كالجنة في محور الملائكة يا أمي..
نشر بتاريخ: 20/03/2015 ( آخر تحديث: 20/03/2015 الساعة: 09:25 )
بقلم: سيـراء حماد
"تذكري كلما حزنت ستتأخر الأشياء التي تنتظرينها" هكذا قالت لي أمي في يوم من الأيام: لا تحزني فقط صلي وافرحي سيأتي كل ما تتمنيه في الوقت المناسب.
كأن هذا الأمر ليس بيدي يا أمي..! هذا الصمت الذي يسيطر على المكان هو ذلك الضجيج في جوف أعماقي، خائفة أن يغفو الفجر فوق نافذتي، أنت بخير الأن أعلم هذا وأخبرني أخي أنك بخير وستكونين كذلك، لكن هذا الحب الذي يملأ قلبي أناني جداً يرفض النظر لوجهك المتعب ولا يريد أن يرى سوى روحك الجميلة التي تملأ حياتنا..
وردتي الجميلة.. أنت الان تنامين في سبات عميق بعد يوم متعب، وأجلس أنا إلى جانبك أتأمل وجهك، ياه يا أمي ليتك تعلمين إلى أين سارت بي هواجيسي..! أفكر الان في تلك الصباحات الباردة وحرصك على تدفئتي على الرغم من أن روحك كانت تكفي لتحتوي روحي بدفئها بعيداً عن تلك الملابس.. أفكر في ابتسامتك التي ازهرت على وجهك عندما صعدت على منصة التخريج، خوفك وقلقك وانتظارك لعودتي عندما أتأخر في العمل، اعتدت في تلك الأيام أن أشاركك ساعات المساء من اليوم تحدثيني وأحدثك أضحك وأضحكك إلهي يا أمي ما أجمل تلك اللحظات كنت دائماً وعلى طول الأيام أعود لطفلة صغيرة شقية التي رغم مشاكستها لا تستطيع الابتعاد عنك..
مهما تحدثت يا أمي أشعر وكأن هذه الحروف كافرة لا تستطيع وصف ما يجول في أعماقي في هذه اللحظة، إحساس أليم يا أمي، ماذا عساني أفعل ؟؟ كيف من الممكن أن أخذ هذا الألم عنك ؟ أمي إحساس يتملكني يجعلني أتعجب من كل شخص يخطئ في حق والدته، من كل شخص لم ولا يعلم قيمة حضورها في حياته، أمن المعقول أن يكون هناك شخص يصحو وينام ويأكل ويشرب ويعمل ووالدته حزينة أو مريضة ! أتساءل مما تتركب قلوبهم! أو كيف من الممكن أن يستطيعوا فعل ذلك!! ألا يعلمون أن الجنة من تحت أقدامهن ؟ ألا يعلمون أن قلب الأم كالكون يحتوي أبناءها ينام لنومهم ويسهر لسهرهم ويفرح لفرحهم ويحزن لحزنهم ألم يفكروا بهذا !!
غارقة ببحر دموعي يا أمي فلامست أهدابك السوداء الجميلة، شعرت في دفئ قلبك الذي لا يشبهه شيء في الوجود، ملامحك طيات وجهك المنير تقص علي سيرة امرأة أفتخر كوني ابنتها، امرأة طاهرة، نقية كالجنة في محور الملائكة، زرعت في قلوبنا الحنان والطيبة والأخلاق الحميدة، تعبت وجعلتنا نفتخر بها دائماً أيتها الغالية..
جميلتي سيحتفل العالم بما يسمى بيوم الأم، وأنا سأحتفل بك هذه اللحظة وبكل لحظات أيامي لأنك ستكونين بخير، سأحتفل بابتسامتك ورقتك وجمال روحك ودفئك، وأنت ستزرعين في قلوبنا الأمان وستدفنين في عناقك لنا لحظات قاسية عاشتها قلوبنا خوفاً من خسارتك، سأصحو غداً في بداية الصباح بإذن الله وأستمد الأمل والتفاؤل من صوتك، هيا أمي أنت من علمنا القوة والصبر نحتاج لصوتك وابتسامتك ووجودك في أيامنا، انهضي وخبئينا في صدرك الفسيح وبعثري حنان قلبك بين أضلعنا.. دعيني الأن أدعوا أن يكون غداً يوماً مشرقاً بروحك الدافئة وصوتك الحنون وأن تكون هذه الأيام للنسيان وأن تجمعنا أياماً جميلة يزينها وجودك ووجود أبي بيننا..
وفي النهاية دعيني أخاطب كل شخص تنير والدته حياته "الأم" أقرب لنا من ذاتنا وذلك الطرف من ذاتنا، تلامس قلوبنا دون أن نشعر وتذهب، مهما ابتعدنا وفرقت بيننا مسافات تلتقي روحها بروحنا، اعتنوا بها واخلقوا لها أيامنا هنيئة لأنها قدمت لكم وتعبت على مدى سنين طويلة، واحرصوا على جعلها الأسعد دائماً واجعلوا ضحكتها ضماداً لجراحكم.. أجمل أيام حياتنا هي تلك التي يرسمها وجود صوتها بيننا.. أما من فقد والدته أنت لم تخسرها هي على بعد سماء تبقى بجانبك وتراقبك من بعيد وتدعوا لك مع كل شروق شمس وتبعث برضاها ودعائها مع زقزقة العصافير، ابتسم لها واجعل لها من دعائك نصيب..