفتح أبوابنا لهجرة "صهيونية" جديدة , اعتقد أن كلامي لم بأخذ في سياقه الصحيح وربما تعرض للتحريف غير المقصود .
أوضح ومن جديد وهذه مسألة في غاية الأهمية أنني متمسك بحق العودة باعتباره حقا هذا أساسي ثم من ناحية أنه جوهر القضية ووسيلة للتغلب على "الصهيونية".
سؤال:باعتقادك ما هي الآليات المناسبة لتحقيق هذه الفكرة؟
جواب: لست على الأرض لأقرر, ولكني اعتقد أن التركيز على مسألة دولة فلسطينية خطأ كبير. القيادة التقليدية أبو عمار وأبو مازن تريد دولة شكلية لا يوجد ارتباط منطقي بين الدولة المطروحة وحق العودة فكرة الدولة في إطار حل الدولتين ليست في صالح الفلسطينيين إنها فقط وسيلة إسرائيلية لمواجهة الديموغرافيا الفلسطينية وأسرها في سجن غزة و كانتونات الضفة الغربية . كما قلت سابقا علينا أن نفتح حوارا أساسه المساواة ومعياره حق العودة .المساواة لا تأتي على مراحل بمعنى أن أكون اليوم ربع إنسان ثم نصف إنسان ثم أنسانا كاملا.
هذا احد المنطلقات ولكن علينا التفكير والإبداع بأدوات جديدة
الواقع على الأرض ليس سهلا خصوصا في غزة ممارسات إسرائيل خلقت الكراهية والحقد وأدمت القلوب لا يمكن الحديث عن أي شي ألان سوى وقف العدوان ولكن الأدوات دائما موجودة وعلينا أن نبحث عنها.