الجمعة: 15/11/2024 بتوقيت القدس الشريف

بالتزامن مع زيارة شارون للامم المتحدة - نظرة على خطة حكومة شارون لتهويد القدس المحتلة

نشر بتاريخ: 13/09/2005 ( آخر تحديث: 13/09/2005 الساعة: 15:15 )
معا - في حزيران 2002، وضمن القرار المبدئي لإقامة الجدار العنصري بأكمله، قامت حكومة شارون بالمصادقة على المسار الخاص بالمرحلة (أ)، والذي يشتمل على مقطعين في شمالي القدس وجنوبها. ويمتد المقطع الشمالي على طول حوالي عشرة كيلومترات، من معسكر عوفر غرباً ولغاية حاجز قلنديا شرقاً. أما المقطع الجنوبي فهو يضم حوالي عشرة كيلومترات من شارع الأنفاق غرباً ولغاية مدينة بيت ساحور (جنوبي جبل أبو غنيم- هار حوما) شرقاً. وقد تم الإنتهاء من اقامة هذين المقطعين في تموز 2003.
وفي شهر أيلول 2003، صادقت لجنة الوزراء للشؤون الأمنية في حكومة شارون على مسار الجدار في باقي المناطق حول القدس، بإستثناء المقطع المحاذي لمستوطنة (معاليه أدوميم)، وهذا في اطار المصادقة على المراحل (ج) و- (د) من الجدار بأكمله. وقد تناولت هذه المصادقة ثلاثة مقاطع ثانوية. المقطع الأول يمتد على طول 17 كيلومتراً، من الطرف الشرقي لمدينة بيت ساحور جنوباً ولغاية الطرف الشرقي لبلدة العيزرية شمالاً. المقطع الثاني طوله 14 كيلومترً، ويمتد من الطرف الجنوبي لقرية عناتا وحتى حاجز قلنديا شمالاً. أما المقطع الثالث فقد تم بناؤه على امتداد 14 كيلومتراً ويحيط بخمس قرى من الناحية الشمالية الغربية للقدس (بير نبالا، الجويدة، الجيب، بيت حنينا البلد والنبي صموئيل) المحاذية للحدود البلدية. إن معظم المقاطع في هذا الجدار مبنية على شكل سور، علماً أن التقدم في أعمال الإقامة في هذه المقاطع ليس متماثلاً، حيث انتهى العمل في بعض المقاطع منذ مدة، بينما لم يبدأ العمل في بعض المناطق الأخرى.
في شهر شباط 2005، وفي أعقاب قرار الحكم الصادر عن المحكمة الاسرائيلية العليا، في شهر حزيران 2004، والذي شطب أحد مقاطع الجدار الفاصل تحت مبرر انعدام النسبية، صادقت حكومة اسرائيل على المسار المُعدَّل للجدار الفاصل بأكمله. وقد اشتمل المسار المصحّح على عدد من التغييرات الملحوظة في مناطق مختلفة، غير أن المسار السابق في منطقة القدس بقي الى حد كبير على حاله، بإستثناء اضافة حوالي أربعين كيلومترا (40 كم) حول مستوطنة (معاليه أدوميم) والمستوطنات المحاذية لها (كفار أدوميم، عنتوت، نوفي برات وكيدار). ومع هذا، لم تصادق الحكومة على بدء العمل في هذا المقطع، واشترطت هذا بالحصول على "مصادقة قانونية اضافية" من المستوى السياسي.

