الخميس: 28/11/2024 بتوقيت القدس الشريف

الالعاب الصغيرة والسعي لمخرجات تعليمية حقيقية

نشر بتاريخ: 04/04/2015 ( آخر تحديث: 04/04/2015 الساعة: 09:38 )
الالعاب الصغيرة والسعي لمخرجات تعليمية حقيقية
بقلم الدكتورة : سبأ جرار
تَستحق تجاربنا النابعة من الاحساس بالمسؤولية،والمرتكزة على مُتطلبات المهمة التي مَنَّ الله بها على احدنا أن تُشكر وتُقدر، وان تُدعم باتجاه النشر والتعميم، وذلك على سبيل زيادة المنفعة، وتعميق التكامل في الاداء، بهدف الاستفادة من التجارب أولا، والرعاية والتطوير لانتاج كرة الثلج في الاتجاه الصحيح ثانيا ،وعندما يكون الحديث اليومي والهم الوطني هو انشاء جيل وتطويرقدراته ، وفتح آفاق الابداع والتميز لدى شبابنا واطفالنا ، والاهم التمتع بشخصيات ايجابية منتجة تنظرلوطنها انه الملجأ والحاضن للقدرات والطموح ، وانه المستقبل لصنع حياة تتسع للأهداف الشخصية والمشاعر الوطنية في العطاء والشراكة ، فإنه لابد أن يكون من الأولويات، فهم كل المؤثرات على عملية الاعداد والتنشئة هذه، والتي تتطلب الوعي لما يؤكد عليه العلم، والابتعاد عن الافكار السطحية المبنية على الاتجاهات التراكمية للمجتمعات حول قضية ما .

والقضية هنا في هذه المقالة هي التربية الرياضية ، والفئة المقصودة المرحلة الاساسية ،والغاية الضغط على اصحاب القرارلاهمية اعتبار الانشطة الرياضية المنهجية واللامنهجية جزء اساسي من عملية الاعداد والبناء للطلبة، وان التقصير فيها سيكون بالتأكيد نتاجه جزء من حالة اللاتوازن التي يعاني منها معظم طلبتنا على مقاعد الدراسة ، والتي تعدت مرحلة النقص في ممارسة الأنشطة، إلى مرحلة البدائل لتعبئة الفراغ، التي اتخذت منحى السلوك العنيف ،والخارج عن المألوف لدى الطلبة داخل المدارس، وتصورهم لمفهوم الجسد وأسس التعامل معه باعتباره خارج نطاق المسؤولية، من خلال الاهتمام ببدائل سطحية ، وممارسات خاطئة كالتدخين ،والخمول، وعدم كفاية النوم ،والاستهتار بشكل اللباس، وعدم الاهتمام بالمظهر الخارجي .

ان تجربة الالعاب الصغيرة التي تنبهت لها مجموعة من المبادرات الرسمية والاهلية ، والتي من اوضح عناوينها تجربة مديرية التربية والتعليم في محافظة جنين / قسم الاشراف الرياضي، هي تجربة رائدة، تشير إلى الاستثمار المسؤول لامكانيات الرياضة من خلال مشرف التربية الرياضية في المديرية وبالتعاون مع معلمي التربية الرياضية في المحافظة ، حيث ابتكرت الفكرة من عامين، وجوهرها قائم على دمج سن الطلاب والطالبات من الاول الأساسي إلى الرابع الأساسي ــ تلك الفئة المستثناه من النشاط الرياضي الممنهج ـــ في رياضات والعاب خفيفة تحت مسمى "الألعاب الصغيرة" تجرى لها مسابقات للجنسين في اكثر من منطقة ويتم التصفية بين المدارس المتسابقة لتصل التصفيات الى النهايات مع تكريم، وتقليد كل مشارك بميدالية المشاركة إلى كأس المراكز التمهيدية إلى كأس المركز الاول والثاني والثالث على مستوى المحافظة، وتشتمل الألعاب الصغيرة على مهارات رياضية وتحمل وتركيز وقدرة من ركل الكرة وشد الحبل والتعلق وزحف الخندق وقرع الجرس الملعق وتعبئة المياة ورمي الأكياس في الدلاء... وعدد آخر من الألعاب التي قد تختلف بعضها بين الجنسين، وهي تجربة تستحق التقدير والتعميم من خلال الدعم والإمكانات.

