الجمعة: 29/11/2024 بتوقيت القدس الشريف

رواية "بلاد البحر" فلسطين مثل بغداد في العصور الوسطى

نشر بتاريخ: 21/03/2015 ( آخر تحديث: 21/03/2015 الساعة: 16:42 )
رواية "بلاد البحر" فلسطين مثل بغداد في العصور الوسطى
مقال د. كريستينا ميكالوسي, روما – ايطاليا

مثل كل الكتاب الفلسطينيين , وكذلك احمد رفيق عوض فان التاريخ يترك بصماته بشكل واضح وجلي على انتاجة الادبي وخاصة على ابطال رواياته , في هذه الحالة ليس التاريخ المعاصر فقط هو الموضوع المفضل لدى الكاتب ولكن العصور الوسطى ايضا.

رواية بلاد البحر للكاتب احمد رفيق عوض صدرت عن دار النشر الايطالية " ايديتسيونه كو " عام 2012 في روما ايطاليا , تعتبر جزء اصيل من ادب الارض المحتلة ومن جيل ما يسمى الانتفاضة الثانية ولكنها تصلح ايضا لاي مرحلة او سياق تاريخي مر به الشعب الفلسطيني لان القضايا التي تعالجها تجيب وبشكل واضح على الاوضاع التاريخية والسياسية التي وللاسف هي بالغالب نفسها منذ اكثر من ستون عاما .
يفتتح النص في وصف الحلم الذي يتحدث عنه بطل الرواية احمد , حينما يظهر ابو الفدا , الفارس المسلم راكبا حيوان اسطوري ويرافق احمد محلقا وطائرا به فوق كل ارجاء فلسطين ليكتشف حالها اليوم وما كانت عليه في الماضي.

في الرواية يتصارع الحلم مع الحقيقة , الحلم والتاريخ , ليروي في سرد رائع وليصف واقع الحال على الارض التي اثكلت كاهلها الحروب المستمرة , الشتات , الاحتلال , والاذلال.

البطل الذي صاحب احمد يشبة شخصية فيرجيليو في كتابات دانتة اليجيري , الفارس ابو الفدا شخصية تاريخية وهو ايضا شخصية تاريخية حقيقية .
كان ملك مدينة حماه وهو سليل عائلة الايوبيين شارك في تحرير مدينة عكا الفلسطينية عام 1291 عندما وضعت الحروب الصليبية اوزارها على الاراضي السورية – الفلسطينية , حياة الفارس في القرن الثالث عشر تقاطعت بشكل ما مع بطل الرواية احمد , الذي هو نفسة الكاتب الذي عرض جزء من سيرتة الذاتية ومر وبشكل شخصي بتجارب عاشها مثل قسوة ووحشية جنود الاحتلال , ونتائج اتفاقية اسلو , وولادة السلطة الوطنية الفلسطينية , والامال العالقة بامكانية الخلاص.

ومن اجل جعل الحلم يتطابق مع الواقع فقد عمد الكاتب الى قفزات عبر الزمن مارا بفلسطين وظروفها تحت الاحتلال الصليبي الى الاحتلال الصهيوني ومن معارك الفرسان المسلمين والصليبيين الى حالة الاذلال الذي يتجرعة اللاجئون الفلسطينيون.

في حلم احمد لم تكن فلسطين وعكا فقط فهنالك العراق خلال الغزو المغولي عام 1258 وهنالك لبنان ومخيم الرشيدية للاجئين الفلسطينيين حيث تبرز شخصية العجوز حسن الذي يروي قصة فلسطين قبل عام 1948.

السرد عبر الحلم يسمح للكاتب ادراج شخصيات حقيقية او شخصيات متخيلة في النص وقراءة الحقائق التاريخية لفلسطين دفعت الكاتب لاتهام الغرب "ككتلة واحدة" فالصليبيون والصهاينة متشابهون في المفهوم وفي المنبع , حيث يرتبط مصير فلسطين مع تدمير بغداد على يد المغول , وهو يتطابق اليوم مع غزو العراق على يد الامريكان , يتهم الغرب ليس فقط بسبب توجهاته واهدافة التوسعية ولكن ايضا بسبب عقليته وافكاره ونفاق الدول الغربية التي تسمي نفسها ديمقراطية مع العلم انها صدرت للعالم فقط الظلم والحروب.

موضوع اخر تتمحور حوله الرواية الى جانب التاريخ وواقع الحال الفلسطيني والطبيعة ووصف الاراضي الفلسطينية كما يوحي العنوان , يظهر ان فلسطين ليس بلد من الحروب والاحتلال لكن فوق هذا وذاك فلسطين بلد بحر , بحر كبير مثل بحر قيسارية والذي من اجلة يذوب والد احمد عشقا في الذات , وفي نفس الوقت يصبح البحر اسطورة وغاية صعبة المنال , بحر حيفا وبحر يافا وعكا وقيساريا لم يتبق منه الا الذكرى لالاف الفلسطينيون الذين تشتتوا يعيشون في المنفى.

ان ادانة الاحتلال الاسرائيلي في هذا النص تصبح ادنة لمجتمع لا يحترم الارض والانسان معا , وهو نص لمقاومة النسيان حيث لم يبقى للفلسطينيين سوى التراث الثقافي كاحد اساليب المقاومة , فها هو الكاتب عوض يصف جنبا الى جنب مع الرمان واشجار الزيتون وثياب النساء المطرزة والكوفية وزغاريد الفرح في حفلات الزفاف والدبكة رقص الرقص الفلسطيني القديم , الكاتب يسافر في فلسطين يحلم بارضه، التغريد من الفرح في حفلات الزفاف، و"الدبكة" الرقص القديم. الكاتب الذي يسافرويطير فوق فلسطين يحلم بارضة , حلم مجبول بالعاطفة والحب.
21/3/2015
روما – ايطاليا