وبحسب منظمة بتسيلم الاسرائيلية لحقوق الانسان فإن المبدأ السائد في تحديد مسار الجدار في منطقة القدس هو الوصول الى التماس ما بين الجدار الفاصل وبين الخط الحدودي للبلدية. وقد تم تعريف منطقة نفوذ القدس مرة أخرى في العام 1967، بعد أن ضُمَّت الى القدس مناطق اضافية من الضفة الغربية (حوالي 70.000 دونم) والتي تم ضمها الى اسرائيل. ويعيش اليوم في هذه المناطق - التي تم ضمها- حوالي 220.000 فلسطيني. لقد تم الحفاظ على مبدأ التماس مع الحدود البلدية، بصورة عامة، على امتداد المسار كله، بإستثناء حالتين شاذتين وبارزتين: حي كفر عقب ومخيم اللاجئين شعفاط، وهما منطقتان سيتم فصلهما عن باقي أجزاء المدينة، على الرغم من وجودهما داخل منطقة نفوذ بلدية القدس.
وعلى مقربة من حدود القدس يوجد عدد من المدن (من بينها رام الله وبيت لحم) والمدن الصغيرة التي يعيش بها مئات الآف الفلسطينيين المرتبطين بالقدس بطرق وأشكال متنوعة. وتمتاز هذه العلاقات بالقرب المتميّز خاصة بالنسبة للقرى والبلدات المحاذية للحدود الشرقية للقدس: الرام وضاحية البريد، حزمة، عناتا، العيزرية، أبو ديس، السواحرة الشرقية والشيخ سعد، (فيما يلي الضواحي)، والتي يعيش فيها أكثر من (100.000) مائة ألف مواطن. وترتبط هذه الضواحي، من خلال البناء الكامل والمتواصل، مع الأحياء الواقعة داخل مناطق نفوذ القدس، ولم تكن للحدود البلدية، على وجه التقريب، أية أبعاد وتأثيرات على واقع حياة السكان من الناحيتين، حتى الفترة الأخيرة. ومع أنه كان يُطلب من سكان هذه الضواحي الذين يحملون هويات فلسطينية، التزوّد بتصاريح من أجل الدخول الى شرقي القدس، غير أن معظمهم كان يدخل دونما تصاريح، على سبيل العادة. إن تحديد مسار الجدار على طول خط الحدود البلدي يتجاهل بصورة فظة نسيج الحياة الذي تطور على مدار السنين ويهدد بتدميره بصورة تامة:
وعلى ضوء الصعوبات في العثور على سكن في شرقي القدس، وعلى مدار السنين، انتقل عشرات آلاف المواطنين للسكن في الضواحي. وما يزال هؤلاء يحتفظون ببطاقات الهوية الإسرائيلية ويحصلون على الكثير من الخدمات داخل المدينة.
ويدرس آلاف الأولاد الذين يقطنون في الضواحي ضمن جهاز التربية والتعليم في شرقي القدس، والكثير من الأولاد الذين يعيشون داخل مناطق نفوذ البلدية يدرسون في مدارس موجودة خارج مناطق نفوذ البلدية. وهناك أيضاً علاقات متبادلة، وإن كانت بمدى أقل، في مجال التعليم العالي.
ولا يوجد في الضواحي ولو مستشفى واحد. ويحصل معظم السكان على الخدمات الصحية في المستشفيات والعيادات الموجودة في شرقي القدس. النساء اللواتي يقطن في الضواحي يصلن بصورة دائمة تقريباً الى مستشفيات القدس من أجل الولادة، حيث أن الوصول الى مستشفيات بيت لحم ورام الله مرهون بإجتياز حاجز معزز (حاجز "الكونتينر" وحاجز قلنديا، بالتناسب) وقد يستغرق الوصول وقتاً طويلاً.
ويتم تشغيل جزء كبير من القوى العاملة من الضواحي في القدس (بجميع أجزائها). وتعتمد لقمة عيش أصحاب الحوانيت والمحال والمصانع على الزبائن الذين يأتون الى القدس، وقد تم اغلاق الكثير من المحال التجارية منذ الشروع ببناء الجدار العازل.
هذا ويرتبط سكان شرقي القدس بأواصر القربى والعلاقات الإجتماعية الوثيقة مع سكان الضفة الغربية عامة، ومع سكان البلدات المجاورة بصورة خاصة.
وتدعي اسرائيل أن البوابات التي سيتم اقامتها على امتداد الجدار الفاصل ستتيح انتقال الناس من ناحية الى أخرى، وتحول دون المس بهذا النسيج الحياتي. غير ان التجربة التراكمية المتوفرة حتى الآن فيما يتعلق بتفعيل مثل هذه البوابات في شمال الضفة الغربية، تدل على محدودية هذه الخدمة: إن المرور عبر هذه البوابات يستوجب الحصول على تصاريح، ويتم تعريف الكثير ممن يرغبون بالعبور عبر هذه البوابات على أنهم "ممنوعين" لأسباب متنوعة وغريبة؛ ويتم فتح معظم البوابات لساعات محدودة فقط خلال اليوم وبطريقة لا تستجيب مع متطلبات السكان؛ كما أن المرور عبر هذه المعابر مرهون، في أحيان متقاربة، بالإنتظار الطويل، بسبب التأخير في فتح البوابات وكذلك بسبب الطوابير التي تتكوّن.
المتحدثون الرسميون بإسم اسرائيل يصرّحون في كل مناسبة أن الإعتبارات التي تقف وراء اختيار المسار الذي تم تحديده كانت من نوعين: الإعتبارات الأمنية والإعتبارات الخاصة بتقليل حجم الضرر الذي يلحق بالسكان الفلسطينيين. غير ان الإعتماد منذ البداية على الحدود البلدية كنقطة تعاط مركزية تشطب منذ البداية هذين الإعتبارين: فمن ناحية، يُبقي الجدار أكثر من 200.000 فلسطيني متعاطفين مع نضال شعبهم، في الطرف "الإسرائيلي" من الجدار، ومن الناحية الأخرى، يفصل الجدار بين الفلسطينيين الذين يعيشون على طرفي الجدار، من خلال أقصى المس بالنسيج الحياتي القائم بينهم.
إن الإلتصاق بالحدود البلدية والمبررات المُختلة التي تم تقديمها تقود الى الإستنتاج بأن الإعتبار المركزي في اختيار المسار هو الإعتبار السياسي: انعدام الإستعداد لدى الحكومة لدفع الثمن السياسي المرتبط بإختيار أي مسار يظهر وكأنه مس بالأسطورة القائمة على أن: "القدس الموحدة هي العاصمة الأبدية لإسرائيل".
وتعتقد منظمة بتسيلم انه وعلى ضوء واقع الحياة الذي نُسِجَ في أجزاء كبيرة من المدينة، منذ ضم شرقي القدس الى اسرائيل في العام 1967، فإن كل حل أمني يعتمد على إقامة عوائق أُحادية الجانب سيكون معيقا محسوسا، بما في ذلك الجدار الذي سيُقام على الخط الأخضر، فانه سيمس حقوق الإنسان بصورة قاسية.و ينبغي على اسرائيل أن تحقق واجبها بالحفاظ على أمن مواطنيها بوسائل أخرى، تتمشى مع احترام حقوق الإنسان لجميع الذين يعيشون تحت سيطرتها.