لقد شاع ومنذ القدم مفهوم الالعاب الشعبية ( الصغيرة ) والتي تجسد حالة من التبادلية بين التراث الشعبي والاسس العلمية لعملية التعليم الموجهة ، والتي تستثمر نجاحها وتقبلها من الاتجاهات الفطرية نحو التنافس والرغبة في اللعب ، والنزوع نحو المشاركة والتعبير عن الذات واثبات القدرات ، فهي تمتاز عن الالعاب التنافسية التخصصية للعبة معينة ، بانها تتيح المجال لاظهار القدرات الفردية ضمن مفهوم العمل الجماعي المتصف بالرغبة باللعب أولا، وتحقيق المتعة والترويح ثانيا ، مما يحدث حالة من التفريغ للطاقات، والتوازن بين خبرات النجاح والفشل التي يحظى بها الطالب داخل البيئة المدرسية.

إن العمل باتجاه دعم المبادرات الخلّاقة هو توجه تقدمي النزعة ، تسير نحوه أقسام وزارة التربية والتعليم دائما ، ولكن المطلوب ان تكون صيغة الدعم تجسيد الفكرة من خلال التركيز على الوحدة الاساسية وهي الحصة ــ كما وكيفا ــ التي تمكن من تنفيذ المنهاج للتربية الرياضية ، ومن اهم ادواته الالعاب الصغيرة .

ان الطموح دائما هو تحقيق تغير تراكمي يستند الى قواعد علمية ، وكل النظريات تؤكد على اهمية التكامل بين الاداء الرياضي الموجه ومراحل النمو الجسدية والعقلية والنفسية لدى الاطفال خاصة ، مما يجعل من الخطأ الكبير اهمال حصة التربية الرياضية واعتبارها ضمن نصاب الحد الادنى من حيث الوزن النسبي في عدد الحصص ،وجزء من نصاب معلم الصف ، فقد ينجح التكامل في المواد التعليمية التي تستند على التعليم التكاملي، والتي يعد لها اساسا معلم الصف اثناء تعليمه الجامعي او ضمن دورات التأهيل ما بعد التعيين ، ولكن ذلك لايمكن تحقيقه في المباحث التي تعتمد على المهارات ومنها التربية الرياضية والفنية والموسيقى ، ان اجتهادات المعلمين وتفانيهم غير كافٍ، فهو يحقق الحد الادنى من التوقع في مجال اشغال الحصة بما يسعد الاطفال بجزئية محددة ، لكن تحقيق الفائدة مع المتعة والترويح، تحتاج إلى متخصص مدرك لاسس الالعاب، ومتمكن من القدرة على تعليمها وتوفيربيئة آمنة تمنع حدوث إصابات جسدية ، اوآثارنفسية ، اواجتماعية ، لان المختص ينقل المهارة ضمن مفهوم التدرج، ومراعاة الفروق الفردية والميول ، بينما معلم الصف سينظر للمهارات مثل ( الجمياز ) ،أنها ترتكز على صفات فردية لا يمتلكها الجميع ، واعفاء الطلبة منها حماية لهم ومنع من وقوع الضرر.

إنها رسالة موجهة لوزارة التربية والتعليم مرة اخرى يقصد بها ضرورة اعادة النظر لاهمية النشاط الرياضي كمادة تعليمية، يتوقع منها تحقيق مجموعة من الاهداف والمخرجات التعليمية الاساسية في عملية التعليم والتعلم ، والتي يمكن الادعاء وبكل جزم انها لا ولن تتحقق من دون حصة التربية الرياضية المناسبة من حيث العدد والمضمون والامكانات .